التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

اشتعال نيران الحرب في الذكرى الأولى للسلام في “كاراباخ”؛ الاسباب والأبعاد 

في الأيام القليلة الماضية، وفي الذكرى السنوية الأولى للاتفاق بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا، كشفت بعض التقارير عن إصابة ثلاثة جنود من جمهورية أذربيجان بجروح خطيرة بسبب عبوة ناسفة كانت موجودة في إحدى نقاط التفتيش في ناغورنو كاراباخ، وفي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، سادت موجة توتر جديدة بين الطرفين وتتهم يريفان وباكو بعضهما البعض بانتهاك وقف إطلاق النار على طول حدودهما بعد هذه الحادثة. وتأتي الاشتباكات الأخيرة في منطقة “قره باغ” في وقت اندلعت في 27 سبتمبر 2020، ولمدة ستة أسابيع (44 يومًا)، حرب كبرى فوق منطقة “قره باغ” الجبلية، أسفرت عن مقتل أكثر من 6500 جندي ومدني. ومع ذلك، وبعد 44 يومًا من الصراع الذي وقع في 10 نوفمبر 2020، وبعد وساطة روسية، وقع رئيس الوزراء الأرميني “نيكول باشينيان” اتفاقًا لوقف إطلاق النار ومنح أذربيجان حرية السيطرة على أجزاء من “ناغورنو كاراباخ” وكذلك المناطق المجاورة. وبعد الاتفاق، تم نشر حوالي 2000 جندي حفظ سلام روسي في منطقة “ناغورنو كاراباخ” بموجب اتفاق وقف إطلاق نار ثلاثي الأطراف وقعته باكو وموسكو ويريفان في 10 نوفمبر 2020. ومع ذلك، فإن السلام والاتفاق الموقعين بين يريفان وباكو هشان بشكل أساسي ويفتقر إلى الضمانات التنفيذية اللازمة. والآن، عشية الذكرى السنوية الأولى لهذه الاتفاقية، نرى أن قوات كلا البلدين لا تزال في موقف هجومي.

اتهامات ثنائية بين باكو ويريفان بخرق وقف إطلاق النار

بعد أيام قليلة من استئناف النزاع بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا، وجهت كل من هاتين الدولتين اتهامات ثنائية. وفي أخطر بيان، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأذربيجانية “ليلى عبد اللهوفا”، أنه في 9 نوفمبر الماضي، تجمع 60 جنديًا أرمنيًا عند معبر “لاتشين” وتقدموا صوب مواقع الجيش الأذربيجاني، وفي 13 نوفمبر الماضي أطلقت القوات الأرمينية النار على مواقع جيش جمهورية أذربيجان في كالباجار. وأضافت “عبد اللهوفا” أنه في 14 نوفمبر الماضي، قامت القوات الأرمينية بمزيد من الاستفزازات والتوترات من خلال التركيز والتواجد في منطقة الحدود الأذربيجانية الأرمينية في “لاتشين”. وفي المقابل، اتهمت وزارة الدفاع الأرمينية القوات الأذربيجانية ببدء إطلاق النار على المواقع الأرمنية في مقاطعة “جيغاركونيك”. وإجمالاً، قُتل 15 جنديًا أرمنيًا واحتُجز 12 آخرون كرهائن في اشتباكات عبر الحدود في الأيام الأخيرة، وفقًا لـ”رويترز”. وكما ادعت أرمينيا أنها أوقعت “خسائر فادحة” في صفوف القوات الأذربيجانية. واضافت ان “الصراع استمر ولم يخف حدته”. وعلى الرغم من هذا المستوى الكبير من الصراع الذي وقع في الـ 17 نوفمبر الماضي، وبعد طلب من الاتحاد الأوروبي لـ “خفض فوري للتوترات” بين أرمينيا وباكو وعقب طلب أرمينيا المساعدة من روسيا، أعلنت يريفان أنه في أعقاب الوساطة الروسية، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار مع جمهورية أذربيجان.

عوامل هشاشة اتفاق السلام

فيما يتعلق بعوامل هشاشة اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان، يمكن الإشارة إلى عدة عوامل منها:

ضعف مهمة قوات حفظ السلام الروسية: يعد الضعف في الترتيب والغموض في مهمة قوات حفظ السلام الروسية أحد أهم عوامل هشاشة اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه في نوفمبر 2020 والمتعلق بمنطقة ناغورنو كاراباخ. في الواقع، تكمن المشكلة في أن قوات حفظ السلام الروسية كانت تفتقر إلى مهمة محددة. وكما هو منصوص عليه في اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في 9 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، فإن وجود تلك القوات كان ضئيل نسبيًا، حيث أقتصر وجودها على 1960 سلاحًا خفيفًا و 90 ناقلة جنود مدرعة و 380 مركبة أخرى. ولقد أقاموا 27 نقطة تفتيش على طول شرايين النقل الرئيسية في المناطق المأهولة بالأرمن في ناغورنو كاراباخ وممر “لاتشين”، وهو طريق جبلي ضيق بطول ثمانية كيلومترات يربط المنطقة بأرمينيا. ولقد قامت قوات حفظ السلام الروسية بدوريات يومية في أجزاء مختلفة من المنطقة منذ أغسطس الماضي، ولكن كان يتم إرسالها فقط إلى الجبهة عندما يلاحظ السكان أو هيئة الأركان العامة لأذربيجان أو أرمينيا أو تقارير الطائرات بدون طيار وجود مشكلة. وكانت طائرات الاستطلاع بدون طيار التابعة للفوج تتمركز في مركز قيادة روسي تركي مشترك، يقع على بعد حوالي 20 كيلومترًا من الجبهة، بجوار قرية “غيام دينلي” الأذربيجانية. وتقود قوات حفظ السلام الروسية أيضًا عملية إزالة الألغام في منطقة ناغورنو كاراباخ المأهولة بالأرمن وتدعم عددًا من المبادرات الإنسانية.

التحدي المتمثل في بدء المفاوضات: هناك عامل مهم آخر في سبب هشاشة اتفاق السلام في ناغورنو كاراباخ وهو التحدي المتمثل في بدء المفاوضات. في الواقع، سيتأجج الوضع على الخطوط الأمامية طالما أن أذربيجان وأرمينيا ترفضان العودة إلى طاولة المفاوضات لمعالجة القضايا العاجلة، من وصول المساعدات إلى المناطق التي مزقتها الحرب إلى ترسيم حدودهما. ولهذا لم تعلن باكو انتهاء النزاع ولا ترى أي سبب للعودة إلى محادثات مجموعة “مينسك” بنفس الصيغة السابقة. ولقد استغرق الأمر عامًا كاملاً منذ بدء النزاع لعقد اجتماع بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر الماضي. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاجتماع سيعيد إحياء عملية المفاوضات. على أي حال، أصبح عدم وجود محادثات سياسية بين البلدين مصدرا للتوتر في تلك المنطقة.

الألغام الأرضية: هناك عامل آخر في هشاشة اتفاق السلام في منطقة ناغورنو كاراباخ وهو عدد الألغام الأرضية في جميع أنحاء البلاد، والتي زادت خلال العام الماضي. في الواقع، بعد مرور عام على الصراع العنيف بين أرمينيا وأذربيجان حول ناغورنو كاراباخ، لا تزال المنطقة مزروعة بالألغام، وقد يستغرق تطهيرها بالكامل أكثر من 10 سنوات. وعلى الرغم من أن الأدلة تشير إلى تدمير آلاف الذخائر خلال العام الماضي، إلا أن الافتقار إلى الموارد والمعلومات الكافية أدى إلى تعقيد عملية التنظيف بشكل كبير. وتشير التقديرات الآن إلى أن 16 كيلومترًا مربعًا من الأراضي في منطقة ناغورنو كاراباخ لا تزال ملوثة بالالغام، وفي ظل الظروف العادية، يلزم البحث عن هذه المناطق مدة 4 سنوات على الأقل. وفي العام الماضي، قتل مواطن أرمني وجرح 20 آخرون على الأقل.

تحصينات جديدة من مسافة قريبة: كان التشكيل الهجومي للقوات المسلحة الأرمنية والأذربيجانية عاملاً هامًا آخر في تقويض اتفاق السلام في ناغورني كاراباخ. في الواقع، يتم حل معظم الحوادث بين الجانبين بهدوء من خلال الاتصال المباشر مع هيئة الأركان المشتركة لأذربيجان وأرمينيا، ولكن كلما طال أمدها، زادت صعوبة المهمة. وقد حفر كلا الجانبين خنادق وبنا مواقع عسكرية جديدة على بعد أمتار قليلة من بعضهما البعض في مواقع قريبة جدًا من المستوطنات المدنية، مما يهدد بالرد بتجدد العنف. وزاد تبادل إطلاق النار في الأشهر الأخيرة، مما أجبر قوات حفظ السلام الروسية على التحقيق في الحوادث وأجبرهم هذه الامر على تسيير دوريات يومية.

المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق