دون ملاحقات.. انتهاء تحقيق بريطاني في جرائم حرب بالعراق
اتصل أكثر من 400 سجين عراقي في السنوات الأخيرة بالمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، ومكتب المحاماة “بابلك انترست لويرز”، مستنكرين تعرضهم لـ “انتهاكات خطرة وعمليات إذلال على أيدي جنود بريطانيين” من الاغتصاب والتعذيب حتى الإعدام الوهمي وغيرها من الفظائع.
ووجد محققون بريطانيون أدلة جديدة وصفت “بالموثوقة” تفيد بارتكاب جرائم حرب نفذها جنود بريطانيون في العراق وأفغانستان، بحسب تحقيق صحفي قامت به كل من هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وصحيفة “صنداي تايمز” مع 11 من المحققين البريطانيين العاملين على القضية. وبحسب المحققين “ليست لدى وزارة الدفاع النية لمقاضاة أي عسكري مهما كانت رتبته، بل يحاولون التملص من التهم قدر المستطاع” مؤكدة على أنها نفذت عملياتها “وفق القانون” مشيرة إلى أنها قامت بإجراء تدقيق واسع حول تلك المزاعم. لكن المحققون يشددون على ضرورة محاكة بعض الجنود بتهمة “القتل العمد” مؤكدين أنه تم منعهم من استكمال التحقيقات لتحويل الجنود المتهمين إلى المحكمة، مشيرين إلى تورط وزارة الدفاع البريطانية بالتعاون مع كبار الضباط في عمليات التستر على “القتل والتعذيب غير القانوني”. وقال محقق سابق إن ضحايا جرائم الحرب قد شعروا بخذلان كبير “أنا أستخدم كلمة مثيرة للاشمئزاز… وأشعر بالعائلات لأنهم لا يحصلون على العدالة.. كيف يمكن أن تتمالك نفسك كشخص بريطاني؟” ومن الحالات النادرة التي يتم التحقيق فيها هي حادثة إطلاق جندي بريطاني النار على شرطي عراقي كان يقوم بدورية اعتيادية في البصرة عام 2003.
وبين هذه الجرائم التي ارتكبت، حسب “تايمز”، على أيدي عناصر من القوة الجوية الخاصة البريطانية SAS وكتيبة “بلاك ووتش” الإسكتلندية، جرائم قتل وتعذيب وإساءة جنسية بحق سجناء، بالإضافة إلى فبركة وثائق قد تهدد ضباطا رفيعي المستوى بالملاحقة القضائية.
ويركز التحقيق على ثلاثة حوادث، وهي:
قتل ثلاثة أطفال وشاب بالرصاص في الرأس داخل منزلهم بأفغانستان في شهر أكتوبر 2012، على أيدي جندي من SAS، ورغم إحالة هذا الجندي وضباط أرفع مستوى في وحدته إلى النيابة العسكرية، لم يتخذ بحقهم أي إجراء.
اعتداءات واسعة النطاق بحق الأسرى في معسكر “كامب ستيفن” في مدينة البصرة العراقية في صيف 2003 أسفرت عن وفاة اثنين من هؤلاء على الأقل.
مقتل الشرطي العراقي، رائد الموسوي، برصاص جندي بريطاني في البصرة شهر أغسطس 2003. وخلص التحقيق إلى أن ضباطا رفيعي المستوى في الجيش تستروا على القضية وألقوا اللوم على الضحية، باستغلال جندي آخر أعلن بعد سنوات أن اعترافاته تمت فبركتها بالكامل دون معرفته.
وجمع المحققون العسكريون ضمن إطار تحقيقين واسعي النطاق في جرائم حرب اقترفت خلال مشاركة الجيش البريطاني في عمليات بالعراق وأفغانستان، جمعوا إفادات من آلاف العسكريين وشهود العيان، غير أن وزير الدفاع البريطاني السابق، مايكل فالون قرر عام 2017 تعليق التحقيقين قبل إحالة هذه الحقائق إلى القضاء. وأعرب أحد المحققين، حسب “تايمز”، عن أسفه إزاء وضع الحكومة تلك الأدلة جانبا لدواع سياسية، مؤكدا أن وزارة الدفاع كانت تمارس ضغوطا متزايدة على المحققين لإجبارهم على تعليق التحقيق في أسرع وقت ممكن.
وأعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس، انتهاء التحقيق المستقل في شكاوى ضد عسكريين بريطانيين متهمين بارتكاب جرائم حرب بالعراق بين عامي 2003 و2009. وقال الوزير في رسالة إلى البرلمان، إن الجهاز المسؤول عن التحقيق المستقل، الذي اطلع على 1291 ادعاء منذ يوليو/تموز 2017 “أغلق أبوابه رسميا، ولكن بدون ملاحقات”. وأضاف: رغم توجيه 178 تهمة والتحقيق فيها عبر 55 آلية منفصلة، لم تتم في النهاية مقاضاة أي جندي، وتمت إحالة خمسة أشخاص إلى النيابة عام 2019، لكن لم يتم توجيه أي تهمة إليهم، مشيرا إلى “التحدي الكبير” في مصداقية التهم الموجهة إليهم. وأضاف في بعض الحالات لم تسفر التحقيقات التي أجرتها الشرطة العسكرية “في ظل ظروف صعبة في ساحة المعركة” عن “الحصول على كل الأدلة المطلوبة، ما يعني أن فرص محاسبة المسؤولين قد تكون ضاعت”.
وشارك الجيش البريطاني في غزو العراق عام 2003 ضمن تحالف قادته الولايات المتحدة، وأبقت لندن بعد ذلك قوات في البلاد.
واتصل أكثر من 400 سجين عراقي في السنوات الأخيرة بالمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، ومكتب المحاماة “بابلك انترست لويرز”، مستنكرين تعرضهم لـ “انتهاكات خطرة وعمليات إذلال على أيدي جنود بريطانيين” من الاغتصاب والتعذيب حتى الإعدام الوهمي وغيرها من الفظائع.
وقال وزير الدفاع البريطاني إن “الغالبية العظمى من أكثر من 140 ألف عنصر من قواتنا المسلحة الذين خدموا في العراق قاموا بذلك بشكل مشرف”، لكن “من الواضح للأسف أن حوادث مروعة ومخزية وقعت في العراق”. وأشار بن والاس إلى “أربع إدانات لعسكريين بريطانيين” جاءت قبل عمل اللجنة المستقلة، مضيفا أن الحكومة “شجبت واستنكرت كل هذه الحوادث” وأعربت عن “اعتذاراتها بلا تحفظ لكل من تعرضوا إلى معاملة غير مقبولة من القوات البريطانية”.
وكانت وزارة الدفاع أعلنت عام 2012 أنها دفعت 15,1 مليون جنيه إسترليني لأكثر من 200 عراقي اتهموا عسكريين بريطانيين بالاعتقال غير القانوني والتعذيب.
المصدر/ الوقت