التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

انتخابات مجلس الشورى القطري.. هل هي خطوة في طريق تعزيز المشاركة الشعبية 

نظمت دولة قطر في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول أول انتخابات لمجلس الشورى المكون من 54 مقعدا في خطوة غير مسبوقة في هذا البلد.

وتنافس في الانتخابات 234 مرشحا بينهم 28 امرأة للفوز بـ30 مقعدا تشكل ثلثي مقاعد المجلس، على أن يقوم أمير دولة قطر بتعيين الثلث الباقي.

وصادقت وزارة الداخلية على جميع المرشحين، استنادا إلى مجموعة من المعايير من بينها العمر والسجل الجنائي. وتعين على المرشحين خوض الانتخابات في الدوائر الانتخابية المرتبطة بمكان إقامة عائلاتهم أو قبيلتهم في الثلاثينات، باستخدام بيانات جمعتها السلطات التي كانت تخضع للنفوذ البريطاني آنذاك.

وتمتع بحق التصويت والترشح أحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين العام 1930 فقط ، ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنّسة منذ ذلك العام. ومن بين الذين استُبعدوا من العملية الانتخابية بعض أفراد قبيلة آل مرّة، وهو ما أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتحاشى المرشحون بشكل عام الحديث عن سياسة قطر الخارجية، أو عن نظام حكمها الملكي، وركزوا أحاديثهم في المقابل عن قضايا اجتماعية.

وجرت عملية الاقتراع يوم السبت 2 اكتوبر في مراكز الانتخاب في 30 دائرة موزعة على عموم قطر. وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن لجان الاقتراع الـ30 المنتشرة في جميع أنحاء البلاد شهدت إقبالا كبيرا من جميع فئات المجتمع، مشيرة إلى توافد آلاف النساء على مراكز التصويت لاختيار مرشحيهن.

ولم تحمل النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الشورى القطري،، مفاجآت تُذكر، إذ صوّت الناخب القطري لابن قبيلته في دائرته الانتخابية، كما أخفقت 26 مرشحة في الحصول على أي من المقاعد الثلاثين في مجلس الشورى.

وأعلن رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات مجلس الشورى القطري اللواء ماجد الخليفي، في مؤتمر صحافي، في وزارة الداخلية، أنّ نسبة المشاركة بالانتخابات بلغت 63,5% من مجموع الناخبين.

وحسب نتائج الفائزين التي أعلنها الخليفي، تمكن النائب العام السابق علي بن فطيس المري من الفوز بمقعد الدائرة 16 في انتخابات مجلس الشورى، كما فاز وزير البلدية الأسبق علي سعيد الخيارين بمقعد الدائرة 29.

ووفق النتائج الرسمية في الدوائر الانتخابية التي أنهت فرز الأصوات، فاز كل من عبد الرحمن الخليفي، أحمد هتمي الهتمي، عبد الله علي السليطي، عيسى النصر، حسن الغانم، خالد بن غانم المعاضيد، خالد أحمد عبيدان، ناصر سليمان السويدي، حمد عبد الله الملا، خالد العمادي، عيسى الرميحي، محمد يوسف المانع، محمد المفتاح، يوسف الخاطر، علي فطيس المري، محمد العبدالله، علي شبيب العطية، ناصر الحميدي، محمد بن عيد الكعبي، مبارك محمد الكواري، ناصر محمد النعيمي، علي بن سعيد الخيارين، ناصر بو كشيشة، سالم بن راشد المريخي، مبارك سيف المنصوري، ناصر الكبيسي، يوسف السادة، محمد المناعي، وأحمد المهندي.

واختار الناخبون القطريون في هذه الانتخابات، أعضاء مجلس الشورى الـ30 من بين 234 مرشحاً، منهم 26 مرشحة، تنافسوا في 30 دائرة انتخابية، موزّعة في مختلف أنحاء البلاد. فيما فاز بالتزكية مرشح الدائرة الخامسة في الدوحة، المرشح حسن الغانم، لعدم وجود منافسين له في الدائرة.

ووفق قراءة أولية لنتائج الدوائر الانتخابية الـ30، فإنّ معظم المرشحين الفائزين معروفون لدى الناخب القطري، وسبق أن شغل العديد منهم مواقع وظيفية متقدمة في الدولة قبل تقاعدهم. كما نجح في الفوز في انتخابات المجلس أحد السفراء السابقين وعدد من رجال الأعمال والأكاديميين.

ودعا الكاتب والإعلامي عيسى آل إسحق، في معرض تعليقه على نتائج انتخابات مجلس الشورى المقبل، إلى إعادة النظر في قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.

وقال آل إسحق، “يجب إعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية، واعتبار قطر دائرة انتخابية واحدة، أو تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 4 دوائر على الأكثر، ليتسنى للناخب القطري التصويت على أساس البرنامج الانتخابي، وليس على أساس القبيلة أو العائلة، وليتسنى للأجيال الجديدة والمتعلمة صاحبة الطموح خدمة وطنها من خلال برامجها الانتخابية التي تدعو إلى التطوير في مختلف المجالات”.

ووصف عبد الله غانم البنعلي المهندي، رئيس تحرير جريدة “الراية” القطرية الاستحقاق الانتخابي الأول على أنه “يؤسس لمرحلة جديدة من مشاركة المواطن القطري في الشأن العام، والمساهمة في رفعة وازدهار وتقدم الوطن” حسب تعبيره، مضيفا أن “القيادة القطرية حريصة على تعزيز مشاركة المواطنين في علية صنع القرار” وتعمل على “توسيع قاعدة الناخبين ليكون المجلس المنتخب ممثلا حقيقيا لإرادة المواطنين”.

ويقول محللون إن الانتخابات، وهي بادرة غير معمّمة في دول مجلس تعاون الخليج الفارسي، لن تكون نقطة تحوّل في قطر التي تُسلَّط عليها الأضواء بشكل متزايد لاستضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم العام 2022.

وأكد الأستاذ المساعد في قسم السياسات الخليجية بجامعة قطر لوسيانو زاكارا، أن “إجراء (الانتخابات) قبل كأس العالم سيُنظر إليها بعين إيجابية باعتبارها طريقة تظهر أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح” وأن أصحاب القرار يرغبون بتحقيق مزيد من المشاركة السياسية.

وفي ردود الفعل من قبل القطريين على هذه الانتخابات، قال الناخب سلطان عبد الله الكواري: “في بداية اليوم سمعت الكثير من الناس يقولون إنهم لن يصوتوا لأنه لن يحدث تغيير، لكننا رأينا الكثير من الناس”. وأضاف: “هذا فأل حسن أنه سيكون هناك تغيير”.

وأكدت سبيكة يوسف التي جاءت للإدلاء بصوتها أن الأمر لا يتعلق فقط بالمرأة، موضحة: “نشجع الجميع على المشاركة والتصويت لأهمية هذه الانتخابات أن يكون للجميع صوت كعائلة واحدة، وليس المرأة فقط لأن المرأة في قطر تتمتع بحقوقها وأكثر في التعليم والعمل وغيره”، وأضافت الموظفة القطرية قائلة: “الأهم بالنسبة لي في هذه العملية هو اختيار مرشح قادر على توصيل صوتنا، ويكون حلقة وصل بيننا وبين الحكومة”.

ويرى مراقبون أن قرار عقد الانتخابات الذي أرجئ مرارا يأتي في ظل ضغوط تشهدها قطر جراء الأضواء المسلطة عليها في ظل استعدادها لاستضافة كأس العالم 2022.

وأثارت هذه الانتخابات انتقادات منظمات حقوقية دولية منها هيومان رايتس ووتش، بسبب استبعاد مواطنين من الترشح والتصويت وسط مخاوف حول المساواة والمواطنة.

واقترح مراقبون أن يكون ممثلو المجموعات المستبعدة من بين الأعضاء الخمسة عشر، الذين يعيّنهم الأمير بشكل مباشر.

كما أثارت استطلاعات الرأي وجود حساسيات قبلية بين سكان قطر، بعد صدور قانون الانتخابات الذي يقصر التصويت على القطريين الذين كانت أسرهم موجودة في البلاد قبل عام 1930، وهو ما حرم بعض أفراد قبيلة آل مرة الكبرى في البلاد من التصويت.

ويرجع تاريخ تأسيس مجلس الشورى في قطر إلى عام 1972. وفي أبريل/نيسان 2003، صوت القطريون على أول دستور في البلاد.

ويقوم مجلس الشورى في قطر بمناقشة مشروعات القوانين التي تحال إليه من قبل مجلس الوزراء ومناقشة الميزانية العامة للدولة فضلا عن متابعة أنشطة الدولة وإنجازاتها وتوجيه الأسئلة للوزراء بقصد استيضاح أمر ما من الأمور وتقديم التوصيات وإبداء الرغبات للحكومة في المسائل المشار إليها وهي صلاحيات لم يكن يتمتع بها سابقا لكن كل قراراته يمكن نقضها بمرسوم أميري.

ويبدو أن التغيير الديموقراطي الذي ستحدثه الانتخابات سيكون محدودا جدا في الدولة الخليجية، حيث لن تتغيّر الحكومة بعد الانتخابات ولا توجد أحزاب سياسية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق