التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

بعد خروجه عن صمته.. لماذا يسعى الإعلام السعوديّ لتشويه سمعة سعد الجبري 

في ظل الفضائح المستمرة التي تطال ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، وبالأخص حول تعرض العديد من المعارضين والناشطين السعوديين في الخارج لمحاولات اغتيال أو اختطاف أو تشويه سمعة من قبل أشخاص تابعين لولي العهد، تحدثت مواقع إخباريّة عن استنفار بن سلمان وأدواته الإعلامية والذباب الالكترونيّ (حسابات وهميّة لتغيير الرأي العام أو التأثير عليه)، قبيل المقابلة التلفزيونيّة للمسؤول الاستخباريّ السابق، سعد الجبري المقرر عرضها الأحد، والذي تعرض لمحاولة اختطاف من ابن سلمان عبر ما تعرف بـ “فرقة النمر” المسؤولة عن العمليات الإجراميّة في الخارج مثل كندا والنرويج وألمانيا.

بشكل دائم ومتواصل، تطلعنا الصحافة العربيّة و الغربيّة على فضائح جديدة مرتبطة بما يسميه السعوديون الانقلابيّ محمد بن سلمان، ومؤخراً ذكرت وسائل إعلاميّة نقلاً عن مصادر سعوديّة أنّ تعليمات صدرت من بان سلمان بشن هجوم استباقيّ على الجبري لتشويه وإنكار أيّ حقائق سيعلنها ضد ولي العهد، عقب إرساله فريقاً خاصاً لاغتيال ضابط الاستخبارات الذي تقدم في وقت سابق بشكوى قضائية لدى محكمة أمريكيّة، اتهم فيها محمد بن سلمان بمحاولة اغتياله في كندا، التي لجأ إليها قبل ثلاث سنوات هرباً من بطش ولي العهد السعودي أو ما يعرف عربيّاً وحتى دوليّاً بـ “قاتل خاشقجي”، حيث أصدرت السلطات السعوديّة بياناً وصفت فيه الجبري بأنه “فاقد للمصداقيّة”.

وقبل عرض اللقاء التلفزيونيّ المرتقب مع الجبري في برنامج “60 دقيقة” التحقيقيّ الأمريكيّ، والذي يُعرض على قناة CBS الأحد 24 أكتوبر/ تشرين الأول، نُشر مقطع دعائيّ قصير أظهر أن الجبري سيتحدث في المقابلة عن تفاصيل حول اتهاماته للسلطات السعوديّة بمحاولة اغتياله كما تم اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، حيث إنّ محمد بن سلمان يسعى جاهداً للخروج من الأزمات الداخليّة والخارجيّة خاصة على المستوى السياسيّ، لكنه كالعالق في الرمال كلما تحرك أكثر كلما انغمس في أعماق شروره، ليصبح هروب ولي العهد السعوديّ من قضايا تصفية منافسيه واعتقال أفراد عائلاتهم داخل البلاد أمراً مستحيلاً.

ومن ينسى تصريحات نجل اللواء السابق في الداخلية السعودية، “سعد الجبري”، قبل أشهر، والتي أشار فيها إلى أنَّ اثنين من أشقائه في السعودية قد أصبحا رهن الاعتقال، مبيناً أنَّ الفدية المطلوبة لإطلاق سراحهما من قبل السلطات السعودية هي “عودة والده” المقيم في كندا إلى السعودية، حيث إنّ سفارة النظام السعوديّ في واشنطن أشارت إلى إن الجبري “مسؤول حكومي سابق، فاقد للمصداقية، وله تاريخ طويل من التلفيق ومحاولات التشتيت لإخفاء الجرائم الماليّة التي ارتكبها والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لتوفير أسلوب حياة مُسرفاً لنفسه ولأسرته”، وذلك لإلصاق التهم على المعارض الشهير وأقربائه.

وبعد أن قرر الجبري كسر صمته عقب فشل محاولاته على مدار 4 سنوات في إطلاق سراح طفليه عمر وسارة من بلاد الحرمين، رغم تأكيد نجله خالد عبر حسابه على تويتر، أنّ محمد بن سلمان أخذ سارة وعمر كرهائن لابتزاز والده في اليوم الأول من توليه ولاية العهد، قائلاً “بعد 4 سنوات من فشل كافة المحاولات لتأمين حريتهم، والدي يكسر صمته الأحد المقبل في برنامج 60 دقيقة”.

وفي الوقت الذي يدعي فيه محمد بن سلمان أو الحاكم الفعلي للبلاد، أنّ الجبري يحاول التغطية على جرائم تتعلق بسوء إنفاق أو سرقة نحو 11 مليار دولار من الأموال الحكوميّة، يقاضي الجبري ولي العهد السعودي بموجب ما يعرف بقانون حماية الأجانب من الضرر وقانون حماية ضحايا التعذيب، اللذين يسمحان للأجانب بالتقدم بدعاوى قضائيّة في المحاكم المدنية الأمريكيّة متعلقة بانتهاك حقوق الإنسان.

وإنّ المسؤول الأمنيّ البارز وخبير الذكاء الاصطناعي، سعد الجبري، يخرج عن صمته بعد أن نفّذ محمد بن سلمان انقلاباً بمباركة والده، وخلع الأمير محمد بن نايف ومن عملوا معه ليصبح هو ولي العهد عام 2017، ليكشف الجبري عن حالة “جنون العظمة”، التي أصابت بن سلمان، لمحاولة الحفاظ على السلطة، وقد لعب الجبري لعب دوراً محورياً في الكثير من الملفات الأمنيّة الحساسة في المنطقة، من بينها محاربة تنظيم القاعدة بالإضافة إلى حماية منشآت النفط السعودية، وكان على تواصل مع وكالة المخابرات المركزيّة الأمريكيّة حول العراق وسوريا وإيران واليمن، وطوال سنوات عمله كان وسيطاً رئيساً بين جهاز المخابرات البريطاني ّ”إم اي 6” ووكالات تجسس غربية أخرى في السعودية.

إضافة إلى ذلك، فإنّ جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، شكلت “حلم الرعب” الذي يتكرر كل ليلة بالنسبة لولي العهد السعودي، والجبري المُهدد بحياته يمتلك “معلومات دامغة” تضر بمحمد بن سلمان، حيث بيّنت معلومات كثيرة أنّ الأخير أشرف على فريق من المرتزقة يحمل اسم “فرقة النمر”، وعناصرها متورطون في قتل الصحفي المعارض داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وكانت تخطط قبل أسبوعين على مقتل خاشقجي، بالسفر إلى كندا بهدف تصفيته، لكنّ عناصر حرس الحدود الكندية “سرعان ما اشتبهوا بهم” ورفضوا دخولهم بعد استجوابهم، وفق المسؤول السعوديّ البارز.

ولا يخفى على أحد أنّ الجبري كان بمثابة اليد اليمنى للأمير محمد بن نايف، الذي كان له الفضل على نطاق واسع في هزيمة تمرّد تنظيم القاعدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكان العمود الفقريّ في كل علاقات السعودية مع وكالات “العيون الخمس” للاستخبارات، التي تضمّ أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، فيما بيّن نجل الجبري في وقت سابق، أنَّ “علاقة والده القريبة مع الإخوان المسلمين، دفعت الحكومة السعودية للتعامل معه بشك بصورة متواصلة”، ولفت حينها إلى أن قراره في الاتصال مع وسائل الإعلام سيغضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومجموعته.

ومن المعروف أنّ محمد بن سلمان قد استغل انشغال الرأيّ العام السعوديّ والعالميّ بأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وتفرغ إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، إضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار، فيما لم تستثنِ الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم.

في الختام، تؤكّد الأنباء القادمة من بلاد الحرمين الشريفين التي يسيطر عليها آل سعود، أنّ الوضع السياسي سيتأزم بشكل أكبر في البلاد على المستوى القريب والبعيد، نتيجة لاستماتة ولي العهد السعودي لتصفية واقتلاع جذور معارضيه، حفاظاً على عرشه المتهالك، وقد وصل به الحال سابقاً إلى تقطيع معارضيه كما تقول بعض التقارير، وتهديد أرواح عائلاتهم وأطفالهم داخل البلاد، لإجبارهم على الخضوع لسياساته الرعناء المتهورة التي ستودي به قبل أي أحد إلى الهلاك كما تقول الوقائع.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق