صنع الأساطير على النمط الصهيوني… المحرقة الحقيقية هي في فلسطين
في الأشهر الأخيرة، أصبحت قضية إجراءات الكيان الصهيوني التوسعية وغير القانونية في جهوده لبناء مستوطنات جديدة وقمع المحتجين الفلسطينيين محل اهتمام إعلامي كبير. لكن في خطوة غريبة وغير متوقعة، أعادت الأمم المتحدة معالجة قضية المحرقة بقرار صهيوني بالكامل، لرش الملح على الجرح التاريخي للشعب الفلسطيني.
القرار، الذي كان مضمونه الرئيسي هو إدانة التشكيك وإنكار أسطورة الهولوكوست وقتل 6 ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية على يد ألمانيا النازية، حصل على 114 صوتًا مؤيدًا، مما أسعد الصهاينة.
إن أحكام القرار، كما ذكر، تهدف بشكل قاطع إلى مواجهة معارضي أسطورة الهولوكوست والتحقيق العلني في الادعاءات المقدمة حول مثل هذا الحدث. ولهذا السبب فإن الصهاينة سعداء وراضون جداً بصدور هذا القرار.
الصفحة 9 من القرار تعيد تأكيد القرار 7.60 المؤرخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، والقرار 255/61 المؤرخ 26 كانون الثاني/يناير 2007، والذي يقول إن “إحياء ذكرى الهولوكوست عنصر أساسي في منع المزيد من أعمال الإبادة الجماعية”؛ ويؤکد أنه “من المهم أن نلاحظ أن تجاهل الحقائق التاريخية لتلك الأحداث المروعة يزيد من مخاطر تكرارها.”
کما تؤكد الصفحة 19 أن إنكار الهولوكوست بأشكالها المختلفة، هو بيان معاد للسامية، وترفض أي إنكار للمحرقة كحدث تاريخي، كليًا أو جزئيًا.
ويدعو القرار جميع الدول الأعضاء إلى الرفض غير المشروط، كليًا أو جزئيًا، أي إنكار أو تشويه للمحرقة باعتباره حدثًا تاريخيًا.
وتتطرق الصفحة 16 إلی أسطورة عدد الضحايا، وتتحدث عن قتل ما يقرب من ثلث يهود العالم، أي ستة ملايين يهودي، 1.5 مليون منهم أطفال.
لكن في حين أن السيطرة على وسائل الإعلام كانت إحدى طرق التعامل مع أبحاث المنتقدين على مدى العقود الماضية، فإن القرار يعالج إمكانية معالجة هذه القضية على وسائل التواصل الاجتماعي.
کذلك، فإن الصفحة 24 من القرار تعبر عن القلق من انتشار المعلومات المضللة، وخاصةً على منصات التواصل الاجتماعي، والتي يمكن تصميمها وتنفيذها بطريقة تؤدي إلى التضليل وانتشار العنصرية والتعصب وكراهية الأجانب والصور النمطية السلبية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي جزء آخر من القرار، يوصى بأن تحتفظ البلدان بالأماكن التي تم تحديدها على أنها معسكرات الموت ومعسكرات الاعتقال النازية ومواقع القتل والسجون.
أسطورة الهولوكوست
يدعي اليهود أنه خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، استندت حكومة هتلر إلى آراء هتلر المعادية للسامية والنظرة العنصرية للحزب الفاشي الألماني، وبناءً على مشروع يسمى “الحل النهائي (” (Final Solution، أمر هتلر أولاً بجمع اليهود من ألمانيا والدول الأخرى التي تحتلها ألمانيا في معسكرات خاصة، وبعد أن جمع اليهود في هذه المعسكرات أمر بقتلهم.
بالإضافة إلى ذلك، يشير اليهود إلى مصطلح “المعاملة الخاصة”(Special Treatment) في الوثائق النازية، زاعمين أن المعاملة الخاصة التي سعت إليها سلطات هتلر الألمانية كانت القتل الجماعي والإبادة الجماعية للشعب اليهودي. وبهذه الطريقة، يزعم اليهود أن ملايين اليهود قتلوا خلال حكم هتلر النازي في ألمانيا.
يرتفع عدد القتلى في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 ملايين، لكن مع مرور الوقت وافق اليهود على 6 ملايين. والآن يعلنون بحزم أن أكثر من 6 ملايين يهودي قد قتلوا في المعسكرات التي يسمونها معسكرات الموت.
الشكوك الكبيرة حول حقيقة أسطورة الهولوكوست
مثل أي موضوع وحدث تاريخي آخر، بسبب احتمالية تشويه أو قلب الواقع أو غموض جوانب القصة، منذ إثارة أسطورة الهولوكوست من قبل الصهاينة والقراءة السياسية العنصرية للموضوع، قام العديد من علماء التاريخ بالتحقيق في الحادث.
النقطة المهمة هي أنه في معظم الدول الغربية لا توجد نافذة للتشكيك في جوهر الحادث كما يزعم الصهاينة، وقرار الأمم المتحدة يشير إلی أجزاء منه فقط، ونتيجةً لذلك لا يوجد بحث علمي في هذا الصدد.
اليوم، يتم سن القانون في العديد من البلدان، بما في ذلك أستراليا وفرنسا وسويسرا وكندا وألمانيا وإسرائيل والنمسا، ضد الباحثين الذين ينكرون أسطورة الإبادة الجماعية لليهود.
ولهذا السبب، لا يجرؤ كثير من الناس في البلدان الأوروبية، بمن فيهم العلماء والباحثون والمؤرخون والصحفيون وإلخ، على التعبير عن مواقفهم خوفًا من عواقب التعبير عن الرأي.
حتى الآن، هناك الكثير من الأدلة من قبل الباحثين لدحض ادعاء قتل النازيين لملايين اليهود باستخدام غرف الغاز.
وفيما يتعلق بالمزاعم المقدمة حول الحل النهائي والمعاملة الخاصة، تشير الدراسات الوثائقية التي أجراها الباحثون إلى أنه لا يوجد دليل على أن “الحل النهائي والمعاملة الخاصة” يمكن أن يعني مذبحةً لليهود وإبادةً جماعيةً لهم، وهناك علماء ينسبون هاتين الاستراتيجيتين النازيتين إلى إتلاف وثائق الحرب.
کما أن دراسة كتابات وتعليقات المعلقين اليهود حول قتل اليهود في الحرب العالمية الثانية، يكشف عن تناقض واضح حول الهولوكوست وقتل اليهود وإدانتهم من قبل اليهود.
يعتقد المعلقون اليهود بشكل عام، أن ضحايا الحرب العالمية الثانية قد تعرضوا للعقاب الإلهي لعصيان الله وانتهاك الشرائع الإلهية.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الأدلة إلى أن اليهود الذين يُزعم أنهم في السجون الألمانية کانوا ينتظرون الموت وغرف الغاز، إذا أرادوا التحرر من أسرهم، فإن اليهود الذين يزعمون احترام هؤلاء اليهود وتقديم ضمانات قانونية لحماية حرمتهم، ليس فقط لم يساعدوهم للتحرر من الأسر، بل ربما منعوا ذلك.
حتى خلال الحرب العالمية الثانية، عندما ادعى اليهود أن هتلر قتل ملايين اليهود، كان للقادة وکبار اليهود، مثل بن غوريون وغيره، علاقة بهتلر وقدموا له الكثير من الدعم. وكان هذا خطيرًا لدرجة أنه بعد هزيمة نظام هتلر ونهاية الحرب، اعتقلت الحكومة السوفييتية ديفيد بن غوريون وسجنته كسجين نازي.
التستر على الجريمة من خلال إظهار المظلومية الدعائية
اليوم، أصبحت المحرقة صناعةً مربحةً لليهود. “صناعة الهولوكوست” هو الاسم الذي يطلقه اليهود لما له من فوائد اقتصادية هائلة لهم.
لا تقتصر الفوائد الاقتصادية للهولوكوست على الغرامات التي يتعين على ألمانيا دفعها للکيان الصهيوني واليهود منذ سنوات، والتي ستستمر حتى عام 2030. بل أصبحت المحرقة الآن مبررًا للمساعدة الاقتصادية الوفيرة، والتسهيلات الاقتصادية الهامة، والموارد المالية والاقتصادية الكبيرة التي توفرها الدول الغربية لليهود الصهاينة.
وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، جلبت هذه الصناعة المربحة العديد من الفوائد الدبلوماسية والدولية للصهاينة. والدعم الدولي والدبلوماسي من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للکيان الصهيوني في المحافل الدولية والرأي العام المحلي لهذه البلدان، يتم تبريره من خلال الهولوكوست.
من أهم بؤر استغلال الصهاينة لأسطورة المحرقة، هي التستر على الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وتبرير أيديولوجية التوسع والعدوان ضد الدول المجاورة لهذا الکيان. وقد أصبح هذا الاستغلال المستمر للصهاينة أكثر أهميةً للقادة الصهاينة اليوم، حيث أن وجود الکيان بات مهدداً بفعل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية على نطاق واسع في فلسطين وغزة والضفة الغربية، وحتى بين اللاجئين الفلسطينيين في بلدان أخرى، ويأتي الضغط الواسع لصدور القرار الأخير في هذا السياق بالضبط.
من بعد آخر، يجب ألا نتجاهل الحقيقة المهمة وهي أن الصهاينة أدركوا انتهاء عصرهم الذهبي في التأثير علی الرأي العام الغربي، وزاد نشر حقائق فلسطين من انتقاد الصهيونية والاشمئزاز منها في أوساط الرأي العام في الغرب. والتركيز على التحكم في وسائل التواصل الاجتماعي في القرار الأخير، يعكس هذه الحقيقة بالضبط.
اليوم، مع توسع حملة “مقاطعة إسرائيل” في الولايات المتحدة، تظهر استطلاعات الرأي أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين سيدعمون فرض العقوبات ضد الکيان الصهيوني، إذا استمرت الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية. کما يشعر معظم الأمريكيين أيضًا أن للصهيونية تأثير كبير على سياسة الولايات المتحدة.
المصدر/ الوقت