عقب كشف عملاء الموساد في تركيا.. ما الهدف الذي يسعى العدو لتحقيقه
بالرغم من أنّ جهاز الاستخبارات الصهيونيّ “الموساد” زعم في وقت سابق على لسان مسؤول بارز سابق، عدم صحة إعلان تركيا عن إحباطها شبكة تجسس إسرائيليّة في أراضيها، وادعائه بأنّ الأسماء المنشورة لم تكن لجواسيس إسرائيليين، كشف القضاء التركي مؤخراً أن بعض المتهمين في قضية شبكة التجسس التي تعمل لصالح إسرائيل، قامت بعمليات تجسس على رعايا أجانب فلسطينيين وسوريين ومنظمات مجتمع مدني، بواسطة كاميرات مخفية في نظارات، وذلك بعد عام كامل من التعقب.
وفي الوقت الذي يقوم الكيان الصهيونيّ الغاشم بقتل الشعب الفلسطينيّ والتجسس عليه واستعمار أرضه منذ مطلع القرن المنصرم، بيّنت النيابة العامة التركية أن المتهمين أرسلوا مشاهد التقطوها بواسطة نظارات احترافيّة، إلى موظف في جهاز الموساد الإسرائيليّ، متحدثة أن الشبكة المكونة من 16 شخصاً، قامت بعمليات تجسس على رعايا أجانب فلسطينيين وسوريين ومنظمات مجتمع مدنيّ، لصالح العدو، وقد شاهدنا جميعاً كيف صنّف العدو الصهيونيّ مؤخراً 6 مراكز حقوقية فلسطينية بأنّها “إرهابيّة”، وبالتالي جرّم عملها والعاملين فيها، باعتبارها تؤدّي دوراً محوريّاً في المجتمع الفلسطينيّ وتوثق بشكل كبير جرائم العصابات الصهيونيّة، رغم أنّها تقديم خدمات رعاية وتطوير هامة للنساء والأطفال ولفئات واسعة من المجتمع القابع تحت الاحتلال، وتأمن حماية قانونيّة واجتماعيةٍ لهم، ناهيك عن أنّها تمثل حقوق الانسان الفلسطينيّ في المنابر الدوليّة.
وهذا الخصوص، اتهمت النيابة التركية الجواسيس الذين يعملون لصالح الموساد بتوفير معلومات عن أمن الدولة والتجسس السياسيّ أو العسكريّ، بالإضافة إلى إفشاء معلومات عن مصالح الدولة الأمنية والسياسية والكشف عن معلومات سريّة ينبغي كشفها، وورد في لائحة الاتهام التركية، أن أحد المتهمين الذي دخل تركيا بطريقة غير شرعيّة نهاية عام 2015، كان يدير عملية تحويل الأموال لشبكة التجسس في تركيا، وكانت عملية التحويل، تتم بسريّة تامة من خلال مكاتب التحويلات وحسابات الأموال المشفرة، كما تم إجراء بعض المدفوعات عن طريق البريد.
أما عن الاعترافات، لم يخفِ أعضاء شبكة التجسس علاقاتهم مع موظف المخابرات الصهيونيّة، كما أنّ أحدهم كان قد اعتقل من قبل الموساد عام 2011، وبعد أن تواصل ليصبح فيما بعد مسؤولاً ميدانياً لصالحهم، وقد تلقى تعليمات بتصوير مواقع عديدة محددة، وتمت عملية التصوير بواسطة كاميرا مخفية في نظارات، وجرى نقل المعلومات عبر برنامج خاص يجري عملية مسح لشبكات الواي فاي.
وبما أنّ الفلسطينيين المهجرين من بلادهم يدافعون عنها بشتى الطرق، تقوم المخابرات الإسرائيليّة وعملاؤها باستهداف الفلسطينيين بالتجسس، قام المتهم المذكور بتصوير منزل عالم دين فلسطينيّ، وجمع معلومات عن الفلسطينيين المقيمين في تركيا، مقابل الحصول على عملات مشفرة وأموال عن طريق حوالات دوليّة أو مكاتب تحويل أموال، وتشير لائحة الادعاء إلى أن الجاسوس التزم بالتعليمات التي تلقاها وبالسرية الكاملة طيلة هذه الفترة، وتمكن من جمع معلومات بحق أشخاص مقيمين في تركيا ونقلها، “ما يشكل تهديداً للأمن القومي التركي”، والدليل على ما ذُكر هو الدور الذي تلعبه وحدات الحرب الإلكترونية وغير الالكترونيّة ضمن الجيش الصهيونيّ في التجسس على المجتمع الفلسطينيّ.
أيضاً، وفي ظل الرغبة الإسرائيلية بزيادة التضييق على الشعب الفلسطينيّ خاصة المنظمات التي تتمتع بعلاقاتٍ دوليةٍ واسعةٍ ومؤثرة، تلقى العدو تقارير تتضمن معلومات شخصية مفصلة عن العاملين في منظمات وجمعيات فلسطينية، مثل عناوين الإقامة، وصورهم، وعناوين بريدهم الإلكتروني، وأرقام هواتفهم، وسرّب الجواسيس معلومات بطرق مشفرة حول شخصيات تنتمي إلى حركتي “حماس” و”فتح”، ناهيك عن أنّ أحد الجواسيس قام منذ عام 1998، بحسب لائحة الادعاء، بالذهاب إلى تركيا بناء على تعليمات جهاز الموساد، والتقى ضابط مخابرات أجنبيّ في فلسطين، إذ عرض عليه جمع معلومات عن حركتي “الجهاد الإسلامي” و”حماس”، مقابل التعهد بدفع راتب ثابت له، فضلاً عن جمع معلومات حول بعض المواطنين الأتراك أو المقيمين في تركيا.
أرسال تقارير دوريّة وبشكل سريّ بحق طبيعة عمل الجمعيات والأوساط الفلسطينية النشطة في تركيا وعلاقاتها، والأشخاص المهمين، مقابل بدل مالي، هي إجدى المهام الهامة التي كانت على عاتق الجواسيس، حيث أعلنت تل أبيب إرهابها المباشر على المجتمع المدنيّ الفلسطيني منذ وقت طويل، لأنّها تعي تماما دور هذه المؤسسات في دعم صمود الشعب الفلسطينيّ، ودورها في تثبيت لُحمة المجتمع الفلسطينيّ في ما يواجهه الشعب الفلسطينيّ من تفكيك وتفتيت ممنهج، إضافة إلى مهمة نقل معلومات حساسة وسريّة عن مواقع الاشتباكات في سوريا، حصل عليها من مجموعات على تطبيق “واتساب” ومن مصادر أخرى، وذلك بالتواصل هاتفياً مع شخص آخر، مقابل مبالغ ماليّة.
نهاية القول، طالب الادعاء العام التركي بالسجن لمدد تراوح بين 15 – 20 عاماً على المتهمين، لارتكابهم جريمة التجسس الدوليّ نيابة عن المخابرات الإسرائيليّة عبر مراقبة عمل منظمات أجنبيّة في تركيا، وحياة أجانب وارتباطاتهم الخارجيّة، وخصوصاً الفلسطينيين، لكن الواضح في كل قضيّة من هذا النوع هو مدى لهفة العدو وأجهزته الأمنيّة لجمع معلومات معظمها تتعلق بأبرياء واستخدمها لتمزيق المجتمع الفلسطينيّ، فيما يعيش الفلسطينيين في الداخل أيضاً تحت الحكم العسكريّ الصهيونيّ وهم عرضة وبشكل كامل للتجسس والمراقبة من المخابرات الإسرائيلية، وتستخدم المعلومات للمحاكمات السياسيّة وبذر الانقسام في المجتمع الفلسطينيّ وتجنيد العملاء ووضع المجتمع في مواجهة نفسه.
المصدر/ الوقت