التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

“إعلاميون ضدّ التّطبيع” في لبنان.. الرسائل والأهداف 

مع تصاعد خيانة بعض الأنظمة العربيّة لفلسطين وقضايا العرب عبر ما يعُرف بـ “التطبيع” مع الكيان المجرم، وتحالف بعض الحكام العرب مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، في ظل تعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كافة المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة، دعا مؤتمر “إعلاميون ضدّ التطبيع” الذي عقد في العاصمة اللبنانيّة بيروت بتنظيم من اللقاء الوطنيّ الإعلاميّ إلى “التّنسيق وتوحيد الجهود لمواجهة التطبيع ودعم المقاومة”، عقب عام ونص من يوم توقيع اتفاق التطبيع بين تل أبيب وكل من الإمارات والبحرين والتي انضم إليها لاحقاً كلاً من المغرب والسودان.

في ظل تفاخر الكيان الصهيونيّ بخيانة الإمارات وبعض الدول العربيّة الخانعة، اعتبر ممثّل حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” في لبنان، أحمد عبد الهادي، أنّ معركة “سيف القدس” أوقفت كلّ جهود التطبيع من خلال تثبيت الحقّ الفلسطيني وتثبيت الممانعة الفلسطينية، وهي معركة جاءت رداً على الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان الصهيونيّ على غزة قبل مدة، والتي تركت تل أبيب في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، وألحقت هزيمة عسكريّةً ومعنويّة غير مسبوقة في جميع الأوساط الإسرائيليّة.

وفي الوقت الذي يتصاعد فيه إرهاب الكيان الصهيونيّ بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ووصول الإجرام الصهيونيّ إلى درجة لا يمكن تخيلها، ناهيك عن انتهاك القانون الدوليّ وغض الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، دعا عبد الهادي لوضع استراتيجيّة إعلامية شاملة لمواجهة التّطبيع ومساندة الشعب الفلسطينيّ، الذي يعيش تحت ظلم قوات المحتل الباغي وجرائمهم بحق أرواحهم وثرواتهم ومقدساتهم، ويرتكب بحقه أبشع الجرائم الإرهابيّة في القتل والإعدام والتعذيب.

وبالتزامن مع انخراط بعض وسائل الإعلام العربيّة التابعة للأنظمة المُطبعة (سراً وعلانية) وأبواقهم في تغطية الشأن الفلسطينيّ، لدرجة أنّهم ساووا بين الجلّاد والضحية وبين البطل والمحتل، قال نقيب المحرّرين في لبنان، جوزيف القصيفي، أنّه “علينا أن نحاذر التطبيع ونقاومه بخطّة مدروسة تحيي الذاكرة الفلسطينية، و ألا نترك الكيان الصهيوني يستدرجنا إلى تطبيع مُقنع”، خاصة في ظل حرب المصطلحات التي تخوضها القنوات الإخباريّة التابعة لعواصم العمالة والخيانة، والتي هي ليست سوى “أداة إعلاميّة” بعيدة عن الحياد وتمثل في جوهرها سياسة ومواقف بعض البدان العربية التي أُدخلت في حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو الغاشم، لجعل “إسرائيل” اللقيطة مقبولة بين الشعوب العربية والإسلامية ونزع القدسية الدينيّة والقوميّة عن القضية الفلسطينيّة وتقديمها للمشاهد على أنها نزاع من ضمن النزاعات في العالم.

وبعد أن ضرب بعض المحللين في وسائل الإعلام كل الأصول الأخلاقيّة والمهنيّة عرض الحائط، وتناسوا أنّ الاحتلال الصهيونيّ الإرهابيّ يستخدم قوته التدميريّة لإبادة الشعب الفلسطيني واحتلال أراضيهم وتدمير مقدساتهم وبالتالي الدول العربيّة، أشار القصيفي​ إلى أنّ ​اتّحاد الصحافيين العرب​، حذّر في دستوره، من أيّ تعاون مع وسائل الاعلام الاسرائيليّة، أو أي شخص إسرائيليّ، مؤكّدًا أنّ “​نقابة المحرّرين​، تعتبر أنّ الانتصار الحقيقيّ على العدو الغاصب، بحفظ الذاكرة وتجريم الجرائم الاسرائيليّة ضدّ الشّعب الفلسطينيّ”.

ولمواجهة الخطاب الإعلاميّ السلبيّ بعد قيام بعض الأنظمة الخانعة بالتطبيع مع الكيان الإسرائيليّ رغم خطورة ذلك على المنطقة، بيّن رئيس المجلس الوطني للإعلام، عبد الهادي محفوظ، أنّ ما يقوم به الفلسطينيين اليوم يستحضر القضية الفلسطينية في الإعلام الدّولي، ولا بدّ لهذا اللّقاء أن يخرج بميثاق إعلاميّ لمواجهة التّطبيع، محذّرًا من التّطبيع مع كيان العدو”، حيث إنّ تطبيع العلاقات مع مغتصب الأرض العربية ومنتهك الحق العربي يمثل خنجراً غادراً يطعن ظهر الفلسطينيين والعرب، ولا بد من منع الصهاينة وأعوانهم من احتلال “الساحة الإعلامية” لمحاولة اختراق وعي شعوب المنطقة، ومن ثم تمرير تزويرهم إلى أذهان المواطنين بتواطؤ مع المطبعين المتعاونين معهم، وهي نقطة حساسة بالفعل يلعب عليها المحتل لمحاولة كسر الجليد عن الكره الشعبي الشديد لكيان احتلاله في وعي الشعوب العربية والإسلامية على وجه التحديد، وأضاف محفوظ أنّه “يجب منع تل أبيب من أن تستدرجنا إلى التطبيع، الذي يهدّد مستقبلنا ومستقبل ​القضيّة الفلسطينية​، ويبقى الرّهان على الشّعب العربي وهو وحدَه يُحدث الفَرق”.

وفي هذا الخصوص، إنّ لفت انتباه الإعلاميين إلى أولوية تسليط الضوء على الحق الفلسطينيّ وخطورة التطبيع مع كيان الاحتلال، فضلاً عن العمل إلى جانب الأحرار في المنطقة والتنظيمات المناهضة للتطبيع على صدّ مبادرات الخيانة، هو موضوع حساس نتيجة حجم الاستهداف الإعلاميّ لفلسطين مقابل محاولة تحسين صورة الأعداء الصهاينة، بمعنى آخر “حملة إعلاميّة مسعورة على القضيّة الفلسطينية مقابل تبييض صفحة المحتل الدمويّة”.

وعلى ما يبدو فإنّ الطبقة العربيّة المثقفة وجدت نفسها أمام “حرب إعلامية ضروس” تستهدف بوضوح قضية العرب والمسلمين الأولى، وقد ارتأت أن وقت التصدي لها قد حان بالفعل لمنع بث الكذب والسموم بمساعدة الحكومات العميلة التي فضلت السير بعكس إرادة شعوبها الرافضة بشكل قطعيّ لأي تعاون مع تل أبيب، فيما يُصر الجميع على أن فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس، كانت وستبقى القضية المركزية بالنسبة للعرب والمسلمين والأحرار.

في الختام، ومع تزايد حجم استهداف فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات التطبيع لتمرير ما تسمى (صفقة القرن) الرامية إلى تصفية قضية الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة من خلال التبعات القانونية للتطبيع، دعا اللقاء الرافض للتطبيع في لبنان إلى التنسيق وتوحيد الجهود لمواجهة الخيانة ودعم المقاومة وتشكيل لجنة قانونيّة تتابع قضايا التطبيع الاعلاميّة أمام القضاء المختص، ليكونوا صفاً واحداً ضد التطبيع نُصرة للحق الفلسطيني، ولحماية مجتمعاتهم من الخطر الصهيوني، بعد أن تحولت بعض الدول العربيّة إلى مرتع للمحتل، قاتل أطفال الفلسطينيين والعرب ومهجرهم من ديارهم، والذي يدنس في كل يوم مقدسات العرب ويحتل أولى قبلتهم ومسرى رسولهم.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق