التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ملاحقة اسرائيل لمؤسسات فلسطينية.. قرار سياسي أم هجوم على المجتمع المدني 

قالت هيئة فلسطينية، الأحد، إن سلطات الكيان الصهيوني أصدرت أمرا عسكريا يمنح الجيش تصريحا بملاحقة 6 مؤسسات فلسطينية “وإغلاق مقارها”، بعد قرار إسرائيلي سابق باعتبارها “منظمات إرهابية”.

وذكرت مؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان “الحق” (فلسطينية غير حكومية) في بيان، أن “قائد جيش الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة أصدر، الأحد، أمراً عسكرياً يقضي باعتبار (مؤسسة) الحق وعدد آخر من منظمات المجتمع المدني بأنها منظمات غير مشروعة”.

وأفادت، أن “الاحتلال استند في قراره إلى أنظمة الطوارئ، الصادرة إبان الانتداب البريطاني لعام 1945”.

وأضافت المؤسسة، أن هذا القرار يأتي لاحقاً لقرار وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي صنّف 6 فلسطينية، على أنها “منظمات إرهابية” وفقاً لـ”قانون مكافحة الإرهاب” الداخلي الإسرائيلي الصادر عام 2016.

وفي 19 أكتوبر أعلنت حكومة الكيان الصهيوني، إخراج 6 مؤسسات أهلية فلسطينية، عن القانون، بداعي ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تصنفها “إرهابية”.

والمؤسسات الست هي: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان (الحق)، ومركز “بيسان” للبحوث والإنماء، اتحاد لجان المرأة، والحركة العالمية للدفاع عن الطفل-فلسطين، واتحاد لجان العمل الزراعي.

وأوضحت مؤسسة الحق أن “القرار الجديد يمنح جيش الاحتلال الإسرائيلي تصريحاً بالهجوم على المؤسسات واتخاذ إجراءات عقابية ضدها من إغلاق مقارها ومصادرة وتجفيف مواردها، وملاحقة العاملين/ات فيها”.

وأردف البيان أن “القرار يأتي في سياق استمرار الهجوم الشامل على المجتمع المدني الفلسطيني؛ بهدف إسكات صوت المؤسسات الحقوقية والأهلية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان، إضافة إلى تقويض السلطة الوطنية الفلسطينية”.

وتابع: “ماضون في عملنا برصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني؛ لضمان مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام الهيئات القضائية الدولية ولجان المعاهدات المختلفة في الأمم المتحدة”.

وتعد المؤسسات الست، من كبرى الهيئات غير الحكومية، وذات حضور واسع في العمل الأهلي، في أراضي السلطة الفلسطينية.

بدورها حذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الاثنين، من تداعيات قرار الجيش الإسرائيلي، وحملت الوزارة، في بيان صحفي، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن أي ضرر يلحق بهذه المؤسسات، أو العاملين فيها، “جراء هذه القرارات التعسفية التي تندرج في إطار العقوبات الجماعية المفروضة على الشعب الفلسطيني”.

وطالبت المجتمع الدولي، وفي مقدمته الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، سرعة التحرك لإجبار إسرائيل بالتراجع عن قرارها “الإرهابي الذي يعتبر امتدادا للعدوان الشامل الذي تشنه تل أبيب ضد الفلسطينيين”.

وأشارت الوزارة إلى أن الدبلوماسية الفلسطينية استطاعت أن تثبت على جدول أعمال جلسة مجلس الأمن الدولي التي ستعقد اليوم في نيويورك، بندا صريحا وواضحا يتعلق بهذا القرار الإسرائيلي لوضع المجتمع الدولي في صورة وتفاصيل وأبعاد تداعياته وحماية مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.

من جهته قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل إن الاتحاد الأوروبي “ينظر بجدية في قرار وزارة الدفاع الإسرائيلية المتمثل بتصنيف 6 منظمات فلسطينية كإرهابية، الأمر الذي ستكون له آثار بعيدة المدى على هذه المنظمات سياسيا وقانونيا وماليا”.

وفي السياق، رصدت مؤسسة حقوقية دولية، برنامج تجسس إسرائيلي على هواتف نقالة لستة حقوقيين فلسطينيين يعملون في تلك المؤسسات. وقالت مؤسسة “فرونت لاين ديفندرز” (مقرها دبلن)، في تقرير الإثنين، إنها اكتشفت استخدام برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي أنتجته شركة “إن أس أو” الإسرائيلية، لـ”اختراق أجهزة الهاتف التابعة لـ6 مدافعين فلسطينيين عن حقوق الإنسان”.

وأضافت أنه “في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، اتصلت منظمة الحق، وهي منظمة حقوقية في فلسطين، بفرونت لاين ديفندرز، بشأن هاتف أحد العاملين فيها وإمكانية اختراقه ببرنامج تجسس”.

وتابعت: “أجرت فرونت لاين ديفندرز على الفور تحقيقا تقنيا، ووجدت أن الجهاز اخترق في يوليو/تموز 2020، ببرامج تجسس تم بيعه من قبل مجموعة إن اس أو، ومقرها إسرائيل”.

وأشارت المؤسسة إلى أنها بدأت التحقيق في أجهزة أخرى تخص أعضاء في 6 منظمات مجتمع مدني فلسطينية، ووجدت أن 5 أجهزة إضافية تم اختراقها باستخدام نفس برنامج التجسس.

ولفتت إلى أنها “شاركت البيانات التي جمعتها من الهواتف مع مختبري (Citizen Lab) و(Security Lab) التابع لمنظمة العفو الدولية من أجل إجراء مراجعة مستقلة”.

وقالت: “أكد المختبران بثقة عالية، استنتاج فرونت لاين ديفندرز، وأن الهواتف قد تم اختراقها باستخدام برنامج بيغاسوس”.

وأشارت إلى أن ثلاثة ضحايا وافقوا على الكشف عن هويتهم، وهم: غسان حلايقة، مدافع عن حقوق الإنسان يعمل في مؤسسة “الحق”، وأبي العبودي، المدير التنفيذي لمركز “بيسان” للبحث والتطوير، وصلاح حموري، محامي وباحث ميداني في مؤسسة “الضمير” لدعم الأسير وحقوق الإنسان.

وقال مراقبون إن مضي الكيان الصهيوني قدمًا في هذا الإجراء رغم التنديد الدولي يؤكد أن القرار سياسي بامتياز، يهدف من خلاله إلى تشويه صورة فلسطين وتدمير هذه المؤسسات التي تساعد الفقراء والأطفال والأسرى.

حيث اعتبرت مريم أبودقة، عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية الفلسطينية ، أن إسرائيل ليست مسؤولة عن هذه المؤسسات، وهي منظمات مجتمع مدني وحقوقية لها علاقة بالزراعة والمرأة وحقوق الإنسان والأسرى الذين يتعرضون للموت والقتل، وكذلك للدفاع عن الأطفال المنتهكة حقوقهم، في عالم يدعي أنه يدافع دائمًا عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل، لكنه لا ينطبق على الإنسان الفلسطيني.

ولفتت الى ان قرار إسرائيل ومصادقة الجيش عليه، هي سياسة واضحة ومفهومة من قبله، حيث تريد إسرائيل ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط، وأن ترسل رسالة للعالم مفاداها: أنها المسؤول الأول والأخير عن فلسطين وكل هيئاتها ومنظماتها.

وتابعت: “لا نعترف بإسرائيل، ولا نأخذ أي قرار من الاحتلال، نحن فلسطينيون وفي أرض فلسطينية، وهناك سلطة وطنية فلسطينية هي المسؤول الأول والأخير عن هذه المنظمات، التي لها حق التخفيف عن أبناء المجتمع الفلسطيني من زراعيين وصيادين، وأسرى ونساء وأطفال، وهو أمر طبيعي بالنسبة لهذه المنظمات وطبيعة عملها”.

بدورها اعتبرت الدكتورة حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية أن ما فعله الجيش الإسرائيلي بالإعلان عن إدراج 6 منظمات حقوقية وإنسانية فلسطينية كمنظمات إرهابية يعد تجاوزًا للحد المقبول، ويندرج تحت إطار سلسلة الجرائم التى تؤكد أن إسرائيل دولة فصل عنصري وتمارس الاضطهاد والـ”أبارتهايد”.

ونوهت الى إن المؤسسات الفلسطينية الـ 6 مسجلة حسب القانون الفلسطيني وتمارس عملها في الدعم القانوني ودعم حقوق المرأة والطفل وتقديم المساعدات الطبية والنفسية، مؤكدة أن تلك الاتهامات غير قانونية وتتنافى مع ما جاء في القوانين والشرعيات الدولية التى تدعم حق الشعب الفلسطيني في تقديم الدعم للمواطنين.

وأكدت المصري أن هناك العديد من المؤسسات الدولية والمحلية وحتى منها مؤسسات لدى إسرائيل أدانت هذا القرار، ومنها مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”، ومنظمة عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية الحقوقية.

وترى المصري أن هناك ضرورة للضغط على الكيان الصهيوني من قبل المجتمع العربي والدولي والإقليمي من أجل احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمجتمع المدني.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق