ماذا حل بالاتفاق الاماراتي – الاسرائيلي لنقل النفط
تظاهر مئات من النشطاء الإسرائيليين للأسبوع الثاني على التوالي بأكثر من مدينة إسرائيلية، بينها تل أبيب، رفعوا خلالها شعارات تطالب بإلغاء الاتفاق النفطي مع الإمارات، بدعوى أنه يحوي مخاطر بيئية عديدة وكبيرة على بلادهم.
وقالت وزيرة البيئة الإسرائيلية بهذا الخصوص وأثناء زيارتها معرض إكسبو دبي – الاثنين- إن الصفقة المبرمة بين شركة إسرائيلية وشركاء إماراتيين بخصوص نقل النفط من الخليج إلى أوروبا عبر إسرائيل، لها مخاطر بيئية.
وتقيّم الحكومة الإسرائيلية طلبا إذا وافقت عليه فستتدفق بموجبه ناقلات نفط لترسو في ميناء إيلات، وتفرغ شحناتها لتُنقل بعد ذلك عبر خط أنابيب برية إلى ساحل البحر المتوسط. وتُغضب الصفقة دعاة حماية البيئة في إسرائيل.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وعقب اتفاق تطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي، وقعت شركة حكومية إسرائيلية وأخرى مقرها في الإمارات، مذكرة تفاهم (اتفاقا مبدئيا) لنقل النفط ومنتجاته للأسواق الأوروبية عبر خط أنابيب “إيلات ـ عسقلان”، في إسرائيل.
ولم تصدّق الحكومة الإسرائيلية حتى مساء السبت، على الاتفاق المبدئي.
وأثار هذا المشروع، بحسب مراقبين، نقاشات غير رسمية بمصر، لتأثيره على قناة السويس، التي تعد الشريان الأساسي لنقل النفط عبر العالم.
قالت قناة عبرية إن مئات من الإسرائيليين تظاهروا بهدف المطالبة بإلغاء اتفاق لنقل النفط الإماراتي عبر الأراضي المحتلة.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد نشرت، السبت الماضي، أن عشرات من المنظمات البيئية تتظاهر ضد الاتفاقية التي وقعتها الحكومة الإسرائيلية مع الإمارات، والخاصة بنقل نفط الدول الخليجية بواسطة السفن إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر.
وذكرت القناة العبرية أن من المفترض مرور النفط إلى ميناء إيلات ومنه إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط، عبر خط أنابيب يمر بأراضي “إسرائيل”، ليتم شحنه بعد ذلك إلى أوروبا.
وعزت القناة العبرية سبب تظاهر جمعيات حماية البيئة الإسرائيلية ضد الاتفاق مع الإمارات؛ إلى أن عمليات نقل النفط ستدمر الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، حيث طالب المتظاهرون وزراء الحكومة في بلادهم بالتصويت ضد أي اتفاقات مماثلة مع الإمارات.
يشار إلى أن وزارة حماية البيئة الإسرائيلية قد أرجأت في شهر يوليو الماضي، تنفيذ اتفاق لنقل النفط من الإمارات إلى “إسرائيل”، ما من شأنه تجميد المشروع الذي أثار غضب جمعيات إسرائيلية مدافعة عن البيئة.
وأبرمت شركة أوروبا-آسيا لخطوط الأنابيب -المملوكة للدولة في إسرائيل- الصفقة مع شركة ميد ريد لاند بريدج التي يشترك في ملكيتها مستثمرون إماراتيون وإسرائيليون، العام الماضي بعد تطبيع العلاقات بين البلدين.
وانتقدت شركة أوروبا-آسيا تعليقات الوزيرة، ووصفتها بأنها “شعبوية”، وقالت في بيان إنها تمتثل لجميع الإرشادات واللوائح وملتزمة بحماية البيئة.
وأضافت بأن شركة معتمدة من الوزارة أجرت دراسة استقصائية للمخاطر، ولكن لم يتم الكشف عن نتائجها. وقالت إنها “ستواصل الحوار” مع الوزارة، لكنها حذرت من أن “أي محاولة لتقويض الصفقة “ستضر بشدة الأعمال المستقبلية” بين الشركات الحكومية الإسرائيلية والدولية.
وقد أبرمت الصفقة العام الماضي ضمن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وطرفا الصفقة هما شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية، المملوكة للحكومة الإسرائيلية، ومشروع “MED-RED Land Bridge” الإسرائيلي الإماراتي.
لكن الصفقة أصبحت موضع تساؤل بعد أن فتحت الحكومة الإسرائيلية الجديدة “مراجعة” بشأنها تحت ضغط المنظمات البيئية الإسرائيلية.
وقد أثارت الخطوة غضب المستثمرين، مما يهدد بحدوث خلاف دبلوماسي بين إسرائيل وحلفائها الجدد في المنطقة الخليجية.
وطالبت الجماعات البيئية الإسرائيلية من المحكمة العليا وقف شحنات النفط. وتعهدت وزيرة البيئة الإسرائيلية بإلغاء خط الأنابيب بالكامل.
ومن شأن خط الأنابيب أن يسمح للإمارات بتقليل استخدام مسار قناة السويس الأعلى تكلفة واستهلاكا للوقت.
ولا تزال السرية تحيط بعمليات خط الأنابيب، الذي تم بناؤه أساساً في أواخر ستينيات القرن الماضي ، لكن قرب المسار من مواقع حساسة من الناحيتين البيئية والاستراتيجية معروف جيداً. فميناء “إيلات” يقع بين شواطئ سياحية ومحميات شعب مرجانية. أما الجزء الصحراوي من المسار، فيتضمن محمية طبيعية تضررت عند حدوث انكسار في خط الأنابيب عام 2014. كما أن ميناء عسقلان على البحر المتوسط لا يبعد سوى ميل واحد أو نحو ذلك عن الحدود مع غزة، مما يجعله معرضاً بشكل خاص لنيران صواريخ المقاومة.
ويبدو منطق الإمارات في استخدام خط الأنابيب دبلوماسياً بقدر ما هو تجاري. وعلى غرار الدول الخليجية الأخرى المصدّرة للنفط، يباع معظم الإنتاج الإماراتي إلى آسيا. ولا تأتي مشتريات النفط الإسرائيلية من الإمارات، بل من روسيا ودول منتجة أخرى بما فيها أذربيجان، التي ترسل نفطها عبر خط أنابيب إلى الموانئ التركية للشحن عبر البحر الأبيض المتوسط). وتشير التقارير إلى أن الإمارات ستستخدم مسار “إيلات” لنقل مبيعات منتجات النفط بين الحين والآخر إلى أوروبا، رغم أنه قد يكون من الأسرع إجراء مثل هذه المعاملات التجارية بوسائل أخرى (على سبيل المثال، إرسال ناقلات عبر قناة السويس، أو استخدام “خط أنابيب سوميد”ذو السعة الأعلى بكثير في مصر، الذي يمتد من السويس عبر الصحراء إلى البحر المتوسط).
ويعكس التدخل الأخير من قبل وزارة حماية البيئة الإسرائيلية – التي تتولاها تمار زاندبرغ من حزب “ميريتس” اليساري – قوة اللوبي البيئي في البلاد، حيث تدعم وزيرة الطاقة كارين الحرار ووزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي مثل هذه القضايا أيضاً. وتم سابقاً تقديم احتجاجات بيئية ضد مشاريع الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، رغم أن هذا الوقود قد حلّ محل محطات توليد الطاقة العاملة على الفحم والتي تحدث تلوثاً أكبر بكثير. وفي 23 تموز/يوليو، أعلنت الحكومة الجديدة أنها ستخفض انبعاثات الكربون بنسبة 85 في المائة بحلول عام 2050، مع وضع هدف فوري بنسبة 27 في المائة بحلول عام 2030.
وبصرف النظر عن خط الأنابيب، تحاول الإمارات الاستثمار في حقل الغاز الطبيعي البحري الإسرائيلي “تمار”خلال شراء حصة شركة “ديليك” للحفر البالغة 22 في المائة بقيمة 1.1 مليار دولار. لكن وتيرة إتمام الصفقة كانت بطيئة وستتطلب تمديداً بحلول 31 تموز/يوليو إذا تم المضي قدماً بها. وعلى الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين عزوا التأخير إلى إجراء العناية اللازمة، إلا أن النشرة الإخبارية الإقليمية المعروفة المختصة بالطاقة “ميدل إيست إيكونوميك سرفي” (“ميس”) أشارت إلى أن أبوظبي “أعادت التفكير” في الموضوع عندما اندلع الصراع الأخير في غزة بعد وقت قصير من الإعلان عن الصفقة.
المصدر / الوقت