خطة سعودية للانقلاب على الإمارات في عدن.. هل هي بداية النهاية لتحالف العدوان في جنوب اليمن
مؤخراً عادت إلى الواجهة الأخبار التي تتحدث عن الخلافات السعودية الإماراتية حول تقاسم النفوذ في اليمن، و لاسيما بعد التدخل البري المباشر للقوات الخليجية والإماراتية بشكل خاص، وسيطرة المليشيات الموالية لهادي على مدينة عدن، التي تحولت إلى ساحة صراع بين الحلفاء. وقد تطور الخلاف بين الجانبين ليصل إلى حالة الصراع الدموي، حيث استهدفت غارات جوية مجهولة المصدر قوات من الحراك الجنوبي موالية للسعودية في عدن وأبين، ولقد قالت مصادر يمنية إن الإمارات هي من تقف خلفها، ما وصفه البعض بأنه مساعٍ ممنهجة لتطهير أماكن نفوذ الإمارات من أي قوى سعودية وازنة في الميدان، الأمر الذي يعنون لفصل جديد من فصول الصراع الإماراتي السعودي على اليمن.
وقبل عدة أيام دخلت معدات عسكرية مساعدة إلى مديرية “كريتر” الواقعة في مدينة عدن الجنوبية، مع تصاعد القتال بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم من الإمارات) وقوات تابعة لرجل يُدعى “إمام النوبي”. ولقد ظهر دور السعودية في دعم مرتزقة “النوبي”، يوم السبت الماضي، أثناء نشوب معارك عنيفة في مدينة عدن جنوب اليمن، وهذا الأمر يشير إلى وجود انقلاب سعودي للإطاحة بالمجلس الانتقالي الإماراتي. وحول هذا السياق، قالت مصادر مطلعة ، إن الاشتباك وقعت قبل ساعات قليلة من اجتماع “مختار النوبي” قائد المرتزقة التابعين للسعودية، والذي يشار إليه بالانقلاب السعودي على المجلس الانتقالي الجنوبي. وبحسب هذه المصادر، جرى اللقاء في قصر المعاشيق في عدن، وحضره “مختار النوبي” شقيق “إمام النوبي”، و”أوسان العنشلي” قائد جماعة “العاصفة”، المجموعة التي قادت الهجوم على مديرية “كريتر” العدنية.
وأكدت مصادر مطلعة أن المسؤول السعودي هدد القوات الانتقالية بعدم التمرد على “النوبي”، وهو ما يظهر مدى الدعم السعودي لقوات “النوبي”، ويرى مراقبون أن السعودية تعتزم استبدال هذه المجموعة بقوى المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً. وقبل ساعات قليلة من الاجتماع أعلن المجلس الانتقالي أن مدينة “كريتر” أصبحت منطقة عسكرية وأرسل قوات كبيرة وعتادًا عسكريًا في إطار الاستعدادات لهجوم على المنطقة التي احتلها “إمام النوبي” قبل عدة أيام. وبحسب مصادر مطلعة، عززت القوات السعودية المتواجدة في قصر “معاشيق” خلال الاشتباكات المستمرة في مدينة “كريتر”، قوات “النوبي” بعدد من الآليات والأسلحة العسكرية. والخطوة الجديدة للسعودية هي ضرب المجلس الانتقالي للجنوب وتشكيل مجموعة عسكرية جديدة لتحل محل الحكومة اليمنية المستقيلة التي سيُطيح بها الجيش واللجان الشعبية اليمنية. ولقد بدأت الاشتباكات قبل عدة أيام ولا تزال مستمرة حتي هذه اللحظة واندلعت في مدينتي كريتر وخور مكسر بمحافظة عدن.
وعلي هذا المنوال نفسه، قال الإعلامي “صلاح السقلدي”، المحسوب على الإنتقالي، إن “السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، يقود جماعات إرهابية حاولت الإنقلاب على الإنتقالي في عدن”، مشيرا إلى أن سفير السعودية يشرف على تقديم الدعم المباشر لجماعات إرهابية . وأوضح “السقلدي” أن قائد المتمردين، “إمام النوبي”، كان على تنسيق مع “آل جابر” ، قبل أن يعلن تمرده على المجلس الانتقالي في عدن، واصفا دور السفير السعودي بـ” مهندس ” الإنقلاب. ومن جهته، أكد رئيس العمليات المشتركة للمجلس الإنتقالي، “عبدربه محمد عمر”، أن السعودية قدمت الأسلحة الثقيلة لقوات سلفية وإصلاحية، للإطاحة بالمجلس الجنوبي.
وكانت مصادر عسكرية، أكدت، يوم السبت الماضي، أن القوات السعودية الموجودة في قصر المعاشيق، عززت العناصر المتمردة في كريتر، بآليات عسكرية وأسلحة. وتأتي هذه التصريحات، تزامنا مع كشف مخطط سعودي يهدف بالإنقلاب على الانتقالي، الموالي للإمارات، في خطوة وصفت بأنها ضمن تحركات سعودية لإنشاء كيان عسكري جديد بديل عن المجلس الانتقالي الجنوبي، يهدف تنفيذ مصالحها الشخصية في اليمن، بعيدا عن الإمارات. ويرى مراقبون أن الرياض تعيش مخاوف خروجها كلاعب رئيسي في الملف اليمني، بعد خسارتها حلفائها وجميع امتيازاتها على الأرض، وخصوصا مع اقتراب سقوط مرتزقتهم وقواتهم في مأرب، آخر معاقلهما، مؤكدين أن السعودية تسعى إلى إيجاد طرف جديد يعبر عن مصالحها، كورقة ضغط لها في أي مفاوضات قادمة مع حركة “أنصار الله” اليمنية.
وعلي صعيد متصل، كشف صحفي يمني، يوم أمس الاحد، عن منع طائرة إماراتية من الوصول إلى مطار جزيرة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي قبالة سواحل اليمن الجنوبية. وأفاد الصحفي والناشط، “عبدالله بدأهن”، بأن تحالف العدوان السعودي أوقف طائرة إماراتية كانت على وشك الإقلاع من أبوظبي إلى سقطرى، وعلى متنها مسافرون يمنيون ومن جنسيات مختلفة. وأضاف “بدأهن” عبر صفحته بموقع “فيسبوك”، أن “الطائرة التابعة لدولة الإمارات كان على متنها مسافرون من أبناء جزيرة سقطرى المغتربين في الدولة الخليجية، بالإضافة إلى العشرات من السياح الأجانب من جنسيات مختلفة”. وحسب الصحفي السقطري، فإن الإمارات أبدت استياءها من هذا الإجراء، الذي ظهر جلياً من خلال الناشطين الموالين لها في سقطرى. وقال: “لقد دعوا إلى تنظيم تظاهرة يوم الثلاثاء القادم في مطار سقطرى؛ تنديدا بسلوك السعودية”. وأشار إلى أن “ثمة خلافات ما مؤجلة ومفترضة بين السعودية والإمارات، والتي تطفو من حين إلى آخر، وتظهر جلية في سقطرى”، متابعا القول: “بينما على النقيض أيضا، يعتقد متابعون ومهتمون أن مواقف التخادم بين الدولتين وتبادل الأدوار أكثر مما يظهر من تناقضات بينهما”.
ولقد تأسس المجلس الانتقالي لجنوب اليمن، بدعم من الإمارات ، العضو الرئيسي في تحالف العدوان في اليمن، في عام 2017 ويسيطر الآن على مدينة عدن (وسط جنوب اليمن) وسقطرى (جنوب شرق) وأجزاء جنوبية أخرى من اليمن. وفي مارس 2015، شنت المملكة العربية السعودية، في شكل تحالف غاشم من عدة دول عربية وبمساعدة وضوء أخضر من الولايات المتحدة، حربًا واسعة النطاق ضد اليمن – أفقر دولة عربية – بحجة إعادة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” إلى السلطة. وحذرت وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، مرارًا وتكرارًا من أن الشعب اليمني لا يزال يواجه مجاعة وكارثة إنسانية غير مسبوقة في القرن الحالي.
وفي هذا السياق، حذر تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية قبل عدة أيام من أن خمسة ملايين شخص في اليمن على شفا مجاعة قد تجتاح البلاد بينما هناك 16 مليون شخص آخرين يسيرون في اتجاه تلك المجاعة، وفقا لمدير برنامج الغذاء العالمي. ونقلت الصحيفة عن “دايفيد بيزلي”، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، قوله إنه “مع ارتفاع أسعار الغذاء والعجز الصارخ في الوقود، يكون الأمر كارثيا. ولدينا خمسة ملايين يمني يطرقون باب المجاعة بينما يسير 16 مليون آخرون في الاتجاه نفسه”. وذكرت أنه في حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذر “بيزلي” من أن عدم توافر المزيد من التمويل سوف يضطر برنامج الغذاء العالمي إلى إلغاء الحصص التموينية من الطعام التي تقدم لحوالي 3.2 مليون نسمة بحلول أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وبالمجمل يمكن القول بأن الصراع الحاصل اليوم بين تحالف القوى المعتدية على اليمن، لم يكن مفاجئاً، بل هو نتيجة طبيعية لتحالف مبني على مصالح قائمة على قهر شعب فقير ومظلوم، واجهاض ثورته، ورفض خروجه من تحت الوصاية الخليجية. كما أن التحالف مع القاعدة واستخدام ورقة الارهاب، لا يمكن أن يجلب الأمن والاستقرار لا لليمن ولا حتى لسائر الدول الخليجية، بل إن هذه الآلام لا شك ستكون عاملاً موحداً للشعب اليمني، وسبباً لاتحاد القوى السياسية الجنوبية والشمالية لمواجهة العدو الواحد، وتحقيق سيادة اليمن الذي يستحق أبناؤه العيش الكريم.
المصدر / الوقت