غياب سعد الحريري عن الساحة اللبنانية.. هروب مؤقت أم غياب دائم
تحتمل الأوساط السياسية اللبنانية أن استمرار غياب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري عن الساحة اللبنانية علامة على يأسه للتأثير على المشهد اللبناني وهروب مؤقت قد يتحول إلى غياب دائم، وخاصة بعد فقدان العديد من علاقاتهم الداخلية والخارجية.
وعن غياب سعد الحريري، أعلنت الأوساط أنه يعيش حاليًا في منزله الخاص بفرنسا، مما فتح المجال أمام منافسيه في لبنان. وتشير المؤشرات إلى أن سعد الحريري لم يعد يملك أي نفوذ لحماية جماعته السياسية في لبنان أو ولم يعد له القدرة على التأثير عليها، وخصوصا في خضم الازمة الحالية لتيار المستقبل الذي يعتبر سعد الحريري سبباً لها. وشددت الأوساط على أن انسحاب سعد الحريري من المشهد اللبناني وتجنب الأزمة اللبنانية، وكذلك التغريدات التي ينشرها، تظهر أن عودة الحريري إلى لبنان صعبة في المرحلة القادمة، وهذا يؤثر أيضًا على تيار المستقبل. وكان آخر ظهور لسعد الحريري على المسرح اللبناني مرتبطا بتصريحاته على مواقع التواصل الاجتماعي في الذكرى 87 لاستقلال البلاد. وبهذه المناسبة غرد الحريري: ماذا نقول للشعب في عيد استقلال لبنان؟ لو تحقق ما قيل في العقود السبعة الماضية، لكان لبنان اليوم جنة الله على الأرض، وليس دولة على شفا جهنم.
واعتبرت الأوساط السياسية اللبنانية هروب سعد الحريري من الساحة اللبنانية علامة على الأزمة التي فرضت على الحريري بعد أن سحبت السعودية دعمها. السعودية تتعامل الآن مع لبنان كحالة كاملة وتريد الحصول على تنازلات رسمية وحكومية من هذا البلد. وبعد الأحداث الأخيرة والأزمة بين لبنان والسعودية ودول أخرى في الخليج العربي، يبدو أن الرياض تتابع خططها في لبنان بطريقة مختلفة ولا تحتاج لأشخاص مثل سعد الحريري، خاصة وأن هؤلاء أثبتوا عدم قدرتهم على مواجهة حزب الله.
يعتقد السعوديون أن سعد الحريري بدلاً من لعب دور خليفة والده “رفيق الحريري” في لبنان، فضل التوصل إلى اتفاق مع حزب الله، وهذه القضية شكلت الوضع السياسي في لبنان بشكل لا يرضي المملكة العربية السعودية.
دفع غياب سعد الحريري الطويل عن المشهد اللبناني زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى مطالبته بالعودة إلى لبنان. وقال وليد جنبلاط للحريري أن يعود إلى مكانه في البلاد، لأن التغيب عن المشهد لا فائدة منه. ويرى مراقبون أن الحريري فقد أوراق سلطته، بحيث لم يعد يحظى بأي دعم من السعودية – مالياً ودبلوماسياً، ولا يمكن لأي دعم أجنبي آخر، ولا حتى فرنسا، إعادة سعد الحريري إلى وضعه الطبيعي. في المقابل، فقد سعد الحريري نفوذه في “تيار المستقبل” التي يترأسه، والعلاقات الباردة مع الرياض أثرت سلباً على التزاماته تجاه المستقبل ومؤسساتها المختلفة. كما يفتقر الحريري إلى آلة إعلامية قوية ضد حزب الله وحلفائه.
وتشير التقارير إلى أن “المستقبل” بدلاً من دخول الانتخابات النيابية اللبنانية بشكل موحد وتوفير الظروف الملائمة للمنافسة، يتأثر بالخلافات والاستقالات، إضافة إلى الصراعات على القوائم المطروحة للانتخابات وبذلك لا يمكنه الحفاظ على ثقله السياسي.
أوساط سياسية لبنانية تحذر من أن انسحاب سعد الحريري من الساحة اللبنانية يعني تلقائيًا نهاية الحياة السياسية لعائلة الحريري. على وجه الخصوص، عمة سعد، بهية الحريري، متقدمة في السن، أما شقيقها بهاء، فلا يحظى بشعبية في أجزاء أخرى من لبنان، باستثناء بعض المجموعات الصغيرة في بيروت وطرابلس التي يستقبلها. كما يعتقد مراقبون أن غياب الحريري عن المشهد السياسي اللبناني وفشله في الانتخابات مرتبطان بالوضع المالي لسعد الحريري وفشله في إيجاد حل لمشكلته الرئيسية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. الحقيقة أن سعد الحريري لا يزال في أزمة رغم ترك ساحة النفوذ اللبنانية، ومشكلته المستعصية مع محمد بن سلمان مستمرة. وأكدت مصادر محسوبة على تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، أنه لا يملك القدرة المالية لخوض الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، تدهورت علاقات الحريري مع القوى الداخلية الحالية، مما يجعل من غير المؤكد وصعب بعض الشيء بالنسبة له أن يدعم الائتلافات الانتخابية.
المصدر/ الوقت