بن زايد يسافر إلى أنقرة؛ حساب مقلوب لمصالحة عدوين لدودين
بينما أصبحت أصوات المتظاهربن حول قصر رجب طيب أردوغان الفخم للمطالبة باستقالته تتصاعد، أفزع انخفاض قيمة الليرة إلى مستوى قياسي بلغ 12.20 مقابل الدولار الأمريكي أردوغان من أحلامه الوردية، وربما الآن يأمل الرئيس التركي في حدوث معجزة أكثر من أي وقت مضى. والمثير للدهشة أن جزءًا كبيرًا من آمال أردوغان قد تتحول الآن إلى عدوه ومنافسه منذ عقد من الزمان وهو محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي.
خلاصة القول هي أنه في خضم الموقف السياسي الأكثر خطورة لأردوغان منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002، ظهر محمد بن زايد، ولي عهد الإمارات العربية المتحدة، باعتباره العدو اللدود للإخوان المسلمين وأردوغان في المنطقة، ومن المعروف أنه سافر إلى أنقرة في 24 نوفمبر 2021. وتزامنًا مع الرحلة، سلط مراقبون سياسيون واقتصاديون الضوء على عرض بن زايد السابق لاستثمار 100 مليار دولار في تركيا في وقت سابق من هذا العام. وفقًا لتقارير إعلامية، في وقت سابق من هذا العام، قبل 10 أشهر، عرض ولي عهد الإمارات على أردوغان استثمارًا بحد أدنى 10 مليارات دولار وبحد أقصى 100 مليار دولار. بناءً على عرض بن زايد المثير، كشخصية مهمة، يُقترح الآن أن محمد بن زايد ربما ذهب إلى أنقرة لإنقاذ أردوغان. أو في قراءة مقلوبة، فإن أردوغان هو من مد يده إلى عدوه العنيد لإنقاذ نفسه من المتاعب. بهذه التفسيرات، السؤال الآن إلى أي مدى يمكن لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم أن يأملوا في الحصول على مساعدة مالية محتملة من محمد بن زايد خلال زيارته الأخيرة؟
هل ستنقذ دولارات بن زايد أردوغان؟
تأتي زيارة محمد بن زايد لأنقرة في وقت تعاني فيه تركيا من أزمة عملة مدمرة، ما دفع أحزاب المعارضة وعدد كبير من المواطنين إلى مطالبة أردوغان بالاستقالة في انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة. مع أحدث استطلاعات الرأي التي أظهرت أن شعبية أردوغان بين المواطنين الأتراك قد انخفضت إلى 38 في المائة، فإن ما إذا كان محمد بن زايد قادرًا على إنقاذ أردوغان من الانهيار أصبح الآن سؤالًا خطيرًا. أساس هذا المقال هو أنه على عكس الافتراضات الأولية، فإن تعاون أبو ظبي مع تركيا صعب للغاية بسبب الاختلافات المؤسسية في العلاقات بين البلدين، وحتى إذا تم تنفيذه، فلن يكون له تأثير كبير على الأزمة الاقتصادية التركية؛ لأن كل المعادلات تظهر أن الإمارات غير قادرة على الاستثمار بكثافة في تركيا في الوضع الحالي. بشكل عام، لإثبات الحجة، يمكن ذكر المحاور التالية:
شك في الابتسامات الدبلوماسية للقادة الأتراك والإماراتيين: على المستوى البدائي، لا يخفى على أحد أن أردوغان يمكن أن يأمل في أن يكون أهم عدو له على مدى العقد الماضي هو الذي يقف خلف الكواليس الانقلاب على حلفائه في مصر والسودان وليبيا، وحتى عليه هو نفسه (الانقلاب الفاشل عام 2016).. فهل يقوم عدوه بإنقاذه من المستنقع الاقتصادي؟ أو ربما ذهب بن زايد إلى القصر الرئاسي التركي ليرى أردوغان يغرق عن قرب. على أي حال، خلف الابتسامات على عدسة الكاميرا الإعلامية، فإن اللقاء بين أردوغان وبن زايد، وهما شخصيتان تحلمان بقيادة المنطقة، لا يمكن أن يكون نهاية التنافس بينهما. في ظل الوضع النفسي الحالي، هناك مستوى عميق من عدم الثقة بين قادة البلدين ومدى قدرة الجانبين على العمل معًا، مما يشكل مصدر شك وغموض جديين بينهما.
توترات مؤسسية بشأن العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي: على الرغم من أنه منذ بداية هذا العام، تم إرسال إشارات من أنقرة وأبو ظبي لبعضهما البعض، وفي شهري يونيو ويوليو، اتخذت الإمارات خطوات لتقليل بعض القيود والعقبات أمام رجال الأعمال الأتراك والمستثمرين وتسهيل سفرهم إلى الإمارات. في المقابل، أرسلت أنقرة سفيرًا جديدًا إلى أبو ظبي، مما قلل من حدة الهجمات الإعلامية على الإمارات، لكن على مدار العقد الماضي كان هناك مستوى كبير من الخلاف السياسي بين البلدين لم يتم حله بسهولة. يمكن القول ببساطة إن استثمار محمد بن زايد بقيمة 100 مليار دولار في تركيا لا يمكن أن يكون إلا على الورق. بشكل أساسي، على المرء أن يسأل ما هي التغييرات التي حدثت في سياق الخلافات بين البلدين في حالات مختلفة مثل ليبيا وسوريا وتونس وغيرها، حتى تظهر صداقة بن زايد وجهوده لمساعدة أردوغان وإنقاذه له من الازمة؟ بينما تواصل تركيا إصرارها على مواقفها من ليبيا وتونس وسوريا وحتى انتشارها في البحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي. حقيقة الأمر أن استثمار الإمارات البالغ 100 مليار دولار والاستثمارات السريعة في تركيا يفتقر إلى منطق حقيقي، ويبدو أنه في الحالة الأكثر تفاؤلاً يمكن استثمار 3 مليارات دولار إلى 4 مليارات دولار في هيئة وشركات أبو ظبي للاستثمار القريبة من العائلة المالكة في الإمارات العربية المتحدة في مجال الرعاية الصحية، والتقنيات المالية وغيرها من الصناعات.
الدين الخارجي الضخم للإمارات والوعود لأردوغان: على صعيد آخر، ضعف الوضع المالي للإمارات بشدة في السنوات الأخيرة بسبب تفشي وباء كورونا، وهبوط أسعار النفط، وتراجع مداخيل السائحين في دبي. في عام 2020، وصل الدين الخارجي لدولة الإمارات إلى مستوى قياسي بلغ 106.72028 مليار دولار، أو 96٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
في مثل هذه الظروف، يمكن النظر إلى الوعد بتقديم 100 مليار دولار من المساعدات والاستثمار على أنه حلم وردي لا أكثر، أو بعبارة أخرى، وعد محمد بن زايد السخي لأردوغان.
المصدر / الوقت