التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

بروكسل تطلق رصاصة الرحمة علی آمال تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي 

يبدو أن قصة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتي شهدت عقوداً من الخلافات والمفاوضات بين أنقرة وبروكسل، قد اتخذت طابعًا مشابهًا لطبيعة أسطورة سيزيف، المقتبسة من المقالة الفلسفية لـ ألبير كامو، الفيلسوف الشهير في القرن العشرين.

في كل مرة يبدو أن لغز عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي على وشك الانتهاء، تفشل كل المحاولات وتتعطل العملية.

وفي هذا الصدد، يؤكد البيان الجديد للمفوضية الأوروبية، الذي يعلق محادثات عضوية تركيا مع الاتحاد الأوروبي، عدم جدوى جهود تركيا وأردوغان للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

لقد أصبح انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي عملاً عبثياً وبعيد المنال، مما ترك الحكام الأتراك يفقدون الدافع بشأن هذا الأمر. لكن في الوضع الحالي الذي يمر فيه رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية بأصعب أيامهما منذ الوصول إلى السلطة في السنوات التي تلت عام 2002، لا يبدو أن القرار الأوروبي هو محض صدفة.

لذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا علقت المفوضية الأوروبية مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، على الأقل طالما ظل أردوغان في منصبه؟

إغلاق نافذة أوروبا على أنقرة ونقطة على السطر

في 19 أكتوبر 2021، أعلنت المفوضية الأوروبية في بيان تعليق محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي رسميًا.

وقال البيان إنه في ظل حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تم تقويض الديمقراطية وسيادة القانون بشكل مستمر، وتم تجاهل توصيات الاتحاد الأوروبي العام الماضي.

على الرغم من أنه في الربيع الماضي وبالتزامن مع جهود الطرفين لتحسين العلاقات، شدد أردوغان على العضوية الكاملة لهذا البلد الشرق أوسطي في الاتحاد الأوروبي، لکن أنقرة لم تعد جادةً بشأن الإصلاحات التي تدعمها بروكسل.

كما انتقد بيان المفوضية الأوروبية عدم الفصل بين السلطات، وتحدث عن قلق الاتحاد الأوروبي بشأن استمرار تدهور الديمقراطية وسيادة القانون والحقوق الدستورية واستقلال القضاء.

على الرغم من أن الحكومة التركية ردت على هذا البيان من خلال وصفه بأنه “نهج ازدواجية المعايير” للاتحاد الأوروبي، ورفضت “المزاعم التي لا أساس لها والنقد غير العادل”، واتهمت بروكسل بالفشل في الوفاء بالتزاماتها تجاه تركيا، لكن حقيقة الأمر هي أنه يجب اعتبار القرار الأوروبي الجديد نهايةً لمفاوضات الاتحاد الأوروبي مع حكومة أردوغان.

وبتعبير أدق، إن الإشارة المباشرة إلى أردوغان باعتباره السبب الرئيسي لأوضاع حقوق الإنسان وعدم الفصل بين السلطات وزعزعة الأمن في غرب آسيا، هي تأکيد من قبل بروكسل على التخلي عن التسوية مع أنقرة حتى عام 2023 على الأقل؛ أي حتى الجولة الجديدة من الانتخابات الرئاسية في تركيا.

في السنوات التي أعقبت عام 2005، عندما عزز حزب العدالة والتنمية تدريجياً قاعدة قوته في تركيا، وضع أردوغان على جدول أعماله نهج المفاوضات المكثفة مع بروكسل للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، متأثراً بأفكار واستراتيجيات أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي آنذاك ووزير الخارجية الأسبق، الذي كان يُعتبر في ذلك الوقت مستشارًا للسياسة الخارجية لرئيس الوزراء(أردوغان).

وفقًا لاستراتيجية داود أوغلو، أجرت تركيا إصلاحات سياسية واقتصادية، بل ووضعت على جدول الأعمال سياسة حل قضايا الأكراد والإسلاميين؛ وكان المثال الواضح لذلك هو المفاوضات بين جهاز المخابرات والأمن التركي(MIT) وحزب العمال الكردستاني في السنوات التي تلت عام 2009، وبداية عملية المصالحة بينهما في عام 2013.

على الرغم من وجود اتجاه إيجابي في المفاوضات بين الجانبين الترکي والأوروبي في السنوات الأولى، ولكن في عام 2016، وبعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016، تميل العلاقات بين أنقرة وبروكسل إلى التوتر أكثر فأکثر.

في الوضع الحالي، أصبحت سياسات تركيا بقيادة أردوغان أحد تحديات هذا الاتحاد، والآن يبدو أن بروكسل لن تجري أي محادثات جادة بشأن انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، حتى نهاية حكم أردوغان على الأقل.

تعديل عديم الجدوى لرؤية “التحوُّل شرقاً” من قبل أردوغان

وضع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سياسة التقارب مع الشرق على جدول الأعمال، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، والتي كانت مدعومةً من قبل الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بحسب تقارير أمنية.

وفي هذا الصدد، شهدنا تقاربًا متزايدًا لتركيا مع روسيا والصين. حتى أن أنقرة، بقيادة أردوغان، قد تعرضت للتوتر في علاقاتها مع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين في غرب آسيا وشمال إفريقيا.

وکان شراء نظام S400، والعداء العنيد للأكراد السوريين كحلفاء للولايات المتحدة، وتصاعد التوترات مع اليونان ومصر والکيان الصهيوني، والسعي لحضور كبير في البحر الأبيض المتوسط، كلها سياسات أخرجت أنقرة عمليًا من دائرة حلفاء الغرب.

ومع ذلك، فإن مشاكل تركيا الاقتصادية وفشل أردوغان النسبي في سياسة التحوُّل شرقاً، دفعاه في الأشهر الأخيرة مرةً أخرى إلى تعديد نهج التقارب مع الشرق ومحاولة الاقتراب من الغرب.

في الوضع الحالي، الاقتصاد التركي ضعيف للغاية؛ حيث تجاوز كل دولار أمريكي في تركيا عتبة 9 ليرات، ويواجه المواطنون موجة إحباط من حالة الحكم وإدارة البلاد.

وفي ظل هذه الظروف، في ربيع العام الماضي، وضع أردوغان على جدول الأعمال نهج خفض التصعيد مع أوروبا والولايات المتحدة، والذي لم يحقق أي نتائج عملية.

کما يُظهر السلوك الجديد للاتحاد الأوروبي أيضًا، أن أوروبا تريد بشدة نهاية حکم رجب طيب أردوغان. بحيث قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مؤخرًا فرض عقوبات على تركيا، إذا واصلت أعمالها الاستفزازية ضد قبرص. ومن المرجح أيضًا أن تفرض إدارة جو بايدن في الولايات المتحدة عقوبات على تركيا.

يبدو أن هذه العقوبات تهدف إلى معارضة أردوغان ومحاولة إضعاف الاقتصاد التركي بشكل أكبر، وإظهار الفشل الكامل لسياسات أردوغان في العودة إلى الغرب.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق