التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

إحتفال السوريين بالمصالحة الوطنية في دير الزور 

بعد أكثر من 10 سنوات على الأزمة السورية، تتسارع البلاد نحو نهاية الأزمة.

في الوضع الجديد، يبدو أنه يجري تنفيذ إجراء جديد لإعادة سيطرة الحكومة المركزية على مناطق مختلفة من سوريا، والذي يقوم على الدبلوماسية والقوة الناعمة، على عكس الإجراء السابق الذي كان يقوم على الانتصارات الميدانية واستخدام القوة.

وفي هذا الصدد، نرى أن جولةً جديدةً من محادثات السلام قد انطلقت في مدينة الميادين، وتمتد إلى مدن وبلدات أخرى في محافظة دير الزور السورية.

وتأتي عملية المصالحة الجديدة في سوريا مع دخول الجيش إلى بلدة “اليادود” بمحافظة درعا جنوب سوريا في 13 أيلول/سبتمبر 2021 برفقة الشرطة العسكرية الروسية، وخلال هذه العملية، تمكنت دمشق، بوساطة روسية، من الاتفاق مع شيوخ العشائر داخل المدينة، على أن المجموعات المسلحة يجب أن تسلم كل أسلحتها للجيش، وأن السيطرة على المدينة يجب أن يتم تسليمها إلى القوات الحكومية.

هذه العملية التي يمكن وصفها بـ “فترة التقدم السلمي للانتقال من مرحلة الأزمة”، هي مرحلة جديدة في التطورات في سوريا بعد أزمة 2011، ويمكن اعتبار عنصرها الأساسي قبول المواطنين السوريين لشرعية الحكومة المركزية. في غضون ذلك، كان مرسوم العفو الصادر عن بشار الأسد، المحرك الرئيسي للنسخة الجديدة من “السلام بلا حرب”.

مرسوم بشار الأسد بالعفو، بوابة عملية المصالحة

المرحلة الجديدة من عملية المصالحة في سوريا، هي في الأساس نتيجة مباشرة لمرسوم العفو الصادر عن الرئيس السوري بشار الأسد في 2 مايو 2021.

قبل نحو سبعة أشهر أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمراً بالعفو العام عن المحكوم عليهم في قضايا جنائية. وشمل العفو جرائم مثل “الإضرار بسلطة الحكومة” أو “الهروب من الجيش”، بشرط إعادة الهارب خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة.

كما تضمن المرسوم الجرائم المنصوص عليها في قانون الإرهاب، ومنها “التآمر لارتكاب عمل إرهابي”، والتعامل بأموال غير الليرة السورية بشرط دفع تعويضات للبنك المركزي.

وعلى الرغم من أن المرسوم لم يشمل الأفراد المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين أو الکيان الإسرائيلي، إلا أن استمرار عملية “السلام دون حرب” لقي ترحيباً واسعاً من قبل المواطنين السوريين.

وفي هذا الصدد، نرى أنه في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، يعود المدنيون الملاحَقون والجنود والعسکريون الهاربون إلى حياتهم الطبيعية، من خلال الذهاب إلى القواعد الخاصة للمصالحة للتمتع بالعفو العام.

كما قال شيوخ وشخصيات بارزة في مدينة الميادين لوكالة الأنباء السورية الرسمية(سانا)، إن عملية المصالحة فرصة حقيقية لكل من تلطخت أيديهم بدماء أبناء وطنهم، من أجل العودة إلى وطنهم دون قيد أو شرط عبر القيادة السورية.

عودة المواطنين السوريين إلى أحضان الحكومة المركزية

في الأشهر والسنوات الأولى التي أعقبت اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، سلك جزء كبير من المواطنين السوريين، في ظل دعاية واسعة النطاق لوسائل الإعلام الغربية والعربية، طريق الانضمام إلى الجماعات الإرهابية والاقتراب منها.

في البداية اعتقدوا أن هذه الجماعات المتطرفة يمكن أن تخلق مدينةً فاضلةً في ظل حكومتها، لكن تدريجياً وبعد إدراك الطبيعة الحقيقية لهذه التيارات، فتح المواطنون الذين سئموا من انعدام الأمن وأفعال الإرهابيين أذرعهم لوجود قوات الحكومة المركزية كمنقذ للسلام. ويمكن رؤية مثال واضح علی ذلك في تنفيذ عملية المصالحة في مختلف المدن السورية خلال الأشهر القليلة الماضية.

بدأت هذه العملية في البداية في مدينة درعا، حيث استسلمت القوات الإرهابية المتواجدة في المدينة، لتنتهي المرحلة الثانية من الاتفاق مع الحكومة المركزية. ومن جهة أخرى، بدأ المواطنون بالعودة إلى المناطق السكنية بعد سيطرة الجيش على مركز المدينة.

بعد انتشار الجيش في حي درعا البلد في 6 أيلول / سبتمبر، أعرب العديد من السكان الذين عادوا إلى منازلهم عن سعادتهم بخروج الإرهابيين، كما شكروا الجيش السوري أيضًا.

لكن في ظل الوضع الجديد، أصبحت محافظة دير الزور الآن مركزًا جديدًا للمصالحة في سوريا، والتي يمكن وصفها بأنها مصالحة بين الشعب والحكومة أكثر من أي موضوع آخر.

آثار النسخة الجديدة من “السلام دون حرب”

فيما يتعلق بآثار النسخة الجديدة من “السلام دون حرب” بآلية العفو، يمكن ذكر عدة نقاط مهمة:

أولاً، تمثل هذه العملية منعطفاً رئيسياً في المعادلة السورية. بمعنی أنه في الساحة الجديدة، توصل الإرهابيون في المناطق الجنوبية والشمالية من البلاد، وإدراكًا منهم لعدم قدرتهم على مواجهة الحكومة المركزية واليأس من أسيادهم العرب والغربيين، إلى الاعتقاد بأنهم من خلال الاستسلام دون عقاب، يمكنهم البقاء على قيد الحياة في الحد الأدنى، وليس هناك أي أمل في استمرارهم في النهج الماضي. وفي مثل هذه الأجواء، يبدو أن الإرهابيين في محافظة إدلب سيقبلون في النهاية سيناريو مماثل.

وعلى المستوى الثاني، يظهر تنفيذ عملية السلام أن الشعب السوري وزعماء العشائر والقبائل في هذا البلد يؤمنون بمحور دمشق – طهران – موسكو كتيار موثوق، ويمكن لهذا المحور أن يتفاوض مباشرةً مع المعارضة ويتوصل إلى اتفاق دائم دون تدخل المحور الغربي العربي وتركيا.

وهذا يزيد من احتمالية تكرار أحداث مماثلة في مناطق الشمال أكثر من أي وقت مضى، وقد يكون له في المستقبل عواقب إيجابية على استقرار سوريا وأمنها.

والمحور الثالث المهم هو أن الأكراد يسيطرون في مناطق الشمال على جزء كبير من الأراضي السورية من جهة، ومن جهة أخرى يتواجد التنظيمات الإرهابية بشكل كبير في إدلب وشمال حلب.

في غضون ذلك، يمكن للأكراد السوريين، الذين تربطهم صلات بالحكومة المركزية، الاستفادة من اتفاقية عملية المصالحة الأخيرة، وبدء السلام مع دمشق.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق