التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

في ذكرى استشهاد الشيخ النمر، منصات إعدام آل سعود لن تطمس نهج الأحرار 

تنظم المعارضة السعودية، فعالية خطابية وإعلامية، في الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الشيخ نمر باقر النمر، في قاعة مجمع المجتبى في الضاحية الجنوبية لبيروت. وكانت سلطات النظام السعودية قد أقدمت في الثاني من يناير 2016 على إعدام الشيخ الشهيد نمر النمر مع 47 شخصاً بسبب نشاطه السلمي المعارض لسياسة النظام السعودي، وقامت محاكمات الشيخ النمر على مجموعة من المخالفات القانونية والقضائية، بما في ذلك سرية المحاكمات، عدم السماح للشيخ النمر بالدفاع عن نفسه، وعدم إظهار أدلة تثبت المزاعم والإتهامات التي وجهت له. الفعالية التي اختار لها حزب الله اللبناني، عنوانا هو ” لقاء المعارضة في الجزيرة العربية”، تأتي في سياق العلاقات المتوترة بين الحزب و المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، ومن ثم بين الحزب والدول الخليجية جميعها.

من ناحية أخرى، يقام الحفل التأبيني في ذكرى استشهاد الشيخ النمر على الرغم من الاحتجاج الذي كانت قد قدمته الخارجية البحرينية في ديسمبر الماضي للحكومة اللبنانية بسبب استضافة لبنان مؤتمرا عقدته جمعية “الوفاق” البحرينية المعارضة، في بيروت وتحدثت فيه عن انتهاكات حقوقية فظيعة يتعرض لها مواطنون في البحرين، بعد ان قمع النظام الخليفي بالحديد والنار، تظاهرات شعبية مطالبة بالديمقراطية منذ 2011. الجمعية المعارضة أطلقت خلال المؤتمر الصحفي حينها تقريرا حمل عنوان “وباء الانتهاكات”، أوضحت خلاله ما قالت إنها “انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين من 2019 حتى منتصف 2021”. وعقب المؤتمر أصدرت وزارة الخارجية البحرينية بيانا شديد اللهجة، للحكومة اللبنانية، ناعية على استضافتها مؤتمرا صحفيا لمن وصفتهم بـ “عناصر معادية”

الشهيد الشيخ باقر النمر و اعتقاله

الشيخ نمر باقر النمر هو رجل دين شيعي سعودي معارض ولد بمنطقة العوامية إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية عام 1959 ، امتاز الشهيد النمر بخلق رفيع وقوة في تمسكه بمبادئ والقيم الدين الحنيف وتبلورت عملياً في مسيرته الفكرية والجهادية. في عام 2007 قدّم الشيخ لنائب أمير المنطقة الشرقية عريضة نموذجية غير مسبوقة تجسد المطالب الشيعية في المملكة، وقد أثنى على هذه المطالب المعارض السعودي السني: سعد الفقيه. وفي عام 2008 نادى سماحته بتشكيل (جبهة المعارضة الرشيدة)، والتي من وظيفتها ومسؤولياتها -حسب ما ورد في محاضرته تلك- معارضة الفساد: الاجتماعي والكهنوت الديني والظلم السياسي الواقع على المواطنين الشيعة في السعودية.

لاقى الشهيد مضايقات عديدة من قبل رجال الأمن اذ كانوا يتناوبون على مراقبة منزله باستمرار، والتعرض له عن طريق الاستدعاءات المتكررة وبدون إذن مكتوب. و اعتقل في عام2003ا بعد أقامة صلاة الجمعة في (ساحة كربلاء). و في عام 2004 اُستدعي الشهيد من قبل السلطات من أجل إلغاء مهرجان البقيع “البقيع، حدث مغيب” وطوقت منزله سيارات رجال الأمن، كما تم اعتقاله عام 2006 أثناء عودته من البحرين عقب حضوره مؤثمر للقران الكريم، و بسبب رفضه التوقيع على تعهد بعدم إلقاء الخطب و الدروس تم اعتقاله عام 2008 ووضع في السجن الانفرادي بقرار من وزير الداخلية.

أقدمت السلطات السعودية في العام 2016على إعدام الشيخ النمر، بعد أن كانت قد اعتقلته في شهر تموز من العام 2012، عقب تأييده لاحتجاجات اندلعت في شباط 2011 في القطيف بالمنطقة الشرقية. وقد أصيب النمر بجروح في الفخذ إثر إطلاق النار عليه اثناء عملية الاعتقال، في حين أعلنت وزارة الداخلية السعودية حينها أنه حاول “الهرب ومقاومة رجال الأمن”

وبعد تنفيذ حكم الاعدام انطلقت المسيرات الاحتجاجية في بلدان المنطقة والعالم احتجاجا على الحكم الجائر بحق عالم ديني كبير لالذنب سوى ممارسته حقه المدني المشروع في بيان مطالب المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية وغيرها من مدن البلاد.

ولم تسلم السلطات جثمانه الطاهر الى ذويه كما عمدت الى اخفاء قبره خوفا من تحوله الى مركز للاحتجاجات ضد اسرة آل سعود الظالمة والجاثمة على ارض الجزيرة منذ اكثر من سبعين عاما والتي تحكم شعبها وفق تقاليد الانظمة الاقطاعية البائدة في العصور الوسطى المظلمة.

السجال الدائر بين حزب الله و السعودية

لم تبخل الرياض منذ عام 2017 بممارسة أقوى أشكال الضغط على لبنان والتي تبلورت مؤخراً في مايسمى بأزمة الوزير قرداحي. عندما اعتبر قرداحي أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، ليوجه له أحد الحضور سؤالا: “هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن؟”. رد القرداحي قائلا: “أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”

أوحت السعودية أنذاك إلى اللبنانيين، بأنه إذا قدم استقالته، من الممكن أن تكون مدخل للمملكة لحل الخلافات السعودية اللبنانية، وتبريد الأجواء وعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، لكن الاستقالة حصلت ولم تؤد إلى شيء يذكر الأمر الذي يبرهن بأن المملكة تريد التصعيد مع لبنان و ليس التهدئة و بشكل خاص بعدما سلمان بن عبد العزيز “حزب الله اللبناني” بالإرهاب و دعوته اللبنانيين إلى محاربته و مكافحته و هذا يعني دعوة صريحة لقيام حرب أهلية في لبنان حيث قال في كلمة له في الدورة الثامنة لمجلس الشورى: “تقف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، وتحث جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة”. من هنا جاء رد السيد حسن نصر الله مخاطبا سلمان بن عبد العزيز: يا حضرة الملك، الإرهابي هو الذي صدر الفكر الوهابي ‏الداعشي إلى العالم وهو أنتم، الإرهابي هو الذي أرسل آلاف السعوديين ‏لينفذوا عمليات انتحارية في العراق وفي سوريا وهو أنتم، الإرهابي هو ‏الذي يشن حرباً لمدة سبع سنوات على الشعب المظلوم في اليمن ويقتل ‏الأطفال والنساء ويدمر البشر والحجر وهو أنتم، الإرهابي هو الذي يقف ‏إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في كل حروبها ويفتح لها أرضه ‏وقواعده العسكرية لتمارس جرائمها ضد الإنسانية، وهم أنتم، الإرهابي ‏هو الذي يُمول كل جماعات الفتن والحروب الأهلية في لبنان وفي ‏المنطقة وهو أنتم”.

وأضاف السيد حسن نصرالله “الإرهابي هو الذي يحتجز مئات الآلاف أو ‏عشرات الآلاف من اللبنانيين، يتخذهم رهائن ليهدد بهم لبنان ودولة لبنان ‏كل يوم، إذا تكلمتم فإنني سوف أطردهم، وأحرمهم من أموالهم وممتلكاتهم ،إذا فتحتم فمكم سأرميهم في السجون”.

وجاء ذلك في كلمة مطولة للأمين العام لحزب الله بمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.، إثر غارة أمريكية بمحيط مطار بغداد في 3 يناير/ كانون الثاني عام 2020.

من خلال سرد الوقائع نجد أن التصريحات التي أدلى بها جورج قرداحي قبل تعيينه وزيرًا للإعلام وانتقد فيها الحرب التي تقودها السعودية في اليمن لم تكن السبب الرئيس وراء الأزمة الدبلوماسية المستعرة بين لبنان وبعض دول الخليج. بل السبب الأساسي يعود للدور الإقليمي المتنامي لحزب الله في اليمن وتأثيره على المحادثات المتعثّرة بين السعودية وحركة أنصار الله (الحوثيين) في سلطنة عُمان.

ولكن السؤال المهم في ظل جميع هذه الأحداثلإ إلى متى سيبقى آل سعود يمارسون الضغوط في داخل المملكة و خارجها دور رقيب أو حسيب من خلال منصات إعدام في الداخل لإسكات صوت الحق وحرية التعبير و اللعب بأوراق ضغط اقتصادية على دول مستقلة في الخارج ؟
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق