التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

السعودية… موازنة في وادٍ و واقع اقتصادي في وادٍ آخر 

نشرت مجلة فوربس Forbes البريطانية تقريرأ خاصاً حول توقعات الحكومة السعودية لموازنة عام 2022 وجاء في التقرير أن توقعات الحكومة السعودية بشأن تحقيق فائض في ميزانية المملكة للعام 2022 يقوم على التضليل والترويج للوهم.

كما ذكر التقرير أن “شركة الاستشارات البريطانية Capital Economics تشير بأن توقعات الحكومة السعودية بتحقيق فائض في ميزانية 2022، هو تضليل للحقيقة، لأن موقفها المالي يعتمد بشكل كبير على صندوق الاستثمارات العامة وغيره من الجهات الحكومية”.

وأضافت فوربس إن “اعتماد الحكومة السعودية المتزايد على الكيانات الحكومية لتحل محل استثمارات الحكومة المركزية لدفع الاستثمار العام، يثير مخاوف بأن الاستثمار الذي تقوده الحكومة في المملكة غير منتج بشكل عام”.

كما أظهر التقرير أن الاستثمار الأجنبي في السعودية يهبط إلى الأرض، حيث أظهرت أحدث الأرقام من البنك المركزي السعودي، بأن الاستثمار الأجنبي بلغ 1.75 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2021، وهذا يمثل انخفاضاً حاداً في المؤشرات.

وأكد أن “الأرقام الأخيرة تتماشى مع أداء البلاد المتراجع في الاقتصاد، حيث تواجه الحكومة السعودية صعوبة مستمرة في جذب مستويات كبيرة من الاستثمار الداخلي، والذي يعتبر أمر ضروري لخطة رؤية 2030 الاقتصادية التي يروج لها ولي العهد محمد بن سلمان.

وبحسب ما جاء في التقرير فقد انهارت مستويات الاستثمار الأجنبي الوافد إلى المملكة منذ عام 2017، ولم يتم تعويض هذه الخسائر منذ ذلك الحين، فيما يتضح أن مستوى الاستثمار الأجنبي لن يساعد في إنجاح مشاريع كبرى مثل مدينة نيوم التي تكلف 500 مليار دولار.

وذكرت فوربس في تقريرها أن “الحكومة السعودية لا تهتم لهذه الخسائر الهائلة، وفوق ذلك تصرّ على تحديد أهداف غير واقعية، حيث حددت هدفًا جديدًا بقيمة 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي سنوياً في أكتوبر 2021”.

وأشارت إلى أنه “بدلاً من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لجأت الحكومة السعودية إلى دعم مشاريعها من الشركات المحلية، وأحد أهم أدواتها صندوق الاستثمارات، وشركة أرامكو النفطية”.

وأفاد تقرير المجلة البريطانية أن الحكومة السعودية يتضح أنها تحاول تعويض خسائر تراجع الاستثمار الأجنبي، من خلال شركات القطاع الخاص الكبيرة للاستثمار في رؤية 2030.

أرقام ضخمة في الموازنة والمواطن يعيش في تقشف

في العام السابق ذكر تقرير فرنسي إن فشل مشاريع ولى العهد محمد بن سلمان داخل المملكة وخارجها، يحتم على المواطنين السعوديين التعايش مع التقشف.

واعتبر التقرير الذي نشرته أسبوعية مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أن الأزمة الصحية والاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط، بالإضافة إلى انغماس المملكة في المستنقع اليمني، بمثابة ملفات أضعفت الطموحات الفرعونية لولي العهد وأدخلتها في نفق مظلم.

ورأت “جون أفريك” أنه بات على السعوديين اليوم التعايش مع التقشف، بعد أن فُرضت عليهم حزمة من التدابير الصارمة.

وأبرز ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة بمقدار ثلاثة أضعاف (من 5 في المئة إلى 15 في المئة)، وتخفيض الأجور حتى 40 في المئة في القطاع الخاص، وتعليق بعض البدلات الحكومية، ووقف عدد الاستثمارات العامة.

واستدركت “جون أفريك”: رغم أن محمد بن سلمان لم يكن باستطاعته قبل أربع سنوات توقع هذه الأزمة الصحية العالمية التي تشل اليوم مشاريعه، إلا أن بعض خياراته وقراراته ليست بالغريبة عن الوضع الاقتصادي الحالي الذي تعيشه المملكة.

ودللت على ذلك بقرار الدخول في مواجهة مع روسيا بعد مكالمة هاتفية عاصفة في أوائل شهر مارس/آذار مع فلاديمير بوتين. رفض الأخير تخفيض الإنتاج الروسي من النفط، وأعلنت المملكة زيادة في الإنتاج للحفاظ على حصتها في السوق.

وقالت إن العملية العسكرية في اليمن فشلت فشلاً مدويا، وبات على المملكة الآن التعامل مع الطموحات الانفصالية في الجنوب، بعد أن أعلن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتيا، نهاية أبريل/ نيسان، استقلال جنوب البلاد، بعد فشل اتفاق السلام مع الحكومة اليمنية الرسمية، المحمية من الرياض.

وداخل المملكة، قالت “جون أفريك” إن الضغط المالي المتزايد على العائلات السعودية من شأنه أن يطفئ نجم الأمير الشباب- الذي وعد بالكثير – غير أنه من الواضح أنه لا يمكنه الوفاء بالتزاماته.

ولتلاشي هذا الأمر، أكدت المجلة الفرنسية أن ولى العهد حرص على فرض دولة بوليسية على نطاق غير مسبوق في المملكة مع جهاز مراقبة شاملة وجهاز دعاية، خاصة على الإنترنت.

ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.

وقالت “كابيتال” إن سكان المملكة وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أمام إجراءات تقشفية صادمة ستؤدي إلى انخفاض الدخل وتراجع معدلات التوظيف، وتدهور الظروف المعيشية، خاصة بعد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، في دولة لم يكن مفهوم الضريبة فيها معروفا منذ وقت ليس ببعيد.

ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أن يهدد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ولي العهد ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد ثلاثية أولى من السنة وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار.

ويواجه اقتصاد المملكة أزمة مزدوجة تتمثل في تفشي فيروس كورونا بالتزامن مع هبوط حاد في أسعار النفط، وبحسب المجلة فإن إجراءات التقشف القاسية التي اتخذتها سلطات آل سعود تعكس مدى الخطر الذي يهدد أسس دولة الرفاهية.

اصدار سندات لسد العجز

قامت المملكة العربية السعودية في شهر أكتوبر من العام المنصرم بإصدار 8.5 مليار ريال مايعادل 2.27 مليار دولار من برنامج صكوك المملكة المحلية و يأتي هذا الإصدار على شريحتين، الأولى تبلغ 3.905 مليارات ريال مايعادل 1.04 مليار دولار و تستحق في عام 2029، أما الشريحة الثانية والتي تبلغ 4.595 مليار ريال اي مايعادل 1.23 مليار دولار تستحق في عام 2033.

وبشكل عام تلجأ الحكومات لإصدار السندات أو الصكوك كإحدى الطرق الثلاثة لمواجهة تمويل العجز في ميزانيتها السنوية حيث تكون مستويات الإنفاق أعلى من مستويات الإيرادات و تتمثل هذه الطرق إما من خلال السحب من الإحتياطي أو من خلال الاستدانة (إصدار سندات أو صكوك) من السوق المحلي أو الاستدانة من السوق الدولي.

جاءت إصدار السندات الأخيرة في المملكة العربية السعودية مع مواجهة الاقتصاد السعودي ضغوطاً غير مسبوقة بسبب تداعيات جائحة كورونا و ماصاحبها من تراجع لأسعار النفط بالإضافة إلى إخفاقات محمد بن سلمان الاقتصادية والفساد المتفشي في البلاط الملكي. حيث ارتفع مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك السعودي بـ5.3% مقارنة بنظيره من العام الماضي، مع استمرار أزمة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد بالإضافة لذلك فقد سجلت ميزانية السعودية عجزاً بقيمة 7.4 مليارات ريال (ملياري دولار) خلال الربع الأول من 2021، مع استمرار قصور أسعار النفط وبقية الإيرادات عن تلبية النفقات الجارية. وفرضت الحكومة إجراءات تقشفية ولجأت إلى فرض ضرائب جديدة ورفع قيمة أخرى كانت مطبقة؛ للحد من تداعيات الضغوط الاقتصادية.

فيما يتعلق بالدين العام السعودي فقد نما خلال الربع الثاني من العام الماضي بنحو 2.4 في المائة، مقارنة بما كان عليه في الربع السابق له.

وبلغ حجم الدين العام بنهاية الربع الثاني 2021 نحو 922.8 مليار ريال “246.1 مليار دولار”، بنسبة نمو 2.4 في المائة عما كان عليه بنهاية الربع الأول البالغ نحو 901.4 مليار ريال.

فيما سجل الدين نموا بنحو 12.6 في المائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2020، البالغ حينها 819.9 في المائة، ونحو 8 في المائة مقارنة بما كان عليه بنهاية 2020.

الدين الخارجي 42% من إجمالي الدين العام

وبحسب بيانات وزارة المالية السعودية، بلغ حجم الدين الداخلي نحو 535.3 مليار ريال، يشكل نحو 58 في المائة، في حين بلغ الدين الخارجي نحو 387.5 مليار ريال بما يعادل 42 في المائة من حجم الدين العام.

وارتفع حجم الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى مستوى 36.5 في المائة مقارنة بنهاية العام الماضي عند 32.3 في المائة، وذلك بناء على الناتج المحلي لعام 2020. وسجلت السعودية عجزا في ميزانية 2020، بقيمة 79.5 مليار دولار،

يدفع الاقتصاد السعودي ثمن الاستثمارات المتخبطة لولي العهد محمد بن سلمان في ظل فساد حكومي وغياب للتخطيط أو آليات للرقابة والمسائلة وكل ما يتم نشره من أرقام وفائض في الموازنة وما شابه ما هي إلا إبر مخدرة للواقع المؤلم الذي يعيشه المواطن السعودي في ظل التقشف المفروض عليه. وهذا ما كشفته التقارير الدولية والخبراء الاقتصاديين حول العالم فإلى متى سوف نبقى نعيش في كذبة ابن سلمان وتحت خديعته ومكره؟
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق