التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

قانون إسرائيليّ يُهدد المحتوى الفلسطينيّ على مواقع التواصل الاجتماعيّ.. الأسباب والنتائج 

استكمالاً للهجمة الصهيونيّة الشرسة لتكميم أفواه الفلسطينيين، صادقت اللجنة الوزاريّة للتشريعات في حكومة العدو مؤخراً، على مشروع قانون يمنح العصابات الصهيونيّة صلاحيّة واسعة النطاق لمراقبة المحتوى الفلسطيني، في ظل انتقال المعركة مع محتلي الأرض إلى “الحرب الالكترونيّة” التي أصبحت لا تقل أهميّة عن مقاومتهم وسعيهم لتحرير بلادهم من الجناة المحتلين، حيث ترغب تل أبيب بإلزام المواقع الإعلاميّة وشبكات التواصل الاجتماعيّ بحذف مضامين يزعم الكيان بأنّها ذات صلة بـ “الإرهاب وأمن الدولة”، فيما تمارس مواقع التواصل الاجتماعيّ رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطينيّ، إضافة إلى تضييق كبير على وصوله إلى العالم، وفقاً لأبحاث أميركيّة.

لا يكف العدو الصهيونيّ عن محاولات منع أصحاب الأرض والمقدسات من فضح ممارساته الإجراميّة بحقهم، بالتعاون مع بعض وسائل التواصل الاجتماعيّ التي باتت تحتاج للاستناد إلى حائط مائل لحذف الرصيد الكبير من مقاطع الفيديو والصور التي لا تُعد وتوثّق حجم دمويّة وإرهاب هذا الكيان على جميع المنصات الإلكترونيّة، وإن التشريع الذي صادق عليه الكنيست (البرلمان) بالقراءة الأولى، جاء بدعوة من وزير القضاء الصهيونيّ، جدعون ساعر، ومن المُرجح أن تتم المصادقة عليه رغم التحفظات التي أبدتها بعض الأحزاب اليساريّة مثل “ميرتس”، والذي يعد شريكاً بالائتلاف الحكوميّ، حيث يدعم بشكل عام جوهر ونصوص القانون الصهيونيّ، لكنه يطالب ببعض التعديلات الهامشيّة عليه.

ويأتي القانون الإسرائيليّ الجديد امتداداً لمقترحات سابقة بادر إليها وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان عام 2016، ووزير القضاء أييليت شاكيد عام 2017، بهدف محاربة المحتوى الفلسطيني وشطب المضامين الداعمة لنضال الشعب الفلسطينيّ، وقد شاهدنا بشكل واضح مدى أهميّة هذا الموضوع وخطورته من ناحية فضح الصهاينة خاصة ما قام به برنامج فيسبوك ومنصته على إنستغرام من إزالة للمحتوى الفلسطينيّ عقب معركة “سيف القدس” التي غيرت المعادلات على كافة المستويات، بعد أن أصبح ذلك الموقع ضمن الساحات الالكترونيّة التي عجّت بالمنشورات والتعليقات والهاشتاغات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم، الشيء الذي دفع الشركة المتواطئة مع تل أبيب للتعامل مع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من الفلسطينيين، وحذف منشورات وإغلاق حسابات، بسبب استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك أو المقاومة أو شهيد.

وينص القانون القابل للتعديل بشكل بسيط أن تُمنح شركة “فيسبوك” النيابة العامة للعدو صلاحيات واسعة لحذف منشورات في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونيّة بحجة أنها “تحريضية”، في وقت بات تحيز فيسبوك جليّاً بالنسبة لنشطاء مواقع التواصل نتيجة لسياساته الخطيرة بتقييد الحسابات وحذف ملايين المنشورات التي تفضح العدو الغاصب، وإغلاق عدد كبير من الحسابات بدعوى “مخالفة معايير النشر”.

وبالتزامن مع المساعي الحثيثة للصهاينة بالتعاون مع الشركات العميلة معه إلى إسكات أصوات الفلسطينيين وداعمي قضية فلسطين على منصات التواصل الاجتماعيّ، والبدء بتفعيل نظام رقابة يحارب كلمة أصحاب الأرض والناشطين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويعطي مساحة للحملات الرسميّة والشعبيّة الصهيونيّة للتحريض على قتل ونهب أراضي الفلسطينيين من قبل العدو ومستوطنيه.

وعقب الفضائح التي كشفها الفلسطينيون والمناصرون لفلسطين وبالأخص الجرائم الإسرائيليّة وأمثلة التحريض على القتل والكراهية والعنصريّة والعنف من المستويين الرسميّ والإعلاميّ في حكومة العدو، يدعي الإسرائيليون أنّ القانون يهدف إلى محاربة ما يزعمون أنّه “محتوى عنيف”، بيد أنّ المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي مثل، “فيسبوك” و”تويتر” و”غوغل” و”يوتيوب” وغيرها، سيصبح تحت عين العدو، للحذف وملاحقة أصحاب هذه المضامين قضائياً بحجة ارتكاب مخالفة جنائيّة، في ظل امتلاك تل أبيب وحدات إلكترونيّة محترفة ترصد كميات كبيرة من المحتوى الفلسطينيّ وتبلغ عنه، ما يتسبب في اختلال في التوازن لعدم امتلاك الفلسطينيين لهذه الأساليب على وسائل التواصل الاجتماعيّ.

وباعتبار أنّ الهدف الأول والأخير لتل أبيب والمتعاونين معها من شركات التواصل الاجتماعيّ هو ممارسة التعتيم وتكميم الأفواه وتشويه النضال الفلسطينيّ من جهة، ودعم حملات التحريض الصهيونيّة الممنهجة من جهة أخرى، يجيز القانون حذف منشورات عبر كافة مواقع الإنترنت، كما يمنح مزودي خدمة الإنترنت صلاحية حجب المواقع بحجة أنها “تحث أو تدعو للتحريض”، وإحالة أصحابها للتحقيق وتقديمهم للمحاكمة، إذ ستجبر سلطات العدو شركات شبكات التواصل والمواقع الإلكترونية على الامتثال لممارساتها ومطالبها المنصوص عليها بالقانون، في خطأ جسيم ربما تمارسه منصات التواصل الاجتماعي لتغيير جملة إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية تحرر ونضال ضد الاحتلال والاستعمار والاضطهاد والفصل العنصريّ، مقابل تبني الرواية الأمنية المخادعة للعدو، والتي تعتبر نضال ومقاومة الشعب الفلسطينيّ المشروع “أعمال شغب وعنف وإرهاب”، فيما تعتبر حملات نهب الأراضي وهجوم العصابات الصهيونيّة العسكريّة بشتى الأسلحة الثقيلة حقاً للكيان ومؤسساته الدمويّة.

“قانون خطير وذو تداعيات أخطر على الحقوق الرقمية الفلسطينية”، هكذا وصف الائتلاف الأهليّ للحقوق الرقمية الفلسطينية ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية التشريع الجديد، محذرين من أنّ ذلك يستهدف بشكل مباشر الحريات ويحارب المحتوى الرقميّ الفلسطينيّ، وإنّ لجوء الكيان إلى تلك الممارسات المعادية لأبسط حقوق الإنسان، تركز بشكل كبير بعد الصدمة الكبيرة من التضامن الفريد الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعيّ تعاطفاً ودعماً للفلسطينيين في الحرب التي شنّتها الآلة العسكريّة الصهيونيّة، والذي أفشل محاولات تلك الشركات المتحيزة والمخادعة في كبح جماح الغضب العارم من إجرام وعنصريّة وجبروت الكيان وفضحها أمام الرأي العام العالميّ بعد أن فشلت بشكل لا يوصف في التستر والتغطية على قتلة الأطفال والنساء.

في النهاية، يجد العدو الصهيونيّ نفسه أمام تهديد كبير بعد أن أصبحت الصورة الوحيدة المرسومة في أذهان الجميع عند ذكر “إسرائيل”، هي الموت والدمار، لهذا يرغب بالتعاون المُبرر مع مواقع التواصل الاجتماعيّ التي تدعي أنّها تُعطي الأفراد حريّة لا يتمتعون بها في واقعهم للتعامل مع الرسائل الهادفة التي يثيرها الناشطون الأحرار والتعامل معها كرسائل عدائيّة، رغم أنّ الكيان الصهيونيّ الإرهابيّ، مستمر منذ مطلع القرن المنصرم حتى اليوم، بقمع الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتزايدة، بالتزامن مع استمرار بعض الشركات والمؤسسات العالميّة بمساعدته في انتهاكاته للقانون الدوليّ، وللأسف مع غياب أيّ سلاح إلكترونيّ رادع ذو تبعيّة مقاومة، لكبح جماح الحرب الإلكترونيّة الشعواء التي لا تقل ضراوة وتأثيراً عن الحروب العسكريّة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق