التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

قررات أممية لصالح الفلسطينيين…ما النتيجة 

لا شك بأن القرارات الدولية تؤثر على الصراع الفلسطيني_الاسرائيلي، ووقوف الأمم المتحدة في وجه السياسات الاستعمارية_الاستيطانية هو أمر بالغ الأهمية، ولكن ما مدى نجاعة هذه القرارات وهل حقاً تم تطبيق أي منها على أرض الواقع والأهم من ذلك، هل أوقفت هذه القرارات سياسة الاستيطان الاسرائيلي؟.

مؤخراً وفي تأييد دولي للحقوق الفلسطينية، اعتمدت اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة المعنية بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار في الأمم المتحدة، خمسة قرارات متعلقة بالقضية الفلسطينية بأغلبية ساحقة، كما أعلنت وكالات الأمم المتحدة ورابطة وكالات التنمية الدولية وقوفها إلى جانب منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التي صنفتها إسرائيل مؤخرا على أنها “منظمات إرهابية”.

وكان على رأس تلك القرارات الخمسة، القرار المعني بدعم لاجئي فلسطين، الذي يشمل ولاية “الأونروا”، حيث حاز على دعم 160 دولة، في حين صوتت ضده إسرائيل فقط وامتنعت 9 دول منها الولايات المتحدة، وجاء امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، بعد أن اعتادت في السنوات الأخيرة على التصويت ضد هذا القرار.

وكانت الإدارة الأمريكية الحالية قررت عودة استئناف الدعم المالي المقدم لـ”الأونروا”، بعد أن كانت الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، قطعت هذا الدعم، ضمن خطة سياسية لإغلاق هذه المنظمة الدولية.

كما اشتملت القرارات على إدانة الاستيطان الإسرائيلي الذي حصل على دعم 142 دولة في حين صوتت ضده 7 دول (إسرائيل، والولايات المتحدة، وكندا، وهنغاريا، وجزر المارشال، وميكرونيسيا، وناورو) وامتنعت 16 دولة.

ويدين قرار المستوطنات الإسرائيلية النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، ويؤكد على عدم شرعيتها ويطالب بوقفها ويؤكد عدم شرعية سياسات الضم الإسرائيلية وعدم الاعتراف بها، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشرقية، وقد أقر هذا القرار للمرة الأولى بـ”البعد العنصري” لهذه السياسات، بما في ذلك بناء المستوطنات وهدم البيوت الفلسطينية، والتي تهدد قابلية تنفيذ “حل الدولتين” وترسخ واقع الحقوق غير المتساوية والتمييز، وتحول دون قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقوقه الأساسية، كما ورد في القرار.

السلطات الاسرائيلية تواصل يومياً وبشكل ممنهج ومخطط له سلسلة من الانتهاكات والاجراءات التي تستهدف بها الهوية الحضارية العربية الفلسطينية بما في ذلك الانسان والحجر والشجر، ومن ضمن هذه الانتهاكات الخطيرة سياسة الاستيطان التي تشمل بناء المستوطنات والبؤر والأحزمة الاستيطانية بشكل متسارع على الأراضي العربية المحتلة التي تتم مصادرتها وتهجير أهلها بغية تفريغها من السكان واحلال المستوطنين بدلاً منهم

وقامت حكومات اسرائيل، وما زالت هذه الايام باتباع سياسة منهجية مشجعة لهجرة المواطنين الاسرائيليين الى الضفة الغربية. من اجل ذلك، قامت هذه الحكومات بمنح مكافآت ومحفزات اقتصادية مباشرة للمواطنين او للسلطات المحلية اليهودية، ذلك من اجل رفع مستوى حياة هؤلاء المواطنين بغرض تشجيع الهجرة للمستوطنات.

تبني قرار الاستيطان في الجمعية العامة بعد الاجتماع المغلق لمجلس الأمن الدولي الذي عقد يوم الاثنين الماضي، والذي ركز على موضوع الإعلان الاستيطاني الإسرائيلي الأخير وعلى تصنيف ست مؤسسات فلسطينية كمنظمات “إرهابية”، والذي شهد موقفا واضحا لأعضاء المجلس ضد هذه القرارات، وقد تجلى هذا الموقف في بيان للدول الأوروبية الأعضاء في المجلس، وهي: فرنسا، وايرلندا، وإستونيا، والنرويج، وألبانيا (التي ستنضم للمجلس العام المقبل).

بناء المستوطنات في الضفة الغربية يعد خرق للقانون الدولي الانساني، الذي ينص على القوانين والنظم المتبعة في اوقات الحرب والاحتلال. بل ويعد هذا ايضاً خرق لحقوق الانسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي.

إن القانون الدولي الانساني يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها الى المناطق التي قامت باحتلالها (بند 49 لاتفاقية جينيف الرابعة). بالاضافة الى ذلك تنص انظمة “لاهاي” على منع الدولة المحتلة من اجراء تغيرات دائمة فى الاراضي المحتلة، باستثناء تغيرات ضرورية لحاجات عسكرية او لصالح السكان المحليين.

بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين، المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الانسان. من بين الحقوق المنتهكة، الحق بتقرير المصير، حق المساواة، حق الملكية، الحق لمستوى لائق للحياة وحق حرية التنقل.

حقيقة كون المستوطنات غير شرعية وغير قانونية بموجب القانون الانساني الدولي، لا تؤثر على مكانة المستوطنين الذين يسكنوها، حيث يعتبرون سكان مدنيين يحق توفير الحماية اللازمة لهم. وحقيقة كون المستوطنين جزء من قوات الامن الاسرائيلية، من المفروض ان لا تؤثر على بقية المستوطنين المدنيين.

واضح ان اخلاء المستوطنات هي مهمة مركبة ومعقدة، واتمامها يستغرق وقتاً طويلاً. مع هذا هنالك خطوات مرحلية يجب القيام بها حالاً، لتقليص المس بحقوق الانسان وانتهاك القانون الدولي قدر الامكان. كما ويتطلب هذا من حكومات اسرائيل الكف عن عمليات بناء جديدة سواء كانت من اجل اقامة مستوطنات جديدة، او من اجل توسيع رقعة المستوطنات القائمة؛ تجميد شق طرق التفافية جديدة وتخطيط مثل هذه الطرق، بما في ذلك الكف عن مصادرة الاراضي لهذا الهدف؛ اعادة جميع الاراضي غير المبنية التابعة للقرى والمدن الفلسطينية التي ضمت للحدود المدنية للمستوطنات والمجالس الاقليمية؛ الغاء لجان التخطيط الخاصة بالمستوطنات، مما يؤدي عملياً الى اغاء صلاحيات السلطات المحلية بما يتعلق باعداد مخططات هيكلية وبشأن اصدار رخص بناء؛ الكف عن تشجيع مواطنين اسرائيليين بالانتقال للعيش في المستوطنات وتكريس موارد لحث المستوطنين للانتقال الى داخل اسرائيل.

لقد استعملت اسرائيل أساليب قضائية بالطريقة التي تتماشى ومصالحها مما يجعلها غطاء قانوني لتغطية مشروع الاستيطان، ورغم التصويت بشكل مستمر في أروقة الأمم المتحدة لمنع استمرار الاستيطان إلا أن الحكومة الاسرائيلية لا تتوقف عن سياسة الاستيطان، وتستمر كل يوم في انتهاك جميع القوانين الدولية ولم نشهد حتى اللحظة أي محاسبة جدية لإسرائيل.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق