السعودية ورغبة التطبيع العلنيّ مع “إسرائيل”.. ماهي شروط الرياضمصدر / الوقت
في مؤشر جديد على اقتراب إدخال مملكة آل سعود في حظيرة التطبيع مع العدو الصهيونيّ الغاصب للأراضي العربيّة، أوضح مؤخراً المندوب السعوديّ الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، أنّ الرياض لديها شروط لإقامة علاقات مع تل أبيب حالياً، قائلاً: “إنّ المملكة ستطبع العلاقات مع إسرائيل فقط إذا طبقت مبادرتها للسلام”، ما يعني أنّ التطبيع السعوديّ الواضح كعين الشمس بالاستناد بات وشيكاً إلى وقائع كثيرة.
واضح وجليّ، هو الموقف السعوديّ تجاه التطبيع والقضيّة الفلسطينيّة، حيث كان الموقف السعوديّ الرسميّ واضحاً تجاه موجة الخيانة الخليجيّة التي لم تبدأ بالتأكيد دون موافقة آل سعود، فمنذ تصريحات رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، بندر بن سلطان، قبل عام تقريباً، وهجومه الحاد على موقف القيادات الفلسطينيّة من اتفاق الاستسلام الخليجيّ، واعتباره أنّ القضيّة الفلسطينيّة قضية عادلة لكن المدافعين عنا “فاشلون”، وأنّ القيادة الفلسطينيّة تدفع ثمن مراهنتها على الطرف الخاسر، كثرت التنبؤات باقتراب دخول المملكة إلى حظيرة واشنطن للتطبيع، مستندة في ذلك الحين على استجابة الرياض لطلب أبو ظبي بالسماح للرحلات القادمة من الأراضي المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو الصهيونيّ بعبور أجوائها.
بعدها بأشهر، ناقض وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان نفسه، عقب محاولة التنصل من الحديث عن ملف التطبيع السعوديّ مع تل أبيب، رغم أنّه تحدث في وقت سابق أنّ التطبيع مع الكيان الصهيونيّ الباغي “سيحدث بالفعل”، واليوم يؤكّد المعلمي أنّ بلاده جاهزة لتطبيع العلاقات مع الصهاينة إذا طبقت عناصر ما تُسمى “مبادرة السلام السعودية” التي قدمتها عام 2002، والتي تدعو لإنهاء احتلال كل الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقيّة ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير.
وفي الوقت الذي تشير فيه السعودية حسب مسؤوليها إلى أنّ التطبيع لا يمكن أن ينجح في المنطقة إلا إذا عولجت قضية الفلسطينيين وتمكن شعبها من إقامة دولة فلسطينيّة على حدود عام 1967، تتناسى الرياض أنّ قضية فلسطين هي قضيّة العرب جميعاً وأنّها حجر الزاوية في نهضتهم أو تخلّفهم حسب دعمهم ومساندتهم للفلسطينيين ومقاومتهم، وهذا هو الشيء الوحيد الذي سيمنح الفلسطينيين الكرامة في أرضهم ويعيد لهم حقوقهم المسلوبة من العصابات الصهيونيّة.
في أسلوب فاشل ورخيص لتبرير الخيانة، تزعم السعوديّة أنّه بمجرد تطبيق شروطها سيقوم العالم الإسلاميّ بأكمله، أي الـ57 دولة الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلاميّ، سيتبعوننا في طريقها التطبيعيّ مع عدو العرب والمسلمين الأول، حيث إنّ حكام السعودية لم يتعلموا من فشل الإمارات والبحرين في تبرير تحالفها مع العدو الصهيونيّ بذرائع واهية، والترويج بشكل فاشل لاختلاق إيجابيات لفعلتهما النكراء، وخاصة مع وجود رفض شعبيّ عارم داخل بلدانهم لتلك المسألة.
وما يؤكّد بالدليل القاطع كذب التصريحات السعودية وعلى مختلف المستويات، قيامهم أكثر من مرة بتكرار المزاعم الإماراتيّة والبحرينيّة حول أنّ التطبيع سيكون ثمناً لوقف مشاريع ضم الأراضي الفلسطينيّة وهذا لم يحدث، إضافة إلى المساعدة في تمهيد الطريق للعودة المحتملة للإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات وهذا لن يحدث بسبب التعنت الصهيونيّ.
وإنّ ما يُطلق عليها “مبادرة السلام العربيّة”، هي مقترح اعتمدته “جامعة الدول العربية” عام 2002 في قمتها التي عقدتها في بيروت، تنص على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقيّة، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم العدو من بلادهم، وانسحاب الكيان الصهيونيّ المجرم من هضبة الجولان السوريّة المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بـ “إسرائيل”، وتطبيع العلاقات معها.
“الزمن لا يغير الصواب والخطأ، والاحتلال الصهيونيّ للأراضي الفلسطينية خطأ مهما طال الزمن”، هذا ما قاله المسؤول السعوديّ الذي عودتنا بلاده على توقّع ما يناقض تصريحاتها بسبب نفاق مسؤوليها وريائهم، وخاصة أنّ خيانة الرياض تتصاعد يوماً بعد آخر ضد الوطن العربيّ والإسلاميّ، كيف لا؟ وهي التي تمنت أن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثيراً إيجابيّاً، وقد اعتبرت تلك التصريحات خيانة واضحة من حكام بلاد الحرمين لدينهم وأخلاقهم وقيمهم العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة.
خلاصة القول، لا يمكن حصر أدلة الخيانة السعوديّة بحق العرب والفلسطينيين على وجه التحديد، وخاصة في الأشهر الأخيرة التي أظهرت بوضوح “معدن السعودية” فيما يخص القضية الفلسطينيّة منذ أن شرعت دولة الإمارات والبحرين أبواب الخيانة في العالم العربيّ وحتى قيام كل من المغرب والسودان بتوقيع اتفاقيتين لتطبيع علاقاتهما مع العدو الإرهابيّ، لينضموا جميعاً إلى مصر التي كانت أول دولة عربية تطبع مع الكيان الغاشم عام 1979، وتبعها في ذلك الأردن بتوقيع اتفاقية “وادي عربة” عام 1994.
المصدر / الوقت