خارطة مقاعد الأقليات في البرلمان والمتنافسين عليها بالانتخابات التشريعية
سياسة ـ الرأي ـ
تسعة مقاعد فقط من أصل 329 مقعدا في البرلمان العراقي المقبل خصصت للأقليات العرقية والدينية في البلاد، في حين يعتقد عدد من ممثليها أن دورهم لن يكون مؤثرا داخل قبة مجلس النواب في ظل هيمنة أحزاب السلطة على المشهد الانتخابي.
وتوزعت نسب تمثيل الأقليات في مجلس النواب العراقي المقبل بواقع خمسة مقاعد للمسيحيين وواحد لكل من الإيزيديين والشبك والصابئة المندائيين والكرد الفيليين، وفقا لقانون الانتخابات.
وسيتنافس المرشحون عن المكون المسيحي على مقاعدهم الخمسة في محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل، فيما يتنافس مرشحو المكون الايزيدي على مقعد واحد في نينوى ومثلهم للشبك أيضا في المحافظة ذاتها.
وخصص معقد الصابئة المندائيين في العاصمة بغداد، والكرد الفيليين في محافظة واسط.
ويمكن لمرشحين من الأقليات أيضا أن يدخلوا مجال التنافس على المقاعد الـ320 المتبقية، لكن على أن يقدموا ترشيحاتهم في هذه الحالة كممثلين للأقليات.
ويقول النائب في البرلمان عن المكون المسيحي، يونادم كنا، إن النسب التي تضمنها قانون الانتخابات غير صحيحة لا تعكس حجم السكان الحقيقي للأقليات في العراق.
ويضيف في حديث لموقع “الحرة” أن “الاختيار لم يكن دقيقا وجاء اعتمادا على الوجود التاريخي والمجتمعي للمكون المسيحي في المناطق المشمولة بنظام الكوتا”.
وانتقد كنا قانون الانتخابات العراقي، الذي أقره البرلمان العام الماضي، باعتباره “يصادر إرادة الناخبين المسيحيين” ويسمح للكتل السياسية المهيمنة على السلطة الاستحواذ على مقاعد الأقليات.
وأشار كنا، الذي يرأس كتلة الرافدين في البرلمان الحالي، إلى أن الكتل البرلمانية لم تستجب لمطالب كل رؤساء الطوائف بضرورة تعديل القانون وبما يسمح بحصول تمثيل حقيقي للمكونات في مجلس النواب المقبل”.
ويرى كنا أن “الكوتا أفرغت من مضمونها، ولن يكون هناك ممثلون للمكونات في البرلمان المقبل وإنما سيكونون ممثلين للقوى الكبيرة والمهيمنة على السلطة”.
ويقول كنا إن هذا “سيعطي فرصا كبيرة لفوز المرشحين المسيحيين المدعومين من أحزاب تملك نفوذا سياسيا في دوائر انتخابية معينة”.
وحصر قانون الانتخابات العراقي حق المنافسة على مقاعد الكوتا بين مرشحي الأقليات فقط، إلا أنه أتاح حق انتخابهم لجميع أبناء الدائرة الانتخابية، سواء كانوا من الأقليات أو غيرها.
ويتفق عضو مجلس عموم الصابئة المندائيين في العراق، تحسين إبراهيم سعيد، مع رؤية النائب يونادم كنا ويتوقع أن تشهد الانتخابات المقبلة “منافسة حامية بين الكتل والأحزاب الكبيرة للاستحواذ على مقاعد الأقليات من خلال دعمهم لمرشحين من مكون معين حتى يضمنوا فوزه وولاءه لهم في المستقبل”.
ويضيف سعيد في حديث لموقع “الحرة” أن القوى الكبيرة الممثلة في البرلمان رفضت طلبا قدمه ممثلو المكونات من أجل تضمين فقرة في قانون الانتخابات تشترط أن يكون حصر تمثيل الأقليات بمرشحين يصادق عليهم من قبل رئاسة الطائفة”.
ويتابع أن “الذهاب لهذا الخيار يعني أننا سنضمن أن المرشحين الفائزين في الانتخابات سيكون ممثلين حقيقيين لطوائفهم ويدافعون عن مصالحها وغير خاضعين لإملاءات القوى الكبيرة”.
وإلى جانب المخاوف المتعلقة بـ”التمثيل الحقيقي للمكونات” تبرز أزمة أخرى لدى الأقليات تتمثل في إلغاء تصويت العراقيين المقيمين في خارج البلاد.
ويقول كنا إن “القرار الذي اتخذته مفوضية الانتخابات أضر بالمكونات على اعتبار أن الكثير من المسيحيين وباقي الأقليات غادروا العراق لأسباب أمنية”.
وتعرضت الأقليات الدينية والعرقية في العراق خلال الأعوام التي أعقبت سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، إلى حملات إبادة جماعية وتهجير نفذتها مجاميع مسلحة متطرفة، حدث أبرزها خلال استيلاء تنظيم داعش على الموصل ومساحات واسعة من الأراضي في العراق عام 2014، وتنفيذ حملة إبادة جماعية ضد الأيزيديين والمسيحيين وأبناء الأقليات الأخرى.
ويقدر عدد المسيحيين في العراق حاليا بنحو 300 ألف نسمة، أي 20 في المئة فحسب من مليون ونصف مليون مسيحي كانوا يعيشون في البلاد قبل عام 2003.
في المقابل، هنالك نحو 400 ألف إلى 500 ألف إيزيدي، نحو نصفهم نازحون منذ عام 2014، وفقا للتقرير الدولي حول الحريات الدينية في العراق 2020 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية.
أما باقي الأقليات فتقدر أعدادهم وفقا للتقرير بنحو 300 ألف إلى 400 ألف للشبك، و10 آلاف إلى 15 ألفا للصابئة المندائيين. وبالنسبة للكرد الفيليين فلا توجد إحصاءات رسمية أو أرقام تقريبية بشأن أعدادهم.
وتعليقا على الشكاوى التي أوردها ممثلو الأقليات بشأن نسب التمثيل وإلغاء انتخابات الخارج، تقول المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي إن نسب التمثيل جاءت وفقا للقانون الذي أقره البرلمان ولا يمكنها تغيير أو تعديل تلك النسب.
وتضيف الغلاي لموقع “الحرة” أن “القانون اشترط أن تكون المقاعد المخصصة من الكوتا للمسيحيين والصابئة المندائيين ضمن دائرة انتخابية واحدة تشمل كل العراق”، مشيرة إلى أن باقي المكونات سيتنافسون ضمن دائرة انتخابية واحدة على مستوى المحافظة التي يحق لهم الترشيح فيها”.
وتابعت الغلاي أن “هذا الإجراء سيسمح للمكونات بالمشاركة في الانتخابات بشكل أكبر وأسهل”.
وبلغ عدد المرشحين من كل الأقليات المشمولة بنظام الكوتا 67 مرشحا، 14 منهم من النساء.
وتعليقا على الغاء الانتخابات في خارج العراق، قالت الغلاي إن المفوضية قررت عدم إجراءها لعدة أسباب من أبرزها الوضع الصحي المرتبط بانتشار فايروس كورونا.
وأوضحت الغلاي أن “حق المكونات بالتمثيل محفوظ من خلال القانون، ولا يمكن لأي جهة أو حزب أن يصادر مقعدهم أو يتجاوز على حقوقهم”، مشيرة إلى أن مفوضية الانتخابات ليس لها علاقة بإرادة الناخب أو مصادرتها من قبل البعض”.
وتابعت أن “هذا الأمر سيكون مرهونا بمدى قدرة مرشحي الأقليات على تثقيف ناخبيهم وتوعيتهم من أجل اقناعهم بالتصويت لصالحهم”.
بالمقابل ينتقد سعد سلوم، المتخصص في شؤون الأقليات العراقية ومؤسس معهد دراسات التنوع الديني في العراق، نظام الكوتا الذي يحدد نسبة معينة من المقاعد للأقليات.
ويقول سلوم في حديث لموقع “الحرة” أن “هذا النظام لا يضمن حصول الأقليات على قوة مؤثرة عندما يتعلق بالتصويت على القرارات الوطنية المهمة والمصيرية”.
ويشير إلى أنه “حتى لو شهدت الانتخابات المقبلة زيادة لعدد مقاعد الأقليات فلن يكن ذلك مهما لأنهم لن يشكلوا سوى نسبة قليلة من عدد مقاعد البرلمان، وسيبقى تمثيلهم رمزيا”.
يرى سلوم أن “الحل يكمن في منح الأقليات حق النقض (الفيتو) في حال رأوا أن بعض القرارات والقوانين تخل أو تحد من حرية المعتقد بالنسبة لتلك الأقليات”.انتهى