التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

جهود الولايات المتحدة لدخول غرفة المفاوضات النووية… ماذا كان يفعل سوليفان في تل أبيب 

يوم الاثنين، 26 يناير، ستجلس إيران ومجموعة 4 + 1 مرةً أخرى على طاولة مفاوضات فيينا، لمواصلة المحادثات حول رفع العقوبات الأمر الذي يعتبر أساسياً لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.

في الوقت نفسه، تمثل الجولة الثامنة من محادثات فيينا المواجهة الثانية بين مفاوضي الحکومة الإيرانية الجديدة والترويكا الأوروبية، التي اتخذت دورًا معقدًا على ما يبدو يعتمد بشكل كبير على التهديد، من خلال التخلي عن الموقف السلبي لعهد ترامب.

دور مجموعة 3 E(بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في مواجهة ما تصفه صحيفة “هآرتس” على حد تعبير المحلل العسكري الصهيوني عاموس هرئيل بأنه “مفاجأة من الموقف القوي للجانب الإيراني”، متعدد الأوجه ومربك إلى حد ما.

أولاً، تسعى الترويكا إلى تجاوز الدول الأوروبية الثلاث وجعل مجموعة 4 + 1، التي تضم الصين وروسيا، وحدةً متماسكةً ضد إيران.

ثانيًا، عندما يعتبر إنريكي مورا، نيابةً عن الاتحاد الأوروبي، بأن هناك تقدم نسبي في التفاوض مع إيران، فإن مجموعة E3، في خطوة تتعارض مع الأولى، تتحدث عن عدم إحراز تقدم.

وثالثًا، تتظاهر الترويكا بأنها أكثر التزامًا بحماية المصالح الصهيونية من الولايات المتحدة، في عملية إعادة الاتفاق النووي إلى مساره الصحيح.

سنناقش فيما يلي كل جانب من جوانب دور الترويكا، ومع ذلك لا يمكن فهم لعبة مجموعة E3 إلا عندما يتم استكشاف دور الولايات المتحدة كحقيقة موازية خارج غرفة المفاوضات.

سوليفان في تل أبيب

قد تكون زيارة مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جاك سوليفان إلى فلسطين المحتلة الأسبوع الماضي، أفضل دليل على التعقيد المتعمد الذي تخلقه الترويكا والولايات المتحدة في طريق عودتهم إلى جوهر الاتفاق النووي.

كانت مقدمة هذه الزيارة بنبأ رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن الرد على المكالمة الهاتفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت لمدة ثلاثة أسابيع. وكان من المفترض أن يمهِّد هذا الخبر الأرضية للقول بأن هناك نزاعاً بين واشنطن وتل أبيب حول إنجاح محادثات فيينا.

وقبل ذلك أيضًا، كانت هناك ادعاءات بأن روبرت مالي المبعوث الأمريكي إلى إيران حضر قمة مجموعة السبع في ليفربول، ومنع إصدار بيانات قاسية ضد إيران حتى لا تنحرف محادثات فيينا عن المسار الرئيسي.

الإستنتاج الأول من خلق هذا المناخ هو أن “الولايات المتحدة حريصة على دخول غرفة مفاوضات فيينا”، ولكن ما هو وراء هذا الاستنتاج هو نفس الخط الذي تتبعه الترويكا، وهو اتهام إيران بـ”وضع شروط غير عقلانية” كعقبة أمام حسن النية المزعومة لواشنطن.

قد تكون حقيقة أن الولايات المتحدة والکيان الصهيوني قد واجها خلافات بشأن محادثات فيينا صحيحة من بعض النواحي، لكن لا ينبغي اعتبار هذا الأمر خلافاً جوهريًا.

ما يزعج واشنطن هو تفاخر تل أبيب باستقلال العمل باللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران، لأن أدنى خطأ في هذا الصدد يُقابل برد مزلزل من طهران.

بايدن في اللحظة الاستراتيجية لـ “التحوُّل الكامل نحو المحيطين الهندي والهادئ”، والذي يتطلب تركيز القوات والمعدات لاحتواء الصين، ليس لديه القدرة على خوض حرب جديدة في الشرق الأوسط.

الترويكا وأمريكا… الأدوار التكميلية

في الواقع، كانت زيارة سوليفان لفلسطين المحتلة تهدف إلى منع تل أبيب من المناورة بالخيار العسكري، لأن تكرار هذا الموقف، وذلك في الوقت الذي لا توجد فيه نية حقيقية للقيام بذلك، يقلل من فاعلية هذا التهديد الذي يتمثل هدفه الأساسي في بث الخوف في إيران.

قد تكون هذه هي الصورة الأكثر ترجيحًا لكواليس اجتماعات سوليفان مع المسؤولين الصهاينة، لأن نتيجة الاجتماعات كانت المناورة على الخطط الثلاث متكررة، أي “التوصل إلى اتفاق نهائي في محادثات فيينا”، و”التوصل إلى اتفاق مؤقت”، وأخيراً “عدم الاتفاق وزيادة حملة الضغط والعقوبات”، حيث لا يوجد ذكر للخيار العسكري.

كما أن ادعاءات وزير الخارجية الإسرائيلي ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الإسرائيلي باللجوء إلی “الخيار العسكري” ضد إيران، أو “زيادة الاستعداد العسكري لهجوم محتمل”، ما هي سوی استعراض مزيّف للقوة للاستهلاك المحلي، وخطط تل أبيب المستقبلية في نهاية المطاف لن تکون سوی مواصلة الأعمال التخريبية الجبانة السابقة.

لكن في الزاوية الأخرى من هذا السيناريو، يجب أن تستمر مجموعة E3 في متابعة مصالح الغرب في التفاوض مع إيران، من خلال الانحياز بين حين وآخر إلى تل أبيب، وتكرار مخاوف الکيان بشأن برنامج إيران الصاروخي وأنشطتها الإقليمية.

ولتحقيق ذلك، نجد أن مندوبي مجموعة E3 يقومون بالدور التقليدي المتمثل في الوساطة بين إيران والولايات المتحدة، ومن هنا تأتي مواقف إنريكي مورا المختلفة، القائمة على التفاؤل.

لكن الترويكا لن تنجح بالتأكيد في الجانب الثالث من دورها، وهو محاولة القول بوجود التحالف بين 4 + 1.

ويمكن رؤية ذلك بوضوح في موقف وزارة الخارجية الصينية التي أعلنت أن “الولايات المتحدة، بصفتها المسؤولة عن الأزمة في الملف النووي الإيراني، يجب أن تعيد النظر في سياستها الخاطئة المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط على الجمهورية الإسلامية، وترفع جميع العقوبات غير القانونية ضد إيران”.

من جهة أخری، ورداً على الادعاء بأن “الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث تقف في جبهة مشتركة مع روسيا والصين ضد انتهاك إيران لالتزاماتها وسرعة تقدمها النووي”، كتب ميخائيل أوليانوف ممثل روسيا في محادثات فيينا في حسابه علی تويتر: “کلا؛ إنكم تقدمون حلاً مبسطاً لا يمكن لروسيا(وأعتقد الصين) أن تتفق معه. لسنا سعداء بالتقدم السريع للبرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكنه ردٌّ على استمرار سياسة الضغط القصوى من جانب الولايات المتحدة”.

ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تعتبر الانسحاب من الاتفاق النووي “خطأ كبيرا”، لكنها لا تستطيع أن تحقق شيئًا من خلال إخفاء الحقائق أمام وسائل الإعلام أو إعطاء الترويكا دورًا جديدًا.

والحقيقة أنه لا يوجد طريق مختصر لإدارة بايدن، لأن المفتاح الوحيد للعودة إلى الاتفاق النووي هو رفع العقوبات.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق