التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

احتجاجات 14 يناير.. الثورة التونسية تجدد كل عام 

تظاهر آلاف التونسيين، الجمعة، في العاصمة وعدد من المدن الأخرى للاحتفال بالذكرى الحادية عشرة للثورة والتنديد بتدابير الرئيس قيس سعيد.

وتوافد الآلاف من أنصار أحزاب المعارضة ومبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” إلى العاصمة لتنظيم تظاهرات تهدف أساسا لـ”تثبيت” ذكرى الثورة التي ألغاها الرئيس سعيد في وقت سابق، فضلا عن التعبير عن رفضهم للتدابير الاستثنائية التي يرى عدد كبير من التونسيين أنها تقود البلاد نحو الهاوية.

ودخلت قوات الأمن في مواجهات معهم لمنعهم من دخول شارع الحبيب بورقيبة الذي تم إغلاقه بالكامل بالحواجز الحديدية واستعملت قوات الأمن العام المسيل للدموع وخراطيم المياه من أجل تفريقهم.

وردد المتظاهرون شعارات ضد الرئيس قيس سعيد كما حملوا لافتات تندد بـ”الانقلاب” وتطالب بعودة النظام الدستوري للبلاد، وقامت باعتقال بعضهم على اعتبار مخالفتهم لقرار لحكومة الصادر يوم الثلاثاء بشأن الحظر الصحي.

كما اندلعت مواجهات ليلية بين عناصر من الشرطة التونسية والعشرات من المتظاهرين في عدد من أحياء العاصمة، فيما أعلنت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية (التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري) الاعتصام وسط العاصمة التونسية في محاولة للضغط على السلطات لإطلاق سراح المتظاهرين الموقوفين.

وتداولت صفحات اجتماعية فيديوهات لمواجهة بين عناصر الأمن ومتظاهرين في أحياء شعبية في العاصمة على غرار “التضامن” و”الانطلاقة”، رافقتها أعمال تخريب.

وانتقد أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي، ما اعتبره “محاولة الرئيس قيس سعيد منع التونسيين من الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة للثورة التونسية (من خلال مرسوم تبديل ذكرى عيد الثورة) وتوظيف الوضع الصحي لمنع الحريات في البلاد”.

وأضاف، في تصريح إذاعي “مرسوم تغيير عيد الثورة من 14 يناير/كانون الثاني الى 17 ديسمبر/كانون الأول سيبقى حبرا على ورق”، مشيرا إلى أن شارع الحبيب بورقيبة “تحوّل إلى ثكنة عسكرية من أجل منعنا من الاحتفال، ويتم الآن إقحام الأمن الجمهوري في صراعات سياسية ويدفعونه للتصادم مع الشعب التونسي”.

واعتبر أمين عام حزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي أن منع المتظاهرين من الالتحاق بشارع الحبيب بورقيية “مواصلة لقمع الحقوق والحريات من قبل الرئيس قيس سعيد”، مؤكدا إصرارهم على دخول الشارع للاحتفال والاحتجاج.

وأكدت النائبة عن حركة النهضة، رباب بن لطيّف، تعرض مسيرة لحركة النهضة ومبادرة “مواطنون ضد الإنقلاب” للرش بماء قالت إنه يحتوي مادة الجافيل السامة، إلى جانب تعرضهم للضرب بالهراوات من طرف الوحدات الأمنية. وأضافت في تصريح إذاعي “تم اعتقال 6 شبان في صفوف المحتجين، كما تم منع المواطنين من التصوير من منازلهم، والاعتداء على أي شخص يحمل هاتفا محمولا”.

وأعلن حراك “مواطنون ضد الانقلاب” إيقاف عدد من أنصاره في مركز الشرطة في شارع “شارل ديغول” الذي يتقاطع مع شارع الحبيب بورقيبة.

وأضاف في تدوينة على موقع فيسبوك “جحافل أمنية تحاصر مقهى وسط العاصمة بعد خمس دقائق من وصول أعضاء الهيئة التنفيذية لمواطنون ضد الانقلاب”، مشيرا إلى إيقاف “العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني والمحامية نوال التومي، والاعتداء عليهما”.

وأكد اتحاد الشغل (المركزية النقابية) رفضه “الارتداد إلى الوراء والعودة إلى ما قبل 25 جويلية (تموز)”، ولكن عبّر أيضا عن “هواجسه لغموض الوضع وضبابيّته رغم الاستجابة لوضع خارطة طريق هي في حاجة إلى تصويب وتدقيق، ولغياب الحلول العاجلة ولتجاهل النهج الحواري والتشاركي بين الأطراف الوطنية المتبنّية لتغيير 25 جويلية/تموز من منظّمات وطنية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية”.

وشكا صحفيون من انتهاكات للشرطة أثناء المظاهرة، وقالت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية إن مراسلها في تونس ماتيو غالتييه تعرّض لعنف شديد من رجال شرطة حين كان يصور اعتداءً عنيفًا على محتج، بجانب مصادرة هاتفه وبطاقته الصحفية.

ونقلت الصحيفة -التي أدانت الاعتداء بشدة- عن مراسلها قوله “بدأوا في ضربي، كنت مُلقىً على الأرض.. كنت أصرخ أنا صحفي. أحدهم صدمني بالغاز.. ركلوني وأخذوا هاتفي وبطاقتي الصحفية”.

وقالت صحيفة (حقائق أونلاين) في تونس أيضًا إن أفرادًا من الشرطة صادروا هاتف مراسلتهم واطلعوا على رسائلها وصورها الخاصة حين كانت تصور خلال الاحتجاج.

وقال مالك صحيفة (بينزس نيوز) نزار بهلول إنه تم اعتقال مصور فيديو لفترة وجيزة ثم أطلق سراحه.

وجاءت احتجاجات الجمعة، استجابة لدعوات من مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” وأحزاب النهضة (53 مقعدًا من أصل 217) والتيار الديمقراطي (22 مقعدًا) والتكتل والجمهوري والعمال (لا نواب لها)، رفضًا لإجراءات الرئيس قيس سعيّد، وتزامنًا مع ذكرى الثورة التونسية (14 يناير 2011).

ولا يزال الاقتصاد التونسي غارقًا في تبعات الجائحة، ولم يحدث تقدم يُذكر على صعيد كسب الدعم الدولي للمالية العامة الهشة، وأعلنت الحكومة التي عيّنها سعيّد في سبتمبر/أيلول الماضي ميزانية لعام 2022 لم تحظ بالشعبية.

ووافق الجمعة ذكرى الثورة، وهو اليوم الذي فر فيه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من البلاد تحت ضغط احتجاجات حاشدة.

وتثير هذه الاحتجاجات تساؤلات حول مدى قدرة الرئيس سعيد على تنفيذ خارطته وسط معارضة بعض الأحزاب والقوى المدنية.

حيث يرى المحلل السياسي، كمال بن يونس، أن المناخ العام في تونس غير مهيأ لتنفيذ هذه الخارطة، مشيرا إلى رفض الاتحاد العام للشغل أكبر التجمعات المدنية في البلاد لها، بالإضافة إلى الأحزاب الكبرى، لهذا المسار.

وأكد بن يونس أن هذا الرفض ظهر في دعوات المقاطعة للاستشارة الإلكتروني، التي وصفها بأنها “غير عملية”.

كما استبعد المحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي، إمكانية تنفيذ خارطة الطريق “في ظل هذا الرفض الشعبي”، على حسب تعبيره.

وأكد الجورشي على “عدم قدرة سعيد على تنفيذ خارطته”، مشيرا إلى تزايد مطالب القوى المدنية للناس بمقاطعة الاستشارة الإلكترونية، التي اعتبرها “التفافا على مطالب التونسيين” بإجراء حوار مباشر بين القوى التونسية، وقال: “من الصعب أن تعكس التنوع الحقيقي للشعب التونسي، ولن تلبي تطلعاته”.

ولفت إلى أنه من الصعب إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده سعيد، بسبب الصراع بين القوى السياسية حول قانون الانتخابات.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق