جدل عقد مؤتمر “العدالة والتنمية” المغربي إلى أين
أثار قرار المجلس الوطني لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، القاضي بتأجيل عقد مؤتمره التاسع العادي سنة كاملة، غضب أعضاء الحزب الذين رفضوا توجيهات سعد الدين العثماني.
وصادق المجلس الوطني للحزب، السبت، على مشروع قرار قدمته الأمانة العامة بهذا الخصوص، في وقت يسود فيه جدل داخل الحزب بخصوص مطلب التأجيل.
ومن المنتظر أن يتم الحسم بشكل نهائي في المشروع خلال المؤتمر الاستثنائي، الذي سيعقد في 30 و31 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
حيث دعت الأمانة العامة للحزب، عبر بلاغ لها، “أعضاء المؤتمر الوطني الاستثنائي كما تم حصر أسمائهم وفق مقتضيات النظامين الأساسي والداخلي والمساطر والمذكرات ذات الصلة، لحضور المؤتمر والمشاركة في أشغاله التي ستنظم بطريقة حضورية بالمقرات الجهوية أو الإقليمية للحزب، أو الفضاءات العمومية التي حددتها الكتابات الجهوية والإقليمية للحزب”.
وكانت الأمانة العامة لـ”البيجيدي” قد أعلنت في بلاغ سابق عن قرار عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي، وقالت: “بالتشاور مع رئاسة المجلس الوطني ولجنة رئاسة المؤتمر، فقد تقرر حضور أعضاء المجلس الوطني للحزب بصفتهم مؤتمرين ومشاركتهم في أشغال المؤتمر الوطني الاستثنائي بمقر المجمع الوطني مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، وتيسيرا كذلك لحضورهم أشغال دورة المجلس الوطني التي ستعقب المؤتمر والمخصصة لانتخاب الأمانة العامة”.
من جهته، لوح عضو المجلس الوطني ورئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية”، حسن حمورو، باللجوء إلى القضاء في حال المصادقة على القرار في المؤتمر الاستثنائي، الأسبوع المقبل، معتبرا، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المشروع لا يستند على أي مقتضى قانوني داخل الحزب، سواء في النظام الأساسي، أو النظام الداخلي.
وبعث أعضاء آخرون برسائل تحذير للموالين لمواقف وتوجيهات سعد الدين العثماني وبعض أعضاء الأمانة العامة الذين يشاطرونه الموقف، القاضي بتأجيل انعقاد المؤتمر الوطني العادي.
وتفيد تلك الرسائل عزم بعض قيادات وقواعد الحزب اللجوء إلى القضاء الإداري في حال اتخذ المؤتمر الوطني الاستثنائي المقبل للحزب قرارا يقــضي بتأييد مشروع قرار المجلس الوطني من أجل تأجيل المؤتمر العادي.
بدوره كشف الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي عبد الإله بنكيران، مساء الأربعاء، عن شرطه للترشح لسباق منصب الأمين العام المنتظر انتخابه خلال المؤتمر الاستثنائي الذي سينعقد يومي السبت والأحد بمدينة بوزنيقة (جنوب الرباط).
وأعلن الأمين العام السابق للحزب الإسلامي عن رفضه المطلق أن يتم ترشيحه للأمانة العامة، خلال المؤتمر الوطني الاستثنائي، في ظل بقاء شرط تنظيم المؤتمر الوطني العادي التاسع بعد عام قائماً.
وقال بنكيران، في بث مباشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “عدد من الإخوان يقولون إن على سي عبد الإله ابن كيران العودة للحزب، لكنني لم أقبل أن تتحكم الأمانة العامة المستقيلة في الأمانة العامة المقبلة وتحدد لها سنة أو أقل أو أكثر”، قبل أن يتابع موجهاً خطابه للمؤتمرين: “تحملوا مسؤوليتكم، ولتتصرفوا حسب فهمكم، وإن أردتموني أميناً عاماً تعرفون شرطي”.
واعتبر أن “تحديد مدة الأمانة العامة المقبلة قرار سياسي اتخذته القيادة المستقيلة، متسائلاً: “لماذا ستتحكم الأمانة العامة الجديدة، وهي مستقيلة ومسؤولة عن وضعية كارثية؟”.
إلى ذلك، هاجم بنكيران الأمين العام المستقيل سعد الدين العثماني، معتبراً أن استقالة رئيس حزب في الأعراف الديمقراطية، تعني النهاية وتحرير الحزب، وليس الاستمرار في تسييره. ولفت إلى أنه كان على العثماني أن يقدم استقالته من العدالة والتنمية ليلة الإعلان عن نتائج الانتخابات في 9 سبتمبر/أيلول الماضي دون أن ينتظر طلوع اليوم الجديد.
من جهة أخرى، اعتبر بنكيران أن حزب العدالة والتنمية عنصر إيجابي في الدولة والمجتمع، وينبغي أن يظل موجوداً، وأن يمنح الوقت للبحث عن مقاربة جديدة تواكب التغيرات الوطنية والدولية، وذلك في إشارة إلى ما يعيشه الحزب الإسلامي من أزمة بعد الهزيمة المدوية التي لحقته في انتخابات الثامن من سبتمبر الماضي.
ويقف الحزب الإسلامي على مفترق طرق مفصلي قد يؤدي إلى إعادة النظر في الكثير من مرجعياته، ويجعل مشروعه السياسي ككل محل تساؤل، وذلك بالتزامن مع مخاوف من تصدع داخلي في ظل تباين المواقف في صفوفه بخصوص من يتحمل مسؤولية ما حصل من هزيمة انتخابية مدوية.
وخلال الأيام الماضية، عاش الحزب الإسلامي جدلاً واسعاً داخل صفوفه بعد دعوة صادرة عن عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني (ثاني أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني) إلى استبعاد “جيل التأسيس” من المرحلة المقبلة، وفك الارتباط مع الحركات الدعوية (حركة التوحيد والإصلاح التي تعد الخزان الانتخابي للحزب) لإنقاذ الحزب بعد النتائج الكارثية التي حققها. وهي الدعوة التي لاقت معارضة من قياديين آخرين اعتبروا أنّ ما يطرحه حامي الدين رسالة مباشرة غُلِّفت بالكثير من الكلام، عنوانها الرئيس “لا لعودة الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران لقيادة العدالة والتنمية”.
وبقدر ما كان الجدل الذي أُثير حول عودة الأمين العام السابق لقيادة الحزب كأحد الخيارات المطروحة لتجاوز الزلزال الانتخابي وارتداداتها دليلاً على الانقسام الحاصل داخل البيت الداخلي، فإن الثابت وسط مرحلة الارتباك هذه أنّ التوتر التنظيمي الذي أحدثه السقوط المدوي في الانتخابات لن يتوقف، وأن ما قبل هذه المرحلة ليس كما بعدها بالنسبة إلى الحزب الإسلامي، الذي سيجد نفسه مقبلاً على مرحلة جديدة، في ظل مطالبة قيادات داخله بصياغة مرجعية فكرية جديدة وعدم الارتكان للجيل المؤسس.
ويتجه حزب “العدالة والتنمية” المغربي، إلى تأجيل انعقاد مؤتمره الوطني العادي المقرر السنة القادمة، لمدة سنة كاملة، بعد أن أقر المجلس الوطني للحزب، مساء السبت، مشروع قرار قدمته الأمانة العامة بهذا الخصوص، في وقت يسود فيه جدل داخل الحزب بخصوص مطلب التأجيل.
ويأتي قرار تأجيل المؤتمر العادي لمدة سنة مخرجاً للجدل المثار داخل الحزب، حول توقيت عقده، حيث اعتبر البعض ومن أبرزهم الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، أن عقده في موعده السنة القادمة، وبعد محطة المؤتمر الاستثنائي المقررة نهاية الأسبوع المقبل، سيكون “تشويشاً وتضييقاً على الأمانة العامة الجديدة التي ستنتخب خلال المؤتمر الاستثنائي”.
من جهة أخرى، أقر برلمان الحزب الإسلامي مسطرة ترشيح الأمين العام، والتي طالها تغيير واحد يتمثل في اضطلاع المجلس الوطني المنتخب خلال المؤتمر بتشكيل لجنة ترشيح الأمين العام، خلافاً لما كان عليه الأمر في محطات سابقة، حيث كان أعضاء المجلس الوطني القديم وأعضاء المجلس الوطني الذي يفرزه المؤتمر، هم من يضطلعون بمهمة تشكيل اللجنة.
المصدر/ الوقت