التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

دلالات الزيارة المفاجئة لوزير الدفاع السوريّ إلى الأردن 

بعد قطيعة استمرت لعقد من الزمن، إثر موقف الأردن من الأحداث في سوريا والحرب التي اندلعت عام 2011 مع ما يسمى “الربيع العربيّ”، وما تبع ذلك من إغلاق الحدود بين البلدين عام 2015 بعد أن سيطرت الجماعات المسلحة على جزء واسع من المناطق السوريّة المحاذية للحدود مع الاْردن، أجرى وزير الدفاع السوريّ، العماد علي أيوب، محادثات في الأردن مع رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنيّة، اللواء يوسف الحنيطي، لمناقشة أمن الحدود ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وبالطبع ملفات أخرى لم تُذكر، وذلك في أول لقاء من نوعه منذ بدء الحرب على سوريا قبل ما يزيد على 10 سنوات، بعد أن دعمت الأردن لسنوات المسلحين المدعومين من الدول الغربيّة.

وتأتي تلك الزيارة لتؤكّد عودة المياه إلى مجاريها بين دمشق وعمّان بعد التحسن التدريجيّ في العلاقات بين البلدين، كما تُعد هي الأعلى مستوى بين البلدين، ومن المتوقع حدوث تبادل لزيارات أخرى ولقاءات بين وزراء سوريين وأردنيين خلال الفترة القادمة في العاصمة عمان لبحث ملفات اقتصاديّة بين الجارتين وخاصة في في مجال الطاقة والمياه والزراعة.

وسبق هذا الاجتماع المفاجئ خروج المسلحين الرافضين للتسوية من درعا البلد المحاذية للحدود مع الأردن إلى الشمال السوريّ، بموجب الاتفاق الذي توصّل إليه المفاوض الروسيّ، حيث كان الخروج بسبب الضغط الذي مارسه الجيش السوريّ، عقب استقدام تعزيزات عسكريّة لإخراج المجموعات الإرهابية الرافضة لجهود التسوية جنوب البلاد، وتسليم كل أنواع الأسلحة التي بحوزتها وتكريس الاستقرار الأمنيّ في المحافظة.

وإنّ بيان الجيش الأردنيّ بشأن هذا الاجتماع يوحي بتغير إقليميّ لصالح الرئيس السوريّ، بشار الأسد، لن تطول نتائجه، حيث أوضح أنّ المحادثات السوريّة -الأردنيّة تأتي في إطار الاهتمام بتكثيف التنسيق المستقبليّ حول جميع القضايا المشتركة، وفي أغسطس/آب المنصرم، أشاد الملك الأردنيّ، عبد الله الثاني، الحليف القويّ للولايات المتحدة، بدور الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، في تحقيق الاستقرار في سوريا ونجاح مساعدة القوات الروسيّة في عكس مسار الصراع السوريّ الأسد، وذلك أثناء زيارته للعاصمة الروسيّة موسكو.

يشار إلى أنّ الأردن الذي تربطه مع سوريا حدود تمتد على طول 375 كم، أغلق معبر جابر – نصيب بين البلدين، الذي أعيد فتحه أواخر عام 2018، والذي يعد شرياناً اقتصاديّاً مهماً لهما باتجاه دول الخليج، فقد أدى إغلاقه إلى تراجع التبادل التجاريّ بين البلدين إلى 108 ملايين دولار عام 2020 بعدما كان حجمه نحو 615 مليون دولار عام 2010 وفقاً لـ bbc، وقد استضاف عمّان اجتماعاً لوزراء الطاقة في مصر وسوريا ولبنان لبحث سبل تعزيز التعاون لإيصال الغاز المصريّ والكهرباء الأردنيّة إلى لبنان عبر الأراضي السوريّة وما يعرف بـ “خط الغاز العربيّ”، في 8 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وتُظهر تلك الزيارة بعد سنوات طويلة أنّ سوريا تخرج بالفعل من المأزق الذي وضعتها فيه بعض الدول العربيّة، وبالأخص بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها سوريا في الميدان العسكريّ بعد دحر الجيش السوريّ المجموعات الإرهابيّة المسلحة في أغلب المناطق السورية وسيطرته على معظم مساحة البلاد، بالإضافة إلى النصر المؤزّر الذي حققه الرئيس الأسد، في الانتخابات الرئاسيّة السوريّة لعام 2021 بنسبة كبيرة عكست نتائجها جماهيريّته داخل البلاد وخارجها.

واليوم تعود الدول العربيّة التي قاطعت وحاربت دمشق لسنوات إلى الطريق الدبلوماسيّ، في الوقت الذي تتحدث فيه تحليلات إعلاميّة كثيرة أنّ سوريا وصلت إلى بداية نهاية أزمتها التي دخلت عامها الحاديّ عشر، ويُنظر للمتغيرات السياسيّة الأخيرة في المنطقة كفصل أخير من تلك الحرب الشعواء، بعدما تمكن الجيش السوريّ بدعم من حلفائه من استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.

خلاصة القول، إنّ عودة العلاقات إلى طبيعتها بين سوريا والأردن يعني أنّ سوريا تدخل مرحلة هامة من الانتصار السياسيّ والتي تلت مرحلة الانتصارات العسكريّة الميدانيّة بدعم من حلفائها وبالأخص محور المقاومة، وإنّ عودة بعض الدول التي طالبت بإسقاط الرئيس الأسد من خلال الحرب العسكريّة المباشرة، عن استراتيجياتها، يؤكّد أنّ بوابة العلاقة العربيّة مع دمشق باتت مفتوحة على مصراعيها للانخراط معها في تفاهمات جديدة وتناسب الوضع القائم، بعد أن ساهمت دول عربيّة معروفة بشكل مباشر في افتعال وتدويل الأزمة السوريّة لتدمير بلادهم ومؤسساته وتحقيق مصالحها في المنطقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق