زيارات مكوكية أمريكية الی المنطقة لإنقاذ الرياض من المستنقع اليمني
تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” من تحقيق الكثير من الانتصارات خلال الايام الماضية واستطاعوا التقدم باتجاه مدينة مأرب آخر معقل لحكومة “عبد ربه منصور هادي” المستقيلة في شمال اليمن بعد سيطرتهم على العديد من المناطق والمديريات في محافظتي شبوة والبيضاء. وفي هذا السياق، أشار مصدر عسكري، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” سيطروا على مديريات بيحان وحريب بعد معارك خلفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. ولفت ذلك المصدر العسكري اليمني إلى أن سقوط هاتين المديريتين يشكل تهديدا لجبهات الدفاع الاولى لقوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقته عن مدينة مأرب، موضحا أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، تمكنوا من قطع خطوط امداد بعض الجبهات وباتوا يسيطرون ناريا على جبهة “الجوبة” جنوب غربي مأرب. واستمراراً لكل هذه الانتصارات الميدانية، أعلنت القوة الصاروخية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” قبل عدة أيام استهداف شركة ارامكو النفطية في العاصمة السعودية الرياض بغارات جوية نفذتها ست طائرات مسيرة، ضمن عملية نوعية استهدفت العمق السعودي.
وذكر المتحدث العسكري للجماعة العميد “يحيي سريع” في سلسلة تغريدات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بأن الطائرات المسيرة أصابت أهدافها بدقة. وقال “سريع” بأن هذه الهجمات تأتي كرد على ما وصفه بـ “تصعيد العدوان الغاشم وحصاره الظالم” مؤكدا على استمرار العمليات وتصاعدها خلال الأيام القادمة. ودعا “سريع” الشركات الأجنبية والمواطنين السعوديين الى الابتعاد الكامل عن الأهداف العسكرية والحيوية لكونها اصبحت هدفا مشروعا “، لافتا الى أن الاستهداف قد يطالها في اي لحظة. وعقب كل هذه الهزائم التي مُنيت بها المملكة والتي أثرت سلباً على اقتصادها المترنح، أعلنت الرياض قبل عدة أسابيع عن مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في اليمن والخروج بماء الوجه من المستنقع اليمني. ولقد جاءت المبادرة السعودية للسلام في اليمن لتمثل محاولة من الرياض للخروج من المستنقع اليمني، ولكنها أيضاً تشكل مسعى لإبراء الذمة أمام الغرب الذي بات يلومها على الحرب التي تبدو بلا نهاية.
ورداً على هذه المبادرة، اعتبرت حركة “أنصار الله” اليمنية، أن المبادرة السعودية الجديدة لإنهاء الحرب في اليمن لا تتضمن أي شيء جديد. وقال رئيس الوفد اليمني المفاوض، “محمد عبد السلام”، في حديث لوكالة “رويترز”، “هذه الخطة لا تتضمن شيئا جديدا، إن المملكة جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا”. وأضاف عبد السلام “أنصار الله ستواصل المحادثات مع السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام”. وشدد، على أن “فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط”، كما جاء.
واستمرارا للجهود السعودية للخروج من المستنقع اليمن بماء الوجه، ذكرت العديد من التقارير أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، “جيك سوليفان”، يستهل رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع بزيارة إلى السعودية، من المتوقع أن يلتقي خلالها ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” في مدينة نيوم شمال غربي البلاد، حيث سيناقشان تحديات إقليمية ودولية في طليعتها الحرب في اليمن التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى وضع حد لها. ووفق مسؤولين في الإدارة الأمريكية، سيعقد “سوليفان” وهو أرفع مسؤول أمريكي يزور السعودية، منذ تسلم الرئيس “جو بايدن” مقاليد الحكم، اجتماعاً مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير “خالد بن سلمان”، الذي يلعب دوراً بارزاً في مساعي التنسيق للدفع بحل سياسي للأزمة اليمنية، وفق اجتماعاته المتعددة مع المبعوثين الأمريكي والأممي إلى اليمن.
ومن جانبها، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، “إميلي هورن”، في بيان، يوم الاثنين الماضي، إن منسق مجلس الأمن القومي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “بريت ماكغورك”، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن “تيم ليندركينغ”، سينضمان إلى سوليفان في المباحثات مع الجانب السعودي. وتأتي زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى السعودية بعد جولة أجراها “ليندركينغ” في المنطقة شملت كلاً من الرياض ومسقط، لبحث جهود إنهاء الحرب في اليمن. ونقلت العديد من المصادر الاخبارية عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله بأن “إنهاء الحرب في اليمن بوصفها أحد أكثر صراعات العالم تعقيداً، ليس ممكناً من دون الانخراط في محادثات مباشرة مع كبار المسؤولين السعوديين”. إلا أن مهمة “سوليفان” الذي تتصدر الأزمة اليمنية أجندة زيارته لا تبدو سهلة، في ظل رفض حكومة “منصور هادي” المستقيلة مبادرة السلام التي أعلنت عنها حكومة صنعاء الاخيرة، الأمر الذي دفع المبعوث الأمريكي إلى اليمن إلى استنكار تعنت حكومة “منصور هادي” القابعة في فنادق الرياض في أكثر من مناسبة، مندداً برفضهم وقف إطلاق النار، والانخراط في محادثات سياسية.
وفي سياق متصل، أعرب مسؤولون في البيت الأبيض عن أملهم في أن يسهم تعيين المبعوث الأممي إلى اليمن “هانس غروندبرغ”، في زيادة الضغط على أطراف الصراع، إلا أن المبعوث الجديد أكد قبل أكثر من أسبوعين على ثقل المهمة، قائلاً إن اليمن “عالق في حرب مجهولة المصير”، ومؤكداً أن “استئناف المفاوضات لإنهاء صراع عمره أكثر من 6 سنوات لن يكون سهلاً”. جاء ذلك في ختام زيارة أجراها “غروندبرغ” قبل عدة أيام إلى مسقط حيث التقى وزير خارجية سلطنة عمان، “بدر البوسعيدي”، وعددا من كبار المسؤولين في السلطنة. ووفق بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي، تبادل “غروندبرغ” وجهات النظر مع “البوسعيدي” حول آفاق السلام في اليمن، وشكر السلطنة على دعمها المستمر لجهود الأمم المتحدة. وقال المبعوث الأممي: “لا يمكن تحقيق السلام المستدام إلا عن طريق تسوية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض السلمي. يجب توجيه كل الجهود نحو إحياء عملية سياسية تسفر عن حلول تلبّي تطلّعات اليمنيين رجالاً ونساءً.”.
وجاءت زيارة المبعوث الأممي لسلطنة عمان بعد أن زار السعودية، حيث التقى مع كبار المسؤولين والدبلوماسيين السعوديين. وتزامنت جولة المبعوث الأممي مع الذكرى السابعة للحرب اليمنية، في سنوات عمقت فيها قوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقته جراح اليمنيين، وعرقلت مساعي السلام في هذا البلد. ولقد أشار البيان الصادر عن مكت المبعوث الأممي إلى أن “المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين السعوديين وسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى اليمن”. وتعد زيارة “غروندبرغ” هي الأولى له منذ أن تولى منصبه كمبعوث خاص للأمم المتحدة في 5 أيلول/سبتمبر 2021. وأكد البيان إن المبعوث الأممي حريص على التواصل مع اليمنيين والمعنيين الرئيسيين الآخرين حول كيفية إيجاد حلول دائمة للنزاع والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للجميع تنهي الحرب وتلبي تطلعات الشعب اليمني.
إن السعودية وفي حين لم يعد امامها مفر سوى الاعتراف بالهزيمة في الحرب التي فرضتها على اليمن منذ ست سنين، تسعى ومنذ فترة ليست بقصيرة الى الخروج من مستنقع حرب اليمن بشكل يحفظ لها ماء وجهها مع الحصول على ادنى المكاسب المتوخاة. كما ان السعودية تصر على الحيلولة دون تشكيل حكومة تتحلى بتوجهات سياسية ومبادئ اسلامية اصيلة بالقرب من حدودها الجنوبية. وفي الختام يمكن القول إن هذه الزيارات المكوكية الغربية والأمريكية لإقناع أطراف النزاع في اليمن للجلوس على طاولة المفاوضات وايجاد حل سلمي للأزمة اليمنية ما جاءت إلا بعدما تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية من تحرير معظم أراضي اليمن وتنفيذه للعديد من الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة داخل العمق السعودي، الأمر الذي أثقل كاهل الاقتصاد السعودي وتسبب بحدوث أزمة مالية في الميزانية الحكومية السعودية ولهذا فإن دول تحالف العدوان تبحث لها الان عن مخرج ينقذها من المستنقع اليمني الذي غرقت وخسرت الكثير من جنودها وأموالها فيه، وخاصة أن العديد من الدول الغربية أعلنت خلال الايام الماضية عن نيتها إيقاف بيع الاسلحة للرياض وابو ظبي بسبب الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان السعودي الإماراتي في اليمن وتخلي إدارة “جو بايدن” الجديدة عن الرياض.
المصدر/ الوقت