التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

آخر تطورات الحرب في إثيوبيا 

صارت اثيوبيا فجأة محط أنظار العالم، ومحل تركيز عدسات وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد التقدم الكاسح الذي أحرزته جبهة تحرير شعب تجراي المتمردة ضد الجيش الحكومي، في الحرب الأهلية الجارية بينهما منذ أكثر من عامين، ومحاولة الجبهة تطويق العاصمة أديس أبابا بالتنسيق مع جبهة تحرير أروميا، من جهة، واحتلال اقليم العفر المسلم لقطع الشريان الحيوي الذي يربط أثيوبيا بجيبوتي، نافذتها الوحيدة إلى العالم لتصدىر منتجاتها واستيراد احتياجاتها، من جهة اخرى.

وفي تطور جديد للأحداث في ساحة المعركة الإثيوبية، أعلن جيش تحرير أورومو، السبت 4 ديسمبر 2021، تقدمه واقترابه من العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، فيما قررت السلطات الإثيوبية إغلاق جميع المدارس الثانوية، وذلك حتى يتمكن الطلاب من المشاركة في حصاد المحاصيل، بدلًا من كونهم على جبهة القتال في الحرب الأهلية، وفقًا لما أفادت به وسائل الإعلام الإثيوبية.

إلى ذلك، جيش أورومو كان قد أشار في وقت سابق إلى التنسيق مع قوات جبهة تحرير تيجراي لإسقاط نظام رئيس الوزراء آبي أحمد في أقرب وقت، وتشكيل حكومة انتقالية.

وقال قائد قوات جبهة تحرير شعب تيجراي، إن قواته تجهز وتعد لهجوم كبير سيحسم المعركة مع قوات الحكومة بقيادة آبي أحمد، مضيفًا: «لم ننسحب وخطتنا الآن اختصار الوقت لمنع تفاقم معاناة الإثيوبيين».

تقدم جبهة تحرير تجراي على هذا النحو المذهل، بعد استعادة سيطرتها على اقليم تجراي، الذي كان الجيش الحكومي قد طردها منه في وقت سابق، وترنح هذا الجيش تحت ضرباتها الموجعة، ووقوع الآلاف من أفراده أسرى في يدها، وسيطرة الجبهة على مخزون ضخم من أسلحته وعناده، بجانب تصاعد دعوات الحكومات الغربية لرعاياها بمغادرة أثيوبيا، كل هذه العوامل وغيرها، دفعت آبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي، إلى نزع الزي المدني وارتداء الزي العسكري، ومن ثم، النزول إلى ميدان المعركة لقيادة الحرب بنفسه ضد جبهة تحرير تجراي، أو بالأحرى لإعادة الثقة للجيش الحكومي المترنح والمنهار، كي يستعيد زمام المبادرة في تلك الحرب من جديد، وليس ذلك فحسب، إنما دعوة الشعب الأثيوبي للانتفاضة وحمل السلاح واللحاق بجبهة القتال.

بيد أن محاولة جبهة تحرير تجراي لاحتلال اقليم العفر، قد باءت بالفشل، وذلك بفضل ابناء العفر المسلمين، الذين تصدوا لتلك المحاولة وردوا قوات الجبهة على أعقابها. كما أن محاولة الجبهة تطويق العاصمة أديس ابابا، لم تكن سوى محاولة استعراضية، ليس إلا، نظرا لافتقار الجبهة للمقاتلين الذين سيمكنونها من تحقيق ذلك، من جهة، ولعدم وجود أي شعبية لها في العاصمة أدبس أبابا، والواقعة أساسا في منطقة شوا التابعة لأقليم أروميا، ذي الأغلبية المسلمة. ذلك أن نسبة أقلية التجراي لا تتجاز 6% من مجموع سكان أثيوبيا، البالغ أكثر من 110 مليون نسمة، ينتمون إلى حوالي 80 أقلية عرقية، أكبرها أقلية الأرومو ذات الأغلبية المسلمة (40%)، ثم أقلية الأمهرة ذات الأغلبية النصرانية (27%).

وفي سياق متصل، استعاد الجيش الإثيوبي هذا الأسبوع السيطرة على الأراضي التي أحكم متمردو تيغراي قبضتهم عليها مؤخرا، ما يبدو انعكاسا لانضمام رئيس الوزراء آبي أحمد إلى جنوده في مناطق النزاع.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يزال من غير الواضح تماما ما يعنيه هذا الانتصار ومآلاته على الصراع المستمر منذ عام مع دخول القتال مرحلة جديدة يشوبها اللايقين.

وقبل شهر واحد فقط، تقدم المقاتلون في جبهة تحرير شعب تيغراي بشكل متسارع مع إعلانهم الاستيلاء على مدينتي ديسي وكومبولتشا على طريق سريع رئيسي باتجاه العاصمة أديس أبابا.

وسرت أنباء عن أنهم وصلوا إلى شوا روبت، على بعد حوالي 220 كيلومترا فقط شمال شرقي أديس أبابا. لكن بعد تأكيد آبي الأسبوع الماضي توليه زمام العمليات الميدانية، فقد أعلنت الحكومة سلسلة انتصارات فيما أقر المتمردون باضطرارهم إلى تغيير استراتيجيتهم.

وطغت لهجة المنتصر على تغطية وسائل الإعلام الحكومية. ونقلت هيئة الإذاعة الإثيوبية عن آبي قوله الخميس: “العدو دُمّر وتفكك”.

وقال خبير الأمن في القرن الأفريقي بجامعة كوينز في كندا، أويت ويلدمايكل، إنه لا شك في أنه يمكن للحكومة الادعاء بتمتعها بـ”اليد العليا” في مناطق معينة. وأضاف: “الوقت وحده سيحدد ما إذا كان يمكن ترجمتها إلى يد عليا في الحرب”.

واندلع القتال في شمال إثيوبيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، عندما أرسل آبي قوات للإطاحة بالجبهة في ما قال إنه رد على هجماتها على معسكرات الجيش. وعلى الرغم من أن آبي، الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، تعهد بتحقيق نصر سريع إلا أن الجبهة استعادت معظم تيغراي بحلول أواخر حزيران/ يونيو، وسرعان ما شنت هجمات على منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.

واستدعى تقدم المتمردين نحو أديس أبابا استنفارا دوليا، وحثت سفارات عديدة مواطنيها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن. كل ذلك فيما كانت الطبيعة الدقيقة لتقدم جبهة تحرير شعب تيغراي محل خلاف.

وأفاد مسؤول أمني غربي في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر: “لا أعرف ما إذا كان ينبغي أن نسميه تقدما”.

وأضاف حينها: “ليس هناك طابور ضخم من الدبابات والمدرعات يسير على الطريق نحو أديس أبابا. الأمر أكثر تعقيدا من ذلك. هناك جنود مشاة يتجهون إلى الجبال ويطلقون النار ويحاصرون مناطق معينة” ولكن لا يبدو أنهم يسيطرون بشكل كامل على المدن والبلدات.

ولم تعلن الجبهة صراحة أبدا أنها تنوي دخول أديس أبابا، على الرغم من أنها رفضت استبعاد هذه الخطوة.

وتكشفت التحولات الأخيرة في ساحة المعركة بسرعة. وأعلنت الحكومة لأول مرة سيطرتها على بلدات في عفر قرب طريق استراتيجي سريع مهم لوجستيا لتأمين إمدادات العاصمة، ثم أعلنت الأربعاء النصر في لاليبيلا، أحد مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو والذي سبق أن سقط في أيدي المتمردين في آب/ أغسطس.

وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية الجمعة أنه تم “تحرير” البلدات الواقعة على الطريق المؤدي شمالا إلى ديسي وكومبولتشا.

وقال الباحث الاجتماعي الذي درس خلافات الأراضي والتعبئة في إثيوبيا مهدي لابزاي: “فوجئت للغاية بالهجوم المضاد الأخير الذي شنّته الحكومة”.

وتابع: “رأيت جميع الناس الذين تمّت تعبئتهم.. لكنني لم أعتقد أنهم مدرّبون واعتقدت أنه سيجري تدميرهم”.

ويحاول الاتحاد الأفريقي التوسط للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمنع مواصلة سفك الدماء، لكنه لم يحقق أي تقدم يذكر حتى الآن.

وتصر جبهة تحرير شعب تيغراي على أنها تملك الأفضلية في أي معارك مقبلة.

وقال زعيم الجبهة العسكري تاديس ووريدي في مقابلة بُثّت الجمعة: “من المعروف أنه في المعارك تجري تعديلات وتراجع محدود وتقدّم كبير إلى الأمام أيضا”.

وأضاف: “قررنا أنه من أجل خفض المشاكل ومكامن الضعف في بعض المناطق التي وصلنا إليها، علينا مغادرتها طوعا”.

وبالنسبة للابزاي، فإن تصريحات كهذه تعيد إلى الذاكرة إعلان الحكومة قرارها الانسحاب من معظم مناطق تيغراي أواخر حزيران/ يونيو، وهو أمر جنّبها انتكاسات عسكرية وإن كان مقاتلو الجبهة احتفلوا في شوارع العاصمة الإقليمية ميكيلي حينها.

وأفاد لابزاي في معرض حديثه عن جبهة تحرير شعب تيغراي: “كانوا قريبين للغاية من (أديس أبابا). لم سيتراجعون الآن؟”.

وأضاف: “يعني ذلك أن أمرا ما أقلقهم أو بدا غير جيّد بالنسبة إليهم”. “وهناك احتمال أن يكون تفوّق الحكومة جوا قد قلب المعادلة، على الأقل في الوقت الراهن”، بحسب أويت.

ولفت إلى أن “هناك مزاعم بأن الطائرات المسيّرة لعبت دورا حاسما في القتال النشط، وهو أمر لم يتضح حجمه الكامل بعد”. وتدارك قائلا: “لكن حتى الآن، يبدو أنها ساعدت في وقف هجمات (متمرّدي) تيغراي المعاكسة وتقدّمهم”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق