نظرة على الهيكل العسكري لحزب الله والكابوس الكبير الذي ينتظر الکيان الإسرائيلي
بعد أن كشف السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، لأول مرة في إحدى خطاباته الأخيرة، عن عدد مقاتلي حزب الله، وأكد أن لدى الحزب 100 ألف مقاتل مدرب ومجهز وجاهز لمواجهة أي عدوان في داخل لبنان وخارجه، قامت العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل الإعلام الإسرائيلية، بتحليل القضية وسبب كشف السيد حسن نصر الله عن ذلك.
يعتقد العديد من المراقبين أن كشف أمين عام حزب الله هو في الواقع رسالة تحذير للولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي، لتجنب أي تحرك جديد ضد لبنان.
بالطبع، كانت دراسة القدرات العسكرية لـ “حزب الله”، وخاصةً قدرته الصاروخية، دوماً محور اهتمام وسائل الإعلام ومراكز الفكر الغربية والأمريكية، وخاصة الصهاينة.
وفي السياق ذاته، استعرض الموقع الأمريكي “مثيل تريت” الخبير في الشؤون العسكرية، في مقال له، القدرة الصاروخية لحزب الله في لبنان، وشدد على أن حزب الله يمتلك قوةً صاروخيةً كبيرةً، ما يجعله من أكثر القوات المسلحة في العالم والتي تُصنَّف خارج فئة الجيوش العادية.
وأضاف الموقع الأمريكي أن تدريب أعضاء حزب الله يشبه تدريب القوات العسكرية في أنحاء العالم. والقوة الصاروخية التابعة لـ “حزب الله” اللبناني تثبت ذلك، خاصةً وأن عددًا كبيرًا من هذه الصواريخ موجه نحو “إسرائيل”.
ويذكر التقرير أنه كان لدى حزب الله حوالي 15 ألف صاروخ أثناء حرب 2006، وهو رقم ارتفع بشكل کبير منذ ذلك الحين، إلى ما يقدر بنحو 130 ألف صاروخ حسب آخر التقديرات.
كما أشار الموقع الأمريكي إلى قائمة أنواع الصواريخ الموجودة بحوزة حزب الله، لكنه شدد على أن هذه المعلومات ليست كلها دقيقةً. وبحسب التقرير، فإن صواريخ حزب الله مقسمة إلى أربع فئات، كل منها مصمم لأداء مهام عسكرية محددة.
ويستعرض التقرير بالتفصيل صواريخ حزب الله الموجهة والدقيقة، ويؤكد الکاتب أن لدى حزب الله أيضًا ترسانة صواريخ كبيرة من الصواريخ الصغيرة والمدفعية الصاروخية، والتي رغم افتقارها إلى الدقة العالية المطلوبة في الحروب الحالية، فإن استخدامها على نطاق واسع في الحرب يجعل هذه الصواريخ سلاحًا رهيباً.
من جانبها ذكرت وكالة سبوتنيك للأنباء في مقال أنه خلال الحرب التي استمرت 33 يومًا في يوليو 2006، أطلق حزب الله اللبناني حوالي 4000 صاروخ على إسرائيل. وكان السيد حسن نصر الله قد قال حينها إن الغرض من استخدام هذه الصواريخ، هو تثبيت ردع المقاومة ضد إسرائيل ومنع الکيان من تنفيذ هجمات ضد المدنيين اللبنانيين.
وأضافت سبوتنيك أنه يمكن بسهولة اختفاء صواريخ حزب الله الصغيرة في السماء، مما يجعل من الصعب جدًا على إسرائيل تعقبها وتدميرها في الهواء. ونتيجةً لذلك، يجب على إسرائيل الاعتماد على قواتها البرية في أي مواجهة مع حزب الله، لأن حزب الله أثبت قدرته على تحييد التفوق الجوي الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، نقدم فيما يلي ملخصاً عن الهيكل العسكري لحزب الله منذ تشكيله:
يحاول حزب الله إنشاء بنية سرية لنفسه من خلال إنشاء دوائر مختلفة، وبالتالي لا يعرف المحللون سوى الطبقات الخارجية للحزب. حتى أن العديد من السياسيين اللبنانيين يجهلون هيكلية مراكز صنع القرار في الحزب.
ومع ذلك، يمكن تقسيم الهيكل التنظيمي للحزب على النحو التالي: مجلس القيادة، والمجلس السياسي، ومجلس السياسات، والکتلة النيابية، والمجموعات التنفيذية، والمجالس الاستشارية.
في كل هذه الهياكل، يتم اتخاذ القرارات بأغلبية الأصوات، وأعلى مركز لاتخاذ القرار في حزب الله هو مجلس شوری الحزب، الذي يضم 12 عضوًا ويتم تنفيذ جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للحزب تحت إشرافهم.
شهد حزب الله العديد من التطورات الإقليمية والدولية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، من الحرب في أفغانستان والعراق إلى غزو الکيان الصهيوني للبنان وقطاع غزة، ثم الحرب الإرهابية العالمية 2011 على سوريا.
وفي كل هذه السنوات، تمكنت المقاومة اللبنانية من زيادة قوتها البشرية بشكل كبير، بالإضافة إلى تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية. والقوة البشرية المدربة لحزب الله تضمن تواجد الحزب في كل ساحات المعركة مع العدو في كل المناطق.
الکيان الصهيوني الذي فشل في تحقيق أهدافه في حرب تموز 2006 ضدّ بضعة آلاف فقط من مقاتلي حزب الله،كيف سيتصرف ضد المقاومة في الحرب القادمة، خاصةً بعد أن انضمت فصائل المقاومة الفلسطينية إلى حزب الله، وكذلك الجيوش المسلحة المنضمة من مختلف مواقع محور المقاومة؟
کذلك، أثار كشف السيد حسن نصر الله عن عدد مقاتلي حزب الله الكثير من الفضول، لمعرفة ما هي القدرات المالية واللوجستية لحزب الله والهيكل التنظيمي للحزب.
بناءً على المعلومات التي سبق نشرها حول هيكلية المقاومة وقوتها في وسائل الإعلام التابعة للمقاومة وحتى وسائل الإعلام الصهيونية والغربية، يمكننا إلى حد ما استعراض التنظيم العسكري لحزب الله. بالطبع، من الضروري الانتباه إلى أن تنظيم حزب الله سري وغامض تمامًا، ولا يمكن الوصول إلى أبعاده الواسعة.
المجلس الجهادي
يتولى هذا المجلس إدارة شؤون المقاومة ويتكون من مسؤولين من جميع القطاعات العسكرية والأمنية، ويقوم بأنشطة مثل التخطيط والمراقبة والتجنيد وتدريب الناس وتجهيزهم واتخاذ القرارات العسكرية والأمنية. ويقوم هذا المجلس بالتنسيق مع مختلف المجموعات التنظيمية والسياسية لحزب الله كلما دعت الحاجة.
کما يقيِّم المجلس الجهادي لحزب الله كل الظروف التي يواجهها الحزب في مختلف المجالات، ويحدد استراتيجياته وتكتيكاته للعمل العسكري بناءً على دراسات ومعطيات أمنية. وكل عضو في المجلس مسؤول عن وحدة عسكرية معينة، جغرافياً ووظيفياً.
وعلى الصعيد الجغرافي اللبناني، بحسب مراكز الدراسة الغربية، تضم وحدات حزب الله في مناطق معينة بلبنان ما يلي:
1- وحدة النصر: تتمركز هذه الوحدة في جنوب لبنان من حدود هذه الدولة مع فلسطين المحتلة حتى نهر الليطاني.
2- وحدة بدر: تتمركز هذه الوحدة أيضاً في جنوب لبنان، وتتمركز قواتها من شمال نهر الليطاني إلى مدينة صيدا.
3- وحدة العزيز: قوات هذه الوحدة موجودة في جنوب شرق لبنان حتى منطقة البقاع الغربي.
4- وحدة حيدر: تتمركز قوات هذه الوحدة في وسط البقاع وبعلبك والهرمل.
5- ولدى حزب الله وحدة أخرى في منطقة الضاحية الجنوبية لم يتم الكشف عن اسمها.
إن مسؤولية هذه الوحدات هي التعامل مع التطورات في القضايا الإقليمية مثل سوريا وفلسطين وما إلى ذلك.
ومن حيث العمليات، لدى حزب الله عدة وحدات خاصة، منها:
1- الوحدة الصاروخية التي تتمثل مهمتها الأساسية في تطوير دقة صواريخ حزب الله.
2- الوحدة المضادة للدروع، وهي المسؤولة عن استهداف دبابات الجيش الصهيوني، وقد تم تحديد دورها خلال حرب تموز 2006.
3- وحدة المدفعية المسؤولة عن القيام بعمليات المدفعية والدعم الميداني لمجموعات المشاة.
4 – وحدة سلاح الجو وتشمل طائرات استطلاع وطائرات مسيرة قتالية.
5- وحدة الدفاع الجوي المسؤولة عن تأمين الأجواء اللبنانية أثناء الحرب مع العدو وتحديد الطائرات المروحية للجيش الإسرائيلي، ونجح أحد ضباط هذه الوحدة من حزب الله خلال حرب تموز (يوليو) 2006 في تدمير مقاتلة “يسعور” التابعة للکيان الصهيوني.
6- وحدة المدرعات والدبابات التي تشكلت بعد الحرب الإرهابية العالمية على سوريا، ولعبت دوراً فعالاً في مواجهة الجماعات التكفيرية الإرهابية وشاركت في العديد من المعارك من منطقة القصير إلى الجرود.
7- وحدة القوات الخاصة المعروفة بوحدة “رضوان” والتي أثبتت دورها خلال الحرب السورية، ومن أولى مهامها في الحرب القادمة مع الکيان الصهيوني تحرير منطقة الجليل.
وفي هذا السياق، أعلن السيد حسن نصر الله في مقابلة تلفزيونية في تموز 2019، عن وجود وحدة أخرى تسمى “العباس” لها مهمة مماثلة لوحدة رضوان؛ وتضم هاتان الوحدتان عددًا كبيرًا من المجاهدين المتخصصين في العمليات الهجومية.
8- وحدة البحرية والتي تضم صواريخ أرض – بحر وغواصات سريعة وغواصات صغيرة ومجموعات كوماندوز بحرية، وتمكنت قواتها من استهداف ثلاث سفن تابعة للبحرية الإسرائيلية خلال حرب تموز (يوليو) 2006.
9- الوحدة الإلكترونية المسؤولة عن مكافحة الحرب السيبرانية، ويعتبر الإسرائيليون وحدة حزب الله هذه هي الطرف الرئيسي في العديد من الهجمات الإلكترونية على المنشآت الإسرائيلية.
10- الوحدة الأمنية، المسؤولة عن إدارة جهاز الأمن الداخلي والخارجي لحزب الله، وتقوم بالعديد من الأنشطة ذات الطابع الاستخباري والأمني ، والمتعلقة بالحرب الاستخباراتية مع الکيان الصهيوني وأمن الشخصيات المهمة ومقرات المقاومة.
11- وحدة التدريب، وهي مسؤولة عن إدارة عملية إعداد القوات وتدريبها، من إعداد النصوص التربوية إلى إدارة المعسكرات التدريبية.
12- الوحدة التشغيلية، المسؤولة عن إدارة غرف العمل الإقليمية والمركزية وتقديم التقارير إلى مراكز صنع القرار في المقاومة.
13- وحدة التخطيط والدراسات، وهي المسؤولة عن إجراء البحوث حول خطط التطوير الإستراتيجي لحزب الله.
14- الوحدة المالية التي تتولى الإشراف على الإدارة المالية للهيئة العسكرية للمقاومة.
15- وحدة المعدات والدعم، وهي مسؤولة عن تجهيز جميع الوحدات بالمعدات واللوجستيات في مختلف الظروف، وخاصةً الحرب.
16- الوحدة الهندسية التي تضم مجموعات متخصصة في تجهيز الأسلحة المتفجرة. وتعتبر هذه الوحدة من أقدم وأهم وحدات المقاومة.
17- وحدة الاتصالات، وهي مسؤولة عن توفير الأمن وإدارة قطاع الاتصالات العسكرية، ودارت معركتها الأخيرة لحماية لبنان في 7 أيار (مايو) 2008، عندما قررت الحكومة اللبنانية آنذاك، بدعم من الدول الخليجية والولايات المتحدة، نزع سلاح المقاومة.
18- الوحدة الطبية وهي مسؤولة عن تقديم الخدمات الطبية لمقاتلي المقاومة، وهي من أوائل المشاركين في العمليات العسكرية.
19- وحدة الإعلام العسكري والحربي، التي تعتبر الذراع الإعلامية للمقاومة في الحرب النفسية ضد الکيان الصهيوني، وهي مسؤولة أيضًا عن حماية أرشيف وسائل إعلام المقاومة.
ما قيل عن هذه الوحدات ومعداتها هو ما كشفته المقاومة من خلال قياداتها السياسية وقادتها العسكريين في وسائل الإعلام على مدى سنوات وفي عدة مناسبات، من أجل إقامة معادلتها الرادعة ضد الکيان الصهيوني، ليعلم كل الأعداء أن ما ينتظرهم في الحرب القادمة مع المقاومة اللبنانية سيكون مختلفًا بشكل كبير عما رأوه في حرب تموز 2006.
طبعاً، لدى حزب الله العديد من الوحدات الأمنية والعسكرية المخفية عن أعين الجميع، بما في ذلك الإسرائيليين، وهي تعمل في الخفاء وقد يتضح دورها في الحرب المستقبلية المحتملة، بحيث تفاجئ الکيان الإسرائيلي أو يظل نشاطها سريًا لفترة طويلة .
المصدر/ الوقت