التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

كيف تمكن “أنصار الله” من تحرير 12 مدينة من أصل 14 مدينة في مأرب 

تحظى محافظة مأرب بأهمية استراتيجية في المعادلات السعودية منذ عام 2015، عندما شن تحالف العدوان بقيادة السعودية اليمن؛ حيث كانت مأرب هي المحافظة الوحيدة والجبهة الوحيدة في ساحة المعركة التي سمحت لقوات التحالف والقوات التابعة للرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” بالتقدم إلى العاصمة اليمنية صنعاء ومركز المجلس السياسي لحركة “أنصار الله”. وفي السنوات الأولى من الحرب (بين 2015 و 2019)، كان الوضع على الأرض في هذه المحافظة مختلفًا تمامًا عن الوضع الحالي. حيث كانت هذه الجبهة تُعرف دائمًا باسم نقطة ارتكاز للغزو النهائي للعاصمة اليمنية وإسقاط الحكومة الوفاق الوطنية اليمنية. ومنذ بداية عام 2019 وبعد انتهاء معركة بندر الحديدة الشهيرة التي انتهت بنجاح قوات “أنصار الله” في الحفاظ على هذه المدينة ووقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، تغير الوضع على الأراضي اليمنية وتغير موازين القوى فيها. حيث دعت المحادثات المكثفة بين وفود “أنصار الله” اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وبدعم من جمهورية إيران الإسلامية والإمارات إلى وقف إطلاق النار في جميع ساحات القتال في جنوب اليمن وانسحاب القوات الإماراتية ووضع حد للضربات الجوية.

وخلال تلك الفترة بدأ أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” في تحرير مناطق مختلفة تدريجياً، مستغلين هدوء الجبهات الجنوبية وتمركز القوات في وسط وشمال البلاد. إن التطورات التي حدثت في عام 2019 كانت نقطة تحول في حرب اليمن، ولمدة نحو 3 سنوات كانت قوات “أنصار الله” في حالة هجومية كاملة، فيما قامت بتطهير وتحرير مناطق واسعة في محافظات صعدة والجوف ومأرب والضالع والبيضاء. وعلى الرغم من أن العديد من المناطق في الأراضي اليمنية لا تزال خارج سيطرة حكومة صنعاء وأن أقل من 30 في المائة من البلاد تحت سيطرة “أنصار الله”، إلا أن معظم المدن والمناطق الهامة في اليمن وحوالي 70 في المائة من سكان البلاد يخضعون لسيطرة حكومة صنعاء ولكن لا تزال تسيطر القوات المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن على موانئ مهمة مثل عدن والمخا والخوخة. وبالنسبة لـ”منصور هادي” والسعودية ، فإن آخر مدينة ومعقل لهم في شمال اليمن كانت محافظة مأرب، وبسبب اعتبار هذه المحافظة الأكثر حيوية، فإنها كانت الهدف الميداني الأهم لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” وذلك لأن السيطرة على هذه المحافظة يعني إنهاء للحياة السياسية لـ”منصور هادي” وحزب الإصلاح (فرع من جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) والحد من الوجود العسكري السعودي في المحافظات الشرقية ذات الكثافة السكانية المنخفضة مثل حضرموت والمهرة.

ولقد خطط قادة “أنصار الله” العسكريون لعدة عمليات عسكرية على جبهات مختلفة للوصول إلى مركز مدينة مأرب، منها، أولاً، تلك التي وقعت في 1 آذار / مارس 2020، والتي اطلق عليها عملية “فامكن منهم” في محافظة الجوف شمال مأرب، حيث تم السيطرة على مديرية الحزم عاصمة المحافظة، مما فتح الطريق للهجوم على مدينة مأرب من الجبهة الشمالية. كما شن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” في المرحلة التالية عملية كبرى أطلقوا عليها “البأس الشديد” في المدينتين الواقعتين شمال غرب مأرب، وهما “مجزر ومدغل”، حيث دارت خلالها معارك بين شهري مارس ونوفمبر 2020 وخلال تلك المعارك تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” من السيطرة على مركز هاتين المدينتين وكذلك تم السيطرة بنجاح على قاعدة “ماس” العسكرية الاستراتيجية.

ومنذ مطلع عام 2021 تم تفعيل جبهة مدينة صرواح والتوجه باتجاه مدينة مأرب، وخلال عملية “فجر الانتصار” نجحت قوات “أنصار الله” في إحراز تقدم واسع وتمكنوا من الوصول إلى 7 كيلومترات من مدخل مدينة مأرب، ولكن عند مرتفعات “الطلعة الحمراء” وجبل “البلق القبلي” الاستراتيجيين، توقف هذا التقدم بسبب المقاومة الشرسة لقوات المرتزقة، وبعد أكثر من خمسة أشهر تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” من ترتيب الصفوف والتقدم في تلك المناطق والسيطرة على أجزاء واسعة من محافظة مأرب والتقدم نحو مركز هذه المحافظة. وقبل نحو شهر نفذ أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” عملية جديدة باسم “ربيع النصر” في المثلث الحدودي بين محافظات مأرب وشبوة والبيضاء. وقبل هذه المعركة، قام المجلس السياسي لـ”أنصار الله”، بعقد مفاوضات ناجحة مع زعماء القبائل جنوب مأرب وغرب شبوة، والسماح لقوات صنعاء بالتحرك في مدن مثل بيحان وعسيلان في شبوة وحريب والعبدية والجوبة جنوب مأرب. والخطوة الأخيرة التي اتخذها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، هي السيطرة مؤخرا على مديريات أخرى في محافظة مأرب.

وفي وقتنا الحالي تتقدم قوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” شمال مديرية الجوبة، وكادت تصل إلى سفح سلسلة جبال البلق، وهي آخر موقع دفاعي لقوات تحالف العدوان في مدينة مأرب وآخر تحد لوصول قوات “أنصار الله” إلى هذه المدينة. وتغطي سلسلة جبال البلق، التي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء، “البلق القبلي”، والبلق الأوسط، و”البلق الشرقي”، تقريباً كامل الجبهة الدفاعية لمدينة مأرب من غرب وجنوب المدينة. والقوات التي سوف تتمكن من السيطرة على هذه الارتفاعات الإستراتيجية، سوف تتمكن أيضا من السيطرة في الواقع على مدينة مأرب بأكملها.

وفي الوضع الراهن يبدو أن موضوع تحرير مدينة مأرب عسكريًا وعلى الأرض كاد أن ينتهي، والنقاش الوحيد المتبقي هو التفاوض مع قبائل هذه المدينة وكيفية خروج تحالف العدوان السعودي من هذه المحافظة. وهنا يمكننا أن نطرح السؤال القائل: ما هو هدف قوات أنصار الله التالي بعد السيطرة على مدينة مأرب؟. وبحسب الأخبار المنشورة من ساحة المعركة، من المرجح أن يتوجه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” إلى مركز محافظة شبوة وموانئها الجنوبية مثل “بئر علي وبلحاف”، وهما من أهم المصافي ومحطات تصدير النفط في اليمن، ويمكن أن تكون سيطرة حكومة صنعاء على هذه المناطق والوصول إلى الساحل الجنوبي لليمن بعد ما يقرب من ست سنوات، ورقة رابحة في المفاوضات المستقبلية للبلاد.

ولقد اعتبر نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء “حسين العزي”، أن تحرير مأرب سيعزز فرص السلام الاستراتيجي. وقال “العزي”، إن “تحرير مأرب سيعزز فرص استعادة السلام، وفي المنظور الاستراتيجي للسلام الدائم والشامل، سيكون أيضاً مفيداً جداً لأمن اليمن والجوار معاً، باعتبار أن مأرب لن تبقى منطلقاً لتهديدات القاعدة في المستقبل”. ومن جانبه، بارك مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري اليوم برئاسة رئيس المجلس الدكتور “عبد العزيز صالح بن حبتور”، الانتصارات المتتالية التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية والأحرار من أبناء القبائل في كافة الجبهات ومأرب بصورة خاصة. وحيا رئيس المجلس، البطولات الأسطورية للجيش واللجان الشعبية والأحرار في جبهات الكرامة والعزة والشرف، والتضحيات الجسيمة التي يقدمونها على مدى السنوات الماضية وحتى اللحظة في مواجهة التحالف الباغي وأذنابه ومرتزقته وصنيعته من العناصر القاعدية والداعشية.

ونوه بالروح المعنوية والقتالية العالية لأبطال الوطن الذي يخوضون هذه المعارك بإمكانيات تسليحية لا تقارن مع ما لدى المعتدين وأتباعهم وعملائهم من قدرات تسليحية متطورة وغطاء جوي ودعم لوجستي .. مشيراً إلى أنهم بالرغم من كل ذلك يصنعون الفارق في جميع الجبهات ذوداً عن الوطن وكرامة أبنائهم وصون حاضرهم ومستقبلهم من التبعية والارتهان. وجدد التأكيد أن الحكومة ستظل على عهدها الذي التزمت به في برنامجها العام المقر من قبل مجلس النواب، في إسناد ودعم الجبهات وتعزيز مقومات صمود رجالها في مختلف الجوانب اللوجستية والتموينية. كما حيا مجلس الوزراء، الإسناد الشعبي المتواصل للجبهات حتى اللحظة، والذي يؤكد أن المعركة الراهنة ضد التحالف ومرتزقته هي معركة كل أبناء الوطن الأحرار الذين يدركون أبعاد العدوان وما يضمره من شر لجميع اليمنيين دون تفريق بين فصيل وآخر أو فئة وأخرى.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق