التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

المؤامرات التي تُحيكها الرياض خلف الكواليس للبنان.. الحريري لم يتخلف عن القافلة 

أثارت تصريحات الاعلامي اللبناني السباق جورج قرداحي خلال برنامج “برلمان الشعب”، موجة من اللوم، لما قد يكون لها من آثار سلبية لعلاقات لبنان مع دول تحالف العدوان وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية. حيث اعتبر “قرداحي”، أن جماعة “أنصار الله” اليمنية، يدافعون عن أنفسهم ولم يعتدوا على أحد، مشيراً إلى أن الحرب في اليمن عبثية ويجب أن تتوقف. وقال إن “الحوثي يدافع عن نفسه في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات”. وتعرض “جورج قرداحي” لهجوم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. وزاد من حدة انتقادات السعوديين لـ”جورج قرداحي” خاصة أنه ظهر في حلقة تاريخية من البرنامج خلال فعاليات موسم الرياض واحتفالا بمرور 30 عام على تأسيس القناة منذ أيام قليلة. ولقد رد وزير الإعلام اللبناني “جورج قرداحي”، على الضجة التي أثارتها تصريحاته حول الحرب في اليمن، وقال “قرداحي”، إن هذه التصريحات كانت في مقابلة مع قناة الجزيرة في الخامس من شهر أغسطس/ آب الماضي، قبل شهر من تعيينه وزيرًا في حكومة الرئيس ميقاتي”، مؤكدا أن “ما قاله بأن حرب اليمن أصبحت حربًا عبثية يجب أن تتوقف، كان عن قناعة”.

لم تكن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في برنامج “برلمان الشعب” سوى النقطة التي أفاضت غضب السعودية، فالرياض راكمت مجموعة من الأسباب جعلتها اليوم تثور على بيروت. إن الضغط الذي تمارسه كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين على لبنان أصبح يُظهر جلياً أن تصريحات قرداحي ليست سوى جزء صغير من السبب، فالرياض غاضبة من ميقاتي ومن حكومته. إن حزب الله وحلفاؤه، يعتبر الشرارة التي اشعلت فتيل غضب السعودية الكبير على لبنان، فالمملكة ترى أن الحزب أصبح يتحكم في الخريطة السياسية في لبنان. وحول هذا السياق، كشفت بعض التقارير، أن السعودية كانت تنتظر مثل هذه المناسبة لقطع العلاقة مع لبنان، لأنها تعتبر أن لبنان بات منصة لاستهداف السعودية، حيث تزعم أن التقدم الذي يحرزه “أنصار الله” على أبواب مأرب مرتبط بدعم تقني مباشر من حزب الله.

لقد بدأت الأزمة بين السعودية ولبنان بإدخال المحروقات الإيرانية للبنان أمام صمت حكومة ميقاتي، لكن السعودية لم تتخذ موقفاً حينها حتى جاءت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي ففجرت الوضع. وتريد السعودية أن توجه رسالة في الإقليم تقول فيها إن غياب الدول الخليجية عن لبنان يحرج حكومة ميقاتي التي يُسيطر عليها حزب الله وحلفاؤه، وهذا الغياب سيجعل لبنان كسوريا بدون حضن عربي. إن السعودية تريد أيضاً أن تقول إن لبنان سيعيش أزمة كبيرة ستدفعه لإعادة النظر في النفوذ الإيراني الذي أرساه حزب الله، هذا الأخير الذي تبقى له الكلمة الأخيرة في لبنان.

ويرى بعض المراقبين، أن السعودية شعرت أنها استثمرت في لبنان دون حصولها على مقابل، إذ إنها قدمت الكثير لحلفائها السياسيين وللدولة، هذه الأخيرة التي ترى أنها باتت منصة لمواجهتها. ومما زاد غضب السعودية، هو استدعاء المحكمة العسكرية لرئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع على خلفية أحداث الطيونة، الأمر الذي أشعر الرياض بأنها مستهدفة بآخر حلفائها في لبنان ولم يعُد لها أمان فيه. وأضاف المراقبين إن السعودية تريد خلق أزمة في لبنان ولا تريد استعادة التوازن السياسي فيه، لأن ميقاتي حسب الرياض شكّل حكومته دون موافقتهم ورضاهم. ولقد بدأت التراكمات منذ تكليف “نجيب ميقاتي” بتشكيل الحكومة، إذ أرسل السعوديون رسائل تقول إن تشكيل الحكومة لن يكون دون موافقتهم ورضاهم، لكن ما حصل هو العكس والحكومة شُكلت بسيطرة “حزب الله”. وبالإضافة إلى ذلك، ضمت الحكومة اللبنانية الجديدة كلاً من التيار الوطني الحر، ومنحت رئيس الجمهورية ميشال عون ما يسمى “الثلث المعطل”، كل هذا أشعر السعوديين بـ”الإهانة” وأن لا شيء تغير في لبنان.

تراكمات قديمة

الخطوة التصعيدية للسعودية تجاه لبنان ليست صادمة، إنّما كانت متوقعة، فبحسب الكاتب والمحلل السياسي “منير الربيع” فـ”التسريبات التي وصلت للحكومة اللبنانية من الجانب السعودي حول إجراءات تنوي الرياض إعلانها ضد لبنان في حال لم يستقل قرداحي كانت واضحة ووصلت للمسؤولين ولم يتم التعامل معها بجدية”. وأشار “الربيع” إلى أن السعودية لا تتعامل مع الأزمة التي خلفتها تصريحات جورج قرداحي على أنها مفتعلة، لكنها نتيجة تراكمات على مدى السنين المتعاقبة، أي منذ بداية عهد الرئيس “ميشال عون”. وفسر المحلل السياسي غضب السعودية كونها ترى أن الحكومات اللبنانية السابقة لم تحافظ على العلاقة مع دول الخليج، فهذه الحكومات كان يسيطر عليها حزب الله وحلفاؤه، وبالتالي فهي كانت تهاجم دول الخليج خصوصاً السعودية، بالإضافة إلى حياد لبنان في الجامعة العربية من الحرب القائمة بين دول الخليج و”انصار الله” في اليمن.

وقبل عدة أيام اتهمت السعودية “حزب الله” بانتهاج “سلوك عسكري إقليمي يُهدد الأمن القومي العربي”، بعد نحو اسبوعين على اتهام الرياض الحزب بإرسال خبراء لمساعدة “انصار الله” على إطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة تجاه المملكة. ولقد ردت دائرة العلاقات الإعلامية لـ”حزب الله”، في بيان صحفي مقتضب، بأن “ما ورد في المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم قوى العدوان السعودي على اليمن حول ما أسماه أدلة على دور حزب الله في اليمن تافه. ومسائل سخيفة لا تستحق التعليق والرد عليها”. ومن جانبها نفت حكومة صنعاء، يوم الأحد الماضي، المزاعم السعودية حول دور حزب الله في حرب اليمن، ووصفوا مقاطع الفيديو التي عرضها تحالف العدوان السعودي في هذا السياق بـ”المفبركة”. وعقب هذه الزوبعة الاعلامية، وجه رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، “سعد الحريري”، رسالة إلى أمين عام “حزب الله”، حسن نصر الله، إثر تصريحات الأخير عن السعودية. وعبر سلسلة تغريدات نشرها على حسابه في “تويتر”، قال سعد الحريري: “إلى السيد حسن نصر الله.. إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضرب متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح أبنائه.. السعودية لا تهدد دولة لبنان بالعاملين فيها والمقيمين بين أهلها منذ عشرات السنين”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق