تطورات الأوضاع في السودان
خرج الآلاف في أحياء الخرطوم، وعدد من ولايات السودان الأخرى، السبت مواصلين الاحتجاجات على إجراءات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ما أسفر عن مقتل 5 متظاهرين وإصابة آخرين وفق ما أعلنت “لجنة أطباء السودان” (نقابية غير حكومية).
ودفع انقطاع شبكة الإنترنت بمؤيدي السلطة المدنية إلى التداعي للتظاهر عبر رسائل نصية ورسوم غرافيتي على الجدران، للمطالبة بإعادة السلطة إلى المدنيين وتجنيب البلاد الغارقة في ركود سياسي “ديكتاتورية عسكرية” جديدة. ونزل إلى شوارع أمّ درمان، شمال غرب الخرطوم، آلاف المتظاهرين بحسب شهود عيان.
وخلال مشاركته في تظاهرة قال وزير الثقافة والإعلام في الحكومة المقالة حمزة بلول في تسجيل فيديو نشره مكتبه “لا تفاوض مع الانقلابيين… والكلمة والقرار للشعب السوداني”، وهو كان قد أوقف في 25 تشرين الأول/أكتوبر، ثم أطلق سراحه.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على عدة مواكب في الخرطوم و ”لاحقت المتظاهرين في ما بعد”، بحسب أحد الشهود.
وشهدت المظاهرات في بعض مناطق العاصمة حالات كر وفر؛ إثر إطلاق قوات الشرطة عبوات الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، مقابل قذف جموع المتظاهرين لتلك القوات بالحجارة.
ونزل متظاهرون آخرون إلى الشوارع في مدينة ودمدني في الجنوب وبورتسودان وكسلا في الشرق، بحسب شهود.
وتكررت شعارات “لا للحكم العسكري” و ”الردّة مستحيلة” و ”يسقط المجلس العسكري الانقلابي” وشعارات أخرى للاحتجاج الذي أسفر قمعه عن 16 قتيلاً وأكثر من 300 جريح منذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر بحسب الأطباء.
ونادى متظاهرون محتجون في باريس بالشعارات نفسها بعد ظهر السبت في ساحة الجمهورية، رفضًا للانقلاب العسكري في السودان ومطالبةً بـ ”نقل السلطة فورًا إلى المدنيين” في الخرطوم.
وفي وقت سابق من يوم السبت، أعلنت “لجنة أطباء السودان” (نقابية غير حكومية) في بيان، سقوط 5 قتلى في صفوف المحتجين بتظاهرات العاصمة الخرطوم، “نتيجة لرصاص المجلس العسكري”، على حد تعبيرها.
وبذلك يرتفع إلى 20 عدد قتلى الاحتجاجات منذ خروجها بالخرطوم وعدد من مدن البلاد، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؛ رفضا لإجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان المتعلقة بحل مؤسسات الانتقال الديمقراطي، وفق ” لجنة أطباء السودان”.
وقال تجمع المهنيين (قائد الحراك الاحتجاجي في البلاد) في بيان، إن القوات الأمنية “ترتكب مجزرة جديدة بحق الثائرات والثوار السودانيين اليوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني تستخدم فيها القناصة للقتل بالرصاص الحي، وتقتحم الأحياء والمنازل وتمارس الاعتقال العشوائي”.
وأضاف البيان: “كما أنها تحاصر المستشفيات والمراكز الطبية لمنع وصول الجرحى لتلقي العلاج والخدمات الطبية”.
ودعا “الثوار في كل الأحياء بكل مدن وقرى السودان إلى إغلاق الطرق العامة والداخلية بالمتاريس لتعطيل وشل حركة قوات العمالة والاحتلال”.
وتابع البيان: “سيستمر المد الجماهيري والمقاومة السلمية بتنوع أدواتها حتى إسقاط المجلس العسكري الانقلابي، وتقديم المجرمين للعدالة على ما اقترفوه بحق العزل السلميين وتأسيس السلطة الوطنية المدنية الانتقالية الكاملة”.
في المقابل، قال العميد الطاهر أبوهاجة المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، إن “القوى الأمنية مارست أقصى درجات ضبط النفس رغم الاستفزازات غير المبررة” وفق ما نقل عنه التلفزيون الرسمي.
والثلاثاء، دعا التجمع المهنيين السودانيين”، في بيان، إلى مظاهرات حاشدة السبت “للمطالبة بالحكم المدني ورفضا لإجراءات الجيش”.
بدورها أعلنت الأمم المتحدة، السبت، تعيين خبير بمجال حقوق الإنسان في السودان، وأفادت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في بيان، بتعيين الدبلوماسي السنغالي أداما دينغ، كخبير في مجال حقوق الإنسان لدولة السودان.
وأوضح البيان أن التعيين يأتي تلبية لطلب “مجلس حقوق الإنسان” في جلسته المنعقدة بتاريخ 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بغرض متابعة التطورات في البلد الذي يشهد تطورات متلاحقة في المشهد السياسي.
وأشار إلى أن مهمة دينغ تتركز في إقامة حوار مع جميع أطراف الأزمة بهدف الحد من حدة التوتر، تحسين الوضع الإنساني في البلاد، لحين إعادة تشكيل الحكومة المدنية.
وكان الفريق اول عبد الفتاح البرهان أعلن في 25 تشرين الأول/أكتوبر حال الطوارئ في البلاد وحلّ مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي أوقف لفترة وجيزة، قبل الافراج عنه لينتقل إلى منزله حيث وُضع قيد الإقامة الجبرية.
كما أوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين.
ومنذ إعلان هذه القرارات، تشهد البلاد، وخصوصًا العاصمة، موجة من التظاهرات.
وشكّل البرهان الخميس مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه اربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، التحالف المدني المنبثق من الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019.
واحتفظ البرهان بمنصبه رئيسا للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمّد حمدان دقلو، قائد قوة الدعم السريع المتهم بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في دارفور وأثناء الانتفاضة ضد البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس. وتعهّدا أن يُجريا “انتخابات حرةّ وشفافة” في صيف العام 2023.
ولم تُرضِ الوعود المعارضة التي هزتها مئات الاعتقالات التي استمرت السبت، بحسب ما أكّدت النقابات ومنظمات مؤيدة للديمقراطية.
وخلال الانقلاب الذي دانه المجتمع الدولي، علّق البرهان مواد عدة من الإعلان الدستوري من المفترض أن تؤطر الانتقال إلى انتخابات حرة. وأعاد إدخالها الخميس لكن بعد إزالة كل الإشارات إلى قوى الحرية والتغيير.
المصدر/ الوقت