التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

أصبح يشكل خطراً داهماً ويجب ايقافه.. نفاد صبر التونسيين يتزايد من اجراءات قيس سعيد 

كشف الرئيس التونسي قيس سعيد، يوم الاثنين، في مدينة سيدي بوزيد، عن اتجاهه لوضع أحكام انتقالية تشرّع استمرار إجراءاته الاستثنائية، ملمحا إلى إمكانية تعليق الدستور وحل البرلمان الحالي، كما وجّه انتقادات كبيرة لخصومه الذين اتهمهم بإجهاض الثورة، معتبرا أن الخامس والعشرين من شهر يوليو الماضي (يوم إعلانه الإجراءات الاستثنائية) هو استكمال لمسار الثورة التي قال إنه تم إجهاضها ليلة هروب بن علي في الرابع عشر من يناير عام 2011.

حيث أثار خطاب الرئيس التونسي الأخير، “زلزالا سياسيا” دفع الأحزاب السياسية والمنظمات الكبرى ومنظمات المجتمع المدني للتحذير من خطورة ترجمته على أرض الواقع، وخاصة فيما يتعلق باتجاه الرئيس نحو حل البرلمان وتعليق الدستور ووضع دستور جديد (أحكام انتقالية) يمهد له الطريق نحو الاستفراد بالحكم والتحكم بأغلب مفاصل الدولة، وهو ما يعني عمليا إعادة تونس إلى حظيرة الاستبداد والانقلاب على منجزات الثورة.

وفي السياق دعا الرئيس التونسي الاسبق منصف المرزوقي في كلمة وجهها، مساء الثلاثاء، للشعب التونسي، بثها على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، إلى “عزل الرئيس الحالي قيس سعيد وإحالته على المحاكمة، ثم الذهاب لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة”. وقال المرزوقي إن “سعيد أصبح يشكل خطرا داهما ويجب إيقافه عند حده”.

وأكد المرزوقي أن “حديث سعيد عن وضع الأحكام الانتقالية يعني إلغاء الدستور وهو ما يعني الذهاب في سن قوانين على المقاس، وحالما تصدر هذه الأحكام سيتحكم (سعيد) في مصيرنا، وسيكون ذلك اعترافا صريحات بموت الدستور”.

وشدد المرزوقي على أن “سعيد منقلب ولا يمكن وصفه إلا بذلك، وشرعيته متآكلة وستنتهي، ما يصبح عزل الرجل وإحالته على المحاكمة هو وكل من ساهم في مأساة تونس قضية مطروحة بكل جدية”.

وأيضا خاطب أنصار الرئيس قيس سعيّد، وقال: “أتفهم غضبكم على المنظومة القديمة وأشارككم هذا الغضب، وأعتبر أن قيادة النهضة بالتحالف مع أحزاب الفساد كانت كارثة كبرى”.

وتابع: “لكن يجب أن تعرفوا أن هذا لا ينفي أن الدواء كان أمرّ من الدّاء، وأن هذا الرجل نسمع منه جعجعة ولا نرى طحنا، وسيذهب بنا جميعا إلى الهاوية، ويجب أن تكفوا عن مساندته ودعمه”.

ووجه المرزوقي رسائل إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والإعلامية، ودعاهم إلى “العمل لإيقاف هذه المهزلة”، وكذلك دعا “البرلمانيين (المجمدة عضويتهم بالبرلمان) إلى الاجتماع بأي شكل ما”، ودعا المرزوقي “رئيس البرلمان راشد الغنوشي لتقديم استقالته، وانتخاب من يعوضه من قبل النواب”.

وأكد المرزوقي أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعاني منها البلاد حاليا تتلخص في “عزل سعيد وأن يحلّ محله رئيس برلمان يُنتخَب خلفا للغنوشي، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تعطي لتونس حكومة لخمس سنوات ورئيس عاقل يجمع الشعب”.

من جهته كتب رامي الصالحي، رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان: “كنت أعتقد إلى زمن غير بعيد أنه إنسان نظيف ومستقيم ولكن فقط تعوزه التجربة والحنكة والإدارة، ولكن كمية الحقد والكراهية التي يحملها وحجم العنف الذي يسكنه، إلى جانب سبق إضماره وترصده في تفكيك الدولة وتخريبها وحمل التونسيين على كره بعضهم البعض تجعلني أجزم بكونه خطر داهم وجاثم وناجز”.

ومصطلح “خطر داهم” بات حاضرا بشكل دائم في جميع خطابات سعيد، بعد استخدامه لتبرير فرضه التدابير الاستثنائية، وفق الفصل ثمانين من الدستور التونسي الذي ينص على أنه “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِن عن التدابير في بيان إلى الشعب”.

وشبه المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة، خطابَ سعيد بخطاب الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، حيث كتب بسخرية على صفحته في موقع فيسبوك: “وما هو معروف وشاهدناه في التلفزيونات قديما أنّ “صانع الثورة” في ليبيا الزعيم الأخ القائد العقيد معمّر القذافي ملك ملوك إفريقيا كان يجتمع ببعض الشعب (أقصد بشعبه الخاصّ وهو جماعة التنسيقيّات المؤتمرات الشعبيّة)، ويتكلّم فيقول: “والله في الحقيقة نِبّي نُڤول”، فتهتف الجماهير: “ڤول ڤول يا معمّر ڤول!”. كانت أجواء سرياليّة من الكوميديا السياسيّة السوداء، لم نتخيّل بأنّها ستعود!”.

وعليه، إن الحالة المؤقتة في تونس تكاد تصبح دائمة، والضبابية السياسية تزداد كثافة، ما جعل القلق يتنامى بين المواطنين مع استمرار غياب سيناريو واضح للخروج من الأزمة التي دخلتها البلاد، بعد شهرين من الإجراءات التي نفذها الرئيس قيس سعيد، وتولى بموجبها السلطة الكاملة يوم 25 يوليو الماضي، وفي هذا الجو من الغموض والانتظار لا أحد يدري أين تتجه تونس، وقد بدأ نفاد الصبر يتزايد بشكل علني داخل البلاد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق