التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

انخفاض مجدد لليرة اللبنانية.. الاقتصاد اللبناني في خطر 

واجه لبنان مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة في السنوات الأخيرة، وقد أدت هذه المشاكل واستمرارها إلى أن يمر البلد بفترة أزمة اقتصادية مع تحديات بناء الدولة، بما في ذلك عوامل داخلية مختلفة. ولعبت العديد من القوى الخارجية دوراً في تشكيل وزيادة وإدامة الأزمة الاقتصادية.

العوامل الداخلية

بلغت الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي في لبنان ذروتها في تشرين الأول 2019، واستمرار المشاكل وعدم كفاءة الحكومة، والفساد، والاحتكار، وتفجير ميناء بيروت في آب 2020، الذي ألحق أضراراً بلغت 10 مليارات دولار، وعدم القدرة على تشكيل حكومة قوية وغياب خطة اقتصادية، مقننة ومحددة، هذه المشاكل تزداد تضخماً يوما بعد يوم، وتدفع لبنان إلى حافة الانهيار. الوضع الاقتصادي في لبنان حاليا في وضع يمر فيه بأكبر أزمة اقتصادية منذ 15 عاما من الحرب الأهلية، بحيث بلغت أسعار السلع والخدمات في هذا البلد في العام الماضي وحده حوالي 100٪. المواد الغذائية ارتفعت الأسعار في البلاد بنسبة 4٪ منذ عام 2020، ونقص حاد في الوقود والأدوية، وتأثر الإنترنت والكهرباء، وارتفعت البطالة، وارتفعت الديون بشكل حاد، ووصلت إلى 90٪ من 90 مليار دولار، وإذا لم يتم توفير 20 مليار دولار من المساعدات الفورية اللازمة، ستكون البلاد على شفا المزيد من الانهيار الاقتصادي.

أثار وصول رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى السلطة، الذي وافقت عليه الولايات المتحدة وفرنسا، إمكانية حل مشاكل البلاد الاقتصادية، وفي مقابلة مع CNN، قال أن مهمته الرئيسية هي “وقف انهيار لبنان وقيادة البلد نحو حل القضايا الاقتصادية والمالية والحياتية”، لكن بعد شهور من حكومة ميقاتي وبروز تحديات دبلوماسية بين السعودية ولبنان، استمرار العقوبات ضد البلاد وعدم القدرة على تأمين المساعدات الدولية. لم يحصل تغير في إحياء الاقتصاد اللبناني.

أشار الرئيس اللبناني ميشال عون، في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية في كانون الأول (ديسمبر) 2021، إلى الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في العامين الماضيين وقال: “أمام لبنان 6 إلى 7 سنوات للخروج من الأزمة التي يمر بها، ستأخذ وقتاً بالتأكيد وسيكون هناك تغيير في لبنان، وسيكون هذا التغيير على مستوى فكري وعملي، لأننا وصلنا إلى هذه الحالة بسبب السرقة والفساد والأخطاء في النظام ” التغيير مطلوب، لكننا نحتاج إلى وقت للقيام به”.

الليرة تسقط مرة أخرى

مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان، انخفض سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل حاد، مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنحو 90٪ مقابل الدولار منذ 2020. وسجل هبوط الليرة في الأيام الأخيرة رقما قياسيا جديدا، حيث بيع كل دولار أمريكي مقابل 32 ألف ليرة في السوق السوداء اللبنانية وسعر شرائه عند 31950 ليرة. سابقًا، كان سعر ليرة لبنانية أقل، حيث كانت 25 ألف ليرة مقابل كل دولار أمريكي. في الواقع، يمكن القول أنه مع بداية الاحتجاجات في لبنان في تشرين الأول / أكتوبر 2019، تفجر ميناء بيروت، والخلاف على تشكيل حكومة موحّدة بين الفصائل والدول إلى جانب الاستقالات المتتالية لرؤساء الوزراء البنانيين، تسبب كل ذلك في انخفاض قيمة الليرة. بالإضافة إلى وقف المساعدات الدولية للبنان، أدى ارتفاع سعر الصرف للودائع الدولارية من قبل مصرف لبنان، إلى جانب حظر استيراد البضائع اللبنانية من بعض الدول العربية، إلى تقليص وصول الدولار إلى البلاد، سيزداد سعر صرف الدولار في الاقتصاد اللبناني في قيمته أمام الليرة. وانخفضت قيمة الليرة أيضًا في الأشهر الأخيرة بعد أن قررت الحكومة في نوفمبر 2021 زيادة سعر البنزين والديزل وغاز المدينة في البلاد، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار والصدمات اقتصادية.

مؤامرة خارجية على لبنان والمقاومة

لقد كان سبب الوضع الحالي في لبنان من عوامل داخلية على الأكثر، وعوامل خارجية وتدخل دول في سياساته الاقتصادية وفرض عقوبات عليه. كما يشعر الكيان الصهيوني بالرضا عن الوضع الاقتصادي في لبنان، وقد طلب من الدول العربية في الخليج الفارسي عدم مساعدة البلد، ولا حتى دولارًا واحدًا، وكذلك تنفيذ النظام المصرفي في البلاد للسياسات النقدية والمالية الغربية، جنبًا إلى جنب مع التدخل الأمريكي والفرنسي في صندوق النقد الدولي، أجبرت الحكومة اللبنانية على إلغاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية، ومهدت بذلك الطريق لنقص الوقود وزيادة الضغط الاقتصادي في البلاد.

في غضون ذلك، رأت السعودية في الأزمة الاقتصادية اللبنانية فرصة خاصة للضغط عليها أكثر من أي دولة أخرى. بعد تراجع مستوى العلاقات بين السعودية وبعض الدول العربية مع لبنان، لم يلق الضوء الأخضر لميقاتي والحكومة اللبنانية رداً إيجابياً من السعودية لحل التوتر، بل في الواقع اعتبرت الرياض الأزمة فرصة خاصة، فإذا كان البلد يعاني من مشاكل اقتصادية وأزمة وقود وكهرباء وحرمان من المساعدات الدولية، فإنه السعودية تنوي استخدام نفوذها الاقتصادي وحظر دخول البضائع اللبنانية إلى البلاد ، لأهداف تتعلق بنزع سلاح حزب الله السلاح وتقليص دوره في لبنان. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يعتمد فيه لبنان على السعودية في وارداته النفطية، وسيؤدي فرض حظر على الواردات اللبنانية إلى خسارة نحو 300 مليون دولار من عائداتها، لأن السعودية هي مصدر واردات 10٪ من البضائع اللبنانية، بالإضافة إلى أنه في السنوات الأخيرة، تمكن لبنان من استخدام قدرات المهاجرين اللبنانيين العاملين في الدول العربية في الخليج الفارسي، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لتوفير العملة الأجنبية للبلاد. وبحسب البنك الدولي، فإن 43٪ من التحويلات المرسلة إلى لبنان لقد تمت من خلال الشتات اللبناني في دول الخليج الفارسي. في مثل هذه الظروف، ونظراً لنهج المملكة العربية السعودية في الضغط الاقتصادي المستمر على بيروت، فإن هذا الشريان الحيوي لتزويد البلاد بالعملة أصبح مسدوداً بشكل متزايد، ومع استمرار الأزمة، ستكون الدول العربية قادرة على تسريح القوى العاملة اللبنانية الموجودة في البلاد ومنع التحويلات المالية. ونتيجة لذلك، تظهر مراجعة الموقف السعودي الأخير استمرار نهجها الحالي تجاه لبنان. في هذه الحالة، لا يقدّم الضغط الاقتصادي الناجم عن أسباب داخلية والقيود الخارجية المفروضة على الاقتصاد اللبناني رؤية واضحة لحل الأزمة في هذا البلد. كما أن استمرار الأزمة الدبلوماسية زاد من غموض مستقبل النظام السياسي والاقتصادي لهذا البلد. كما أن الحكومة لم تقدم خطة واضحة للخروج من هذا الوضع، رغم أن نجيب ميقاتي قام برحلات إلى مصر لحل الأزمة السياسية الحالية، وإزالة معوقات المساعدات والاقتراض الدولي، وكذلك الإعفاء من عقوبات قيصر لنقل الغاز إلى هذا البلد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق