أبواب جهنم تفتح على الكيان الصهيوني على الحدود مع الأردن
شن الکيان الصهيوني، خلال السنوات القليلة الماضية، غارات جوية عدوانية على أراضي دول الجوار، وخاصةً سوريا ولبنان، من أجل خلق الانطباع بأنه منع التهديدات الأمنية على حدوده وأضعف قوى المقاومة.
واصلت حكومة بنيامين نتنياهو هذا النهج في كل السنوات التي تلت عام 2011، عندما اجتاحت موجة من الاضطرابات وانعدام الأمن غرب آسيا. وفي الوقت نفسه، نشأت موجة توتر في علاقات الكيان الصهيوني مع الدول المجاورة له.
لكن بعد أن تولى نفتالي بينيت منصب رئيس الوزراء الجديد للکيان في 13 يونيو 2021، يبدو أن تل أبيب أعادت النظر في سياستها الخارجية مع جيرانها، وتعتقد أن قرارات نتنياهو بتصعيد التوترات مع الجيران ليس فقط لم تؤد إلى زيادة أمنهم، بل أدت أيضًا إلى زيادة انعدام الأمن على الحدود. في غضون ذلك، كان الأردن من الدول التي حظيت مؤخرًا باهتمام خاص من الكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من اعتبار الأردن على أنه جزيرة سلام للصهاينة لسنوات عديدة، إلا أن العلاقات بين الجانبين توترت في السنوات الأخيرة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا ينظر الصهاينة إلى الحدود المشتركة مع الأردن كمصدر مهم للتهديدات الأمنية؟
تزايد التهديدات الأمنية والزيارة الدورية لرئيس الشاباك إلى المنطقة
مخاوف الکيان الإسرائيلي المتزايدة بشأن تعريض أمنها الداخلي والخارجي للخطر، دفعت حكومة نفتالي بينيت إلى إطلاق مبادرة جديدة لمواجهة هذا التهديد.
وفي هذا الصدد، نرى أن الرئيس الجديد للشاباك(جهاز الأمن العام الإسرائيلي) “رونين بار” بدأ زيارةً إقليميةً في الأسبوعين الماضيين للقاء مسؤولين سياسيين من عدة دول.
في 14 نوفمبر 2021، انطلقت أول زيارة عمل لرئيس “الشاباك” إلى القاهرة للقاء رئيس المخابرات المصرية. وناقش “رونين بار” والوفد الأمني المرافق له في القاهرة، تعزيز العلاقات بين الجانبين والأوضاع في قطاع غزة.
وفي الخطوة الثانية، قام رونين بار بزيارة سرية إلى رام الله الأسبوع الماضي للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لبحث تعزيز العلاقات وزيادة التنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وكان الهدف الحقيقي من هذه الزيارة هو مواجهة النفوذ المتنامي لحركة حماس في الضفة الغربية، أي نفس الحدود المشتركة بين فلسطين والأردن.
لكن في الوجهة الثالثة والأكثر أهميةً للزيارة، سافر رونين بار إلى العاصمة الأردنية عمان، للقاء مسؤولين عسكريين وأمنيين أردنيين. وبحسب صحيفة “هآرتس” الصهيونية، فإن اللقاء ربما ناقش مخاطر الإرهاب، خاصةً مع اقتراب الجماعات المسلحة وتحركات المسلحين من العراق إلى حدود فلسطين المحتلة.
وبحسب الصحيفة، نقل رئيس الشاباك رسالةً إلى السلطات الأردنية مفادها أنه من المهم الحفاظ على العلاقات الإسرائيلية مع الأردن. وعلى الرغم من الخلافات بين الجانبين في السنوات الأخيرة، دعا إلى توثيق العلاقات الأمنية بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والأردنية.
تهديدات الکيان الصهيوني الأمنية على الحدود مع الأردن
على الرغم من أنه يبدو للوهلة الأولى أن الحكومة الجديدة للکيان الصهيوني تحاول إعادة بناء علاقاتها المتوترة مع الأردن، إلا أن الحقائق على الأرض تظهر أن الکيان يبحث الآن عن تهديدات جديدة على الحدود الأردنية، يمكن معالجتها على ثلاثة مستويات.
إنتهاء الاستقرار الأمني على الحدود مع الأردن: يمكن قراءة العلاقات الأردنية الصهيونية بعد توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين في عام 1994، على أنها أكثر العلاقات استقرارًا بين تل أبيب ودولة عربية، لكن هذه المعادلة تغيرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة وخضعت لتغييرات عميقة.
يشعر المسؤولون الصهاينة بقلق بالغ إزاء تحركات المواطنين الأردنيين والفلسطينيين على طول الشريط الحدودي الأطول مع الأراضي المحتلة، أي حدود بطول يزيد عن 600 كم. وقد تجلى أوضح مثال علی ذلك في المظاهرات الحاشدة العام الماضي (2020) على الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة لأول مرة منذ ما يقرب من 40 عامًا.
وبالتزامن مع هذه المظاهرات، كان عبور عدد من المواطنين الأردنيين للحدود لمواجهة قوات الکيان الصهيوني، واجتياز جميع المعوقات الأمنية، رسالةً مهمةً للکيان الصهيوني قد لا تکون أقل خطورةً عن صواريخ المقاومة التي سقطت على “تل أبيب” و”عسقلان” و”أسدود” و”بئر السبع”. والصهاينة قلقون الآن من أن تصبح المناطق الحدودية مع الأردن مصدراً لدخول القوات المسلحة.
فوبيا نفوذ محور المقاومة في الأردن: على مدى العقود القليلة الماضية، كان للأردن أهمية استراتيجية وجيوسياسية خاصة للکيان الصهيوني. ومن وجهة نظر مسؤولي الکيان، فإن الأردن، باعتباره “المنطقة الأمنية الشرقية”، كان منطقةً عازلةً ضد نفوذ محور المقاومة، أو على الأقل منع تحرکات قوی المقاومة في المناطق الحدودية مع الأراضي المحتلة.
في الواقع، شكلت عمان حاجزًا أمام التهديدات الإيرانية باعتبارها قائد محور المقاومة على الحدود الشرقية للأراضي المحتلة، ولكن الآن بعد أن تدهورت العلاقات بين الأردن والکيان الصهيوني خلال السنوات القليلة الماضية، فضلاً عن التطورات الميدانية على مدار العامين الماضيين، يبدو أن الکيان خائف للغاية من نفوذ قوى المقاومة في الأردن والمناطق الحدودية.
أولوية الدفاع عن النظام الملكي في الأردن: من وجهة نظر مسؤولي الكيان الصهيوني، فإن الحدود الأردنية هي المنطقة الحدودية الأكثر أمانًا مع الأراضي المحتلة، وكان حدوث التهديدات الأمنية للکيان في هذا القطاع محدودًا ونادرًا للغاية. ويعود ذلك في الغالب إلى أداء قوات الأمن الأردنية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني.
ومع ذلك، فإن التغيير في المعادلة الأمنية على الحدود الأردنية جعل الدفاع عن النظام الملكي في الأردن وتهدئة التوترات مع عمان، على جدول أعمال حكومة نفتالي بينيت وأولوية لها. وفي الواقع، يعتقد الصهاينة أنه يجب عليهم مرةً أخرى إقناع الحكومة الأردنية بتكثيف العلاقات الأمنية في الضفة الغربية.
المصدر/ الوقت