التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

نظرة الهند الاستراتيجية إلی آسيا الوسطى وموقع إيران المهم بالنسبة لنيودلهي 

إن تأثير العلاقات مع منطقة آسيا الوسطى وتطورها في التنافس الجيوسياسي بين القوى الإقليمية والدولية، يكتسب أهميةً متزايدةً يوماً بعد يوم. والهند هي إحدى القوى الناشئة في مجال السعي لتوسيع العلاقات مع آسيا الوسطى.

واستضافة نيودلهي مؤخراً لوزراء خارجية خمس دول في آسيا الوسطى، بما في ذلك كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، في 18 و 19 كانون الأول/ديسمبر، تؤكد مرةً أخرى على أهمية تطوير العلاقات مع هذه المنطقة في استراتيجية السياسة الخارجية للهند.

هذا في حين أنه في نوفمبر الماضي، شارك مستشارون للأمن القومي من تركمانستان وكازاخستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، في المحادثات الإقليمية التي استضافتها الهند حول أفغانستان.

وبينما تسعى الهند لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل لزيادة النفوذ الاقتصادي والعسكري والسياسي في المنطقة، بحسب الموقع الالکتروني لرئيس الوزراء الهندي، في الاجتماع الأخير الذي ركز على التجارة والترانزيت والتعاون من أجل التنمية المشتركة والتطورات الإقليمية، بما في ذلك الوضع في أفغانستان، أكد ناريندرا مودي على أهمية علاقات الهند طويلة الأمد مع دول آسيا الوسطى.

آسيا الوسطى ليست فقط مصدرًا محتملاً للطاقة بالنسبة للهند، بل إن موقعها الاستراتيجي تجاه الصين وروسيا وباكستان، جعل هذه المنطقة أكثر أهميةً لنيودلهي، إذ تتعاون الهند وتتنافس مع هذه الدول.

أهمية الاتصال بآسيا الوسطى بالنسبة للهند تشمل ما يلي: 1- المصالح الاقتصادية، 2- مواجهة التطرف الديني، 3- المنافسات الإقليمية.

أثيرت سياسة علاقة الهند مع آسيا الوسطى لأول مرة في عام 2012، وهو الأمر الأكثر إلحاحًا الآن مع جهود بعض الدول مثل الصين، لأن نيودلهي تسعى لأن تصبح قوةً اقتصاديةً كبرى بسبب التنافس مع الصين ومن ثم الحدّ من نفوذ باكستان.

باكستان والهند عدوان لدودان، وكلاهما لديه أسلحة نووية. باكستان، كدولة مسلمة ذات دين مشترك مع الجمهوريات السوفيتية الخمس السابقة، تسعى إلى تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى. كما عملت على نطاق واسع مع الصين، المنافس الآخر للهند في المنطقة، واستفادت من الاستثمارات الصينية الكبيرة في بنيتها التحتية.

لذا فإن الهند، التي عززت علاقاتها مع أجزاء أخرى من آسيا، تحاول الآن مواجهة “اللعبة الكبيرة” للمنافسين في هذه المنطقة.

تقع آسيا الوسطى عند ملتقى طرق استراتيجي بين القوتين النوويتين، روسيا والصين، على الحدود بين روسيا والعالم الإسلامي. وتشترك باکستان في حدود مع أفغانستان، التي تعد مصدرًا رئيسيًا للتطرف الديني في المنطقة.

کما أنه للهند مصالح حيوية في الأمن والاستقرار السياسي في هذه المنطقة. ومن البديهي أنه نظرًا لأزمة كشمير، لا يمكن فصل الهند عن التطورات السياسية الجارية في منطقة آسيا الوسطى.

فبالنسبة للهند، لا تتعلق قضية كشمير بأربعة ملايين مسلم يعيشون في وادي كشمير فحسب، بل تتعلق أيضًا بسلام وأمن 130 مليون مسلم في أجزاء أخرى من الهند.

وتشعر الهند بالقلق من أن صعود طالبان إلى السلطة سيزيد الضغط على كشمير، ويوسع نفوذ باكستان الاستراتيجي إلى بوابات آسيا الوسطى.

وهناك نقطة أخرى يجب ملاحظتها هنا، وهي أن منطقة آسيا الوسطى أصبحت اليوم منطقةً مهمةً جدًا لأوروبا والولايات المتحدة والصين وإيران.

حيث تعمل الولايات المتحدة على تقويض الإنجازات الروسية والإيرانية، وخصصت الصين مليارات الدولارات لتطوير حقول النفط في آسيا الوسطى لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطاقة. کما تريد أوروبا توسيع نفوذها من خلال توسع الناتو باتجاه الشرق، من خلال برنامج الشراكة من أجل السلام(PFP).

ولذلك، فإن الأهمية الجيوستراتيجية لآسيا الوسطى مهمة للغاية بالنسبة للهند. ولا يمكن للهند تجاهل هذه المنطقة تحت أي ظرف من الظروف.

والبعد المهم الآخر لأهمية منطقة آسيا الوسطى للهند، يرتبط بقطاعي الاقتصاد والطاقة. فبالإضافة إلى كونها سوقًا استهلاكيًا رئيسيًا للسلع الهندية، تعدّ آسيا الوسطى طريق عبور مهم إلى السوق الأوروبية.

لكن مع وجود باكستان، فإن اتصال الهند البري بآسيا الوسطى غير ممكن، ونتيجةً لذلك، تواجه إقامة روابط قوية واتفاقيات تجارة الترانزيت مع كل من دول آسيا الوسطى صعوبات ومشاکل.

ولهذا السبب، ركزت الهند بشكل أكبر على آفاق الشراكة الاستراتيجية مع هذه المنطقة، وخاصةً إيران، حيث تسهل طرق العبور من الشمال والجنوب إلى حد كبير وصول الهند إلى آسيا الوسطى، وهو أمر إيجابي للغاية اقتصادياً سواء من حيث الزمان أو المكان.

في السنوات الأخيرة، تغيرت العلاقات الاقتصادية بين إيران والهند، كما تغيرت نظرة الجانبين إلی بعضهما البعض. تحاول الهند استخدام موقع إيران كبوابة إلى آسيا الوسطى وما وراءها. وتعتبر إيران من أهم القنوات لتحقيق هذه الاستراتيجية.

كانت الهند قد وقعت في وقت سابق اتفاقيةً ثلاثيةً بشأن العبور الدولي للبضائع مع تركمانستان وإيران في 22 فبراير 1997. وقد أتاح ذلك نقل البضائع من الموانئ الهندية إلى ميناء عباس في إيران ثم إلى منطقة آسيا الوسطى، عن طريق البر والسكك الحديدية. کما تعمل الهند وروسيا على تطوير طريق عبور جديد عبر إيران، يعرف باسم “ممر الشمال – الجنوب”.

اليوم، يتم إرسال البضائع الهندية بحراً إلى الموانئ الجنوبية لإيران، مثل ميناء عباس وتشابهار، ومن هناك يتم عبورها إلى الشمال ودول أخرى عبر مختلف الطرق البرية والسكك الحديدية والبحر. ولهذا السبب، تؤكد الهند على توسيع العلاقات مع إيران للوصول إلی آسيا الوسطى والقوقاز.

کما تعدّ قضية الطاقة بعدًا آخر من أبعاد الأهمية الاقتصادية لآسيا الوسطى بالنسبة للهند.

يعتبر أمن الطاقة حاجةً أساسيةً اليوم، وبينما تسعى الهند، كقوة اقتصادية صاعدة، إلى مصادر الطاقة المستدامة، يُعتقد أن آسيا الوسطى لديها احتياطيات عالمية رئيسية.

فبحسب تقديرات مصادر آسيا الوسطى، فإن الاحتياطيات المؤكدة من النفط تتراوح بين 13 و 15 مليار برميل، أي 2.7٪ من إجمالي الاحتياطيات المعتمدة في العالم.

کما تبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي المعتمدة في آسيا الوسطى حوالي 270 إلى 360 تريليون قدم مكعب، وهو ما يمثل حوالي 7 ٪ من احتياطيات العالم.

وهناك أيضًا وجهة نظر مفادها أن احتياطيات النفط الحقيقية في منطقة آسيا الوسطى تتراوح بين 60 إلى 140 مليار برميل(https://www.jmi.ac).

کذلك، يمكن لموارد اليورانيوم والفحم في دول مثل كازاخستان وأوزبكستان، أن تلبي جزءًا آخر من احتياجات الطاقة في الهند. ولذلك، يمكن أن تكون آسيا الوسطى مصدراً للطاقة بالنسبة للهند في المستقبل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق