التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 5, 2024

تسريع آلة قمع آل خليفة… من الغسيل الرياضي إلى مداعبة الغرب 

سنوات من القمع المنظم للاحتجاجات السلمية في البحرين، جعلت نظام آل خليفة أحد أكبر منتهكي حقوق الإنسان والديكتاتوريات غير الشرعية في غرب آسيا.

استمرت حملة قمع المعارضين منذ بداية ثورة فبراير 2011 في أشكال مختلفة، من قتل المتظاهرين، والسجن دون محاكمات عادلة، وأحكام سجن قاسية أصدرتها المحاكم العسكرية للنظام بحق المعارضين، إلی تعذيب السجناء وترحيلهم وإسقاط الجنسية عن المعارضين، والإغلاق الكامل لأحزاب المعارضة وإغلاق الصحف والمجلات التي تكشف الحقيقة، وإلخ.

ورتبة البحرين التي تحتل المرتبة 146 في مؤشر الديمقراطية، والمرتبة 167 في مؤشر حرية الصحافة، وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود، تعكس الوضع السيئ لحقوق الإنسان في هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة في الخليج الفارسي.

في هذه الأثناء، وبعد عشر سنوات من بدء الثورة البحرينية، بينما قُتل العديد من قادة الاحتجاج والنشطاء السياسيين والمدنيين وشخصيات معارضة رئيسية، أو سُجنوا أو رُحلوا أو تم إسكاتهم، أثار ظهور موجات جديدة من الاحتجاجات بين الجيل الجديد من الشباب والمراهقين البحرينيين، مخاوف عميقة بين قادة النظام.

وفي هذا الصدد، كشفت قناة الجزيرة القطرية، أمس، في تقرير لها، عن وجود عدد كبير من الأطفال في سجون النظام، الأمر الذي يفضح مرةً أخرى الوجه اللاإنساني والوحشي لعائلة آل خليفة الحاكمة.

حسب تقرير قناة الجزيرة الذي تم الكشف عنه في برنامج يسمى “المسافة الصفر”، تعرض حوالي 607 أطفال بحرينيين لأشكال مختلفة من التعذيب في سجون آل خليفة بين عامي 2011 و 2021. وقالت القناة إنها حصلت على هذه المعلومات من تقارير قضائية وقانونية.

وأشار التقرير إلى استجواب الأطفال دون حضور ذويهم أو حتى محاميهم، وأن مصادر في النيابة البحرينية أبلغت فريق “المسافة صفر” أن هناك حالياً أكثر من 150 طفلاً في سجون البحرين.

مثل هذه التقارير التي تُظهر عمق قمع دكتاتورية آل خليفة والانتهاك الصارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لم تؤد مطلقًا إلى فرض عقوبات أو ضغط دولي على النظام لإجباره على احترام حقوق مواطنيه، وأوضح دليل علی ذلك هو الدعم السياسي من الدول الغربية للنظام وإعطاء الضوء الأخضر لدكتاتورية آل خليفة للقيام بإجراءات قمعية.

استراتيجية الغسيل الرياضي

دفعت الاحتياطيات النفطية الهائلة للدول الخليجية، أو التحالف الاستراتيجي مع نظام آل خليفة، الحكومات الغربية إلى غض الطرف عن الأعمال الشمولية لقادة مجلس التعاون.

في هذه الأثناء، من المهم أن نلاحظ أن عامة الناس في الغرب، الذين يدعون أنهم يقودون ما يسمى “العالم الحر”، غير مدركين أيضًا للديكتاتورية الوحشية لآل خليفة والأنظمة القمعية الأخرى في الخليج الفارسي.

بدلاً من ذلك، بسبب الدعاية الإعلامية والعرقلة السياسية العلنية والسرية للحكومات لقول الحقيقة في وسائل الإعلام، ينظر معظم الرأي العام الغربي إلى الدول الخليجية على أنها أماكن جيدة للأحداث والمهرجانات الرياضية الدولية، أو كمؤيدين كرماء لفرق كرة القدم المفضلة لديهم. وكان هذا نتيجةً لاستراتيجية عمرها ما يقرب من عقدين أطلق عليها مجتمع حقوق الإنسان اسم “الغسيل الرياضي”.

الغسيل الرياضي هو وسيلة لهذه الدول لخلق صورة غير واقعية عنها في سوق الإعلام، من خلال المشاركة في الرياضات الدولية، سواء كانت استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مع الرياضيين الكبار، أو امتلاك أندية أوروبية وأمريكية.

وكانت البحرين واحدة من رواد الغسيل الرياضي. حيث استضافت المنامة في عام 2004 أول سباق فورمولا 1 في الشرق الأوسط.

وفي حين أن المشاركين ووسائل الإعلام التي تغطي البطولة ليس لديهم أدنى وعي بالواقع خارج الملعب، إلا أن وعي الشعب البحريني بمحاولات النظام إساءة استخدام الاستضافة الدولية لكسب المصداقية والتستر على القمع الواسع، أدى إلى تزايد المعارضة لإجراء هذه المسابقات.

وفي هذا السياق، في فبراير 2021، تم القبض على طفلين خلال السباق بسبب الاحتجاج. وبينما كان أحدهما يبلغ من العمر 11 عامًا، زعمت الحكومة أنهما قاما بإحراق المقاعد. کما تم استجوابهما لساعات دون حضور والديهما والمحامي.

وفي وقت سابق من عام 2017 أيضًا، تعرضت نجا يوسف للاعتقال والتعذيب والاغتصاب والحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات، بعد انتقادها جائزة البحرين الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي.

انتقاد الغرب اللطيف للنظام؛ شکلي وغير مؤثر

على مر السنين الماضية، غضت الحكومات الغربية الطرف عن احتجاجات الشعب البحريني، على الرغم من ادعاءاتها التي تصم الآذان بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان في البلدان الأخرى.

هذا النهج، الذي يظهر الطبيعة السياسية للشعارات ووجود معايير غربية مزدوجة لحقوق الإنسان، للضغط على الحكومات المتنافسة والمعارضة على المستوى الدولي، تعرض أحيانًا لانتقادات محلية أيضًا.

في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، دعت مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وزارة خارجية بايدن لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.

ودعت هذه الرسالة، التي وقعها بيرني ساندرز، وشرود براون، وجيفري ميركل، وتومي بالدوين، وباتريك ليهي، ورون ويدن، وماركو روبيو، وزارة الخارجية للضغط على النظام البحريني للإفراج عن السجناء السياسيين في البلاد.

کما سبق أن أصدر البرلمان الأوروبي في فبراير 2021 قرارًا ضد أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، نظام آل خليفة الذي اضطر تحت الضغط الأمريكي لقبول صفقة مخزية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، أو التظاهر بحل الخلاف مع قطر(فيما يـتعلق بحصار قطر من قبل 3 أعضاء من مجلس التعاون)، ولكن لماذا لا يستسلم للمطالب والضغط السياسي الظاهر لاحترام حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين؟

الحقيقة هي أن الإجراءات الرمزية للدول الغربية ضد حالة حقوق الإنسان في البحرين، لم تتجاوز الموقف اللفظي، وبالتزامن مع الانتقاد العام ودون الضمانات التنفيذية اللازمة، هناك إشارات متضاربة، مثل دعوة قادة النظام للسفر إلى العواصم الغربية، وعقد اتفاقيات بيع الأسلحة، وإعلان الدعم للنظام، الأمر الذي يشجع عائلة آل خليفة على زيادة قمعها للمعارضة والاحتجاجات الشعبية السلمية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق