التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, أكتوبر 9, 2024

“مكافحة العنف” ذريعة إسرائيليّة لفرض الحكم العسكريّ.. هل تنجح 

بعد مقتل عشرات الفلسطينيين العرب في أراضي الـ48 منذ مطلع عام 2021 نتيجة لاستفحال ظاهرة العنف، بالتزامن مع تقاعس شرطة العدو الصهيونيّ عن معالجة تلك الظاهرة الخطيرة والتواطؤ مع العصابات والمستفيدين الذين باتوا يحكمون ويتحّكمون في مستقبل أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينيّ في الداخل المحتّل، أصدرت لجنة المُتابعة العليا لشؤون الجماهير الفلسطينيّة في الداخل الفلسطينيّ المُحتّل بيانًا جاء فيه أنّ قرارات حكومة العدو بإشراك جهاز الأمن العام الصهيونيّ “الشاباك”، في مكافحة “العنف والجريمة” في المناطق العربيّة بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، تندرج في سياق تشديد القبضة الأمنيّة على الفلسطينيين بهدف إعادة الحكم العسكريّ من أوسع الأبواب تحت ذرائع واهيّة، حيث تشهد بلدات الداخل الفلسطيني حالة غير مسبوقة من الفوضى والتوتر بسبب التنامي المُخيف لجرائم القتل والعنف، وارتفاع معدل الجريمة لأراقم قياسية باتت تهدد فعليّاً النسيج المجتمعيّ، وسط اتهامات مباشرة لمؤسسات العدو الأمنيّة القائمة على هذه البلدات بالاحتلال بتغذية الجرائم وعدم التحرك لإيقاف نيرانها التي اشتعلت ولم تنطفئ بعد.

إنّ قرار إشراك “الشاباك” في ما تدعى تل أبيب بأنّه “مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربيّ”، وتأييده من المستويات الإسرائيليّة العليا، بما في ذلك رئيس الوزراء نفتالي بينيت، وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة، يأتي ليزيد القبضة الأمنيّة في كلّ مفاصل حياة الشعب الفلسطينيّ، وفي سياق إعادة الحكم العسكريّ الذي فُرِض على فلسطينيّ الداخل مباشرةً مع الإعلان عن قيام الكيان الغاصب عام 1948، وبقي ساري المفعول حتى العام 1966، وأجبرت حكومة الكيان آنذاك على إلغائه بعد تدّخل الأمم المُتحدّة.

“مكافحة العنف والجريمة”، ذريعة إسرائيليّة مكشوفة لأنّ العدو باختصار هو صانع ومغذي هذا العنف المتصاعد من خلال مؤسساته وأذرعه، وقد تم ترويجها في أوساط المجتمع الفلسطينيّ، في أعقاب هبة القدس والأقصى التي انتصر فيها الفلسطينيون لانتمائهم الوطنيّ وللمسجد الأقصى المبارك ولهوية القدس، كعقاب لهم على مواقفهم وكوسيلة سلطويّة تهدف الى تفكيك النسيج المجتمعيّ والسياسيّ في ذلك المجتمع، كما يقول أبناء المنطقة.

وفي الوقت الذي تحمي قوات “الشاباك” عصابات العنف الإجرام، من غير المعقول أن تجد حاضنة آمنة في البلدات العربيّة، لأنّ المتهم بالجريمة لا يمكن أن يكون قاضيّاً عليها، وكأنّ تل أبيب وضعت الفلسطينيين بين نارين إمّا العصابات الخارجة عن كافة القوانين أو الشاباك الذي يسخر القانون بيده لتنفيذ جرائمه، في ظلّ الاعتقالات السياسيّة التي قامت بها قوات العدو بحق عدد من القيادات، إضافة إلى استخدام “الذباب الالكترونيّ” (حسابات وهميّة للتأثير على الرأي العام) لتوهين وتشويه القيادات الأخرى، ما يُسهل إعادة الحكم العسكريّ الصهيونيّ إلى تلك المناطق تحت غطاء مثير للسخرية وهو “مكافحة الإجرام”.

“جريمة ضد مجهول”، هذا هو الرد الوحيد للشرطة التابعة للعدو، عن معظم جرائم القتل التي جرت خلال السنوات الأخيرة في البلدات والقرى الفلسطينيّة في الداخل المحتل، وهو الأمر الذي أشعل نار غضب الفلسطينيين، وأبقى الكيان المجرم المتهم الرئيس بتغذيّة الإجرام لتفكيك المجتمع الفلسطينيّ، وإشغاله عن قضاياه المصيريّة بالعنف الذي صعد حجم المأساة التي طالت عشرات العائلات الفلسطينية منذ بداية العام الجاري، حتى أصبح معدل ارتكاب الجرائم، وفق مؤسسات رسميّة وحقوقيّة، ما بين جريمتين إلى ثلاثة يوميّاً، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر ويهدد المجتمع الفلسطيني بأكمله، في وقت تم الكشف فيه رسميّاً عن أن معظم عصابات الإجرام في الداخل على صلة بجهاز “الشاباك” الصهيونيّ.

والدليل على ذلك، ما كشفه موقع “والا” العبريّ في وقت سابق حيث نشر قبل أشهر، تسريبات لضباط في الشرطة الصهيونيّة اتهموا الشاباك بالتورط في أعمال القتل في المجتمع العربيّ، لافتين إلى أن غالبيّة الجرائم تأتي بتورط من عملاء سابقين فروا من الضفة والقطاع تجاه الداخل المحتل، إضافة إلى ما ذكرته تقارير إسرائيليّة حول فشل أجهزة الأمن وخاصة الشرطة والشاباك، في منع انتشار واستخدام السلاح غير المرخص في المجتمع العربيّ، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في ارتفاع نسبة الجريمة إلى مستويات قياسيّة مخيفة.

ومن الجدير بالذكر أنّ “عرب الـ 48″، أو فلسطينيي الداخل المحتل، هم من أحفاد نحو 160 ألف فلسطينيّ بقوا في أراضيهم بعد إقامة كيان الاحتلال الغازي عام 1948، وما زالوا يعيشون داخل الحدود التي رسمها الاحتلال، أو خط هدنة الـ 1948، ويُشكّل فلسطينيو الداخل الذين يملكون الجنسية الإسرائيليّة أكثر من 20 % من سكان الكيان، الذين يزيد عددهم عن 9 ملايين نسمة.

ختاماً، وسط التشجيع الواضح من شرطة العدو التي لا تقوم بأيّ دور لمنع الجريمة ومحاسبة مرتكبيها، من الصعب بمكان نجاح خطط تل أبيب في تفكيك النسيج الاجتماعيّ لأهالي الداخل، خاصة بأنّ الأهالي باتوا يعون مخططات المحتل وجاهزون بقوّة لصدها ومقاومتها، ويرون بأم أعينهم أنّ شرطة الاحتلال تقوم بالقضاء على عصابات الإجرام في المدن التي يسكنها المستوطنون، مقابل تأجيج العنف في مدن الداخل بأيدٍ إسرائيليّة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق