التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

ارتباك البيت الأبيض في مواجهة الهجمات العراقية المتواصلة 

مع إعلان الحكومة العراقية انتهاء مهمة الاحتلال العسكري الأمريكي في العراق نهاية عام 2021، هناك أدلة على استمرار وجود القوات الأمريكية.

على الرغم من أن الحكومة الأمريكية والمسؤولين العراقيين أبلغوا عن انتهاء الوجود العسكري الأمريكي وتقييد مهمة القوات الأجنبية بأدوار استشارية وتدريبية، فإن الحقيقة هي أن ما يسمى بالتحالف المناهض لداعش بقيادة واشنطن يواصل العمل في قواعده العسكرية. منذ بداية إعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي انتهاء المهمة القتالية للاحتلال الأمريكي في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2021، طالبت الغالبية العظمى من فصائل المقاومة العراقية، بمواقفها الحاسمة، بالتنفيذ الفعلي لانسحاب المحتلين وليس كلاماً رسمياً فقط. في نظر هذه التيارات، فإن قصة انسحاب القوات الأمريكية هي ليست أكثر من استعراض وليس لها أساس حقيقي، ولن يتم تنفيذها بالكامل. وإذا لم تغادر جميع الوحدات العسكرية الأجنبية بلادهم، فسيواصلون نضالهم.

هجمات جماعات المقاومة والعمليات القتالية شبه العسكرية أو الاستشارية

بعد التأكد من بقاء الأمريكيين في بعد إعلان الانسحاب من العراق، نفذت قوات المقاومة، في ذكرى استشهاد اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني / يناير 2020، عدة هجمات على القواعد العسكرية للمحتلين. حتى أن نطاق العمليات المناهضة للاحتلال لم يقتصر على العراق، فقد تم مهاجمة المواقع العسكرية الأمريكية في سوريا، وخاصة في محافظة دير الزور. في الأيام القليلة الماضية، حاول المسؤولون العسكريون الأمريكيون في البداية إخفاء الهجمات عن وسائل الإعلام. لكن تم الاعتراف مؤخرًا بأن القاعدة العسكرية لهم في محافظة الأنبار (قاعدة عين الأسد) وفي محافظتي بغداد وأربيل تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ. وتأكيدا لهذا الأمر، أفادت قناة “صابرين نيوز” على تلغرام، باستهداف قاعدة عين الأسد بـ 12 صاروخا، وأن القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قاعدة عين الأسد الجوية. وبحسب التقرير فقد أطلقت الصواريخ من قرية البسطامية الواقعة على بعد 25 كيلومترا من مدينة هيت. كما أكد التحالف الأمريكي الهجوم في بيان، زاعماً أنه تم إطلاق خمسة صواريخ على قاعدة عين الأسد. في أعقاب الهجمات، أفادت مصادر إخبارية غربية بأن قوات الاحتلال في القواعد العسكرية العراقية ردت على ضربات الطائرات بدون طيار والصواريخ أو، كما زعمت، صدت الهجمات. السؤال الآن هو ما إذا كان دور الجيش الأمريكي قد تم تقليصه بالفعل إلى الاستشارات والتدريب، أم أنهم سيستمرون في مهاجمة الأجواء العراقية ولعب دورهم القتالي متى شاءوا. مع الحد الأدنى من الفهم لمسألة إنهاء الدور القتالي، فمن المسلم به أن حماية المستشارين الأجانب ستكون مسؤولية الحكومة العراقية اعتبارًا من العام الجديد، وأن القوات الأجنبية ليس لها الحق في اتخاذ إجراءات مباشرة للرد على الهجمات أو القيام بعمليات هجومية. لكن رد فعل قوات الاحتلال الآن على هجمات فصائل المقاومة يظهر بوضوح أن قصة انسحاب القوات الأمريكية من العراق ظلت حتى الآن عرضًا وهميًا ولم يتم تنفيذها ميدانيًا على الإطلاق.

ارتباك واشنطن في مواجهة موجة جديدة من الهجمات

الهجمات الجديدة من قبل قوى المقاومة أربكت مسؤولي البيت الأبيض أكثر من أي شيء آخر. من ناحية أخرى، يزعم الأمريكيون أن دورهم القتالي في العراق قد انتهى، لذلك لم يعد بإمكانهم الرد بقوة على هجمات قوات المقاومة. من ناحية أخرى، فإن مناشدة الحكومة العراقية توفير الأمن للجيش الأمريكي ليس بالأمر السهل بسبب حقيقة أن البرلمان أقر قانونًا بشأن إخراج القوات الأجنبية، وأساسًا طبيعة ضبط النفس والتعاون من جانب الحكومة المستقبلية تتضاءل إلى حد كبير. في ظل هذه الظروف، أصبحت حكومة بايدن، التي تعرضت لضغوط شديدة من المعارضة الداخلية منذ انسحابها الفاضح من أفغانستان، يائسة ومربكة بسبب التحدي المتمثل في كيفية التعامل مع هجمات الجماعات العراقية. تظهر الموجة الجديدة من هجمات فصائل المقاومة على مواقع المحتلين الأمريكيين أن هذه المجموعات، مع إدراكها الكامل للوضع الصعب الذي تواجهه حكومة بايدن لتصعيد الصراع، تبنت استراتيجية الضغط المتزايد. المعادلة واضحة جدا، وهي أنه طالما استمرت قوات الاحتلال الأمريكية في الوجود، ستستمر الهجمات بلا هوادة ولن يكون هناك ملاذ آمن للمحتلين. رسالة مهمة أخرى لواشنطن هي أنه ليس في العراق فقط، بل في جميع أنحاء المنطقة، تتعرض قوات الاحتلال الأمريكية لهجوم من قبل قوات المقاومة، وان انسحابها من غرب آسيا وحده هو الذي يمكن أن يعيد الاستقرار إلى المنطقة.

الهجمات الجديدة من قبل قوى المقاومة أربكت مسؤولي البيت الأبيض أكثر من أي شيء آخر. من ناحية، يزعم الأمريكيون أن دورهم القتالي في العراق قد انتهى، لذلك لم يعد بإمكانهم الرد بقوة على هجمات قوات المقاومة. من ناحية أخرى، فإن مناشدة الحكومة العراقية لتأمين الجيش الأمريكي ليس بالأمر السهل بسبب وجود قرار برلماني بشأن إخراج القوات الأجنبية، وسوف تتضاءل بشكل كبير طبيعة ضبط النفس والتعاون من جانب الحكومة المستقبلية كما هي بقدر الحكومة الحالية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق