التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 5, 2024

حتمية الانسحاب الأمريكي من سوريا 

لا مستقبل للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، مهما طال الزمن، فهي تعلم أكثر من غيرها، أن أبناء الشرق الأوسط لايطيقون وجودها لعشرات الأسباب، وأبرزها فشل هذه الدولة في إثبات مصداقيتها لأي طرف كان، فهي دولة مخادعة تلهث خلف مصالحها الشخصية ولا تفرق بين عدو وصديق، اذ تنقلب على حلفائها بين ليلة وضحاها وتتركهم في حالة من الفوضى دون انذار مسبق.

الولايات المتحدة الأمريكية انسحبت مؤخراً من أفغانستان وهذا الأمر أربك حلفاء الولايات المتحدة الأكراد في شرق سوريا، لكن البيت الأبيض سرعان ما طمأن “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية بأنه لن يبدأ عملية انسحاب مماثلة في سوريا، لكن هل يمكن الوثوق بالرئيس الأمريكي “جو بايدن”؟

فقد كانت هناك تأكيدات مماثلة من إدارة “ترامب” قبل أن تسحب فجأة أكثر من نصف قواتها في عام 2019 وتعطي الضوء الأخضر لغزو تركي. كما صمتت واشنطن في الآونة الأخيرة، عندما قتل العديد من مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” في هجمات تركية في أغسطس/آب.

وبالتالي، فإن انسحاب “بايدن” من كابل (والذي أعطى الأولوية لإنقاذ الأرواح الأمريكية) سيؤدي إلى زيادة المخاوف لدى “قوات سوريا الديمقراطية”، بأن الولايات المتحدة قد تتخلى عنهم قريبًا.

لقد أثار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، القلق العميق في المناطق الكردية والشمالية الشرقية من سوريا، التي تديرها الإدارة الذاتية من أن يتكرر السيناريو ذاته في هذه المناطق، لا سيما وأن تجربة عملية “نبع السلام” التركية التي تمت بضوء أخضر أميركي لا زالت تداعياتها الكارثية ماثلة للعيان، بحسب مراقبين سياسيين.

الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ قرارا في سحب قواتها من سوريا بصورة مفاجئة كما فعلت في أفغانستان، وهذا الأمر يعد إشارة واضحة للأكراد، الذين نبقى على تواصل وثيق معهم ونحملهم على تنظيم الحوار مع دمشق، إنها إشارة واضحة على أن هذا الحوار ليس ضروريا فحسب، وإنما يجب إنهاء هذا الحوار بالتوصل إلى حل وسط والخروج باتفاقات محددة مع الطرف السوري.

القلق البالغ من انسحاب أميركي في أي لحظة هو قلق واسع هنا في المناطق الكردية من سوريا، وهو مشروع ومنتشر بين الناس بشكل عام وليس فقط في الأوساط السياسية، لكن الادارة الذاتية التي وضعت بيضها كله في سلة واشنطن تحاول ايهام نفسها بأن الوجود الأميركي سيكون طويل الأمد، في حين أن المعطيات والسوابق تشير للعكس.

مؤخراً أكد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن الولايات المتحدة ملزمة بسحب قواتها من بلاده، وإلا سينتهي بها الأمر كما حدث لها في أفغانستان.

وقال المقداد إن “وجود القوات الأمريكية في سوريا غير قانوني وعليهم المغادرة في أسرع وقت ممكن”.

وأضاف: “إذا لم يفعلوا ذلك سوف ينتهي بهم الأمر كما هو الحال في أفغانستان أو أي بلد آخر”.

المقداد طالب أيضاً تركيا بسحب قواتها فورا من أراضي محافظات سوريا الشمالية.

وأضاف في حوار مع وكالة “نوفوستي” الروسية: “أعتقد أن على تركيا سحب قواتها على الفور. وعلى المجتمع الدولي بدوره أن يدعم جهود سوريا لتحرير الأراضي التي احتلتها في شمال البلاد”.

ووفقا لوزير الخارجية السورية، فإن السبب الرئيسي للتصعيد الأخير في محافظة إدلب هو “الاحتلال التركي والدعم الذي تقدمه أنقرة للجماعات الإرهابية على الأرض”.

على الأتراك والأمريكان الانسحاب، لأن احتمالية بقائهم في سوريا ضعيفة جداً وشبه مستحيلة، فالدولة السورية اليوم قوية وتسيطر على غالبية مساحة البلاد، وجماعات المعارضة السورية متشرذمة وهزيلة، وهي تحولت لمجموعات تديرها استخبارات عواصم إقليمية في مقدمها أنقرة، وموقفها منا أسوء بكثير من موقف النظام، ولهذا فمن الحكمة السياسية أن يتواصل الأكراد مع دمشق ويعملوا على حل قضيتهم هناك.

الولايات المتحدة دخلت سوريا دون التنسيق مع أحد وتمركزت في شمال شرقها وسيطرت على حقول النفط هناك ووضعت مرتزقتها لحمايتها وسرقة اموال الشعب السوري جهارا نهارا، وبكل وقاحة تقول انها باقية هناك للحصول على النفط وبيعه وبالتالي من الطبيعي جداً أن تتعاطى سوريا معها على انها قوات محتلة يجب محاربتها واخراجها بالقوة لطالما انها مصرة على البقاء، ولم تتوقف واشنطن عند هذا الحد بل أقدمت وبأمر من رئيسها السابق دونالد ترامب على حرق المحاصيل الزراعية للسوريين في فعل أقل ما يقال عنه أنه دنيء

في الحقيقة ان غاية الادارة الأمريكية الأساسية من كل هذا الضغط الذي تمارسه على دمشق هو اخضاعها لشروط واشنطن واجبارها على فك ارتباطها بمحور المقاومة، وتقديم اغراءات للرئيس بشار الاسد على المستوى الشخصي ولمستقبل البلاد، ولكن من يثق بواشنطن بعد كل الاجرام الذي اقدمت عليه في الشرق الاوسط، وما على الناس الا ان تشاهد تجربة العراق وافغانستان لتعلم من هي الولايات المتحدة التي أغرقت المنطقة بالفوضى بحجة انها جاءت لتنشر الديمقراطية ولكنها لم تنشر سوى الدمار والخراب، وهي مستمرة في هذا النهج، وحتى لو حاورتها دمشق وقبلت بشروطها فلن تحصل سوى على الخراب وسلب السيادة وهذا ما تعيه دمشق منذ البداية، لذلك رفضت جميع الاغراءات التي قدمت لها ان كان من واشنطن او الدول الخليجية لفك ارتباطها بالمقاومة، لأنها تعلم أن الانتماء للمقاومة ومقاومة أطماع واشنطن هو افضل من الاستسلام والخنوع المشروط، الذي لن يقدم اي شيء لسوريا حتى لو بدى في البداية براقا وجميلا، ولكن قبح واشنطن لا يوجد من يجمله بعد كل ما فعلته في المنطقة والعالم، لذلك نختصر القول بأن دمشق محقة بشروطها وهي تعلم ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية وستقاومها حتى النهاية لضمان مستقبل أبناء هذا الشعب الذي قدم التضحيات للحفاظ على سيادة بلاده.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق