استراتيجية حزب الله في حل أزمة الوقود.. أنموذج لإنشاء منظومة اقتصادية لمحور المقاومة
– أفادت مصادر لبنانية، الخميس، بدخول ناقلات محملة بالوقود الإيراني إلى لبنان قادمة من ميناء بانياس السوري. وفي هذا الصدد، أفاد مراسل النشرة أن هذه الناقلات التي تحمل المازوت الإيراني دخلت منطقة “حوش السيد علي” بالهرمل. وقبل أيام من وصول الوقود الإيراني إلى لبنان ومع اقتراب السفن الإيرانية من الساحل اللبناني، كان الشعب اللبناني يأمل في التخفيف من أزمة الوقود وإنهاء الطوابير الطويلة في محطات الوقود ومشاكل الطاقة في المستشفيات وغيرها الكثير. وفي النهاية تدفق الوقود الإيراني في شرايين طاقة لبنان.
وفيما اللبنانيون سعداء بمبادرة الأمين العام لحزب الله للحصول على المساعدة وشراء الوقود من إيران، هناك من هم غاضبون جدا من نجاح المقاومة في إيجاد حل لمشاكل المواطنين، وعبروا عن هذا الاستياء بالتذرع بمختلف الذرائع في وسائل إعلامهم. ومن أبرز حجج المعارضين، التي تحولت الى سياسة رئيسية لوسائل الإعلام المناهضة للمقاومة، أن شراء حزب الله للوقود من إيران جرى خارج الاطار الرسمي للحكومة ، وبالتالي يعتبرون مبادرة حزب الله خطرا على الحكومة وقلقاً بشأن إضعاف استقلال لبنان وذلك من أجل إثارة الرأي العام ضد مبادرة السيد حسن نصر الله. لكن العديد من الخبراء اللبنانيين وغير اللبنانيين يقرون بنجاح استراتيجية حزب الله في التعامل مع أزمة الوقود.
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في الشؤون الإقليمية “مهدي بابازيدي” في حوار مع موقع الوقت التحليلي، هذا الإنجاز مهماً للغاية بالنسبة لمحور المقاومة ووصف هذه الاستراتيجية بأنها نموذج ناجح لإنشاء منظومة اقتصادية لدول محور المقاومة.
أسباب أزمة المحروقات في لبنان
وعن أسباب أزمة محروقات لبنان، قال مهدي بابازيدي: رغم اتهام القوات اللبنانية وقوى المستقبل حزب الله بتهريب المحروقات، وتغريدة سعد الحريري متهما فيها حزب الله بتهريب المحروقات إلى سوريا، لكن أحد نواب المستقبل من بين الجهات التي تقوم بتهريب المحروقات إلى السماسرة السوريين بثمن باهظ وبصورة منظمة وواسعة النطاق، فقد خزن إبراهيم الصقر المحسوب على القوات اللبنانية 80 مليون لتر من المحروقات. ويزيد من سعرها كل شهر. كما قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في مؤتمر صحفي في بيروت، إن البعض داخل البلاد يحاولون استكمال المشروع الخارجي ضد لبنان، للضغط على الناس والإضرار بالسياحة ، والإطاحة بالرئيس عون وإكمال الحصار الخارجي وبالتالي القضاء على مشروع المقاومة اللبنانية.
وتابع الخبير في الشؤون الإقليمية: من جهة أخرى، أدى تحذير السيد حسن نصر الله الشديد من مهاجمة بواخر الوقود إلى زيادة مستوى أمن السفن. ففي الأسابيع الأخيرة وبعد استهداف السفينة الإسرائيلية، بدأ الكيان حرباً نفسية شرسة بدعم من أمريكا والغرب للضغط على محور المقاومة ، وخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحاول تشكيل تحالف دولي ضد إيران بذريعة أن إيران تقوم بمهاجمة السفن. لكن حزب الله الآن وجه فوهة الحرب النفسية نحو الكيان الصهيوني. أي أن الكيان يقف عند مفترق طرق، خسارة في اتجاهين؛ فإذا هاجم اي سفينة يثبت بذلك كذبه في الحرب النفسية ويعطي فرصة جيدة لمحور المقاومة سواء في الميدان أو في الحرب النفسية. واذا لم يهاجم فإن وصول السفن سيعتبر انتصاراً آخر لمحور المقاومة لأنه يتجاهل خطه الاحمر وهو انشاء خط بحري بين ايران ولبنان كما ان تفريغ السفينة في ميناء الزهراني يعتبر انتصاراً استراتيجياً لجبهة المقاومة التي قادت الحظر على ايران ايضاً نحو الهزيمة.
استراتيجية حزب الله في استيراد الوقود من إيران لحل أزمة لبنان
وعن استراتيجية حزب الله لاستيراد الوقود من إيران لحل الأزمة في لبنان، قال بابازيدي: إن وزارة الخارجية الأمريكية وضعت مخطط من خمس مراحل تشمل الفراغ السياسي والانهيار المالي والانهيار الاقتصادي والانهيار الاجتماعي وبالنهاية هجوم واسع النطاق من قبل الكيان الصهيوني ليواجه لبنان بذلك أزمة عميقة، فهم يحاولون إزاحة حزب الله وتغيير المعادلة لصالح إسرائيل، وبالتالي القضاء على المقاومة في لبنان على عدة مراحل.
وأضاف الخبير في الشؤون الإقليمية: كما نفذت الولايات المتحدة هذا المخطط في المراحل الثلاث الأولى بنجاح بدعم من حلفائها ومنهم “رياض سلامة “رئيس البنك المركزي و”سعد الحريري” و”سمير جعجع” و”وليد جنبلاط” وعملت بجد لإحداث انهيار اجتماعي وأمني. كما كانت قد خططت لانفجار مرفأ بيروت وانفجار عكار وانعدام الأمن في خلدة. في هذا الوضع المصيري، غيّر حزب الله استراتيجيته من “مقاومة أمريكا” إلى “المواجهة المباشرة مع أمريكا” ، ومنع السيد حسن نصر الله، في خطابه، في الخطوة الأولى، لبنان من الدخول في المرحلة الرابعة من الأزمة والانهيار الاجتماعي للبنان، حيث لعب دورا فريداً في تشكيل الحكومة اللبنانية من خلال الوساطة الفاعلة على الساحة السياسية. ففي الواقع، لم يقم حزب الله بإخراج لبنان والمقاومة من موقع خطير فحسب، بل وضع قائد العمليات الأمريكية “دورثي شيا” في موقف دفاعي ومربك. في ظل هذه الظروف، واجهت الخطة الأمريكية لإحداث أزمة في لبنان فشلاً استراتيجياً ، وانتقلت معادلة ردع المقاومة الى البحار، وتشكلت جبهة جديدة أخرى لصالح المقاومة في البحار. وعليه، تم إنشاء حزام مقاومة بحري بين إيران ولبنان وسوريا، وهناك أمل كبير في ترسيخ هذا الحزام.
الإنجازات والنتائج الإقليمية لاستراتيجية حزب الله
ويقول مهدي بابازيدي، تم استكمال الحزام البري لطهران – دمشق – بيروت بحزام المقاومة البحري من خلال استيراد وشراء لبنان الوقود من إيران، وبطريقة ما حوصرت السعودية والكيان الصهيوني من قبل القوة البرية والبحرية لمحور المقومة، ومن الواضح أن العقوبات المفروضة على إيران ولبنان وسوريا فشلت وتمكنت القوة البحرية الناشئة للمقاومة من حجب الهيمنة والسيادة البحرية الأمريكية. ومن ناحية أخرى، يبعث محور المقاومة رسالة قوية لخصوم إيران الإقليميين، مفادها بأن أمريكا القرن الحادي والعشرين لم تعد مثل أمريكا القرن العشرين، وأن الأمن المستورد من الغرب على المحك. لذلك يعلم الغرب أنه في الوضع الراهن لا خيار أمامه سوى التعامل مع القوة الإقليمية لإيران، وقد فهم هذا الأمر حلفاء الغرب في لبنان، فكان احتفال المقاومة عزاء للمحور التابع للغرب في لبنان.
وأضاف الخبير في الشؤون الإقليمية: استطاعت جبهة المقاومة عبر الحزام البري لطهران – دمشق – بيروت التغلب على التهديدات الأمنية والعسكرية وخلق فرص استراتيجية فريدة من نوعها. وفي الوقت الحاضر، يمكن لمحور المقاومة التغلب على التهديدات التي تشكلها العقوبات والحصار من خلال إنشاء وترسيخ الحزام البحري، الخليج الفارسي- بحر عمان – قناة السويس أو رأس الرجاء الصالح – البحر الأبيض المتوسط ، وتحدي الهيمنة البحرية الأمريكية بعد سنوات. وفي هذه الحالة، من المتوقع إنشاء جبهة جديدة أخرى للضغط على أمريكا للخروج من المنطقة.
تأثير حل أزمة وقود لبنان على التحالفات الإقليمية
وفي هذا الصدد يقول بابازيدي: اللافت أن التطورات في أفغانستان تزامنت مع الأزمة اللبنانية، وبينما تقف إيران على المستوى الإقليمي بجانب حليفتها في لبنان، خانت أمريكا في المقابل حلفاءها في أفغانستان بأسوأ طريقة ممكنة، مما خلق موجة من اليأس لدى حلفائها في الشرق الأوسط، حيث تعد نتيجة مهمة جدا لمستقبل المنطقة وستجعل حلفاء أمريكا في المنطقة خائفين وأصدقاء إيران متفائلين ومصممين على تحقيق أهدافهم.
كما أكد هذا الموضوع “نصر الشمري” المتحدث الرسمي باسم المقاومة الإسلامية النجباء في العراق ، وقال في تغريدة له “مرةً أخرى ينتصر الشعب اللبناني المقاوم كما عودنا لأربعين عاماً خلت، بقيادة سيد المقاومة وحزب الله الظافر، وينكفأ الاعداء ويخيب فألهم وتكون جهودهم وأموالهم حسرة عليهم. وأضاف الشمري “ومرة اخرى تثبت جمهورية الولي الفقيه انها الحليف القوي الصادق، أليس هذا مصداقا لقوله تعالى (فإن حزب الله هم الغالبون)؟. وبالنظر إلى التطورات المذكورة وانتصار محور المقاومة في تقليص أزمة المحروقات في لبنان، فقد حان الوقت الآن لإنشاء “منظومة اقتصادية لمحور المقاومة” وهناك أمل في أن تهتم وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بزيادة الامكانيات الاقتصادية لدول محور المقاومة ، وتتابع اتخاذ إجراءات جادة لتهيئة البنية التحتية لهذه الاواصر الاقتصادية وإنشاء الآليات الإقليمية ذات الصلة.
المصدر / الوقت