التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

في ذكرى ثورة 2011.. هذه هي ملامح المشهد الداخلي التونسي 

أحيت تونس الذكرى الـ11 لثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي إثر انتفاضة شعبية، بعد أن أقرّ الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد تاريخ 17 ديسمبر “عيدًا للثورة” بدل تاريخ 14 يناير الذي دأبت البلاد على الاحتفال به منذ 2011.

وتأتي الذكرى وسط حالة من الانقسام الشعبي بين مؤيد ومعارض للإجراءات التي قام بها سعيّد منذ 25 يوليو والتي وصفها البعض بأنها “انقلاب”، وتشمل تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

والاثنين الماضي، كشف سعيّد عن جملة من القرارات في شكل روزنامة مواعيد سياسية تمتد طيلة عام 2022، منها استمرار تجميد اختصاصات البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات مبكرة في 17كانون الأول 2022،

لكنّ رئاسة البرلمان التونسي أعلنت الخميس “رفضها المطلق لتعطيل أشغاله سنة أخرى”، معتبرة إياه “إجراء غير دستوري وغير قانوني”.

وفي ذكرى انتصار الثورة، انطلقت في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس مظاهرات للاحتجاج على قرارات الرئيس قيس سعيد، تلبية لدعوة أطلقتها مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، وفي المقابل نظم أنصار الرئيس وقفة أمام المسرح البلدي بالشارع نفسه.

ورفع المشاركون في المظاهرة شعارات تندد بالقرارات التي اتخذها الرئيس منذ 25 تموز الماضي، وطالبوا باستئناف عمل المؤسسات المعطلة.

كما منعت قوات الأمن أنصار 3 أحزاب معارضة للرئيس (أحزاب التيار الديمقراطي، والتكتل والجمهورية) من تنظيم تظاهرة ضد الإجراءات التي اتخذها وسط شارع الحبيب بورقيبة.

وحملت الأحزاب الثلاثة الرئيس مسؤولية المنع واتهموه بتوظيف الأمن الجمهوري للتضييق عليهم.

وفي السياق، قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي إن الأمن التونسي منع أنصار الحزب من التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة. وكان قد كتب في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي إن وزير الداخلية خصص شارع بأكمله اليوم لأنصار الرئيس قيس سعيد.

في المقابل، قال وزير الداخلية توفيق شرف الدين في تصريحات أدلى بها من شارع الحبيب بورقيبة إن الأمن يتعامل مع جميع المواطنين “في إطار المساواة التامة”.

وقالت وسائل اعلام إن أنصار حزب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب التكتل من أجل العمل والحريات يقولون إنهم منعوا من التظاهر بالقرب من شارع الحبيب بورقيبة.

وأشارت إلى أن سياسيين وأكاديميين وناشطين في الحركة الاحتجاجية أعلنوا أنهم سيواصلون التظاهر من 17 ديسمبر/كانون الأول حتى 14 يناير/كانون الثاني ذكرى هروب الرئيس زين العابدين بن علي، وأنهم سينظمون تحركات للاحتجاج بصور وأشكال مختلفة في الميدان وفي شبكات التواصل الاجتماعي.

في المقابل نظم أنصار سعيد وقفة أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، للتعبير عن تأييدهم للرئيس والاحتفال بالعيد الوطني للثورة.

ورفع المشاركون في الوقفة شعارات تطالب بحل المجلس الأعلى للقضاء، و”تطهير القضاء”، ومحاربة الفساد.

وعن تطورات الشارع في ذكرى الثورة، قال رابح الخريفي، الباحث التونسي في القانون، إن اللجوء إلى الشارع “خيار خطير”.

وأضاف الخريفي، إن التظاهرات تأتي في إطار ممارسة الحريات العامّة، لكن إذا تواصلت للمطالبة بعودة المجلس التشريعي والحكومات السابقة فهي “أوهام أو أحلام”، لأن الحكومات السابقة والبرلمان لم تؤد دورها بفعالية عندما كانت في الحكم.

وأوضح أنّ الأجدى بالمعارضة “تقديم مقترحات قابلة للتنفيذ”، مضيفًا إن كل المبادرات السابقة للمعارضة قُدّمت على أساس استرجاع الصيغة النيابية والحكومية السابقة.

من جهته، قال زهير إسماعيل، عضو حملة “مواطنون ضد الانقلاب”: إن الشارع التونسي منقسم إلى شارعين: الأول: ديمقراطي يطرح استعادة المؤسسات المختطفة، يحمل خارطة طريق عُرضت على جميع الأحزاب، والثاني هو المُساند للانقلاب.

وأضاف إسماعيل، إن الرئيس قيس سعيد يرفض تقبّل الاختلاف في الشارع التونسي الذي يضمّ أحزابًا مختلفة ومنظمات عديدة.

وأشار إلى أن تونس أمام “مرحلة متطوّرة” من مواجهة الانقلاب، حيث دخلت المعارضة التونسية مرحلة تنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها، ودخلت معركة البرلمان.

وأكد أن الاعتصام الذي بدأته حملة “مواطنون ضد الانقلاب” لن ينتهي ما لم يُحرّر مجلس البرلمان، لأن البلاد “مختطفة ومغلقة وتعاني من أزمة خانقة”.

وقال: إن البلاد أمام “مأزق حقيقي بلا أفق، وهو عزل تونس عن محيطها، وعزل قيس سعيّد عن الداخل”، مضيفًا أنه لا يُمكن التفاوض مع رئيس “انقلب” على الدولة، بل يُدعى إلى الرحيل وإعادة المؤسسات المنتخبة من الشعب.

واعتبر أن انقلاب سعيّد “دمّر البلاد” ويهدّد السلم الأهلي، لكن الشارع التونسي “سيستعيد الديمقراطية، واستئناف بناء تأسيس الحرية والمواطنة الكريمة”.

ويرى مراقبون أن حالة الانقسام تعد افرازاً طبيعياً بسبب التجاذبات التي سيطرت على المشهد السياسي في تونس منذ عشر سنوات، لكنهم يشيرون إلى أن هذا الانقسام لم يكن قائما على برامج وأفكار بل كان مدفوعا بالخلاف الأيديولوجي والشكليات ومنطق الإقصاء.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق