التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

اعتراف ماكرون بمسؤولية فرنسا عما حدث في ليبيا.. لماذا الآن 

اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخطأ ارتكب في علاقات فرنسا مع منطقة الساحل، مؤكدا أن التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا عام 2011 كان خطأ، وهو ما أدى لاحقا كما هو معروف للإطاحة بمعمر القذافي.

وجاء اعتراف الرئيس الفرنسي خلال مشاركته في اليوم الأخير من القمة الفرنسية الإفريقية، حيث التقى مجموعة شباب من القارة السمراء للحديث عن قضايا مختلفة، بينها الديمقراطية في بلدانهم.

وقال إيمانويل ماكرون: “لم نحترم سيادة أي شعب” وذلك ردا على انتقادات من أحد المشاركين في الحوار الذي أعرب عن أسفه لتعليقاته الأخيرة حول مالي، حيث قال “أود أن أذكر الرئيس أن ما يحدث في منطقة الساحل هو فقط نتيجة لما تم القيام به في ليبيا.. هذا التدخل الذي نسيت خلاله وجود الاتحاد الإفريقي”.

وبخصوص منطقة الساحل وأسئلة الشباب عن مسؤولية فرنسا في تردي الأوضاع الأمنية في المنطقة، قال ماكرون: “لم نتدخل في مالي فقط من أجل مصالحنا العام 2013، مع أنني أتفق معكم تماما حول الملف الليبي، لقد تدخلت فرنسا دون أخذ رأي الشعب الليبي بعين الاعتبار”.

وزعم ماكرون في رده أن الوجود العسكري الفرنسي في الساحل، جاء بناء على طلب الدول المعنية بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وأن فرنسا لا تنوي البقاء هناك بشكل دائم.

وكان الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، قد قرر التدخل العسكري في ليبيا غداة إصدار مجلس الأمن في 17 مارس 2011 قرارا يجيز استخدام القوة ضد القوات الموالية لمعمر القذافي لحماية المدنيين.

وانطلقت عملية عسكرية أطلق عليها آنذاك “هارماتان” في 19 مارس من العام نفسه، واستمرت حتى نهاية الشهر، قبل أن تتولى قوات حلف شمال الأطلسي، المهام العسكرية في ليبيا.

ويولي ماكرون، الملف الليبي، حيزا واسعا من اهتماماته، منذ توليه رئاسة فرنسا، وتمكن بمبادرة شخصية منه، من جمع خليفة حفتر وفائز السراج في 28 يوليو 2017 في باريس للاتفاق على تنظيم انتخابات تشريعية في غضون عام من تاريخه، إلا أنها فشلت بسبب الصراع المسلح واستمرار الانقسام السياسي.

ويتحرك الرئيس الفرنسي، منذ فترة، على جبهات دولية عدة، في محاولات لاستعادة دور فرنسا في المحافل الدولية، بعد أن تراجع هذا الدور في الآونة الأخيرة، وخصوصاً داخل الاتحاد الأوروبي حيث كانت فرنسا تؤدي دورا قياديا الى جانب ألمانيا.

حيث يرى البعض ان تصريحات ماكرون تأتي لاستدراك ما تسببت فيه السياسات الفرنسية والغربية خلال السنوات الماضية والتي أفقدتهم الكثير وأرجعتهم إلى الوراء في ليبيا لصالح تركيا وروسيا، يضاف الى ذلك المواقف المتضاربة بين فرنسا وتركيا في الأزمة الليبية، إذ يؤيّد الرئيس الفرنسي حكومة الجنرال خليفة حفتر، بينما يؤيّد الرئيس التركي الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة. ومن خلال اهتمامه في ليبيا، يسعى ماكرون الى استعادة بعض الدور الفرنسي في شمال أفريقيا الذي يعتبره تاريخياً منطقة نفوذ فرنسية، كما أنه يبغي من ذلك تأمين مصادر بترول قريبة لبلاده.

فليبيا هي الدولة الخامسة عربياً من حيث احتياطيات النفط، وفق التقارير الدورية الصادرة عن منظمة أوبك، ويصل حجم احتياطيها إلى حوالي 50 مليار برميل، كما كشفت التقديرات عن وجود نحو 1.5 تريليون متر مكعب احتياطي من الغاز الطبيعي.

ولا تقف الأهداف الفرنسية في النفط والغاز الليبي عند الحصول على النسبة الأعظم من صادرات النفط الليبي، حيث كانت تحصل قبل الحرب على 17% من هذه الصادرات، ارتفعت بعدها إلى نحو 33% منها، وتستهلك المحروقات في فرنسا نحو 99% من واراداتها من النفط الليبي.

ولكن أيضاً، يبرز هدف آخر، وهو الاستثمارات الضخمة للشركات الفرنسية في قطاعي النفط والغاز في ليبيا، فعلى سبيل المثال تستحوذ شركة توتال من حقوق التنقيب عن النفط على 75% من حقل الجرف، 30% من حقل الشرارة، 24% من حقل قاع مرزوق، 16% من حقل الواحة. كما حصلت “توتال” على 16.33% من شركة الواحة، وهي أهم شركة نفطية في ليبيا.

كما تسعى فرنسا نحو أن تكون لها حصة من عمليات إعادة الإعمار التي يمكن أن تشهدها ليبيا بعد استقرار الأوضاع الأمنية فيها، والتي قدّرت الحكومة الفرنسية في عام 2011 أن ليبيا تحتاج نحو 200 مليار دولار لإعادة الإعمار، بينما قدّرتها الحكومة البريطانية بنحو 320 مليار دولار، وهي أرقام تضاعفت بعد عمليات التخريب والتدمير الشامل التي تعرّضت لها الدولة الليبية خلال السنوات العشر الماضية.

ويزيد من أهمية هذا الهدف التنافس الفرنسي مع تركيا في مشروعات إعادة الإعمار، وخصوصا أن تركيا لها نحو 18 مليار دولار عالقة في ليبيا، فقد كانت قد وقعت مع نظام القذافي استثمارات مشتركة في البنية التحتية بنحو 24 ملياراً. ومع توتر العلاقات الفرنسية التركية على المسرح الليبي، ستكون فرنسا أكثر حرصاً على تعظيم حصتها في عمليات إعادة الإعمار.

وتحاول فرنسا تأمين مصالحها الاقتصادية في دول الساحل والصحراء، والتي تقع على الحدود الجغرافية الليبية، مثل تشاد والنيجر ومالي والجزائر، ففرنسا تسيطر على النسبة الأعظم من عمليات التبادل التجاري مع هذه الدول، كما تهيمن على ثرواتها الطبيعية، مثل اليورانيوم في النيجر والذهب في مالي، بجانب استثماراتها الضخمة في قطاعي النفط والغاز في جنوب الجزائر على الحدود المشتركة بين ليبيا والجزائر.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق