عقب الهزائم التي مني بها تحالف العدوان في اليمن.. واشنطن تهدد بإعادة “أنصار الله” إلى قائمة الجماعات الإرهابية
شن تحالف العدوان السعودي الأمريكي قبل خمس سنوات ونيف، حرباً عبثية على أبناء الشعب اليمني، وكان أهم سبب لبدء هذه الحرب، يمكن اعتباره متمثلاً في عودة الهيمنة السعودية والأمريكية إلى اليمن ولقد أصبح هذا الهدف حلماً يراه قادة البيت الأبيض كل يوم وكل ليلة عقب وصول “محمد بن سلمان”، عديم الخبرة والمتعطش للدماء إلى السلطة وخلال السنوات الماضية بذلت السعودية الكثير من الجهود لتوسيع نفوذها السعودي ودورها الإقليمي في اليمن من أجل الهيمنة على مضيق “باب المندب” الاستراتيجي.لقد تكبّد تحالف العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني خلال السنوات الماضية الكثير من الهزائم على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، الأمر الذي دفع قادة السعودية للاستنجاد بالبيت الأبيض لإيجاد حل لهذه الأزمة والخروج من مستنقع اليمن بماء الوجه ولهذا فقد بذل قادة البيت الابيض خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لفرض عقوبات اقتصادية على أعضاء من جماعة “أنصار الله” ومؤخراً تصنيف هذه الحركة كمنظمة إرهابية وذلك من أجل الضغط على قادة هذه الحركة اليمنية المقاومة لإنهاء الحرب في اليمن والقبول بالشروط الأمريكية.
وعلى صعيد متصل، يواصل أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية إحراز تقدم في القتال ضد العناصر الموالية لتحالف العدوان السعودي في محافظة مأرب. حيث تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الايام الماضية من السيطرة على قاعدة “أم ريش” العسكرية بمحافظة مأرب. وكانت هذه القاعدة العسكرية آخر قاعدة للقوات السعودية في جنوب مأرب. وبهذا الإنجاز المهم، يمكن للقوات اليمنية الآن التقدم نحو منطقة “صافر”، حيث توجد العديد من حقول النفط والغاز اليمنية. وتشير تقارير ميدانية إلى أن المقاومة اليمنية باتت أقرب من أي وقت مضى للسيطرة على مرتفعات “ملعا” الاستراتيجية. وتجري حاليا اشتباكات عنيفة على هذه الجبهة وقد حقق أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية تقدما ملموسا نحو تلك المرتفعات. ولقد أفادت بعض وسائل الإعلام أن العد التنازلي قد بدأ لتحرير تلك المرتفعات الاستراتيجية.
وفي غضون ذلك، ازدادت التعبئة الأمريكية بعد تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية، وبذلوا قصارى جهدهم لمنع تحرير مدينة مأرب من قبل قوات “أنصار الله” اليمنية. ومع سيطرة “أنصار الله” على جميع المناطق الست جنوب مأرب، ازدادت مخاوف المملكة العربية السعودية وحلفائها الأمريكيين والبريطانيين بسبب قرب سقوط مأرب. وفي المقابل، يصر تحالف العدوان السعودي أيضًا على الاستمرار في حرب استنزاف وذلك لانه لا يريد قبول الهزيمة. ولهذا تحاول المملكة العربية السعودية للتدخل مباشرة مع الولايات المتحدة في هذه المعركة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وفي مواجهة هذا التقدم، لجأت الولايات المتحدة والسعودية إلى خيارات متعددة، بما في ذلك التدخل المباشر بالسلاح الجوي الأمريكي لمنع الجيش اليمني واللجان الشعبية من التقدم في مأرب.
وعلى نفس هذا المنوال، طالب عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي المتعطشين للأموال السعودية، بإعادة وضع حركة “أنصار الله” على قائمة الإرهاب. وزعم عضو الكونغرس الأمريكي “دان كرينشاو”، إن “قوات أنصار الله اقتحمت السفارة الأمريكية في اليمن واحتجزوا رهائن.” وأضاف “في غضون شهر من تولي جو بايدن الرئاسة قام بشطب الحركة من قائمة الإرهاب”. وشدد “كرينشاو”، على أن شطب اسم الحركة أظهر ضعف الولايات المتحدة تجاه أعدائها. ولقد كتبت صحيفة ” ناشونال اينترست” أن الهجوم على السفارة الأمريكية في العاصمة اليمنية، أجبر القادة في البيت الأبيض إلى مراجعة النهج الأمريكي تجاه المملكة العربية السعودية. ووفقا لهذه الصحيفة، فقد كشفت قضية اعتقال الموظفين الباقين في السفارة الأمريكية في اليمن مرة أخرى عن التكلفة الباهظة للعلاقات الخاصة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية.
ولفتت هذه الصحيفة إلى أن السبب سيطرة اليمنيين على هذه السفارة هو الدعم الهائل الذي تقدمه الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية منذ حوالي 6 سنوات من الحرب ضد اليمن. ولقد كان للدعم الأمريكي للسعودية التي عملت خلال السنوات الماضية على زعزعة الاستقرار في اليمن، خاتمة عكسية وحتى ضارة للمصالح الأمريكية. وتؤكد هذه الأزمة، في الواقع، على الحاجة إلى تحقيق الوعود الانتخابية التي أطلقها “جو بايدن”، الرئيس الأمريكي خلال حملته الانتخابية وإعادة تعيين سياسة الولايات المتحدة تجاه المملكة العربية السعودية. وردا على هذه الاتهامات الأمريكية، هاجم القيادي في جماعة “أنصار الله” اليمنية، “محمد علي الحوثي”، يوم الأحد الماضي، الولايات المتحدة، بعد حديث للخارجية الأمريكية عن اقتحام سفارة واشنطن في صنعاء. وقال “محمد الحوثي” وهو عضو في المجلس السياسي الأعلى المشكل من “أنصار الله” لإدارة الدولة في مناطق سيطرة الجماعة، في تغريدة عبر “تويتر”: “تم إخلاء السفارة من قبل الأمريكان، وبعد فترة تقريبا 2019 أعلنوا إيقاف رواتب الموظفين المحليين في اليمن، ثم يزعمون اقتحام سفارة مغلقة واعتقال الموظفين”. وأضاف: “سلموا رواتب الموظفين المحليين يا أمريكان، فمن الجحود قطع رواتب من قاموا بخدمتكم بأوضاع اليمن المأساوية، لقد تخليتم عنهم كما حصل بأفغانستان”.
ورداً على هذا الإعلان الأمريكي الجديد، قالت جماعة “أنصار الله” اليمنية، يوم أمس الاثنين، إن لها حق الرد على أي تصنيف أمريكي للجماعة، وأنها تدين أي تصنيف من جانب واشنطن، بعد ساعات من إعلان وزير الخارجية الأمريكي نية واشنطن تصنيف الجماعة كيانا إرهابيا. وقال عضو المجلس السياسي الأعلى، “محمد علي الحوثي”، عبر حسابه في “تويتر”، إن “أمريكا هي مصدر الإرهاب، وسياسة إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إرهابية، وتصرفاتها إرهابية، وما تقدم عليه من سياسات تعبر عن أزمة في التفكير”. وتابع أن التصنيف الأمريكي “لا يهم الشعب اليمني كون أمريكا شريكا فعليا في قتله وتجويعه”. وأكد “الحوثي”، أن الشعب اليمني لا يكترث للتصنيفات الأمريكية لكونها شريكاً فعلياً في قتله وتجويعه. وفي تغريدة أخرى، قال “الحوثي”، إن “الإرهاب الذي صدرته أمريكا إلى كل مكان في العالم وصل إلى الكونغرس بفضل سياسات بومبيو ورئيسه ترامب”.
الجدير بالذكر أن العديد من السياسيين الأمريكيين يدركون جيداً أن حركة “أنصار الله” ليس جماعة أجنبية وأن هذه الحركة تشكلت من قلب المجتمع اليمني وأن أنصارها ليسوا مقتصرين على موقع جغرافي معين في شمال البلاد وأن قادة هذه الحركة مصرون على الحفاظ على المصالح الوطنية وأن هذه الحركة مدعومة من قبل جميع الطبقات والاعراق في مختلف المناطق اليمنية، ولهذا فقد يدفع هذا الامر السياسيين الأمريكيين في الكونغرس الأمريكي إلى استنتاج أن إدراج هذه الحركة في قائمة الجماعات الإرهابية هو خطأ فادح، وسوف تكون له نتيجة معاكسة وقد يعقد الوضع على الساحة اليمنية. والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا والتي لا يستطيع بعض السياسيين الأمريكيين تجاوزها بسهولة وببساطة، هي أن حركة “أنصار الله” اليمنية أصبحت القوة الرائدة في اليمن خلال سنوات الحرب والعقوبات والحصار، ولا تزال لديها القدرة على تحمل أقصى قدر من الضغط.
إن كل هذه الحقائق، قد تدفع العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى استنتاج أنه لا ينبغي ابتزاز حركة “أنصار الله” والضغط عليها، لأن عواقب هذا الامر سوف ترتد عليهم أولاً، خاصتاً وأنهم يعلمون أن الرئيس “ترامب” کان ينوي القيام بهذه الخطوة في أخر أيام حكمه من أجل كسب الكثير من أموال السعودية ولإعطاء “بن سلمان” هدية نهاية الخدمة. إن الأحداث التي وقعت خلال السنوات الماضية على ساحة المعركة في اليمن، تُظهر بوضوح أن حركة “أنصار الله” لن تستسلم لخطر إدراجها في قائمة الجماعات الإرهابية، ولن تتصالح مع السعوديين وأنها سوف تستخدم جميع الخيارات المختلفة المتاحة لها لتطهير كافة الأراضي اليمنية وطرد قوات تحالف العدوان السعودي.
المصدر/ الوقت