التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 4, 2024

ما هو مستقبل المفاوضات بين “إسرائيل” و “حماس” 

في ظل ثبات ووضوح موقف حركة المقاومة الفلسطينيّة “حماس” في قضية تبادل الأسرى مع العدو الصهيونيّ الغاشم، وعقب تلقي مصر رسائل مفاجئة وغير مسبوقة من الكيان لإعادة تحريك ملف صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بعد أن شهدت جموداً خلال الأشهر المنصرمة، بسبب خلافات حول نقاط جوهرية بالصفقة، لم تكن زيارة وفد الحركة إلى القاهرة كسابقاتها من زيارات التفاوض، باعتبارها تستند هذه المرة إلى نتائج معركة “سيف القدس” التي ألحقت هزيمة عسكريّةً ومعنويّة فريدة في جميع الأوساط الإسرائيليّة وأدت بشكل كبير إلى إسقاط حزب “الليكود” وزعيمه نِتنياهو من الحكم، وقد التقى رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، بالمسؤولين المصريين الأمنيين، وعلى رأسهم وزير المخابرات اللواء عباس كامل، حيث تناول البحث ملفاتٍ أهمها تطورات القضية الفلسطينية، ولا سيما أٍلوب كبح سلوك العدو وإجراءاته في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، إضافة إلى قضية الأسرى، وإمكان حدوث عملية تبادل، خاصة بعد عملية تحرر الأسرى الـ6 من سجن “جلبوع”، وكذلك مسألة إعادة الإعمار في قطاع غزة التي يعرقلها الاحتلال، والدور الذي يمكن أن تلعبه القيادة المصريّة من خلال فتح معبر رفح الحدوديّ مع القطاع.

بما أنّ العاصمة الفلسطينيّة القدس هي مركز الصراع مع العدو الصهيونيّ القاتل، بيّن عضو المكتب السياسيّ في حركة حماس، محمد نزال، أنّ محادثات قيادة الحركة مع المسؤولين المصريين المعنيين في القاهرة “تركزت أوّلاً على القدس”، ووفقاً لمحللين فإنّ حماس قدّمت خريطةَ طريقٍ بشأن عملية تبادل الأسرى إضافة إلى الشروط النهائيّة التي وضعتها مسبقاً المقاومة الفلسطينيّة وعلى رأسها حماس لإتمام العمليّة في أسرع وقت ممكن، بعد عرقلة إسرائيلية طويلة لهذا الملف ومساومات فاشلة في الغذاء وإعادة الإعمار.

ومع حدوث اختراق بشأن تثبيت وقف إطلاق النار، وتأكيد وجود تنسيق كامل وتناغم بين فصائل المقاومة بشأن الملفات المتعلقة بقطاع غزة، تشير تقارير إلى أنَّ التهدئة هي بمثابة “استراحةُ مقاتل” وربما تكون محطةً للانطلاق نحو عمليّة التحرير مع وجود بيئةً إقليميّةً تدعو إلى المصالحات في المنطقة، في ظل وجود خلافات كبيرة فيما يخص ترتيب البيت الفلسطينيّ، والتي تكمن في المواقف بين السلطة الفلسطينيّة وحركة “فتح” برئاسة عباس، والفصائل الفلسطينيّة وعلى رأسها “حماس”.

ويشير مراقبون إلى أنّ حصول صفقة لتبادل الأسرى سيؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات، حيث إنّ حكومة العدو العنصريّ قررت تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حماس، وقد فشل التعنت الإسرائيليّ في ربط قضيّة إعادة إعمار قطاع غزة بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى حركة المقاومة الإسلاميّة، والذي أسر 2 منهم خلال الحرب العدوانيّة على غزة صيف عام 2014، و 2 آخرين دخلا غزة في ظروف غامضة، كما فشلت أيضاً تل أبيب في خطتها الرامية لربط السماح بإعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، باستعادة جنودها وأسراها لدى حركة حماس.

وإن التراجع الصهيونيّ عن ربط الملفات لتوفير مناخٍ من التهدئة يُعفيها من ضغط المقاومة عند حدود قطاع غزة، لأنّ لغة التهديد والوعيد الصهيونيّة التي استمرت لأشهر لم تنفعها مع المقاومة والفلسطينيين بالتزامن مع المساعي الصهيونيّة لتدمير حياتهم وعزلهم، عن أراضي بلادهم المحتلة، إضافة إلى المتغيرات العسكريّة الجديدة، التي لقّنت قوات العدو درساً لن تنساه في الفترة الماضية، الشيء الذي دفعها لتغيير مواقفها تجاه تلك القضيّة، حيث كانت مصر متفاجئة من الموقف الصهيونيّ الجديد، وخاصة بعد أن وضع الكيان العصي في دواليب تلك المفاوضات إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومقعدة شلت إتمام الصفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة.

ولا يخفى على أحد أنَّه لو كان لدى العدو الصهيونيّ خيارات أخرى غير التفاوض بشأن الأسرى لكان لجأ إليها، باعتبار أنّ الكيان لا يرتدع إلا عندما يتعلق الأمر بدفع الأثمان، مع تمسك حماس بإبرام صفقة تبادل للأسرى إضافة إلى رفع الحصار بشكل كامل عن غزة وربطها بأوضاع القدس والضفة، والسماح بعملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المطروحة أسماؤهم.

وبالتزامن مع تلك الأحداث، يتم الحديث عن أنّ وفداً من حركة “الجهاد الإسلاميّ” سيزور العاصمة المصريّة قريباً، بناءً على دعوة من الجانب المصريّ، وفي حال صدقت العدو المجرم في تعهداته ولم يضع عقبات جديدة، فمن المتوقع أن تتم الصفقة في أسرع وقت وخلال أشهر قليلة فقط، حيث إنّ السياسة الإسرائيليّة كانت في السابق تدور حول شرط واحد “إما الرضوخ لمطالبنا أو عيشوا تحت أنقاض الأبنيّة التي دمرناها”.

في النهاية، إنّ نجاح صفقة تبادل الأسرى متوقف بالأساس على إرادة العدو الصهيونيّ في حل تلك المسألة، وإنّ حركة “حماس” تدرك جيداً أنّ العدو الصهيونيّ لم يكن في يوم من الأيام واضح في نواياها، ففي بعض الأوقات تتقدم خطوة أو خطوتين للأمام وتتراجع للخلف خطوات عدة، وتهدف من ذلك الأسلوب القذر إلى محاولة الوصول لمعلومات حول جنودها في غزة دون الاضطرار لدفع أيّ ثمن، بينما تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ، أو ربما تحقيق مكاسب سياسيّة فشلت حكومة نتنياهو في تحقيقها خلال مدّة حكمها الطويل.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق