التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

رحلة جهاد الشيخ رائد صلاح 

مددت السلطات الإسرائيلية يوم الأربعاء 18 أغسطس/آب 2021 وبقرار من المحكمة المركزية في بئر السبع العزل الانفرادي بحق رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين الشيخ رائد صلاح حتى نهاية محكوميته. طوال 40 عاما قضى صلاح أحكاما مختلفة في السجون الإسرائيلية، ومنذ عام 2017 وهو ملاحق ضمن ما يعرف بـ”ملف الثوابت”، وتعرض لمحاولتي اغتيال.

ابن “أم الفحم”

ولد رائد صلاح عام 1958 في مدينة أم الفحم (شمال فلسطين المحتلة)، وتلقى مراحل تعليمه الأولى في مدينته أم الفحم، ثم انتقل إلى مدينة الخليل، حيث أنهى تعليمه الجامعي في كلية الشريعة. بدأ الشيخ رائد صلاح (63 عاما) تجربته في العمل السياسي مبكرا وهو على مقاعد الدراسة، وكان حينها فتى يافعا في كلية الشريعة في الخليل، وسرعان ما سطع نجمه بانضمامه للحركة الإسلامية داخل أراضي 48 التي يترأس شقها الشمالي منذ 1996. في عام 1981، سجن رائد صلاح بعد إدانته بالانتماء لمنظمة عسكرية تدعى “أسرة الجهاد” شارك بعضويتها 21 ناشطا، من بينهم مؤسس الحركة الإسلامية في البلاد الشيخ عبد الله نمر درويش، وبعد خروجه وضع تحت الإقامة الجبرية، وكان خلالها ممنوعا من مغادرة المدينة ومن مغادرة بيته خلال الليل، وكان ملزما بإثبات وجوده مرة أو مرتين يوميا في مركز الشرطة. خاض في عام 1989انتخابات رئاسة بلدية أم الفحم عن الحركة الإسلامية، ونجح في تلك الانتخابات بنسبة تفوق 70%، وأصبح رئيسا للبلدية في سن 31 عاما. وفي عام 1993، خاض الانتخابات للمرة الثانية، ونجح بنسبة تزيد على 70% كذلك. منذ انضمامه للحركة الإسلامية عارض الشيخ صلاح المشاركة في انتخابات الكنيست، لذا قاد ونائبه الشيخ كمال خطيب انفصالا عن الحركة الأم بعد اتخاذها قرارا بخوض انتخابات الكنيست عام 1996، فانقسمت لشقين: شمالي بقيادته، وجنوبي بقيادة حماد أبو دعابس. عام 1996، انتخب رئيسا للحركة الإسلامية، ولم تخل تلك الفترة من تقلده رئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية إلى عام 2002، وأصبح كذلك رئيسا لمؤسسة الإغاثة الإنسانية.

تأسيس جمعيات ومؤسسات فلسطينية

عام 1998، عاد ليقود ما عرفت بأحداث الروحة التي اقتحمت خلالها الشرطة الإسرائيلية مدينة أم الفحم وأصابت ما يقارب 600 مواطن، ليعلن في العام نفسه ما سماه مشروع “المجتمع العصامي” الذي يهدف إلى بناء الذات لفلسطينيي الداخل. شرع صلاح في تأسيس مؤسسات منتجة في ميادين التجارة والصناعة والتموين ومراكز ذات نمط مستقل في شؤون الصحة والوقاية. ويهدف المشروع إلى قطع تبعية فلسطينيي الداخل بإسرائيل ومؤسساتها، ويقوم على عدة أركان، منها إحياء الموارد المالية الذاتية، وإنشاء مؤسسة الصدقة الجارية وغيرها من المؤسسات والشركات الزراعية جمعا بين الأرض والقدرات العلمية والمال. وبلغ عدد الجمعيات والمؤسسات التابعة للحركة الإسلامية بعد انتفاضة الأقصى نحو 30 جمعية ومؤسسة تعنى بمجالات شتى، مثل الأمومة والطفولة والطلاب والإغاثة والرياضة والشباب والإعلام والأدب والفن والأبحاث والدراسات والأرض والمقدسات. مثلت تجربة مؤسسة الأقصى للدفاع عن المسجد الأقصى والقدس وبقية المقدسات في فلسطين -التي يترأسها- نموذجا لنجاح مشروع المجتمع العصامي كما رسمه الشيخ رائد على مستوى الإعمار والقيم.

اعتقالات وسجون ومحاولات اغتيال

عام 2000: تعرض لمحاولة اغتيال وأصيب بطلق ناري في رأسه من قبل القوات الإسرائيلية.
عام 2003: اعتقل الشيخ رائد صلاح وبعض رفاقه في الحركة الإسلامية لمدة عامين بعد إدانتهم بتهم “اتصال مع عدو وتبييض أموال” لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبرئ من تهمة الإخلال بالنظام العام لكنه بقي منتظرا مقاضاته في ملفات أخرى مرتبطة بدفاعه عن الأقصى.
عام 2009: منعه الاحتلال من دخول القدس، كما منعه الأردن من دخول أراضيه حيث كان متوجها لأداء العمرة.
عام 2010: حكمت إحدى المحاكم الإسرائيلية بسجنه 9 أشهر.
31 مايو/أيار 2010: تعرض لمحاولة اغتيال إثر وصول أسطول الحرية الهادف لفك الحصار عن قطاع غزة لميناء أسدود، وذلك بعد عملية قرصنة بحرية للقوات الإسرائيلية في المياه الدولية.
8 مايو/أيار 2016: دخل الشيخ رائد السجن لقضاء حكم باعتقاله لمدة 9 أشهر بتهمة التحريض على العنف، وذلك في ملف “خطبة وادي الجوز”.
مايو/أيار 2016: حذر رئيس الحركة الإسلامية قبيل دخول سجنه من محاولة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية “تصفية” مجموعة كبيرة من القيادات العربية الناشطة، بزعم “محاربة الإرهاب”، وعبر نائبه، الشيخ كمال الخطيب، عن مخاوف من “تصفية” الاحتلال للشيخ رائد صلاح في سجنه.
17 يناير/كانون الثاني 2017: أطلق سراحه وأنزلته دورية تابعة لسلطة السجون الإسرائيلية على قارعة الطريق بصحراء النقب قرب بلدة يهودية، وهو ما وصفه الشيخ صلاح بأنه شبيه بنهج العصابات في الإفراج عن مختطفيها.
المؤسسة الإسرائيلية تصدر أوامر بمنعه من مغادرة البلاد ومن دخول المسجد الأقصى والقدس المحتلة، وأوصت بتقديم لائحة اتهام ضده بزعم التحريض على “الإرهاب” وترؤسه منظمة محظورة.
اتفاق أوسلو

عبر عن رفضه اتفاق أوسلو واعتبره ضربة ثقيلة للقدس والمسجد الأقصى، وأنه أعطى فرصة أطول لتهويد القدس. واعتبر أحداث الاقتتال الداخلي في غزة نذيرا لسلب المسجد الأقصى ودفعا للمؤسسة الإسرائيلية إلى التكالب عليه لتنفيذ كل خططها. على مستوى الداخل الإسرائيلي، رفض التدخل في الشؤون الدينية للمسلمين والمسيحيين من طرف الإسرائيليين، وذلك حين أثيرت مسألة القرار الذي اتخذته لجنة القانون والدستور في الكنيست عام 2001 بتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي أبقى النظر في قضايا الزواج والطلاق في المحاكم الشرعية والكنيست، في حين سمح بالتوجه إلى المحاكم المدنية في مسائل النفقة والحضانة والتبني وغيرها، واعتبره فرضا للإكراه الديني على المسلمين.

في عام 2013م نال الشيخ رائد صلاح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، نظراً لجهوده الكبيرة في خدمة المسجد الأقصى المبارك ودعم صمود أهله، وإحباط كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتهويده وإفراغه من المصلين.

خمسة عقود والشيخ رائد صلاح يقود جهود الدفاع عن فلسطينيي الداخل المحتل، ويحمل لواء المسجد الأقصى المبارك، رغم تخاذل القريب وتآمر البعيد، وبين الاعتقال والمطاردة والإقامة الجبرية والحرمان من الصلاة في الأقصى، وصولاً لمحاولات الاغتيال. لم يتوقف الشيخ رائد صلاح عن جهوده الرائدة في خدمة المسجد الأقصى والمقدسات وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ليسجل بذلك اسمه كأيقونة للثورة الفلسطينية في وجه أبشع احتلال عرفه التاريخ المعاصر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق