البيئة… الضحية الكبرى لاعتداءات الصهاينة على فلسطين
قال محمد اشتية، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، خلال لقاء مع القنصل العام البريطاني “ديان كورنر” بالقدس، إن “الکيان الصهيوني حرم الفلسطينيين من ثرواتهم الطبيعية”.
وبحسب تقرير العربي الجديد، أضاف أن الکيان الصهيوني حوَّل الأراضي الفلسطينية إلى مكبات نفايات لمواده الصلبة والكيميائية والإلكترونية. وتابع أن “الکيان يقتلع الأشجار الفلسطينية ويمهد الطريق لبناء مستوطنات صهيونية جديدة”.
وشدد اشتية على أن “التحدي الأكبر الذي يواجه البيئة الفلسطينية، هو بناء المستوطنات ومخلفاتها. ليس لفلسطين دور في التلوث البيولوجي في العالم، بل على العكس من ذلك، فإن کيان الاحتلال يلوث بيئتنا”.
بحسب التقارير، يعيش حوالي 650 ألف صهيوني في 164 مستوطنة و 124 مركزًا استيطانيًا في الضفة الغربية والقدس.
وكشف تقرير قانوني للأمم المتحدة، مؤخرًا، أن الکيان الصهيوني انتهك حقوق الشعب الفلسطيني في المياه والزراعة في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس.
وفي تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إن هناك أدلةً قويةً على أن الکيان الصهيوني قد اعتدی على موارد المياه والزراعة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
ويشير التقرير إلى أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية عمقت مشكلة تشتيت الأراضي الفلسطينية، وقيّدت من الوصول إلى مصادر مياه الشرب الآمنة والصحية.
البيئة هي الضحية الجديدة للصهاينة
لا يسمح الکيان الصهيوني بالإعلان عن نتائج تجارب الدول الغربية حول أسباب تلوث التربة في قطاع غزة.
وبحسب التقرير، بعد الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، تم الكشف عن دلائل على تلوث التربة في هذه المنطقة من فلسطين. ونتيجةً لذلك، قامت بعض الدول الأوروبية بإجراء تجارب على تربة قطاع غزة بأخذ عينات منها، لكن حتى الآن منعت تل أبيب الإعلان عن نتائج هذه التجارب، لأنها تسعى إلى إبقاء جرائمها في فلسطين طي الكتمان.
وفي هذا الصدد، قال مراسل قناة الميادين أحمد شلدان، في تقرير له، إن العدوان الإسرائيلي على فلسطين ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، بل إنه حتى الأشجار والأراضي الزراعية لم تسلم من التأثير المباشر وغير المباشر للاعتداءات الإسرائيلية، لدرجة أن الآثار الكارثية لهذا التلوث قد أثرت أيضًا على حياة سكان هذه المنطقة.
کذلك، تحولت العديد من الأراضي الزراعية التي استهدفتها إسرائيل في قطاع غزة إلى أراضٍ قاحلة وصحراوية. وبحسب وزارة الزراعة في قطاع غزة، فإن أحد الأدلة على تلوث التربة في هذه المنطقة، هو تعرض الماشية لهذا التلوث وحتى موت تلك الحيوانات التي تتغذى على الحشائش التي تنمو على هذه الأراضي. كما تم الحصول على نتائج علمية أيضًا، لكن المحتلين منعوا حتى الآن الكشف عن هذه النتائج.
بدوره يقول نزار وحيدي مدير عام وزارة الزراعة في قطاع غزة: “كل الدول التي أخذت عينات من تربة قطاع غزة، لا تزودنا بنتائج الاختبارات، ويبدو أن اللوبي الصهيوني يمنعها من التعبير عن الحقائق العلمية بالضغط على هذه الدول. نسعى للوصول إلی نتائج هذه الاختبارات ودراسة عملية منع هذه الأضرار”.
ملايين الأمتار المربعة من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية لقطاع غزة لم يعد من الممكن زراعتها بسبب ارتفاع مستويات التلوث الإشعاعي، وهذا المستوى من التلوث أعلى بـ 30 مرة من المعدل الطبيعي، کما أن هناك مخاوف من أن تلوث الأراضي الزراعية سينتقل إلى البشر على المدى الطويل.
الكيان الصهيوني يواصل تدمير البيئة الفلسطينية
صرح مسؤول فلسطيني قبل عدة سنوات أن الکيان الصهيوني سيستمر في تدمير البيئة الفلسطينية، من خلال الاستمرار في بناء المستوطنات وبناء الجدار الحائل والقيام بعمليات عسكرية.
وکانت رئيسة “سلطة جودة البيئة” في السلطة الفلسطينية “عدالة الأتيرة”، وعلى هامش الاجتماع الرابع لمجلس الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي، عاصمة كينيا، الذي عقد في مارس 2018، قد أعلنت أن الکيان الصهيوني على وشك التدمير الكامل للبيئة الفلسطينية، من خلال استمرار البناء الاستيطاني غير القانوني وبناء الجدار الحائل والعمليات العسكرية في الأراضي المحتلة.
وتابعت أن “الجيش الصهيوني حوَّل العديد من المزارع إلى ميادين عمليات عسكرية”، وشددت على أن “السلطة الفلسطينية ملتزمة بمراعاة الإنتاج والاستهلاك المستدامين، ولن تدخر جهداً للحفاظ على بيئة الوطن الأم”.
لا تزال هناك كومة من القمامة بجوار خزان الصرف الصحي غير المعالج في بيت لحم، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة الفلسطينيين.
الکيان الإسرائيلي، الذي يحاصر غزة منذ 15 عامًا، يبذل قصارى جهده لجعل الظروف المعيشية أكثر صعوبةً بالنسبة للفلسطينيين، ويستخدم التلوث البيئي كسلاح للقتال.
عند نسيم الصباح وغروب الشمس في غزة التي تقع على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، تنتشر الرائحة الكريهة لهذه القمامة في جميع أنحاء المدينة، وتسبب زيادةً في البعوض والحشرات.
لا تنشر هذه النفايات الهوام والفأر في جميع أنحاء المدينة فحسب، بل تتسبب أيضًا في الكثير من التلوث. کما أن مياه الصرف الصحي الملوثة في هذه المنطقة لا تلوث المياه الجوفية فحسب، بل تلوث أيضًا مياه الشرب في هذه المنطقة.
وقال رئيس بلدية بيت لاهيا “عز الدين الدحنون” في تصريح للأناضول، إن “إسرائيل تعرقل حل هذه المشاكل في قطاع غزة. والموارد البلدية محدودة للغاية، وقد دمر الحصار الإسرائيلي جميع السبل لمواجهة هذا التهديد الصحي الكبير”.
وأضاف: “بسبب نقص المرافق، نقوم بنقل النفايات إلى منطقة جحر الديك وسط غزة. حتى شاحنات القمامة متهالكة للغاية. کما لم تسمح إسرائيل بدخول الشاحنات وقطع الغيار الجديدة منذ عام 2007، لذا لم يتم إصلاح الماكينات وتراكم أكثر من 120 طنًا من النفايات الصلبة في شمال شرق بيت لاهيا”.
وأوضح الدحنون: “النفايات السامة تسبب تلوثًا بيئيًا وتسممًا بالمياه الجوفية. ويعدّ ضخ المياه العادمة غير المعالجة في مدافن النفايات، سببًا آخر للتلوث البيئي. وعلى الرغم من وجود نظام تكرير المياه في غزة، إلا أنه غالبًا لا يعمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي في الأراضي المحتلة”.
وقال المسؤول الفلسطيني: “بيت لاهيا لها أراضٍ خصبة وتُعرف بأنها مخزن للفاكهة والخضار في قطاع غزة، لکن هذه المنطقة هي الأكثر تضرراً من التلوث البيئي”.
لا تقتصر أسباب تلوث البيئة في قطاع غزة على الصرف الصحي والنفايات الصلبة. حيث نفذ الکيان الإسرائيلي ثلاث هجمات واسعة النطاق على غزة بين عامي 2008 و 2014، استخدم خلالها آلاف الأطنان من المتفجرات، ودمر الجيش الإسرائيلي الأراضي الزراعية.
کما قام الجيش الإسرائيلي بقطع آلاف الأشجار المثمرة، مما أدى إلى تدمير الطبيعة في المنطقة. وفي هجماته الثلاث الأخيرة، ألقی الکيان الإسرائيلي قنابل تحتوي على مواد مشعة تلوث التربة. وقد تم إثبات هذا الإجراء عن طريق إرسال عينات من التربة إلى المعامل الأجنبية.
في السياق نفسه، أشار مدير عام حماية البيئة في السلطة الفلسطينية “بهاء الأغا”، إلی أن الکيان الإسرائيلي نفذ هجمات على غزة في أعوام 2008 و 2012 و 2014، باستخدام حوالي 3000 طن من الذخيرة والصواريخ، مما أدى إلى تلويث التربة والبيئة والمياه الجوفية.
يُذکر أنه خلال هجوم الجيش الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة، تم تدمير أكثر من 34500 هكتار من الأراضي الزراعية، وقطع حوالي 280 ألف شجرة.
وأشار بهاء الأغا إلى أنه تم إنشاء أكثر من 3500 حفرة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية ونيران المدفعية على مزارع في قطاع غزة، قائلاً “هذه الحفر عادةً ما تكون ملوثةً بمواد كيميائية خطيرة، وتتغلغل في عمق الأرض عند المطر وتتلف المياه الجوفية”.
كما لا يسمح الجيش الإسرائيلي للمزارعين الفلسطينيين بالزراعة في الأراضي القريبة من الحدود، بينما تشكل هذه الأراضي أكثر من خمسة بالمائة من مساحة قطاع غزة البالغة 365 كيلومترًا مربعًا.
وفي الهجوم الأخير على غزة، دمر الکيان الإسرائيلي 12 ألف مبنى، وأدت أنقاض هذه المباني إلى تلويث المياه الجوفية في المنطقة عند سقوط الأمطار. ووفقًا لمكتب الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع تلوث المياه الجوفية في غزة إلى أكثر من 98 بالمائة.
يحتاج قطاع غزة إلى 200 مليون متر مكعب على الأقل من المياه سنويًا، وتواجه هذه المنطقة نقصًا في المياه يبلغ 110 ملايين متر مكعب. ووفقًا لتقرير للأمم المتحدة صدر في عام 2017، سوف يجف المصدر الوحيد لإمدادات المياه في غزة، أي المياه الجوفية، على المدى القصير.
کما تسبب استهداف ثمانية مراكز لضخ المياه ومحطة لمعالجة المياه في غزة من قبل الکيان الإسرائيلي في عام 2014، في أزمة مياه لـ 700 ألف من سكان غزة. وبحسب الأمم المتحدة، أدى تدمير البنية التحتية في قطاع غزة في عام 2014 إلى تلوث البيئة أيضًا.
کذلك، يشير التقرير إلى أن 70 بالمائة من مراكز إمدادات المياه وتنقيتها في قطاع غزة، إما دمرت في هجمات إسرائيلية مباشرة أو أنها غير قادرة حاليًا على تقديم الخدمات، بسبب الاستهداف الإسرائيلي لمحطة الكهرباء.
وشددت الأمم المتحدة في تقريرها لعام 2015، على أن قطاع غزة لن يكون مكانًا جيدًا للعيش حتى عام 2020، بسبب التلوث البيئي والمشاكل الاقتصادية.
جدير بالذكر أن الکيان الصهيوني يحاصر قطاع غزة، الذي يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة، منذ عام 2006 براً وبحراً وجواً.
المصدر/ الوقت