التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

كواليس عداء الرياض للمقاومة واستراتيجية حزب الله الجديدة لمواجهة المؤامرة السعودية 

تضاءل النفوذ السعودي في لبنان بشكل كبير خلال العقد الماضي، في أعقاب صعود التيارات والفصائل الوطنية مثل فريق الرئيس اللبناني ميشال عون، والحركات المسيحية الموالية للمقاومة ومنها حركة “المردة” بقيادة سليمان فرنجية، والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، وعلى مر السنين الماضية، لم تعد القوة في أيدي الولايات المتحدة والسعودية بالكامل.

محاولة السعودية الفاشلة للتسلل إلى لبنان

ومع ذلك، حتى بعد تضاؤل ​​النفوذ السياسي للسعودية في لبنان، لم تتوقف جهود الرياض ضد هذا البلد، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية استثمرت السعودية بكثافة لتحقيق أهدافها في لبنان.

في الواقع، أدرك السعوديون أن سياستهم القديمة في حكم لبنان ليست ممكنةً بكل أدواتهم، وأن المقاومة عقبة رئيسية أمام المشاريع الأمريكية والسعودية.

لذلك، من وجهة نظر الرياض، قد يكون الفراغ السياسي في لبنان وتأييد حصار هذا البلد الخيار الأفضل لمواجهة حزب الله وأنصاره.

وهذا ما تؤكده عرقلة السعودية لعملية تشكيل الحكومة اللبنانية، وحتى بعد تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، وبينما طلب رئيس الوزراء اللبناني مرارًا المساعدة من الرياض، رأينا أن السعوديين لم يستجيبوا لهذا الطلب، وحتى السفير السعودي في بيروت، وليد البخاري، لم يهنئ تشكيل حكومة ميقاتي في عدم التزام واضح بالسلوك الدبلوماسي.

والحملة العدائية التي شنتها الرياض على وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، الذي انتقد الحرب اليمنية، هي دليل آخر على نهج السعوديين التخريبي في هذا البلد.

وعلى وجه الخصوص، رأينا أنه حتى بعد استقالة قرداحي، لم تتخل السعودية عن عداءها للبنان، ولم يعد السفير السعودي وسفراء الدول الخليجية الأخرى إلى بيروت، ولم يستأنف السفراء اللبنانيون مهامهم في تلك البلدان.

کما تتواصل التصريحات والبيانات العدائية للمسؤولين السعوديين، بمن فيهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وسفرائها السابقين والحاليين ضد لبنان وحكومته.

جذور عداء السعوديين للمقاومة

هذا يدل على أن السعودية تعارض مبدأ خروج لبنان من الأزمة، وتعتبره انتصاراً للمقاومة.

حيث أنه في الفترة الأخيرة على وجه الخصوص، كثَّف حزب الله دوره كمنقذ ومدافع عن المواطنين اللبنانيين في مواجهة المشاكل الداخلية والخارجية، من خلال استيراد الوقود من جمهورية إيران الإسلامية إلى لبنان.

ويعتقد العديد من المراقبين أيضاً أن فتنة الأشهر الماضية في منطقة الطيونة ببيروت، والتي راح ضحيتها 7 قتلى وإصابة نحو 60 مواطناً لبنانياً بريئاً، والدور الرئيسي في هذه الجريمة لعبه “سمير جعجع” زعيم حزب القوات اللبنانية والحليف القديم والمخلص للسعودية، لا ينبغي فصلها عن خطة الرياض لإثارة الاضطرابات في لبنان وجر المقاومة للحرب الأهلية، لتستخدم بهذه الطريقة أسلحة حزب الله في الداخل اللبناني، وتتوفر الأرضية لنزع سلاح المقاومة.

كما يشير الخبراء إلى أن حزب الله حقق انتصارات كبيرة في لبنان لا يمكن تجاهلها، منها تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني عام 2000، والانتصار في حرب تموز (يوليو) 2006، والهزيمة المهينة التي فرضها على الکيان الإسرائيلي. وعليه، فإن حزب الله يشكل الآن تهديدًا كبيرًا للکيان الصهيوني، حيث يمتلك ترسانةً كبيرةً من الصواريخ الدقيقة.

مشكلة السعوديين الرئيسية تكمن في حقيقة أنها ترفض قبول هذا التغيير في لبنان، ومعادلة ردع حزب الله وقوة هذه الحركة المتنامية غير قابلة للهضم بالنسبة لها.

وعليه، نرى أن السعودية تتعامل مع لبنان كدولة ضعيفة، وتعتقد أن بإمكانها الهيمنة على لبنان برشاوى مالية وسياسية واستغلال أدواتها في داخل هذا البلد، أي نفس الخطأ الذي ارتكبته في اليمن، وهي الآن دخلت مستنقعًا منذ سبع سنوات لا تستطيع الخروج منه.

كما ذكرنا، فإن عداء السعودية للبنان عامة ولحزب الله على وجه الخصوص له جذور طويلة، وقد شهدنا مؤامرات سعودية في هذا الصدد في أوقات ومراحل مختلفة.

تكثيف مؤامرات الرياض على لبنان وحزب الله

على الرغم من كل هذه الأعمال العدائية من قبل السعوديين، حاولت المقاومة اللبنانية طوال هذه السنوات تجنب أي توتر مع الرياض واللجوء إلى الصمت الاستراتيجي، من أجل حماية مصالح الشعب اللبناني.

طبعاً، حزب الله واجه هذه المؤامرات على الدوام بشكل حاسم وأحياناً غير مباشر، وآخر مثال على ذلك كان الفتنة في منطقة الطيونة التي أحبطتها إجراءات حزب الله وقيادته.

کما أن محاربة الإرهاب ومنع دخول تنظيم داعش والجماعات التكفيرية الإرهابية الأخرى إلى لبنان، هي أمثلة أخرى واضحة على مواجهة حزب الله للفتنة السعودية ضد لبنان.

لكن تصرفات السعوديين العدائية ضد المقاومة في الآونة الأخيرة كانت من النوع الذي لم يعد يسمح فيه حزب الله بالصمت.

سلمان بن عبد العزيز، العاهل السعودي الذي ليس في حالة صحية جيدة، ويقال إن “محمد بن سلمان” ولي العهد السعودي قد وضعه قيد الإقامة الجبرية على شواطئ مدينة نيوم ولم يحضر حتى الاجتماعات الرسمية، ظهر قبل أسابيع قليلة وبدأ يردد تصريحاته العدائية ضد حزب الله.

حيث اتهم الملك سلمان، في ادعاءاته الصارخة ضد المقاومة، حزب الله بدعم الإرهاب وتهريب المخدرات. وقد أثارت هذه المزاعم رد فعل قوياً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

بحيث إنه في خطابه الأخير، تناول السيد حسن نصر الله، بالإضافة إلى الكشف عن الأبعاد المختلفة للعداء الأمريكي للبنان ودول أخرى في المنطقة، الدور التخريبي للسعودية في المنطقة، وخاصةً في لبنان.

ورداً على ادعاء الرياض الكاذب ضد حزب الله واتهامه بالإرهاب وتهريب المخدرات، قال للسعوديون: “أنتم الإرهابيون الذين أرسلتم الانتحاريين إلى العراق، وأنتم تقتلون الشعب اليمني منذ 7 سنوات. أنتم الإرهابيون الذين تحاصرون اللبنانيين وتأخذونهم كرهائن وتهددون الحكومة اللبنانية”.

يعتقد البعض أن ظهور الملك سلمان، بظروفه المعقدة، علناً وإطلاق الاتهامات ضد حزب الله، يظهر أن السعودية تنوي خلق ذريعة جديدة لبدء العمل ضد لبنان، والقول للمسؤولين اللبنانيين أن العقوبات على لبنان لن تنتهي بعد استقالة جورج قرداحي.

استراتيجية حزب الله الجديدة لمواجهة المؤامرات السعودية

يرى المراقبون أن حزب الله ينوي كسر صمته الاستراتيجي في وجه الجرائم والمؤامرات السعودية، لأن استمرار هذا الصمت سيؤدي إلى مزيد من غطرسة السعوديين وتكثيف حملاتهم العدائية ضد لبنان والمقاومة.

استمراراً لمزاعم المسؤولين السعوديين ضد حزب الله، هاجم السفير السعودي في لبنان وليد البخاري حزب الله مرةً أخرى قبل أيام. المسؤول السعودي تجاهل دعم بلاده الثابت للإرهابيين التكفيريين، ووصف حزب الله في لبنان بأنه إرهابي واتهمه بالسعي إلى الهيمنة! كما تحدث البخاري ضد حزب الله الأسبوع الماضي أيضًا.

تماشياً مع هذه الاتهامات والهجمات الحادة التي تشنها السعودية على المقاومة، طوَّر حزب الله أيضًا استراتيجيته الخاصة، وفضح مسؤولوه صراحةً جرائم الرياض ضد جميع دول المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وحذروا السعوديين من استمرار التدخل السعودي في الشؤون اللبنانية.

إضافة إلى ذلك، أقامت “المعارضة في الجزيرة العربية” حفل تأبين في بيروت الأسبوع الماضي لإحياء الذكرى السادسة لاستشهاد الشيخ نمر باقر النمر، رجل الدين الشيعي السعودي الذي أعدمه النظام السعودي.

وكان مسؤولو حزب الله من بين المنظمين الرئيسيين لهذا اللقاء غير مسبوق من نوعه، وفضح المشاركون واستنكروا جرائم نظام آل سعود ضد المعارضة في الداخل والخارج، وكذلك الأعمال التخريبية والمدمرة لهذا النظام في الحرب اليمنية.

وأكد المشاركون “أننا نقف إلى جانب المظلومين الذين يتعرضون للتعذيب على يد نظام آل سعود في السعودية واليمن وفي جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ونشكر المقاومة على كل التضحيات التي قدمتها في سبيل الإسلام”.

وفي هذا الصدد، فإن السيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، كان من أبرز شخصيات حزب الله الذي شارك في اجتماع المعارضة في الجزيرة العربية.

وفي معرض إدانته للسياسة التخريبية للنظام السعودي في الداخل والخارج، أكد السيد صفي الدين “أننا نتحدث دفاعاً عن كل المظلومين في شبه الجزيرة العربية”.

يشير هذا الجو إلى أن حزب الله بدأ الرد علی السعوديين بالمثل، ورداً على مزاعم الرياض الكاذبة ضد المقاومة، يكشف حقيقة طبيعة النظام السعودي وجرائمه.

وعليه، وفي ضوء التحذيرات التي أطلقها السيد حسن نصر الله للمحور الأمريكي السعودي، فإن السعوديين يعرفون أن فترة الصمت الاستراتيجي لـ “حزب الله” قد انتهت، وأي سلوك استفزازي من جانبهم سيقابل برد أكثر حسماً من حزب الله.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق