المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة تدعو لحلحلة ملف الأسرى.. ما سرّ تعنت تل أبيب
بالتزامن مع الانتهاكات التي يقوم بها العدو الصهيونيّ العنصريّ بحق القانون الدوليّ وغضه الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، وخاصة بعد الأزمة الحقيقية التي يعيشها عقب هزيمته في معركة “سيف القدس” الأخيرة، وفي ظل استمرار التعنت الإسرائيليّ في ربط قضيّة إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته آلته العسكريّة الهمجية بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، أكّد موقع “واللا” العبريّ أنّ أعضاء بارزين في المؤسسة الأمنيّة للعدو مؤخراً، دعوا إلى استغلال الهدوء النسبيّ في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة لإحراز تقدم في المفاوضات مع حماس، حيث تستمر تل أبيب برفض إعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، من دون استعادة جنودها وأسراها لدى الحركة، وهو ما رفضته الأخيرة، مشدّدة على أنّ الأسرى الإسرائيليين لن يروا النور إلا بعدما يرى الأسرى الفلسطينيون الحريّة.
مراراً بيّنت حماس أنّها مستعدة لصفقة تبادل أسرى إذا دفع العدو القاتل استحقاقاته، ولم تمانع المقاومة الفلسطينيّة منذ الأساس في السير ضمن خطين متوازيين، خط تثبيت التهدئة مع الكيان الصهيونيّ وانتزاع مطالب الفلسطينيين وإعمار ما دمره الاحتلال، والخط الآخر ما يتعلق بالصفقة والإفراج عن الأسرى، حيث يعلم الجميع حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وسلوك الاحتلال الساديّ وتعامله اللاإنسانيّ مع المضربين عن الطعام.
وفي ظل إشارة مسؤولين أمنيين صهاينة بارزين إلى أنّ الفترة الحاليّة هي الأنسب لإتمام صفقة تبادل مع حماس، وحديثهم أنّ هذا سيتحقق بمزيد من الضغط على قيادة الحركة، تتمسك حركة حماس برفض ربط القضايا ببعضها، لمنع فرض الإرادة الصهيونيّة الخبيثة على هذا الملف الهام والحساس بعد عرقلة إسرائيليّة طويلة لهذا الملف ومساومات فاشلة في الغذاء وإعادة الإعمار، رغم الحديث عن وجود حالة من التقارب بين الفلسطينيين والمصريين خلال لقاءات سابقة بالتزامن مع ما يجري في المنطقة بين الدول من علاقات متطورة تسعى لإذابة الخلافات بينها، وقد أوضحت مصادر مصريّة في وقت سابق، أنّ الكيان المجرم أبلغ القاهرة أن وقت استعادة الجنود الصهاينة ورفاتهم المحتجزة لدى المقاومة في غزة منذ حرب 2018 قد حان فعلياً، وأن مصر تبذل جهوداً مضاعفة وجبارة من أجل إتمام هذه الصفقة، والتوصل لحلول عاجلة مع حماس للبدء في تنفيذ المراحل النهائيّة.
وفي هذا الخصوص، يعزو مسؤولون صهاينة سبب تعثر المفاوضات لعدم قدرة الطرفين على التوصل لاتفاق بشأن الثمن الذي ستدفعه سلطات الاحتلال لحماس مقابل عودة الأسرى والمفقودين، عقب لغة التهديد والوعيد الإسرائيلية التي استمرت لأشهر، والتي لم تنفعها مع المقاومة والفلسطينيين إضافة إلى المساعي الصهيونيّة الحثيثة لتدمير حياتهم وعزلهم عن أراضي بلادهم المحتلة، ناهيك عن المتغيرات العسكريّة الجديدة، التي لقّنت تل أبيب درساً لن تنساه في الفترة الماضية، ودفعت بها لتغيير مواقفها نسبيّاً تجاه تلك القضيّة.
في المقابل، يؤكّد الفلسطينيون أنّ تل أبيب وضعت العصي في دواليب تلك المفاوضات، إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومعقدة شلت إتمام الصفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة، باعتبار أنّ حصول صفقة لتبادل الأسرى سيؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات، حيث إنّ حكومة العدو العنصريّ قررت تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حماس وفصائل المقاومة، فيما وعدت القاهرة أكثر من مرة بتحريك هذا الملف عبر إجراء اتصالات ولقاءات من أجل معرفة الشروط الفلسطينيّة ووضعها على طاولة النقاش.
نتيجة لكل ذلك، لا بد أن تؤدي صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين بالنسبة لحماس إلى رفع الحصار بشكل كامل عن غزة وربطها بأوضاع القدس والضفة، والسماح بعملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المطروحة أسماؤهم، وفي حال صدقت تل أبيب في تعهداتها ولم تضع عقبات جديدة، فمن المتوقع أن تتم الصفقة في أسرع وقت وخلال أشهر قليلة فقط، حيث إنّ السياسة الإسرائيليّة كانت ولا تزال تدور حول شرط الرضوخ للإملاءات وهذا ما ترفضه حماس بشكل قاطع، ما يعني أنّ الكرة باتت بالفعل في ملعب العدو الصهيونيّ المستبد لأنّ حماس تدرك جيداً أنّ العدو لم يكن في يوم من الأيام واضحاً في نواياه، وخاصة فيما يتعلق بملف الأسرى الذي يعتبر بالنسبة للشعب الفلسطينيّ أهم بكثير من الغذاء وإعادة الإعمار، والصهاينة يريدون وضع الفلسطينيين في مأزق كبير وحرمانهم من أبسط حقوقهم، رغم أنّهم ببساطة يستطيعون حل تلك المسألة من خلال الإفراج عن مئات من الأسرى الفلسطينيين الأبرياء، حيث تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ.
المصدر/ الوقت