التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

قلقٌ إسرائيليّ عارم من تفجر الأوضاع.. تل أبيب تواجه معضلة كبيرة 

لا شك أنّ العام الفائت حمل معه أحداثاً بارزة على الساحة الفلسطينيّة على المستويين الداخليّ والخارجيّ، والآن يُخشى من انفجار الأوضاع بسبب سياسة المماطلة والتسويف الإسرائيليّة في رفع الحصار عن قطاع غزة المحاصر منذ 15 عاماً، خاصة مع تأكيد فصائل المقاومة أن إنهاء الحصار حق للشعب الفلسطينيّ، في ظل التصعيد العسكريّ الإسرائيليّ المتقطع والتعنت المستمر بفرض حصار خانق لتجويع وتعذيب سكان قطاع غزة بالإضافة إلى سياسة الابتزاز والمماطلة وتعطيل الإعمار التي تمارسها تل أبيب، حيث يعيش القطاع حالة خطيرة من الاحتقان والتوتر المتزايد، والتي يمكن أن تكون الفتيل في إشعال التوتر مجدداً على الساحة الفلسطينيّة، وتقود إلى جولة أخرى من الحرب، قد تدهور الأوضاع بأكملها، وتُبعثر كل الأوراق السياسيّة والأمنيّة، في ظل حديث عن تركيز صهيونيّ الرئيس على الملف النوويّ الإيرانيّ، لكن لا شيء أهم من ملف الداخل المحتل وعلى وجه التحديد غزة والضفة الغربيّة.

وبالرغم من مرور بضعة أشهر على إطلاق آخر صاروخ من قطاع غزة، منذ العدوان الإسرائيليّ الهمجيّ في أيار/ مايو الماضي الذي انتهى قبل سبعة أشهر، فقد أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية خمسة صواريخ فقط، ما يعني أن هذه الفترة هي الأهدأ في قطاع غزة منذ الانسحاب الصهيوني منه في عام 2005، وفقا لتقديرات إسرائيلية، لكن في الوقت نفسه إنّ الرسائل التحذيريّة بشأن أوضاع غزة القابلة للانفجار في أي لحظة كانت جدية للغاية، بالتزامن مع إرهاب الاحتلال الصهيونيّ وعدوانه المتمثل في الحصار ومنع الإعمار، وذلك في سياق محاولة التغطية على فشله الأمنيّ والعسكريّ وابتزاز الشعب الفلسطينيّ والضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، وذلك عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها قوات الاحتلال على القطاع وتركت العدو في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة.

ضابط إسرائيلي سابق كتب في صحيفة معاريف العبرية، أوضح أن المؤسسة العسكرية التابعة للعدو ترى أنه اعتبارا من هذه المرحلة الزمنية، ومع التحضير لدخول العام الجديد 2022، فإن المفتاح الرئيس الممكن للوضع القائم في غزة هو الجانب الاقتصاديّ، من حيث إطلاق أيدي منظمات الإغاثة تدريجيا، والسماح لعشرة آلاف تاجر بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عقب دعوات سابقة من أعضاء بارزين في المؤسسة الأمنيّة للعدو مؤخراً، لاستغلال الهدوء النسبيّ في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة لإحراز تقدم في المفاوضات مع “حماس”، حيث تستمر تل أبيب برفض إعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، من دون استعادة جنودها وأسراها لدى الحركة، وهو ما رفضته الأخيرة، مشدّدة على أنّ الأسرى الإسرائيليين لن يروا النور إلا بعدما يرى الأسرى الفلسطينيون الحريّة.

وبالتزامن مع إشارة مسؤولين أمنيين صهاينة بارزين في الفترة الأخيرة، إلى أنّ الفترة الحاليّة هي الأنسب لإتمام صفقة تبادل مع حماس، وحديثهم أنّ هذا سيتحقق بمزيد من الضغط على قيادة الحركة، أشارت الصحيفة العبرية إلى أن التعامل مع قطاع غزة بهذه الكيفية يضمن للعدو هدوءا أمنيا يسمح له بتحويل معظم انتباهه ومشاركته إلى قضايا أخرى مثل الملف النووي الإيراني، ومواصلة تسليح المقاومة اللبنانية عبر سوريا، والتدريبات العسكرية لقوات الاحتلال التي باتت في أسوأ حال باعتراف الإسرائيليين، رغم السخونة التدريجية للوضع الأمني في في الضفة الغربية، في وقت تتمسك فيه حركة حماس برفض ربط القضايا ببعضها، لمنع فرض الإرادة الصهيونيّة الخبيثة على هذا الملف الهام والحساس بعد عرقلة إسرائيليّة طويلة لهذا الملف ومساومات فاشلة في الغذاء وإعادة الإعمار.

وفي ظل تصريح المقاومة الفلسطينيّة بأنّ “إنهاء الحصار هو حق طبيعيّ، وليس منّة من العدو الإسرائيليّ، ننتزعه من العدو، ولن نعطيّ أيّ ثمن سياسيّ مقابله”، في رسالة شديدة الوضوح للصهاينة الذي يفرضون “حصار الكماشة” على القطاع الذي شهد القليل من التسهيلات الإسرائيليّة للتهرب والمماطلة، دون أدنى تجاوب مع مطالب إنهاء الأزمة الإنسانيّة في القطاع الذي يعيش “حالة ضبابيّة” مع استمرار قيود الحصار الخانق، وآثاره المدمرة على كل مظاهر الحياة في القطاع وشل مؤسساته، ناهيك عن التصعيد المتكرر لقوات العدو الغاصب بالقصف وتضييق الخناق على الصيادين والتجار وغيرها من الحالات التعسفيّة، تتحدث أوساط أمنية إسرائيلية عن مواصلة جهود حماس لإعادة تأهيل القدرات العسكريّة بعد معركة “سيف القدس”، كما تعلمت دروسا من الهجمات التي تعرضت لها خلال العدوان الأخير، لذلك فإنها لا تزال تكثف تجهيزاتها القتالية تحضيرا لمواجهة وشيكة.

وعلى هذا الأساس، فإنّ “إسرائيل” بالفعل تواجه “معضلة كبيرة” في كلى الحالات، وأحلى المر هو أن تقوم تل أبيب بإجراء العديد من التحسينات الاقتصادية من أجل الحفاظ على الهدوء الأمني في قطاع غزة، وبذلك ستواصل المقاومة الفلسطينية تكثيف واستثمار الموارد العسكرية والتسلحية لردع السياسية الصهيونيّة المعتدية المتعلقة بالضفة الغربيّة، والتي بات سكانها يوصفون بأنّهم “جمر تحت الرماد”، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم التي ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين.

بالاستناد إلى تلك الوقائع، وفي ظل انعدام الثقة بقوات العدو من داخل مؤسساته وخارجها، يواصل المسؤولون الصهاينة اتصالاتهم مع القيادات المصرية من أجل التوصل لاتفاقية طويلة الأمد مع “حماس”، والمضي قدما في المفاوضات لإنجاز صفقة تبادل أسرى، بعد عرقلها لأشهر طويلة، رغم ما قيل عن تحقيق تقدم حقيقي فيها، لإنجاز هدوء يستمر طوال العام الحالي للتركيز على نقاط الضعف الإسرائيلية والملفات التي تعتبرها تل أبيب حساسة، لذلك من المرجح أن تؤدي صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين إلى رفع الحصار عن غزة، والسماح بعملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المطروحة أسماؤهم، وفي حال صدقت تل أبيب في تعهداتها ولم تضع عقبات جديدة، فمن المتوقع أن تتم الصفقة مع الفلسطينيين على مضض في أسرع وقت وخلال أشهر قليلة ربما.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق