كواليس تصاعد التحركات الإرهابية وتهريب السلاح على الحدود اللبنانية
بعد الهزيمتين المهينتين للکيان الصهيوني من المقاومة اللبنانية عامي 2000 و2006، لجأت واشنطن وتل أبيب إلى كل الأساليب العسكرية والمدنية لإضعاف حزب الله دون جدوى.
الفوضی الأمريكية الخلاقة في لبنان عبر الإرهاب
كان نقل الإرهاب إلى لبنان وتكرار سيناريو الأزمة السورية في لبنان، من بين المخططات الأمريكية والإسرائيلية ضد لبنان وحزب الله لاستخدام الإرهابيين كقوات بديلة لهم ضد المقاومة اللبنانية.
والواقع أن محاولة إدخال الإرهاب إلى لبنان، كانت جزءاً من مشروع أميركي يسمى “الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط” لتدمير لبنان بهذه الطريقة، واستغلال الاضطرابات في هذا البلد لإضعاف المقاومة أو تدميرها في نهاية المطاف.
وفي الآونة الأخيرة، ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية، انكشف بعد جديد للخطة الأمريكية ضد حزب الله.
بالإضافة إلى الحملات التي شنتها الولايات المتحدة والسعودية وأعداء حزب الله الآخرون لتشويه صورة المقاومة في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية اللبنانية، كشفت بعض المصادر اللبنانية المطلعة أن هناك خطةً وضعت للترويج للتطرف، ولكي ينضم الشباب اللبناني إلى الجماعات المتطرفة، بهدف ضرب حزب الله.
کما أدى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين الشباب اللبناني، فضلاً عن الظروف غير المواتية للأجانب الذين يعيشون في البلاد، بمن فيهم اللاجئون السوريون، إلى توفير أرضية خصبة للولايات المتحدة لتحريض هؤلاء العناصر ضد حزب الله.
وتظهر المعلومات المسربة أن معظم هذه الفئة من الشباب يقودها حزب “سمير جعجع”، وتحاول الولايات المتحدة تشكيل ائتلافات متطرفة من خلالها.
كواليس رغبة الشباب اللبناني في الانضمام لداعش
في غضون ذلك، يدق سياسيون لبنانيون ناقوس الخطر كلما ظهرت مؤشرات على عودة داعش إلى العراق وسوريا.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، اتضح أن تطورات أمنية حدثت في سياق التحركات الكبيرة للشباب من طرابلس وشمال لبنان إلى سوريا والعراق، ثم خلصت الأجهزة الأمنية في تحقيقاتها إلى أن هؤلاء الشباب انضموا إلى داعش.
ومؤخراً أبلغ عدد من الأهالي في شمال لبنان الأجهزة الأمنية عن اختفاء أبنائهم منذ فترة، ثم قالوا إنهم قد تواصلوا معهم فعلموا بانضمامهم إلى تنظيم داعش التكفيري الإرهابي في العراق. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء الأفراد يرسلون الأموال إلى عائلاتهم بانتظام.
وأفادت مصادر لبنانية مطلعة أن 35 شابًا لبنانيًا انضموا إلى داعش في الأشهر القليلة الماضية، لكن القوات الأمنية في فرع مخابرات الجيش تقول إن العدد يقترب من 70.
وفي نهاية المطاف، عُقد اجتماع تنسيقي بين الأجهزة الأمنية حول هذه القضية في الأسابيع الأخيرة، وتم الكشف أخيرًا أن 60 شابًا لبنانيًا قد سافروا مؤخرًا إلى العراق عبر تركيا وانضموا إلى داعش.
وكشف الاجتماع أيضاً أن أجهزة الأمن اللبنانية رصدت اتصالات هاتفية قبل نحو ثلاثة أشهر بخصوص وجود بعض الشباب اللبنانيين في منطقة معينة من العراق، وبعد التنسيق مع الأجهزة الأمنية العراقية جاء ممثلو هذا البلد إلى بيروت، وبعد تبادل المعلومات، اتضح أن هؤلاء الشباب الذين دخلوا العراق للانضمام إلى داعش هم خارج المناطق التي يسيطر عليها الجيش وقوات الأمن العراقية.
کما تتعاون الأجهزة الأمنية اللبنانية، وعلى رأسها وحدة استخبارات قوى الأمن الداخلي، مع الأجهزة الأمنية العراقية لمتابعة قضية هؤلاء الشباب اللبنانيين والقبض عليهم. وتشير المعلومات إلى أن بعضهم يتخذ من كركوك مقراً له.
وأفادت مصادر عراقية أن هؤلاء الشبان ربما يكونون في مناطق جبلية يصعب على القوات الأمنية الوصول إليها، ومن المحتمل أيضًا أن يكون بعض هؤلاء الأشخاص يعملون مع عناصر داعش في مناطق غرب العراق.
كما تظهر المعلومات أن نقل هؤلاء الشباب اللبنانيين لم يتم عن طريق تركيا، ولكن تم نقل معظمهم من لبنان إلى العراق من قبل مهربين سوريين حصلوا على ما يصل إلى 1500 دولار من کل فرد.
وكشفت التحقيقات أيضًا أن عددًا من هؤلاء الأشخاص سبق اعتقالهم ثم إطلاق سراحهم في لبنان بتهمة التعاون مع داعش، وغادروا لبنان إلى سوريا والعراق بهدف العودة إلى داعش.
ما الذي يحدث على الحدود اللبنانية السورية؟
وقالت مصادر مطلعة إن بعض هؤلاء الأفراد تواصلوا مع عناصر داعش بعد الإفراج عنهم، ثم تم توفير آلية إعادة نقلهم إلى سوريا والعراق عبر مهربين لبنانيين وسوريين.
هؤلاء الأفراد، الذين سبق سجنهم بتهمة التعاون مع داعش، اعترفوا بأن دافعهم الرئيسي للانضمام إلى داعش هو المال؛ لأن هذه الجماعة الإرهابية تدفع لهم أكثر من 2000 دولار شهريًا، ويمكنهم إرسال هذه الأموال إلى عائلاتهم في لبنان.
وفي الأسبوع الماضي أيضًا، توجه عدد من الأهالي في المناطق الفقيرة بطرابلس وقرى قضاء عكار إلى الأجهزة الأمنية، بدعوى أن أطفالهم ملاحقون لمشاركتهم في أعمال شغب واشتباكات مع قوات الجيش، ولهذا قد اختفوا. لكن التحقيقات كشفت أن هؤلاء الأشخاص ذهبوا إلى العراق بهدف الانضمام إلى داعش.
من ناحية أخرى، تتابع قوى الأمن اللبنانية قضيةً أكثر حساسيةً تتعلق بتهريب أسلحة فردية إلى مناطق مختلفة من لبنان. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر أمنية لبنانية أن عمليات التهريب نفذها بعض رجال الأعمال العاملين على خطوط التهريب مع سوريا، حيث أخفوا كميات كبيرة من الرشاشات وقذائف الآر بي جي وقذائف الهاون الصغيرة، وغيرها من الأسلحة الصغيرة والمتوسطة في مناطق مجهولة.
وتشير المعلومات إلى أن مصدر هذه الأسلحة مجموعات إرهابية تعمل داخل سوريا. بالإضافة إلى ذلك، ازداد تهريب الأسلحة في لبنان بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية، ومن غير الواضح أين يتم تخزين هذه الأسلحة.
کما أفادت مصادر أمنية أن هناك مناطق بعشرات الكيلومترات على طول حدود لبنان الشرقية والجنوبية مع سوريا لا تخضع لرقابة مشددة، ويتم استغلالها من قبل المهربين.
كيف تستخدم واشنطن الإرهاب لتنفيذ مشروعها الجديد في لبنان؟
مع ارتفاع مستوى التوترات السياسية الداخلية في لبنان، يزداد خطر المشروع الأمريكي الجديد عبر استغلال الشباب اللبنانيين الذين يحاولون الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، وتحديداً داعش.
وعلى وجه الخصوص، قد تتجاهل الأجهزة الأمنية اللبنانية خطر تسليح بعض الأشخاص، وتعتبر ذلك أمرًا طبيعيًا نظرًا للوضع المتوتر في لبنان واحتمال نشوب صراع أهلي داخلي. ويحذر مراقبون من أن القضية الرئيسية الآن ليست الاضطراب الداخلي في لبنان فحسب، بل التهديد الذي يشكله الإرهاب على لبنان.
إضافةً إلى ذلك، فإن الوضع المضطرب في لبنان يسمح للجماعات المتطرفة بإسناد هذه الأعمال إلى المتظاهرين اللبنانيين، وبشكل خاص إلى أنصار المقاومة، بعد قيامهم بأعمال إرهابية في لبنان. ويحذر بعض الخبراء من مؤامرة أكثر خطورةً، وهي أن هذه الجماعات المتطرفة قد ترغب في مقارنة أسلحتها بأسلحة المقاومة في لبنان.
وفي مثل هذه الظروف، قبل كل شيء، من واجب الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية توخي اليقظة ضد أي سلوك مشبوه، ومعرفة أن المؤامرات الأمريكية في لبنان لا تستهدف حزب الله فقط، وإذا تهاون المسؤولون المعنيون، فإن ذلك سيفرض ثمناً باهظاً على كل اللبنانيين.
المصدر/ الوقت