التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

عقد مؤتمر متخصص حول الجغرافيا السياسية للمقاومة والجمهورية الإسلامية الإيرانية 

انعقد المؤتمر المتخصص بعنوان “جبهة المقاومة وجيران الجمهورية الإسلامية”، الذي استضافه معهد أبحاث علوم وتعاليم الدفاع المقدس، في 5 كانون الثاني/يناير في جامعة الدفاع الوطني.

وفي بداية اللقاء، رحب الدكتور سعد الله زارعي رئيس معهد أبحاث جبهة المقاومة بالمشارکين، ووصف الاجتماع بأنه مقدمة لانعقاد المؤتمر الوطني الأول حول إيران وجيرانها.

وتناول الدكتور زارعي في كلمته تاريخ التطورات الدولية، وقال: “إن فكرة نظام الهيمنة موجودة منذ عام 1820 مع التركيز على الدول الأوروبية، بما في ذلك روسيا وفرنسا وبروسيا، وأن هذا الوضع استمر حتى منتصف القرن العشرين، ثم استمر النظام ثنائي القطب في نظام الهيمنة الغربية وتم إنشاء جبهة جيوسياسية، وأصبحت روسيا إحدى الدول المكونة، قطب المعارضة تحت عنوان الاتحاد السوفيتي.

وخلال هذه الفترة، نشأ تنافس وتوتر شديدان بين الدول الأوروبية والاتحاد السوفيتي، واستمر هذا التنافس. وبعد الاتحاد السوفيتي، اتخذ النظام الدولي أحيانًا شكل قطبية أحادية تتمحور حول الولايات المتحدة، لكن هذا الشكل أحادي القطب لم يدم طويلًا، وشهدنا دائمًا توترات بين الولايات المتحدة والأوروبيين. وبالتالي، في الوقت الحاضر نشهد جبهة المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الجبهة الغربية”.

وأضاف الدکتور زارعي: “وتجدر الإشارة في أدبيات المقاومة إلى أننا يجب ألا نستخدم مفاهيم نظام الهيمنة مثل النفوذ وغير ذلك. يتشكل محور المقاومة على أساس المحبة والروحانية، ولهذا السبب فإن محور المقاومة جبهة ودية وأخوية استطاعت أن تتطور. في الوقت الحاضر، اتسعت أدبيات المقاومة وجبهة المقاومة بمعناها الجغرافي. والآن علينا أن ننتظر موجةً جديدةً من الصحوة الإسلامية، ويمكن ملاحظة ذلك في التطورات في شمال إفريقيا، بما في ذلك الجزائر وتونس والمغرب والسودان، ويمكن توقع المزيد من التطورات في السنوات المقبلة”.

المقاومة تتشکل بالاستقلال والهوية

وكان من بين المتحدثين في الاجتماع الدكتور محمد رحيم عيوضي، الخبير في القضايا الإقليمية وعضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية في جامعة شاهد.

وتطرق الدكتور عيوضي في كلمته إلى طبيعة الهوية الإقليمية، وشدد على أهمية إقامة علاقة هادفة بين محور المقاومة والهوية الإقليمية، واصفاً المقاومة نفسها بأنها كلمة دلالية عميقة وجادة تنتج قيمةً، وبأننا نعرف المقاومة بالقيم والقدرات الداخلية.

تشريح مفهوم المقاومة كان موضوعًا آخر للدكتور عيوضي، وفي هذا الصدد قال: “مفهوم المقاومة له معنى بالغ الأهمية، فحرف “م” يعني المودة، و”ق” يعني القوة، و”أ” يعني الأمن، و”و” يعني الوحدة، و”م” المحبة و”ة” يعني التربية. وإذا كان من الممكن إنشاء الكلمات في هذا النظام الدلالي، فستكون هذه الهوية ذات معنى. لذلك، يجب الانتباه إلی مفهوم المقاومة، والمفهوم الآخر هو أننا نعيش في بيئة جيوسياسية، وهذه البيئة الجيوسياسية تنقسم إلى جناحين؛ أحدهما جيوسياسية الهيمنة والآخر هو جيوسياسية المقاومة. وبناءً على هذا التقسيم، نرى نوعين من التحالفات: تحالف التسوية وتحالف المقاومة.

وتابع الدكتور عيوضي: “ترتبط نظرة المقاومة أيضًا بمفاهيم أخرى، وهذه مسألة أساسية واستراتيجية للغاية، والنظرة إلى المقاومة تتخذ معناها من خلال الارتباط بمفاهيم أساسية أخرى وبعض المفاهيم الأخرى. وأحد هذه المفاهيم الأساسية هو الاستقلال؛ أي إن الارتباط بين المقاومة والاستقلال أمر بالغ الأهمية. والمقاومة والاستقلال معا يحددان الطريق. لذلك، من المهم النظر إلى المقاومة ومفهومها الداخلي، وربط هذا المفهوم بمفاهيم أساسية أخرى مثل الاستقلال”.

وتابع الأستاذ في جامعة شاهد: “النقطة الثانية هي أن مفهوم الهوية ذاته هو مؤسس القيم والأعراف، ومؤسس طريقة النظر إلى المنطقة. مفهوم الهوية هو في الواقع هوية في حد ذاته. بمعنى أنه يجب علينا أولاً أن نفهم الهوية، ثم نشرح علاقة الهوية بالمفاهيم الأخرى. اليوم، العلاقة بين الهوية والاستقلال هي مفتاح البقاء في ساحات المنافسة. وأحد أكبر أسباب الضعف هو عدم التوافق بين استقلالية حركة ما وهويتها. الهوية هي الدافع والاستقلالية هي حالة خطيرة من عدم اليقين، لذلك لتفسير المقاومة کهوية إقليمية قوية، يتعين علينا تحديد العلاقة بين الهوية والمفاهيم الأخرى. من الثابت اليوم أن الهوية والاستقلالية مفهومان مترافقان. إن دول المنطقة، بما في ذلك السعودية، لم تستطع إقامة صلة بين الهوية والاستقلال، لأنها تنظر إلی الاستقلال في ظل اللاهوية. في المقابل، استطاعت الثورة الإسلامية الإيرانية، باعتبارها ثورةً ديناميكيةً وهويائيةً، أن تؤسس علاقةً منطقيةً بين هويتها وهويتها الدينية وقيمتها مع الاستقلال، وهذا هو مفتاح نجاح جمهورية إيران الإسلامية، التي استطاعت أن تنظم الاستقلال في ظل هويتها الشعبية وقيمها، وجعلت الثورة تقف على قدميها”.

ومضی الأستاذ عيوضي قائلاً: “على عكس جمهورية إيران الإسلامية، حددت حكومة بهلوي استقلالها في الهوية الغربية، کما تحدد دول المنطقة استقلالها من حيث الهوية الغربية أيضًا. العلاقة بين الهوية والاستقلال مهمة للغاية والهوية محرك كبير؛ وهذا يعني أن النظر إلى الهوية هو مفهوم أساسي. وفيما يتعلق بالهوية الإقليمية، نسعى في الواقع إلى إبراز القيم والمعايير الأساسية، وهذه هي خطوتنا الثانية. الخطوة الثانية هي، ما هي الهوية المهمة؛ والعلاقة بينهما هي الضامن للقوة الإقليمية للبلد، واليوم نرى هذا الموضوع في أدبيات الثورة الإسلامية. في طريق المقاومة وفي الموجة الثانية من الصحوة الإسلامية وجبهة المقاومة، نرى أدبيات جديدة وفاعلين رئيسيين وبيئة جغرافية مختلفة، والأجواء هي أجواء مليئةً بالفرص والتهديدات. وساحة العمليات هي ساحة تحالفين مختلفين. تحالف المقاومة والسعي إلی الجيوسياسية الإقليمية للمقاومة، والثاني تحالف التسوية، الذي يتضمن ارتباكاً وعدم استقرار في بعض التطورات الإقليمية، ومنها “صفقة القرن”.

وأضاف: “في مجال المقاومة الصانعة للهوية، تتبع جبهة المقاومة مسارًا مختلفًا، وعندما ننظر إلى التطورات بحيادية، نرى أن ما يحدث في المنطقة والعالم هو أمر حاسم للغاية. اليوم خطواتنا أكبر بكثير من جبهة المقاومة الإقليمية، وهذا الوضع العالمي فرصة وخطر في الوقت نفسه. اليوم المقاومة تتجه نحو العولمة وهي أشبه بنهر جارٍ، فمن ناحية زادت المطالب والفاعلين كثيراً وعلينا تلبية هذه الحاجات، ومن ناحية أخرى نحتاج إلى إعداد تماسك دلالي لمزيد من الأمم والثقافات. لذلك، فإن وجهة نظرنا هي رؤية هويائية تتشكل في ظل محور المقاومة”.

ولفت الأستاذ عيوضي إلی أن: “الموضوع المهم الآخر هو مجال التأثير والجذل، وهنا يجب أن نركز على ثلاثة مجالات. يجب الاهتمام بمحور المقاومة ومنطقة التأثير والنفوذ والجذب. وكل واحد منها مهم في مكانه. أولاً، يجب أن يكون لنا التأثير، ثم النفوذ والاجتذاب. ويتم تحديد موقع محور المقاومة في هذا السياق، ومعرفة أين يکون التأثير وأين يتم الاجتذاب. وهناك نقطتان مهمتان هما أن هناك ازدواجية الهوية، أي هناك هوية المقاومة والهوية المناهضة للهيمنة والمناهضة للغطرسة. وعلى النقيض من ذلك، ثمة هوية التسوية وهوية التبعية المرتبطة بالبيئة غير المستقرة؛ والنقطة المهمة هي أنه في أجواء محور المقاومة، يجب أن يكون الهدف هو التكوين والارتقاء لتنظيم هوية مستقرة، وعلينا الانتباه إلى هذه النقطة في التحليلات”.

وتابع قائلاً: “النقطة الثانية هي أنه داخل دول محور المقاومة، يجب النظر في آثار الهويات. أي إنه يجب الربط بين الهوية الداخلية والإقليمية، وهذا الارتباط هو أحد المصاديق المهمة في تحديد الهوية الإقليمية. ولا بد من التنبه إلى أن دول محور المقاومة يجب أن تکون لها هوية قوية، لتكوين الهوية الإقليمية بالاعتماد على الهوية الداخلية القوية. واليوم، في مواجهة التحديات والأزمات، يجب أن تعتمد جمهورية إيران الإسلامية بالتأكيد على الهوية الداخلية للبلدان. وبالنسبة لدول محور المقاومة، تعتبر العلاقة بين الهوية الداخلية والإقليمية من أهم القضايا والتحديات الأساسية”.

واختتم الدکتور عيوضي کلامه قائلاً: “لذا، فإن مفهوم المقاومة في ذاتها، ومفهوم المقاومة وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى، ومفهوم المقاومة من الداخل، وأخيرًا العلاقة بين مفهوم المقاومة والهوية هي بعض المبادئ الأساسية التي يجب النظر فيها. نحن بحاجة إلى تحديد الفرص والتهديدات، والتصدي للتحديات من منظور معرفي. إن تهديد اللاهوية مهم للغاية، ولا سيما داخل دول محور المقاومة، وفي الموجة الثانية من الصحوة الإسلامية، أصبحت المساحة الهويائية معقدة للغاية، والآن يلعب محور المقاومة في بيئة معقدة”.

الحضارة الإسلامية الجديدة امتداد لمحور المقاومة

كان الدكتور حسين أجرلو، الأستاذ بجامعة طهران والباحث في القضايا الإقليمية، متحدثًا آخر في المؤتمر.

وقال الدكتور أجرلو في كلمته بعنوان “محور المقاومة: التحالف لمواجهة انعدام الأمن في غرب آسيا”: “إن أساس كل شيء هو الإدراك، والإدراك يتطلب شرحًا دقيقًا للوضع الراهن. تواجه منطقة غرب آسيا عددًا من التحديات التي يكون فيها الأمن سلعةً نادرةً، وجميع الجهات الفاعلة لديها فهم مختلف لانعدام الأمن هذا. وقد أدت هذه التحديات إلى فقدان الأمن. وتشمل هذه التحديات: النزعة التوسعية لدی الفاعلين المحليين والأجانب، وإعادة تعريف وتشويه المفاهيم الإقليمية، وإعادة إنتاج الانقسامات العرقية والانفصالية، وإنتاج الأصولية وإنتاج الفاعل الضعيف في المنطقة”.

وأضاف: “هذه التحديات دخلت المنطقة من الخارج، وهي نتيجة نظام خارجي لم يتشكل من قلب المنطقة. والسؤال المطروح الآن هو، لماذا ينتج هذا التوتر من قبل جهات فاعلة من خارج المنطقة؟ لأن الفاعل الخارجي يستفيد من هذه التوترات، ويمكنه طرد منافسيه من المنطقة، ويمكنه الاستيلاء على موارد المنطقة. وفي هذه الحالة، الفاعلون فئتان: تريد بعض الجهات الفاعلة الحفاظ على هذا الأمن، بالاعتماد على هذا الأمن غير المستقر، والجهات الفاعلة الأخرى تسعى دائمًا إلى هذا الأمن المؤقت في بيئة متوترة. ويجب على الفاعلين الذين خلقوا هذا التحدي، فهم هذا التهديد أولاً. في المقابل، لدى الجمهورية الإسلامية فهم واقعي لهذا النظام الأمني ​​الخارجي. وخلق التوازن مهم للغاية، وهذا يتطلب مناقشات يجب أن يكون لها أولاً خطاب ومنظور حقيقي وأصيل. وهذا النظام ذكره سماحة المرشد الأعلى، الذي يؤكد على الحضارة الإسلامية الجديدة. يجب أن يكون هذا التحالف متعدد الأطراف وليس جهةً فاعلةً واحدةً فقط، ويجب أن يكون هناك العديد من الجهات الفاعلة. وثالثًا، يجب أن يکون هذا النظام داخلي المنشأ وقائم على بناء التحالفات. إن تحالف محور المقاومة إما يتوصل إلى توازن مع الطرف الأجنبي يخلق الأمن، أو يصبح محور المقاومة الفاعل الذي يخلق الأمن، وفي كلتا الحالتين فإن محور مقاومة هو الفاعل الذي يخلق النظام في المنطقة، والذي يخلق النظام المستقر والثابت”.

فرص محور المقاومة لإيران

كان الدكتور برهاني من بين المتحدثين الآخرين في الاجتماع. حيث قال في مداخلته: “إن المحور الرئيسي للتغيير هو الوزن الجيوسياسي، وهو ما يحدث في معظم دول وقوى العالم، والعديد من الدول عبر التاريخ كانت قوى عظمى، ولکنها ليست کذلك اليوم، والبعض اليوم قوى عالمية لها تأثير عالمي، ولم يكن في هذا الموقع من قبل. وحدث الشيء نفسه في غرب آسيا، ودخلت القوى العالمية إلى منطقة غرب آسيا. بعد الحادي عشر من سبتمبر، عندما دخلت القوى العالمية المنطقة، يزعم البعض أن دخولها كان متعمدًا وکان يهدف إلى الحد من القوة الجيوسياسية لإيران. بعد دخول الولايات المتحدة المنطقة، تم تشكيل تحالف يسمى محور المقاومة، حيث توحدت دول المنطقة الشيعية ذات التوجه الإسلامي العالمي، وتمحورت حول محور المقاومة. وهذا المحور تسبب في تغير الثقل الجيوسياسي لإيران في المنطقة بأبعاد مختلفة”.

نظرة على التطورات في باكستان من منظور باحث باكستاني

ثم تحدث في الاجتماع الدكتور راشد نقوي، الخبير في الشؤون الباكستانية والأستاذ بجامعة طهران، عن تاريخ التيارات السياسية والمناهضة للغطرسة والعرقية في باكستان منذ الاستعمار البريطاني ثم فترة الاستقلال. ووصف نشوء الانقسامات العرقية والقبلية والحروب في باكستان، بأنه نتيجة للسياسات الاستعمارية. وأضاف إن هناك قوى مقاومة بارزة في باكستان يمكنها تعزيز محور المقاومة في المنطقة، رغم أن القوى المتعجرفة تعمل جاهدةً لتحويل الأنشطة في باكستان إلى مزيد من الأصولية.

الترابط الأرضي لمحور المقاومة

“بناء التحالف في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية وفهم جديد لمحور المقاومة”، كان موضوع محاضرة ألقاها الأستاذ الجامعي الدكتور كيانوش كياكجوري في هذا اللقاء.

قال الدكتور كياكجوري في هذا الصدد: “يعدّ بناء التحالفات جزءًا مهمًا من السياسة الخارجية، وبناءً على هذا النموذج، تتخذ البلدان خطوات لبناء التحالفات. قبل تشكيل محور المقاومة، كان محور التحالفات في المنطقة مع الولايات المتحدة والعرب. وبتشكيل محور المقاومة، تمكنت إيران من توسيع اللعبة بمستوى الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين، وأخذت مركز الصدارة في تطورات المنطقة”.

الباحث في الشؤون الدولية قدَّم کلمته استناداً إلی الإطار النظري لـ “والت”، الأستاذ الأمريكي في العلوم السياسية، وقال في هذا الصدد: “يعتمد موضوع الإطار النظري المعني على توازن التهديد، والذي يستند إلى نظرية والت، ومن المهم جدًا فهم التهديد وتحديد قوة الخصم”.

وأضاف: “في سياق القوة الكلية، تمكنت إيران من أن تكون لها اليد العليا في المنطقة. ويؤكد والت أن إيران وبالتعاون مع سوريا أحبطت الجهود الأمريكية في المنطقة، وقال بصراحة: لقد زادت قوة إيران في السنوات العشرين الماضية”.

وتابع الدكتور كياكجوري قائلاً: “في سياق السلطة الكلية، يهتم والت بإعادة الهيكلة في العراق، حيث استطاعت إيران السيطرة علی الحکم هناك. وفي إطار هذه النظرية، أصبحت إيران في اليمن تهديدًا للمصالح غير المشروعة للسعودية، واكتسبت قوةً محتملةً حتى البحر الأبيض المتوسط. وكلما كانت المسافة الجغرافية أصغر، كان من الأفضل للحكومات ممارسة السلطة؛ ودعم إيران للعراق وسوريا من أهم العوامل في دفع سياسة إيران في المنطقة. واليمن، بمكانته وسکانه الشيعة، عزت قوة إيران. والوضع في لبنان جعل إيران لها اليد العليا في مسألة العرب وفلسطين والکيان الصهيوني، وبالتالي فإن دور لبنان حيوي بالنسبة لإيران. وقد تمكنت إيران من تحويل هذا القرب إلى فرصة ثمينة، من خلال الروابط البرية مع سوريا ولبنان والجماعات الموالية”.

وفي السياق ذاته، قال: “في قطاع غزة، تمكنت إيران أيضًا من تحقيق أهداف محور المقاومة بمساعدة حماس. والعراق هو أهم حلقة من حلقات القوة الإيرانية في المنطقة. حيث تمكنت إيران من زيادة قوتها من خلال دعم الحشد الشعبي، وفي اليمن استطاعت أن تمنح الشيعة قوةً أخرى من خلال دعمهم”.

وختم الدکتور كياكجوري بالقول: “حسب مصادر والت الأربعة للتهديد، شكلت إيران تحالفًا في السياسة الخارجية، وأهم أهدافها إزالة التهديد. وأهم مظاهر ذلك محور المقاومة، وبالإضافة إلى حماس وحزب الله، فإن أنصار الله في اليمن تعتبر أهم أداة للقوة الإيرانية في المنطقة. ويمكن لإيران أن تستخدمها في المنطقة لتقوية محور المقاومة. وسيكون موقع الشيعة معًا من الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط ​​عاملاً من عوامل القوة، وهذا الارتباط الأرضي حاسم للغاية”.

منجزات المقاومة الشعبية

كان “الدكتور شعيب بهمن” أحد المتحدثين الآخرين في المؤتمر، والذي تحدث عن موضوع “محور المقاومة والأمن القائم علی الشعب في المنطقة”.

قال الدكتور بهمن في بداية حديثه: “إن العلاقة بين الأمن والمقاومة مهمة جداً، لذا علينا الإجابة عن الأسئلة التالية: هل المقاومة تصنع الأمن أم معادية للأمن؟ هل توسع المقاومة الأمن أم تعزز انعدام الأمن؟ وإذا كانت المقاومة توفر الأمن، فكيف يتم ذلك؟”

وردًا على هذه الأسئلة، قال الدكتور بهمن: “البحث الأمني ​​يرتبط بمجال العلاقات الدولية، وفي أدبيات العلاقات الدولية، فإن “البحث الأمني” ظاهرة غربية لها أدب غربي، وهذا يجعل مؤسسات البحث الأمني ​​ذات خلفية غربية. النقطة الثانية هي أن المناهج الرئيسية للبحوث الأمنية تتمحور حول الحكومة، وأن الحكومة هي محور هذه المناقشات. والنقطة الثالثة هي أن البحث الأمني ​​يركز على التهديدات الخارجية، ولا يعالج نقاط الضعف والقضايا الداخلية. ورابعاً، إن أهم تهديد في البحث الأمني ​​يتعلق بالتهديد العسكري، وهو العامل الأمني ​​للقوة العسكرية. وليس هناك شك في أن وجهة النظر هذه عن الغرب غير قادرة على فهم كل قضايا العالم، وهناك العديد من المآخذ الفلسفية عليها، والعصر الحالي هو عصر الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين، العابرين للقوميات. ولذلك، في بعد الجهات الفاعلة، تم إجراء تغييرات جادة وتم تسليط الضوء على نقاط الضعف الداخلية في العقود الأخيرة، والذي يمكن أن يساعد القضاء عليها في خلق الأمن، ويمكن للقدرات الداخلية القضاء على التهديدات. لذا فإن التهديدات ليست فقط خارجيةً بطبيعتها يمكننا القضاء عليها بالقوة العسكرية، ولو كان الأمر كذلك، كان من الممكن أن تنتصر الولايات المتحدة في أفغانستان، لكنها لم تستطع، لذلك نحن بحاجة إلى أساليب جديدة”.

وأضاف الدکتور شعيب بهمن: “في مجال المقاومة في عصرنا الحالي، لا يمكن أن يكون لدينا نظرة غربية للأمن، ويجب الانتباه إلى ظاهرة جديدة ترتبط بالمقاومة. فالمقاومة ليست ظاهرةً جديدةً، بل هي ظاهرة تاريخية موجودة منذ بداية خلق البشرية وحتى اليوم. والمقاومة ظاهرة عالمية، ولا تقتصر على منطقة جغرافية معينة. ومن خلال استكشاف التاريخ، نجد أن المقاومة كانت موجودةً في كل مكان وعبر التاريخ. والنقطة الأخرى هي أن المقاومة ليست ظاهرةً مناهضةً للسلطة، وللمقاومة نهج تحريري أي التحرر من أي نوع من الاضطهاد. عبر التاريخ، كان لدينا كل أنواع المقاومة، من الصمود أمام الطبيعة إلى النضال الديني فيما يتـعلق بقتال الحق ضد الباطل. وعاشوراء رمز لمقاومة الحق ضد الباطل، حتى تشكيل الحكومات الجديدة والمواجهة مع الحكام الداخليين، والسعي لمواجهة المعتدين الأجانب وحروب التحرير ضد المحتلين. وفي تاريخ جميع البلدان كان هناك هذا النوع من المقاومة، وفي العصر الجديد نرى النضال ضد القوى الاستعمارية. وشهدنا في العقدين الماضيين نوعًا جديدًا من المقاومة: مواجهة الإرهاب والتصدي للغزو الثقافي، أي إن قوةً ما تريد أن تفرض ثقافتها على الآخرين، والصمود أمام هذا الوضع هو المقاومة. ومن أهم الأمثلة على المقاومة في جميع أنحاء العالم، أن هذه الأمثلة اتخذت شكلاً جديدًا بعد انتصار الثورة الإسلامية. وقد أدت رؤية إيران تجاه التحرر من القمع الداخلي والاحتلال الأجنبي، إلى تشكيل المقاومة في المنطقة، بما في ذلك في اليمن وأفغانستان وغيرها. عبر التاريخ كانت لدينا مفاهيم الظالم والمظلوم والمستعمِر والمستعمَر ونحو ذلك. وخلقت هذه المفاهيم جبهتين، حيث أصبح مفهوم المقاومة في العصر الحاضر أكثر تركيزًا على النضالات المناهضة للاحتلال والاستقلال. وبالنظر إلى تأثير الثورة الإسلامية، تم تسليط الضوء على مفهوم مقاومة الهيمنة. لكن ما الذي أدی إليه ظهور المقاومة؟ في النظرة الکونية للمقاومة، هناك ثلاث جبهات: جبهة المقاومة المناهضة للهيمنة، الجبهة الاستبدادية والمتغطرسة، جبهة المساومة التي تقبل التسلط. وهذه الجبهات الثلاث لها ثلاث علاقات: العلاقة بين مناهض الهيمنة والمقاوم أمام المستبد، جبهة التسوية والمتسلط، والجبهة المناهضة للهيمنة مقابل الجبهة التي تخضع للهيمنة. جبهة الهيمنة وجبهة التسوية تبذلان قصارى جهدهما للقضاء على المقاومة وخلق انعدام الأمن في مناطق المقاومة”.

وتابع الدکتور شعيب بهمن قائلاً: “إن أسباب انعدام الأمن في غرب آسيا والتي يجب على المقاومة أن يکون لها قراءاتها الأمنية حيالها، هي: أهمية المنطقة على مستوى النظام الدولي، تنافس القوى العظمى على الهيمنة على المنطقة والذي خلق حالةً من انعدام الأمن، الحدود المصطنعة، ظهور الكيان الصهيوني، مواجهة التيارات الثورية للأنظمة السياسية المحافظة، القراءات المختلفة عن الإسلام، وظهور الإرهابيين في المنطقة. ومن إنجازات المقاومة في المنطقة، يمکن الإشارة إلی أن المقاومة في لبنان استطاعت إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإلحاق الهزيمة به، وفي فلسطين حافظت على روح مقاومة الاحتلال وزادت قدراتها، وفي العراق واجهت الاحتلال، وفي اليمن نجحت ثورة الشعب اليمني، وفي مجال المواجهة مع القوة المهيمنة، أي الولايات المتحدة في المنطقة، كانت قادرةً على استهداف الولايات المتحدة، کما أدت المقاومة إلى الاهتمام بمبدأ اللاإنکارية في التطورات الدولية. ومن بين مجالات نظريات العلاقات الدولية، تجدر الإشارة إلى أنه من مدرسة الواقعية والبنيوية ومدرسة كوبنهاغن، تمكنت المقاومة من خلق الأمن في المنطقة، واستطاعت المقاومة أن تنتقل من انعدام الأمن إلى خلق الأمن، حيث خلقت الأمن في المنطقة من قلب أعمال الشغب، ومما يميز أمن المقاومة القائم علی الشعب، هو أن الأمن المنشود يصنعه الشعب للشعب، ومواجهة جبهة الهيمنة والتسوية والوقوف ضد القهر والظلم وإرساء أسس العدالة. وإذا أردنا تقييم طبيعة الأهداف، فيجب أن ننظر في الأمن، وأهداف هذا النوع من الأمن هي الحفاظ على كرامة الإنسان، وتمهيد الطريق للتقدم المادي والروحي، ودعم حركات التحرير واستراتيجية العدالة في العالم. کما أن المقاومة ظاهرة عبر الوطنية وعبر الإقليمية. حيث نجحت المقاومة في خلق نواة المقاومة مثل “فاطميين” و”حسينيين” وغيرهم، من أجل العمل علی صنع الأمن القائم علی الشعبية. وإنجازاتها هي محاربة الاحتلال والعدوان الخارجي والحفاظ على كرامة الانسان”.

دول المنطقة مدينة للشهيد سليماني

كان الدكتور “السيد وحيد ظهوري حسيني، الأستاذ بجامعة طهران والباحث من أفغانستان، أحد المتحدثين في الاجتماع. قال الدكتور ظهوري في كلمته: “إن التعاون مع أفغانستان أساسي للغاية. إن حقيقة أهمية قضايا الدول الإسلامية بالنسبة للجمهورية الإسلامية أمر مثير للتفكير للغاية. الولايات المتحدة تعمل ضد إيران. وشهدنا ما لا يقل عن ثلاث انتفاضات كبرى في العالم، وكانت الثورة الإسلامية الإيرانية واحدةً من أهم الثورات في العالم. قبل الثورة الإسلامية، لم تكن إيران مختلفةً عن البلدان الأخرى، وأعطت الثورة هويةً جديدةً لإيران. واستشهاد اللواء سليماني مهم جداً في العالم، لأنه استشهد في دولة أجنبية على يد الولايات المتحدة. لقد قدَّم اللواء سليماني خدمات كثيرة لجميع دول المنطقة، وكل الأمة مدينة للشهيد سليماني”.

أحبط الشهيد سليماني كل المخططات الأمريكية في المنطقة

في نهاية هذا الاجتماع، شکر “العميد بورشاسب” مساعد معهد أبحاث علوم الدفاع المقدس المشاركين علی حضورهم في هذا المؤتمر، ووصف عقد هذا الاجتماع، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء سليماني، بالمهم جداً.

وفي إشارة إلى التطورات الإقليمية، قال: “للحفاظ على هويتنا، كنا بحاجة إلى وجود قوي في المنطقة، وبناءً على أوامر سماحة القائد، تشكلت جبهة المقاومة بأهداف محددة، وهذه الجبهة تأخذ الأوامر مباشرةً من القيادة”.

وأضاف العميد بورشاسب: “استشهد “الشهيد سليماني” لأنه أحبط كل المخططات الأمريكية في المنطقة. كان لدى الولايات المتحدة خطط كثيرة للمنطقة، لكن اللواء سليماني بحضوره ورفاقه لم يسمح للولايات المتحدة بتحقيق أهدافها، ولهذا السبب استشهد اللواء سليماني. اليوم، جبهة المقاومة تنشط في البحر الأحمر وباب المندب، وتنشط البحرية الإيرانية في جميع أنحاء العالم، وتوفر الأمن لسفن جمهورية إيران الإسلامية. وجبهة المقاومة لن تتوقف في الوضع الراهن، لأن نظام الهيمنة ينهار، واليوم كلما كان هناك احتمال لحدوث صراع أمريكي إيراني، تبتعد السفن الأمريكية لمسافة تصل إلى 300 ميل من الحدود الإيرانية، لأنها تدرك قوة إيران، وستمهد هذه الظروف الأرضية لحكومة الإسلام العالمية بقيادة الإمام المهدي(عليه السلام)”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق